هل نُزع فتيل الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي بعد الهجمات الأخيرة؟
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
لا تزال التوترات مترفعة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي على خلفية التصعيد العسكري المتبادل بين الجانبين خلال الشهر الماضي، لكن الأمر لم تصل الأمور إلى مواجهة شاملة، إذ تتجنب الدولتان الانخراط في حرب تقليدية خشية التداعيات الإقليمية والدولية الخطيرة.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أشارت فيه إلى أن ما يقرب من شهر قد مر منذ أرسلت إسرائيل أكثر من 100 طائرة مقاتلة ومسيّرة لضرب القواعد العسكرية الإيرانية، وما زال العالم ينتظر ليرى كيف سترد إيران.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه توقف محمل بالأحداث في الصراع الخطير هذا العام بين القوتين في الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن الهجوم المضاد الإسرائيلي جاء بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إطلاق إيران لأكثر من 180 صاروخا باليستيا - تم إسقاط معظمها - في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر للانتقام لمقتل اثنين من كبار قادة حزب الله وحماس.
وجاءت أول موجة من الضربات في نيسان/ أبريل، عندما قررت إيران الانتقام من هجوم على أحد مجمعاتها الدبلوماسية بقصف إسرائيل مباشرة بما لا يقل عن 300 صاروخ ومسيّرة. وحتى ذلك الحين، انتظرت إسرائيل أياما، وليس ساعات، للرد.
قبل فترة ليست طويلة، ربما توقع المحللون أن أي ضربة مباشرة من جانب إيران على إسرائيل، أو من جانب إسرائيل على إيران، من شأنها أن تؤدي إلى اندلاع حريق فوري. لكن الأمر لم يحدث بهذه الطريقة.
ويرجع هذا جزئيا إلى الدبلوماسية المحمومة وراء الكواليس من قبل الحلفاء بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية وقطر والإمارات. لكن الضربات المحدودة المدروسة تعكس أيضا حقيقة مفادها أن البديل - حرب "الصدمة والرعب" بين إسرائيل وإيران - يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على المنطقة ولكن أيضا على جزء كبير من العالم، وفقا للتقرير.
ونقلت الصحيفة عن جوليان بارنز ديسي، مدير الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله "يبدو أن طبيعة الهجمات تتحدث عن اعتراف مشترك بالخطر الحاد المتمثل في اندلاع حرب إقليمية أعمق لا يزال الجانبان يرغبان في تجنبها على الأرجح".
وأشار إلى أن هذا لا يعني عدم وجود مخاطر على النهج الحالي. وقال: "إنه مسار محفوف بالمخاطر وغير مستدام على الأرجح وقد يخرج عن السيطرة بسرعة. وهناك أيضا احتمال أن تكون إسرائيل أكثر تعمدا في التدرج على سلم التصعيد بنية القيام بشيء أوسع وأكثر حسما في نهاية المطاف".
في رسالة فيديو الأسبوع الماضي، بدا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكأنه يحذر من أنه قد يزيد من حدة الصراع إذا ما ضربت طهران مرة أخرى. وقال نتنياهو: "كل يوم تزداد إسرائيل قوة. ولم ير العالم سوى جزء ضئيل من قوتنا".
وذكرت الصحيفة أن الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والرعب ــ استخدام القوة النارية الساحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير القدرات المادية للعدو وإرادته للمقاومة ــ والتي تم تقديمها لأول مرة كمفهوم في عام 1996 من قبل خبيرين عسكريين أميركيين.
ربما كان أبرز مظاهرها هو وابل الغارات الجوية التي بدأت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، والتي أعقبتها قوات برية أرسلت صدام حسين إلى الاختباء. ولكن تكتيكاتها الأساسية استُخدمت في وقت سابق، في حرب الخليج عام 1991، وكذلك في الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001.
سيكون من الصعب تنفيذ حرب الصدمة والرعب في هذا الصراع الحالي في الشرق الأوسط، حيث من المرجح أن يتطلب إطلاق القوات البرية المزيد من الأصول البرية والجوية والبحرية أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما، حسب التقرير.
ولفتت الصحيفة إلى أن هناك أيضا نقاش مستمر في الدوائر العسكرية حول ما إذا كان هجوم الصدمة والرعب لا يزال قابلا للتطبيق. زعم رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال مارك ميلي، وإريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، في تحليل في آب/ أغسطس لمجلة "فورين أفيرز"، أن الأسلحة المستقلة والذكاء الاصطناعي يحولان الحرب. وكتبا: "لقد انتهى عصر حملات الصدمة والرعب - حيث يمكن لواشنطن أن تدمر خصومها بقوة نيران ساحقة".
ورد محللان في مركز الدراسات الاستراتيجية للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، بأن حرب الصدمة والرعب تتطور، ولم تنته، وأشارا إلى الهجمات التي شنتها إسرائيل باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي ضد حزب الله في لبنان. فقد قُتل العشرات وجُرح الآلاف، لكن الخوف الذي أحدثته الهجمات كان بمثابة ضربة نفسية للجماعة المسلحة. وبعد أسبوعين، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية حسن نصر الله، زعيم حزب الله منذ فترة طويلة.
وكتبا: "بعيدا عن كونها شيئا من الماضي، يجب أن تكون الصدمة والرعب جزءا لا يتجزأ من نهجنا للحرب متعددة المجالات".
لعقود من الزمان، كانت إيران وإسرائيل منخرطتين في حرب خفية، حيث نفذت إسرائيل هجمات سرية واعتمدت إيران على الميليشيات بالوكالة في العراق ولبنان وسوريا واليمن كقوات خط المواجهة.
وفقا للتقرير، فقد تغير كل ذلك في الأول من نيسان/ أبريل. في حين تم اعتراض جميع الصواريخ والمسيّرات التي وجهتها إيران إلى إسرائيل تقريبا، كانت الضربات الجوية هي المرة الأولى التي هاجمت فيها طهران إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية.
وذكرت الصحيفة أن ذلكا وضع المسؤولين في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع. بعد ساعات من الضربات، قال الجنرال حسين سلامي، القائد العام لحرس الثورة الإسلامية الإيراني، إن إيران قررت إنشاء "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.
ولكن حتى الآن، تم تنفيذ الصراع فقط بضربات صاروخية دقيقة للغاية، استهدفت بشكل أساسي القواعد العسكرية في بلد الطرف الآخر.
وقال فرزان ثابت، المحلل السياسي المتخصص في شؤون إيران والشرق الأوسط في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، إن وابل الهجمات الصاروخية المحدود بدا وكأنه يشير إلى نوع جديد من الحرب.
وقال ثابت: "إن الضربات الدقيقة ليست جديدة، ولكن استخدامها على هذا النطاق كقطعة مركزية [في الصراع] أمر جديد".
ومع ذلك، قال: "ربما لم نر أسوأ ما في الأمر"، مشيرا إلى أن طهران أشارت مؤخرا إلى استعدادها لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل - بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط - إذا تم ضرب البنية التحتية المدنية الإيرانية. وقال ثابت: "سيكون هذا عنصرا جديدا".
وقال هو ومحللون آخرون إن الضربات الجوية حتى الآن، جنبا إلى جنب مع التحذيرات العامة التي سبقتها، كانت جزءا من حملة ردع من قبل الدولتين لمحاولة منع الصراع من الخروج عن السيطرة، حسب التقرير.
ونقلت الصحيفة أساف أوريون، العميد الإسرائيلي المتقاعد واستراتيجي الدفاع في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله إن "الأمر أشبه بـ 'أنا أصفع، وبالتالي تحصل على صفعة، حتى تفهم، وبالتالي يمكنك الآن أن تقرر ما إذا كنت تريد التراجع أو التصعيد'". وأضاف: "الحقيقة هي أن كلا الطرفين يأخذان وقتهما في الحساب والتعاون وتشكيل عملياتهما".
وفي حين لم تستخدم إسرائيل الصدمة والرعب التقليديين ضد إيران، إلا أنها كانت أقل تحفظا في هجماتها على وكلاء إيران، حزب الله وحماس، كما أظهرت هجمات أجهزة النداء.
لكن إيران نجت من حجم الموت والكوارث الإنسانية التي فرضتها إسرائيل على وكلائها. حتى أنها سعت إلى تصوير هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل على أنها نجاح باهر.
وقال ثابت إن طهران بدت مهتمة بإظهار عدد الضربات "المذهلة" التي شنتها ضد إسرائيل لجمهورها بقدر ما تهتم بعدد الضربات التي أصابت أهدافها.
وأضاف "تحاول إيران أن تكون لها الكلمة الأخيرة، بشكل ما. إنها تريد أن تظهر الرد، وتظهر لجمهورها المحلي والإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".
لكنه أضاف: "لست متأكدا من أن هذا سينجح".
أشارت الصحيفة إلى أن الهجمات الإسرائيلية المنهكة على حزب الله وحماس، والتي اعتمدت عليها إيران منذ فترة طويلة لما تسميه الدفاع الأمامي، تشكل ضربة لطهران. ولكن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب، الحليف القوي لنتنياهو، يغير المعادلة مرة أخرى.
فقد التقى أحد مستشاري ترامب المقربين، الملياردير إيلون ماسك، الأسبوع الماضي بسفير إيران لدى الأمم المتحدة في ما وصف بأنه محاولة افتتاحية لنزع فتيل التوترات بين طهران والرئيس الأمريكي القادم.
ولكن من المتوقع على نطاق واسع أن يجعل ترامب السياسة الخارجية الأمريكية أكثر ملاءمة لإسرائيل، وأن يحشد حكومته بالصقور تجاه إيران. وقد يؤدي هذا إلى نقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى أرض جديدة، وفقا للتقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيران الشرق الأوسط الاحتلال ترامب إيران الشرق الأوسط الاحتلال ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط بین إیران حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
إذا قصفت إسرائيل إيران... هكذا سيكون ردّ حزب الله
يكثر الحديث في تل أبيب عن رغبة الحكومة الإسرائيليّة بتوجيه ضربة إستباقيّة ضدّ إيران، عبر استهداف البرنامج النوويّ وقواعد عسكريّة مهمّة تابعة للحرس الثوريّ، وخصوصاً بعد تلقي إسرائيل شحنة جديدة من قنابل أميركيّة خارقة للتحصينات، سبق وأنّ تمّ قصف لبنان بها، واستخدامها في عمليتيّ إغتيال الأمينين العامين لـ"حزب الله" حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
وفي حين يلتزم "الحزب" الهدوء بعدم الردّ على الخروقات الإسرائيليّة، ويُعطي فرصة للحكومة ولرئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون لتكثيف الإتّصالات الديبلوماسيّة للضغط على بنيامين نتنياهو لتطبيق القرار 1701، هناك تساؤلات كثيرة بشأن "حزب الله"، وإذا ما كان سيبقى على الحياد إنّ قصفت إسرائيل النوويّ الإيرانيّ، إذا لم يتمّ التوصّل سريعاً لاتّفاق جديد بين طهران والإدارة الأميركيّة برئاسة دونالد ترامب حول برنامج إيران النوويّ.
وعندما تمّ الإتّفاق بين إيران وأميركا ودولٍ أخرى على البرنامج النوويّ في عام 2015، أشار نصرالله في حينها، إلى أنّ هذا الأمر شكّل انتصاراً كبيراً لطهران و"لمحور المقاومة" في المنطقة، ما يعني أنّ "حزب الله" يُفضّل التوصّل لتوافقٍ جديدٍ بين البلدان المعنيّة، وعدم إنجرار الوضع إلى تصعيد خطيرٍ قد يُقحمه في نزاعٍ آخر لا يُريد الدخول فيه.
فبينما ينصبّ تركيز "الحزب" حاليّاً على إعادة بناء قدراته وإعمار المناطق المُدمّرة ودفع التعويضات لمناصريه لترميم منازلهم، فإنّ أيّ تطوّر للنزاع الإسرائيليّ – الإيرانيّ قد يُشعل المنطقة من جديد، لأنّ "حزب الله" مُرتبط بشكل مباشر بالنظام في طهران.
ويقول مرجع عسكريّ في هذا الإطار، إنّ "حزب الله" لديه إلتزام تجاه إيران بعد نجاح الثورة في طهران عام 1979، فالحرس الثوريّ هو الراعي الرسميّ لـ"الحزب" وينقل الأسحلة والصواريخ والأموال له. ويُشير إلى أنّ استهداف إسرائيل لإيران أخطر بالنسبة لـ"المقاومة الإسلاميّة" في لبنان من حرب غزة، فإذا تمّ توجيه ضربات مُؤلمة بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة ضدّ المنشآت النوويّة والبرنامج الصاروخيّ الإيرانيّ، فإنّ "حزب الله" أقوى ذراع لنظام الخامنئي في الشرق الأوسط سيكون أبرز المتضرّرين، وخصوصاً بعد سقوط بشار الأسد في سوريا.
ورغم خسائر "الحزب" في الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، فإنّه لن يجد سبيلاً أمامه سوى الإنخراط في أيّ مُواجهة إيرانيّة – إسرائيليّة، إنّ أقدمت حكومة نتنياهو على التصعيد كثيراً ضدّ طهران. أمّا إذا وجّه الجيش الإسرائيليّ ضربات كتلك التي حصلت في العام الماضي، فإنّ هذا الأمر لن يستلزم تدخّلاً من الفصائل المواليّة لنظام الخامنئي، مثل "حزب الله" و"الحوثيين" والمجموعات المسلّحة في العراق.
ويُشير المرجع العسكريّ إلى أنّ المنطقة هي فعلاً أمام مُفترق طرقٍ خطيرٍ، لأنّ إسرائيل تعمل في عدّة محاور على إنهاء الفصائل التي تُهدّد أمنها، وهناك مخاوف جديّة من إستئناف الحرب في غزة بعد الإنتهاء من تبادل الرهائن وجثث الإسرائيليين لدى "حماس" بالأسرى الفلسطينيين. كذلك، هناك أيضاً خشية من أنّ تُقدم تل أبيب كما تلفت عدّة تقارير غربيّة وإسرائيليّة على استهداف البرنامج النوويّ الإيرانيّ. ويقول المرجع العسكريّ إنّ نتنياهو وفريق عمله الأمنيّ يعتقدان أنّه إذا تمّ وضع حدٍّ للخطر الآتي من طهران، فإنّ كافة الفصائل المُقرّبة من إيران ستكون في موقعٍ ضعيفٍ جدّاً، وسينتهي تدفق السلاح والمال لها.
وإذا وجدت إيران نفسها أمام سيناريو إستهداف برنامجها النوويّ، فإنّ آخر ورقة ستلعبها هي تحريك "حزب الله" وأذرعها في المنطقة بحسب المرجع عينه، لأنّها إذا تلقّت ضربة كبيرة، فإنّها لا تستطيع الردّ على إسرائيل سوى بالإيعاز من حلفائها القريبين من الحدود الإسرائيليّة، بتوجيه ضربات إنتقاميّة، وحتماً سيكون "الحزب" الذي لا يزال يمتلك صواريخ قويّة وبعيدة المدى وطائرات مسيّرة رغم قطع طريق الإمداد بالسلاح عنه، على رأس الفصائل التي ستقود الهجوم المضاد ضدّ تل أبيب. المصدر: خاص "لبنان 24"