أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟.

مكانة النفس الإنسانية في الشريعة

قالت دار الإفتاء إن الإسلام دعا إلى المحافظة على النفس الإنسانية؛ فجعل حفظ النفس من مقاصده الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتقى بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تكتف الشريعة الغراء بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نفسه، بل أوجبت عليه اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر.

وأوضحت الإفتاء أن حفظ النفس وصيانتها من الضروريات الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع؛ قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان): [فقد اتَّفقت الأمة بل سائر الملل على أنَّ الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معيَّن، ولا شهد لنا أصل معيَّن يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيءٍ معيَّن لوجب عادة تعيينه] اهـ.

وأضافت الإفتاء قائلة: ومظاهر دعوة الإسلام للمحافظة على النفس الإنسانية لا تحصى؛ منها: تحريم قتل النفس بغير حق وإنزال أشد العقوبة بمرتكب ذلك؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151].

ومنها: أيضًا تحريم الانتحار؛ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 156، ط. دار الكتب المصرية): [أجمع أهل التأويل على أنَّ المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضًا؛ ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدِّي إلى التلف] اهـ.
وتابعت: كما نهى الإسلام عن إلقاء النفس في التهلكة؛ قال تعالي: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 222، ط. دار ابن كثير): [التهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكًا وهلكًا وتهلكةً أي: لا تأخذوا فيما يهلككم.. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنَّه تهلكة في الدِّين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري] اهـ.

وأكدت: ونهى عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالغير كمظهر من مظاهر المحافظة على النفس؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإسلام النفس الإنسانية النفس الإنسانیة

إقرأ أيضاً:

التصالح مع الذات (السعادة الأبدية)

دعني أبحر وإياك في تلك القيمة النبيلة التي إذا امتثلناها عشنا حياة سعيدة أبدية وهي التصالح مع ذواتنا، الله عز وجل لما خلق الدنيا قدر فيها الأقدار ووزع الأرزاق،

فتجد الغني والفقير والقوي والضعيف والصحيح والسقيم والمعافى والمبتلى والمتعلم والجاهل وغيرها على هذه البسيطة، تجد أخوين في بيت واحد أحدهما قد رزقه الله مالاً والآخر يسأل الناس الحاجة، وآخر قد فتح الله له من العلوم والرفعة في العلم والثاني ليس معه إلا المرحلة الثانوية، وآخر قد رزق بالولد وأخيه قد حرم منه،

وتجد امرأة قد ترزق بزوج شديد الطباع غليظ في التعامل وأختها أو صديقتها قد أرتبطت بزوج دمث الأخلاق هين لين،فهذا كله من علم الله وهو من يقدر الأقدار وقس على ذلك الشيء الكثير في هذه الحياة ، فعلينا بالرضى وأن نتصالح مع أنفسنا فيما رزقنا الله به ، قلَّ أن تجد شخصين لهما نفس الظروف المادية والتعليمية ويعيشان بسعادة فغالباً يخرج لهما ما ينغص عليهما حياتهما من معارك الحياة ،

نحن اليوم نعيش في زمن الماديات وأصبحت هي المحرك الأساس في حياتنا لأننا نظرنا لها بذلك وتحولت الكماليات إلى أساسيات وذهبت القناعة والتصالح مع الذات وأصبحنا نجري خلف المتغيرات ونبحث عن كل جديد ونطالع بما في أيدي الناس،

في زمن مضى قبل أربعين سنة كان التصالح مع الذات أساس الحياة تجد الرجل يكدح ويبني نفسه ومن يعول ولا يمد عينيه إلى ما لا يستطيعه ويعيش الحياة والسعادة الأبدية لم يكن يفكر أن يسافر خارج البلاد للفسحة ويحمل نفسه ما لا تطيق من التكاليف لم يكن ليشتري سيارة فارهة أو ذات تكلفة عالية وهو ليس معه مالاً لم يكن ليستدين لشراء الكماليات بل كان متصالحاً مع نفسه يعيش قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أصبحَ منكم آمِنًا في سِربِه، معافًى في جسَدِه، عِندَه قُوتُ يومِه، فكأنما حُيزت له الدنيا)،

نعيش تحديًا كبيرًا في كيف نتصالح مع ذواتنا وننقلها لمن نعول فوسائل التواصل الاجتماعي تنقل الغث والسمين وأصبحت وسيلة ضغط والكل يتطلع لعيش الحياة الوهمية أو السعادة المؤقتة، عندما نرى الحياة بالعين المجردة نجد أن الإنسان خلق فيها في كبد فلا تستقر له حال وهذا على كل البشر الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الغني والفقير، ولكن السعيد الذي عرف مفتاح السعادة وتصالح مع ذاته،

على سبيل المثال عندما تشتري سيارة ما هو هدفك هو قضاء حاجاتك الدنيوية أم أنك تريد أن تريه الناس، قد يكون عندك تحدي في المال فالأول الذي فهم الدنيا وتصالح مع ذاته سوف يشتري ما تيسر ولا يمد عينيه إلى ما لا يستطيعه ويعيش حياته، أما الآخر الذي يرى كيف تكون نظرة الناس له سوف يكلف نفسه ما لا تطيق ويستدين ويقتر على نفسه، ومثل ذلك شراء المنزل هل أشتري منزلاً جديدًا أم أتصالح مع ذاتي وأشتري منزلاً يتناسب مع إمكانياتي وظروفي المادية ، السعادة في الدنيا نستطيع أن نعيشها ونستطيع أن نحرم منها ويعود ذلك لطريقة تفكيرنا وتصالحنا مع ذواتنا وطريقة الحياة التي نود أن نكون عليها،

في الأخير يجب أن نفهم أن ما كُل ما نريده ونصعد له سوف نناله نحن علينا فعل السبب ولكن النتيجة من الله، فلا نلطم الخدود ونشق الجيوب ونتحسر لرزق لم يسوقه الله لنا أو مرض ابتلينا به أو حاجة من حوائج الدنيا فاتت ولم نصب منها خيرًا، ابتسم دومًا وتصالح مع نفسك وانظر أنك في الدنيا مسافر إلى جنة النعيم والسعادة الأبدية، فكل شيء سيفنى ولن يبقى لك إلا ما قدمت من عمل صالح.

مقالات مشابهة

  • أركان العمرة وحكم أدائها عن الحي والميت.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم المطالبة بزيادة ثمن سلعة بعد إتمام البيع.. الإفتاء تجيب
  • هل تبطل صلاة المرأة إذا شاهدها رجل؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يتعرّض كل البشر لفتنة المسيح الدجال؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم تطليق زوجتي إرضاء لأمي وأخواتي لكثرة المشاكل بينهم؟.. الإفتاء تجيب
  • التصالح مع الذات (السعادة الأبدية)
  • هل يجوز للإمام إطالة الركوع لينتظر دخول الناس في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • انتقلت إلى سكن جديد وصليت فترة إلى غير اتجاه القبلة.. فماذا أفعل؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم سفر المرأة للحج بدون محرم؟..أمينة الفتوى تجيب