إلتقى وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي، اليوم الخميس، وفدا من نقابة الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب عوني الكعكي. خلال اللقاء، توجه الكعكي بالشكر الى مولوي على "المهام التي يقوم بها في هذه الظروف الصعبة وضمان الأمن والاستقرار على الرغم من كل الظروف المأسوية، خاصة فيما خص نزوح اللبنانيين من قراهم بسبب الحرب القائمة”.

  ونوه بـ"التضحيات التي يقوم بها عناصر الأجهزة العسكرية والأمنية وخاصة في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة والرواتب الضئيلة"، داعيا الجميع للعودة "الى الشرعية تحت كنف الدولة والأمن الشرعي".   من جهته، رحب مولوي بوفد النقابة، وأكد أن "الصحافة هي ركن الوطن لاسيما الاشخاص الذين لديهم تاريخ في الصحافة وفي العمل الوطني والسياسي"، وقال : "نحن نمر في أزمة غير مسبوقة، ونحن في ذكرى الاستقلال الذي لم تتم المحافظة عليه، ومنذ تاريخ الاستقلال وحتى اليوم، يتم التعامل مع الوطن على أنه "مزرعة " أو حتى وطن قابل للتقسيم، ولكن لبنان لا يعيش الا اذا كان وطنا موحدا وليس مجموعة من الناس المنقسمين على بعضهم البعض، وطبعا لا يمكن ان يكون فيدراليات طوائف بل وطن واحد وموحد، ليكون حرا".

أضاف مولوي:ؤ"لكن مع الأسف، لم يتم بناء الدولة بالطريقة الصحيحة، بل كانت القوانين والتصرفات على القياس، لقد تمكن الفرنسيون في زمن الانتداب من انجاز مساحة لنصف جغرافية لبنان، ولم نتمكن نحن خلال ثمانين سنة من الاستقلال من اكمال المساحة للنصف الثاني من البلد، ولا تزال هناك مشاكل في المساحة بين الضيع وقرى غير ممسوحة ومخالفات".   وأكد "اننا اليوم، في حاجة الى بناء الوطن على أساس سليم، وأن نفهم بعضنا البعض وأن نكون موحدين ولدينا رؤية بعيدة للأمور، وان نتسلح بالشرعية التي تسمح لنا بتطبيق القوانين، وأن نكون مجتمعين وأن نتكلم لغة موحدة وأن نتفاهم بالطريقة عينها على الهدف عينه".     وقال: "بناء الدولة يكون في تحقيق الهدف الذي يجب أن يكون موحدا بين الجميع، لكن حتى الآن نحن لا نملك هدفا في هذه الدولة، وننظر دائما الى الأحداث الماضية ونقف عندها، مع العلم أنها أوصلتنا الى النتيجة السيئة، التي نحن عليها اليوم". وتابع: "أكثر ما نحن في حاجة إليه اليوم هو حكم ذو "رؤية"، وعلينا ان نخرج من الحكم الطائفي في الدولة، فنحن في مرحلة بناء الدولة التي يجب أن تنقلنا الى الديموقراطية الصحيحة، حيث يأخذ كل إنسان حقه، ولا ننسى أن العدالة الاجتماعية هي السبب الأساس في استقرار الأمن، ومعظم المشاكل الأمنية سببها تقصير الدولة ومنها مشكلة المساحة أو مسح الأراضي والعدالة هي أيضاً ضرورية على صعيد المنطقة ككل". واستطرد: "الشرعية الدولية والشرعية العربية والشرعية المحلية، هي السقف الذي علينا أن نعمل من خلاله وهو ما سيدفع المجموعة الدولية الى مساندة لبنان ودعمه. نحن اليوم في حالة حرب حصدت الكثير من الشهداء والاضرار المادية والبيئية في بلد مظلوم، ولكن علينا أن نتكاتف مع بعضنا البعض ونتفاهم على الاختلاف الموجود بيننا حت نصل إلى بلد قوي وأكثر ما نحن بحاجة إليه هو التفهم والتفاهم والوحدة الوطنية والاحتضان، واننا نلمس حاليا جدية من قبل الولايات المتحدة الاميركية لمساعدة لبنان وأيضا الدول العربية يمكن الاعتماد عليها في الضغط الدولي في قيامة لبنان واعادة الإعمار".

أضاف: "علينا الاستثمار في محبة الدول للبنان، وفي الوحدة اللبنانية الداخلية التي هي ضرورية للوصول لبناء الدولة، اذ نطمع لبناء بلد يواكب التطور والحداثة فيحجز لنفسه مكانا في عالم متقدم، وهذا يتطلب بناء دولة قوية. ومناعة الدولة تأتي من قوتها وتماسكها من الداخل وهذا يتطلب نزاهة في الحكم والحكام، وترّفع عن المصلحة الذاتية والأمانة في الحكم ، وهذا ما سيوصلنا الى البلد الذي نطمح له".

وتمنى مولوي أن "تنتهي الحرب قريبا، لكي تكون لنا فرصة بناء الدولة التي نحلم بها"، وقال: "قد تكون لتداعيات الحرب ناحية ايجابية، فعلى الرغم من نزوح ربع السكان فإن الوضع الأمني يعتبر مقبولا ومضبوطا، والمشاكل بين النازحين محدودة، وبسبب النزوح اصبحت الناس تتعرف على بعضها البعض اكثر، وهنا ك تقبل لبعضهم البعض".

اضاف: "الدولة تتعامل مع الوضع بدقة، لمنع أي فتنة ويتم المحافظة على مكانة الأجهزة الرسمية للدولة، وقد تم رفض فكرة الأمن الذاتي بشكل قاطع، والتعاون جارٍ بين كافة الأجهزة الأمنية، ويجري العمل على رفع التعديات عن بعض الأملاك الخاصة".

كما شدد على "اننا موحدون في مواجهة الأزمة والوحدة الوطنية هي الأساس لبناء الدولة، اضافة الى الشرعية وتطبيق القانون واحترامه”.

وقال: "على الرغم من ان النظام التربوي والاقتصادي ومالية الدولة كلها باتت في حاجة الى الكثير من العمل والاستحداث، والنزوح الذي تسببت بتفاقم مشكلة النفايات في العاصمة بيروت، إضافة الى زيادة في زحمة السير والعمل يجري بشكل دائم انطلاقا من محبتنا للوطن".

ورد مولوي على على الأسئلة التي طرحها أعضاء الوفد، وقال: "الجهة الصالحة لإبرام اتفاق وقف اطلاق النار بحسب الدستور، هو رئيس الجمهورية ويحل محله مجلس الوزراء، وفي حين الوصول الى اتفاق لوقف اطلاق النار سيمّر في مجلس الوزراء، ويقر في مجلس النواب، لأن الاتفاقات الدولية تقر في مجلس النواب، ومن يعرف تفاصيل الاتفاق حاليا هو الرئيس نبيه بري، ونتمنى الوصول الى وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن".

وعن مشكلة التوقف  عن إعطاء رخص السوق، قال :” تسببت بها النافعة بسبب الفساد والتزوير. واليوم تتم اعادة اصلاحها وتطبيق قانون السير الجديد، وقد تم الكشف عن مدارس تعلم قيادة السيارات وتنظيم دورات تأهيل، وتم الاعلان عن امتحانات السوق منذ اسبوعين، والمكان اصبح جاهزا في الدكوانة، ومناطق عدة وبدأ تقديم الطلبات عبر منصة وزارة الداخلية الالكتروني”.

وختم: "على الصحافة ان تكون معنا كذلك الناس اجمعين، لكي نقي لبنان من اي فتنة وشرورها او من اي طابور خامس. فالمطار والمرفأ يخضعان اليوم لإجراءات شديدة وصارمة، ومن هنا يمكننا القول حتى ونحن في عز الحرب وشدتها، اننا نشهد بزوغ فجر جديد لدولة حقيقية”.

وفي الختام، شكر مولوي  أعضاء مجلس النقابة، على زيارتهم، موصيا ان "يبقوا الصوت الذي ينادي بالحق والحقيقة من دون ملل او تعب.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بناء الدولة نحن فی

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عون أمام وفد من نقابة الصيادلة: القضاء وحده يردع المرتكبين والفاسدين في كافّة القطاعات
  • العثور على جثتي شخصين كانا قد اعتُقلا من قبل قوات الأمن السوري فجرا داخل الأراضي اللبنانية
  • صحيفة عبرية: أسبوعان حاسمان.. هل نشهد اليوم الأخير لحكومة نتنياهو؟
  • طوني فرنجية في ذكرى كمال جنبلاط: ألف تحيّة لوليد جنبلاط الذي يلعب اليوم دور صمّام الأمان
  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • اليوم.. انعقاد مؤتمر الإعلان عن مشروع “ذاكرة الصحافة المصرية” بـ"الصحفيين"
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • كبيرة ومتنوعة.. عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان
  • غدا.. "الصحفيين" تكشف سر اكتشاف مخطوط نادر يعود للقرن الـ19
  • ساحة السبع بحرات في إدلب تشهد فجراً جديداً.. أول احتفال بذكرى الثورة السورية بعد الانتصار