تتجه الأحداث في اليمن إلى حالة التأزم من جديد، وهذه المرة تأخذ منحى عسكري، وفقا للعديد من المؤشرات الراهنة.

 

فخلال الأيام الماضية تواصلت المواقف وتواترت المعلومات عن تحركات لعدة دول، وسط تصاعد وتيرة الأحداث في البحر الأحمر، واستمرار هجمات الحوثيين، وتراجع الموقف الأمريكي المحبط.

 

بريطانيا

 

تحضر بريطانيا كأحد أبرز الأطراف الفاعلة حاليا، وذلك من خلال الإمداد العسكري الذي تقدمه للحكومة اليمنية المقيمة في عدن، والذي تركز على مكافحة القرصنة البحرية، ودعم قوات خفر السواحل بزوارق سريعة، وتقديم دعم لوجيستي في مجال التدريب والمساعدة، وهي الخطوة التي أعلنت عنها السفارة البريطانية، وأشاد بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.

 

ويشير الدعم المقدم لقوات خفر السواحل من قبل بريطانيا، إلى أن الوضع البحري يهيمن على المباحثات بين الحكومة ولندن، التي تشارك في تحالف عسكري بجوار أمريكا في اليمن منذ أكثر من عام، وسبق أن تحركت في هذا المضمار كثيرا.

 

أمريكا

 

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتشعر بالإحباط تجاه هجمات الحوثيين، خاصة مع التطورات الأخيرة، وإعلان الجماعة توجيه ضربات لحاملة الطائرات الأمريكية، إبراهام لينكولين، والتي سحبتها واشنطن لاحقا، لتخلو المنطقة من حاملة الطائرات الأمريكية، للمرة الثانية منذ اندلاع المواجهات البحرية.

 

واشنطن بدت في وضعية التأسف، وذلك من خلال تصريحات الخارجية الأمريكية التي قالت إن رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب منذ صعود ترمب للسلطة كان بغرض إحلال السلام في اليمن، وهي إشارة إلى أن إزالتهم لم يكن قرارا موفقا، متهمة إيران والحوثيين بافشال مساعي السلام في اليمن.

 

الدور الأمريكي بدا متخبطا، وينتظر الخطوات القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، لكنه في نفس الوقت واصل تحميل عدة أطراف المسؤولية، ففي حين يتهم إيران بافشال المفاوضات، يذهب أيضا لاتهام روسيا بتقديم الإمدادات للحوثيين، بما يعزز قدراتهم البحرية.

 

السعودية

 

في المقابل تتحرك السعودية في العديد من المسارات، فقد التقت الصين وإيران على طاولة واحدة، وخرجا ببيان موحد حول العديد من القضايا، وبنفس الوقت بعثت الروح في الكيانات المحلية التابعة لها، عبر إحياء الأحزاب السياسية، وتقديمها للواجهة من جيد، كالتكتل الوطني للأحزاب، وكذلك مساعيها في إعادة الروح لمجلس النواب، والتنسيق لعودة جلساته من جديد.

 

وواصلت الرياض الدفع بأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي للقاء العديد من السفراء الأجانب في الرياض، وكان النصيب الأكبر لعضو المجلس عيدروس الزبيدي، الذي كثف لقاءاته مع عدة سفراء، أبزرهم سفراء السعودية، والإمارات، والهند، واليونان، وروسيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وفرنسا، والصين.

 

الإمارات

 

الإمارات العربية المتحدة من جهتها كان لها حضورها اللافت، اتضح ذلك من خلال ما تردد عن مقترح تقدمت به، لتشكيل قوات دولية تؤمن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، بخليط من قوات عربية، ودولية، وهو ما لم تكشف عنه أبوظبي رسميا.

 

لكن تحركاتها العسكرية تشير إلى تواجدها في صدارة هذه الأحداث، وتؤكد المعلومات وصول طائرة عسكرية إماراتية إلى مطار عتق المحلي، بمحافظة شبوة، على متنها مسؤولين إماراتيين، فيما قال وزير النقل السابق صالح الجبواني إن الطائرة كانت تحمل على متنها أسلحة ومعدات عسكرية.

 

وتستخدم الإمارات أيضا الأدوات التابعة لها، وظهر نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح المقيم في أبوظبي، مع محافظ شبوة عوض بن الوزير في لقاء جمعهما، بينما عاد ممثل الإمارات في أبوظبي خلفان المزروعي إلى جزيرة سقطرى، بعد خروجها منها في العام 2019 بموجب اتفاق سعودي إماراتي على مغادرته.

 

جماعة الحوثي

 

بالنسبة للحوثيين، فقد واصلوا عملياتهم العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وأعلنوا تنفيذ عدة عمليات هجومية مؤخرا، أبرزها عملية استهدفت سفينة تابعة لتركيا، وهو ما دفع بأنقرة للتنديد، فيما سارع عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي، لاستدارك الموقف، والتأكيد على الدور المحوري لتركيا في نصرة فلسطين.

 

وتستشعر جماعة الحوثي هذه التحركات، وتواصل إزائها في مواصلة الاستعدادات، خاصة في محافظة الحديدة، إذ تكشف المعلومات عن إجبار الجماعة لست قرى سكنية في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، تحسباً لمعركة قادمة في الساحل الغربي لليمن، وهو ما دفع بالسلطة المحلية التابعة للحكومة في عدن للتنديد بهذه الخطوة، وإعلان رفضها.

 

خريطة الصراع

 

تتضح من هذه التحركات أن خارطة جديدة للصراع تتشكل في اليمن، وهي مناطق تماس، بين الحكومة وجماعة الحوثي، سواء كانت برية أم بحرية، وجميعها تشير إلى أن الصراع يتجه نحو الصدام المسلح من جديد، فيما تغيب الجهود الدبلوماسية والأممية، عن لجم هذه التحركات، بل إن مجلس الأمن اعتمد مؤخرا القرار الأممي الذي يمدد حالة حظر السلاح عن الحوثيين، وسبق له التنديد بالهجمات البحرية التي ينفذونها.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: جماعة الحوثي المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية رشاد العليمي السعودية فی الیمن

إقرأ أيضاً:

إجراءات قمعية جديده تمارسها مليشيا الحوثي عبر مطار صنعاء الدولي .. تحت مسمى محاربة التجسس...

 

كشفت إجراءات قمعية جديده فرضتها المليشيات الحوثية على الصحفيين والناشطين وكتاب المحتوى في المناطق الخاضعة لسيطرتها عن عمق الارتباك والقلق الذي تعيشه. 

 

حيث أقدمت مؤخراً على مصادرة عشرات الأجهزة الإلكترونية من المسافرين عبر مطار صنعاء، بما في ذلك أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف الذكية والكاميرات.

وبررت المليشيات الحوثية هذه الإجراءات بحجة “ضمان الأمن” و”منع التجسس” إلا أن الضحايا يؤكدون أن هذه الإجراءات ليست سوى وسيلة للابتزاز والضغط عليهم، وفرض رقابة مطلقة على تحركاتهم.

ووفقاً لشهادات حصلت عليها صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن العديد من الصحفيين وصناع المحتوى فوجئوا بمصادرة مليشيا الحوثي أجهزتهم عند محاولة مغادرة البلاد، دون سابق إنذار أو تبرير قانوني واضح.

وقد باءت كل محاولاتهم لاستعادة ممتلكاتهم بالفشل، مما دفع بعضهم إلى تحذير زملائهم من السفر عبر المطار خشية التعرض لنفس المصير.

كما تشترط المليشيات على المسافرين الحصول على إذن مسبق لأي تنقل، سواء داخل مناطق نفوذها أو خارجها، أو إبراز تعهدات خطية بالإبلاغ عن تفاصيل أنشطتهم خلال رحلاتهم.

وتتجاوز هذه الإجراءات الصحفيين لتشمل أي مسافر يحمل جهاز حاسوب، حيث يُجبر على الخضوع لتحقيقات مطولة حول مهنته وطبيعة عمله، مع فرض تفتيش دقيق لمحتويات الأجهزة من قبل عناصر الأمن التابعة للمليشيات.

وفي حالة واحدة، اضطر أحد صناع المحتوى إلى إلغاء سفره عبر صنعاء بعد تحذيرات باحتمالية مصادرة أجهزته، واختار بدلاً من ذلك السفر عبر مطار عدن، رغم التكاليف الباهظة والمخاطر الأمنية المرتبطة بالتنقل بين المدينتين.

من جهة أخرى، كشف مصدر آخر عن تبرير الأمن الحوثي لمصادرة الأجهزة بحجة “حماية أصحابها من الاختراق”، إلا أن هذه الذرائع لم تقنع الضحايا، الذين يرون فيها محاولة لمراقبة أنشطتهم وتقييد حريتهم.

واضطر أحد الكتاب إلى التخلي عن جهازه بعد أن طُلب منه تقديم مبررات مفصلة لحمله، خشية أن تتحول هذه المطالب إلى تحقيق أوسع يمس خصوصيته.

وفي حالات أخرى، لجأ بعض الصحفيين إلى تخزين بياناتهم على أجهزة خارجية قبل السفر، لتجنب فقدان المعلومات المهمة في حال مصادرة أجهزتهم.

ومع ذلك، فإن الخسائر المادية تبقى كبيرة، حيث يُجبرون على شراء أجهزة جديدة، ناهيك عن القيود المفروضة على عودتهم إلى صنعاء خوفاً من المضايقات.

وتشير تقارير إلى أن مليشيا الحوثي الإرهابية وسعت نطاق رقابتها ليشمل حتى الإعلاميين الموالين لها، حيث تخضع تحركاتهم لمراقبة دقيقة، مع مطالبتهم بتقديم تقارير دورية عن أنشطتهم.

ووفقاً لمصادر مطلعة، تعرض أحد المراسلين العاملين مع وسيلة إعلام إيرانية للاحتجاز عدة أيام بسبب تأخره في العودة من رحلة علاجية، وعدم التزامه بتقديم التقارير المطلوبة.

كما أفرجت المليشيات الحوثية مؤخراً عن إعلامي موالي لها بعد احتجازه لأسبوعين دون إبداء أسباب، في إشارة إلى أن سياسة القمع لا تستثني حتى المنتمين إلى صفوفها.

ويُذكر أن الإعلامي “الكرار المراني”، المعروف بعلاقاته الواسعة في الأوساط الإعلامية، كان قد كشف عن احتجازه قبل أن تتدخل عائلته ووسطاء للضغط من أجل الإفراج عنه.

ويأتي هذا التصعيد في إطار حملة أوسع تشنها المليشيات الحوثية منذ بدء الضربات الأمريكية على مواقعها، حيث كثفت عمليات الاختطاف والملاحقة ضد المدنيين بتهمة “التواطؤ” أو “التجسس”، فضلاً عن تشديد الرقابة على تحركات السكان لمراقبة ردود أفعالهم تجاه التطورات العسكرية الأخيرة.

وتبقى هذه الإجراءات جزءاً من سياسة منهجية تهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة ومنع أي تسريب للمعلومات حول تحركات قيادات الجماعة أو مواقعها العسكرية

 

مقالات مشابهة

  • ترامب: الضربات الأمريكية ضد الحوثيين ستتواصل حتى زوال التهديد الملاحي
  • ترامب: قدرات الحوثيين التي يهددون بها السفن في البحر الأحمر يتم تدميرها
  • وزير دفاع الحوثيين: لدينا ترسانة عسكرية كبيرة قادرة على صناعة التحولات
  • بعد عودته من إيران.. المبعوث الأممي يوصي بمقترحات جديدة عقب الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي
  • غارة أمريكية تقتل مدنيين في اليمن.. والحوثيون يردون بتكثيف الهجمات البحرية
  • ميليشيا الحوثي تستهدف طائرة القيادة والسيطرة التابعة للحاملة الأمريكية هاري ترومان
  • الحوثي تعلن اشتباكها مع حاملة الطائرات الأمريكية ترومان 3 مرات في يوم واحد
  • الإمارات إذ ترى في الضربات الأمريكية فرصة لتعزيز نفوذها في اليمن
  • إجراءات قمعية جديده تمارسها مليشيا الحوثي عبر مطار صنعاء الدولي .. تحت مسمى محاربة التجسس...
  • جماعة الحوثي تعلن تدمير كامل لمحطات الاتصالات إثر الغارات الأمريكية الأخيرة