أتذكر يوم إصابتي، كيف أسعفت نفسي واستمررت في الجري بعد الإصابة لمسافة قرابة كيلومتر، رغم أنني كنت مصابًا في الرقبة والدم يخرج منها. استمررت حتى أغمي عليّ في عقبة شارع جمال، وأسعفني درّاج ناري لا أعرفه حتى اليوم.
صحوت من الإغماء، وسمعت الطبيب يقول لمن بجانبه: “حالته خطيرة ونسبة نجاته قليلة جدًا، ويبدو أنه لن يعيش.
كنت خائفًا من أن أُدفن حيًا، فقد رأيت في بداية الحرب أطفالًا ونساءً يموتون أمامنا ولم نستطع فعل أي شيء لإنقاذهم. في تلك اللحظة، رأيت حياتي تمر أمامي كأنها شريط فيديو مسرّع؛ رأيت نفسي طفلًا وشابًا، وتخيلت نفسي شهيدًا محمولًا على الأكتاف. تخيلت أمي وهي تبكي ولدها الذي بلغ العشرين ومات برصاص الحوثيين. تخيلت أبي، وإخوتي، وأصدقائي. أشياء كثيرة مرّت في عقلي بسرعة، وكأنني أعيش ما يعيشه الموتى في لحظاتهم الأخيرة.
حركت يدي وتأكدت أنني ما زلت حيًا، وأمسكت الطبيب بكل قوتي كي يشعر أنني على قيد الحياة ولا يدفنني حيًا. حاولت أن أكلمه، لكن لساني كان مقطوعًا، وأكثر من نصفه كان خارج فمي.
كلما تذكرت هذا الموقف، أنهار نفسيًا. لو لم أحرك يدي في ذلك الوقت، لكنت الآن مدفونًا حيًا. كانت تجربة مؤلمة مرّ عليها تسع سنوات، وما زلت أعاني منها حتى اليوم.
كثيرًا ما أشعر أثناء النوم أن الرصاص يخترق جسدي من جديد. أعيش مع معاناة الشتاء والبرد والألم الذي يؤذيني كثيرًا في وجهي، ومع تفاصيل أخرى أصبحت جزءًا من حياتي.
من يرى وجهي قد لا يفهم ما أعانيه، خاصة وقت تناول الطعام؛ الألم يجعلني أكتم دموعي أمام الناس كي لا تظهر. أقوي نفسي وأساندها حتى لا أنهار، وأحمد الله كثيرًا أن الإصابة جاءت بهذا الشكل، لأن إصابات الوجه والفك غالبًا ما تكون أشد رعبًا وبشاعة.
عندما أرى الجرحى وحالتهم، أقول لنفسي إنني بخير رغم كل ما أمر به. أنا أفضل حالًا من كثير من الجرحى. لم يُسجَّل اسمي في قوائم الجرحى، ولم أحصل على علاج من الجهات المختصة. أجريت كثيرًا من العمليات على حسابي الخاص، أما آخر عملية فقد أجريتها اليوم بفضل أطباء بلا حدود في عمّان، الأردن.
وجع الليلة أعاد لي ذكريات أليمة، ووددت أن أشاركها معكم.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةالإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: لقاء نادر کثیر ا
إقرأ أيضاً:
أكثر من 20 منظمة دولية ومحلية تدعو الحوثيين إلى الإفراج الفوري عن الموظفين الأمميين
دعت أكثر من 20 منظمة دولية ومحلية مليشيا الحوثي إلى إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة الذين تم اعتقالهم تعسفياً بين 23 و25 يناير/كانون الثاني 2025، بالإضافة إلى عشرات الموظفين الأمميين وأعضاء المنظمات اليمنية والدولية الذين المحتجزين تعسفياً منذ يونيو/حزيران 2024.
وشددت المنظمات بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، في بيان مشترك، على ضرورة أن تفرج فوراً مليشيا الحوثي عن موظفي الأمم المتحدة الثمانية، الذين تم اعتقالهم تعسفياً بين 23 و25 يناير/كانون الثاني 2025، بالإضافة إلى عشرات الموظفين الأمميين وأعضاء المنظمات اليمنية والدولية المحتجزين تعسفياً منذ يونيو/حزيران 2024.
وحسب البيان، فإن الموجة الأخيرة من الاعتقالات جزء من حملة مستمرة يشنها الحوثيون بحق العاملين في المجال الحقوقي والإغاثة الإنسانية، والتي تكثفت العام الماضي.
وأضاف "في 31 مايو/مايو 2024 نفذ الحوثيون طوال أسبوعين سلسلة من المداهمات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، أسفرت عن اعتقال 13 من موظفي الأمم المتحدة وما لا يقل عن 50 من العاملين في المنظمات المدنية اليمنية والدولية. وحتى الآن، تم الإفراج عن ثلاثة فقط (موظف أممي واثنين من المنظمات)، بينما يتواصل احتجاز البقية دون السماح لهم بالتواصل مع محامٍ أو مع أسرهم، ودون توجيه أية تهم إليهم".
وذكرت المنظمات أن أفعال الحوثيين تتواصل في نمط مقلق من القمع للمجتمع المدني في اليمن، واستهداف عنيف للعاملين في مجال حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية، بتهمة «التجسس» الملفقة.
وأكد البيان أن الحوثيين يمتلكون سجلاً في استخدام التعذيب لانتزاع «الاعترافات»، فثمة مخاوف من أن يكون هؤلاء المعتقلون قد أُرغموا على «الاعتراف».
ولفت إلى أن موجات الاعتقال تؤدي لتفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلا في اليمن، حيث يعتمد ما لا يقل عن 80% من السكان على المساعدات، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت المنظمات "إنه وبسبب الاعتقالات الأخيرة، أعلنت الأمم المتحدة تعليق جميع التحركات الرسمية داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمناطق المحيطة بها. وهو القرار الذي سيؤثر بشدة على تقديم المساعدات المنقذة للحياة للملايين".
ودعت المنظمات المجتمع الدولي، خاصة الدول التي على تواصل مع الحوثيين، إلى بذل كل ما في وسعها لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفياً، بما في ذلك العاملون في مجال حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية.