تصاعد نسب التلوث.. رائحة الكبريت تُقلق البغداديين
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
بغداد– شهدت العاصمة العراقية بغداد في الآونة الأخيرة انتشارا ملحوظا لرائحة الكبريت القوية، وهذا أثار قلق المواطنين وتساؤلاتهم حول أسباب هذه الظاهرة وتأثيرها على صحتهم وبيئتهم.
وتسبب هذا التلوث في تدهور جودة الهواء وزيادة حدة المشاكل الصحية، خاصة لدى فئات المجتمع الضعيفة كالأطفال وكبار السن والمرضى.
وتحدّث مرصد العراق الأخضر المتخصص بشؤون البيئة، في تقرير له في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عن عودة حالة الكبريت في أجواء العاصمة بغداد بسبب استمرار محطات الكهرباء والمعامل باستخدام الوقود الثقيل الذي أدى إلى تلوث كبير وخطير في الجو.
يعاني حسين حميد كغيره من سكان الكرادة، وسط بغداد، من رائحة الكبريت القوية التي تخنقهم، مشيرا إلى أنه يتوجه يوميا إلى الصيدلية بحثا عن دواء يخفف من حدة هذه الرائحة التي أصبحت جزءا من حياتهم اليومية.
وقال حميد للجزيرة نت إن "تقديم الشكاوى لوزارة الصحة لم يجدِ نفعا"، مضيفا: "نعاني من أمراض تنفسية وحساسية، والروائح المتصاعدة تزيد من معاناتنا"، منبها إلى أن رائحة الكبريت التي كانت في البداية محصورة في منطقة النهروان، امتدت لتغطي معظم أحياء العاصمة، بما فيها الكرادة والدورة وسط وجنوب العاصمة.
أما عادل فاضل، أحد المتضررين، فيصف معاناته قائلا: "بعد الساعة الـ12 ظهرا، تزداد حدة الروائح بشكل كبير، وهذا يجبرنا على إغلاق النوافذ وارتداء الكمامات".
وقال فاضل للجزيرة نت، إن سكان بغداد يطالبون الجهات المعنية بالتحرك السريع للكشف عن مصدر هذه الروائح والعمل على إيجاد حل جذري لهذه الأزمة التي تهدد صحتهم وحياتهم اليومية.
مسؤولية مشتركةعضو لجنة الصحة والبيئة بالبرلمان العراقي، النائبة ثناء جاسب الزجراوي، أشارت إلى أن ظاهرة انتشار روائح الكبريت في سماء بغداد ليست جديدة، إلا أنها تفاقمت في الفترة الأخيرة بسبب عوامل عدة، من أبرزها استخدام الوقود الثقيل في محطات توليد الكهرباء، وخاصة في محطة الدورة.
وأوضحت الزجراوي، في حديث للجزيرة نت، أن ظروف الرطوبة الحالية تساهم في حبس هذه الغازات السامة بالقرب من سطح الأرض، وهذا يزيد من حدة المشكلة، مشيرا إلى أن لجنة الصحة بالبرلمان لها تحركات ولقاءات مستمرة مع الكوادر المختصة بوزارة البيئة ووزيرها نزار محمد آميدي لمناقشة هذه الظاهرة.
ودعت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة للحد من هذه الانبعاثات الضارة، بما في ذلك التحول إلى مصادر طاقة نظيفة وتحديث التقنيات المستخدمة في معامل الإسفلت، مشددة على أن حماية البيئة والصحة العامة مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومة والمواطنين على حد سواء.
وبينت وزارة البيئة على لسان وكيلها الفني جاسم الفلاحي، في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن عودة الروائح وارتفاع تركيز الملوثات في سماء بغداد سببها إصرار بعض الأنشطة الصناعية والبلدية المخالفة على مزاولة عملها في ساعات الليل، مبينا أن إدارتها العليا وفرقها الرقابية تعمل ميدانيا على مدار الساعة على متابعة مصادر تلوث الهواء في بغداد.
اختناق وسرطانويؤكد الخبير البيئي موفق صالح، في حديثه للجزيرة نت، أن الروائح الكبريتية المنتشرة في بغداد تشكل تهديدا حقيقيا لصحة المواطنين، حيث تؤثر على الجهاز التنفسي والقلب وتسبب تهيجا للجلد، مشيرا إلى أن وزارة الصحة سجلت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 200 حالة اختناق أو تهيج جلدي نتيجة هذه الروائح.
ولا يستبعد صالح احتمالية وجود جهات تقف وراء هذه المشكلة بشكل متعمد، مشيرا إلى وجود عدد كبير من معامل النفط غير المرخصة في محيط بغداد والتي وصل عددها إلى 200 معمل، بالإضافة إلى مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية التي تجاوز عددها 25 ألفا وتعمل بالنفط الأسود، مشيرا إلى أن الحكومة المركزية لم تتخذ أي إجراء حاسم لمعالجة هذه الأزمة، وهذا يثير الشكوك حول وجود مصالح خاصة تستفيد من استمرار هذه الحالة.
وأعلنت وزارة الداخلية في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على لسان الناطق باسمها العميد مقداد ميري، إغلاق 69 مشروعا مخالفا، وإجراء كشف موقعي على 97 مشروعا، بالتعاون مع وزارة البيئة، بما في ذلك معامل الطابوق ومعامل صناعية متعددة النشاطات".
وأضاف الخبير البيئي موفق صالح أن احتراق النفط الأسود ينتج عنه غازات سامة مثل ثاني أكسيد الكربون وثالث أكسيد الكربون والكبريت وأكاسيد النيتروجين والكربونات العضوية والدخان الأسود، والتي تؤثر بشكل خطير على صحة المواطنين وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض الجلدية والسرطانية، خاصة لدى مرضى الجهاز التنفسي والقلب.
وحذر من مخاطر حرق المواد البلاستيكية في مكبات النفايات، حيث تنتج عنها مواد مسرطنة وغازات ضارة تساهم في تكوين الأمطار الحامضية التي تؤثر على النباتات والإنسان، وشدد على أن المشكلة تتطلب تدخلا عاجلا من الحكومة لوقف هذه الممارسات الضارة وحماية صحة المواطنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مشیرا إلى أن للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
باحث إسرائيلي: تصاعد نفوذ تركيا في سوريا أمر غير سار لنا
تعترف أوساط الاحتلال، أن سقوط نظام الأسد، وسيطرة الفصائل على سوريا، بمساعدة تركيا، شكل نقطة تحول في توازن القوى والنفوذ الإقليمي، كما أن حالة عدم الاستقرار فيها يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة، بل يزيد من تنافس تركيا والاحتلال لأخذ النصيب الأكبر في الأهمية والتأثير.
مع أن الضربة التي وجهها الأخير لحزب الله هي أحد أسباب سقوط النظام، بعد أن فقد دعم الحزب وإيران، عقب تخلي روسيا عنها، بسبب تركيز جهودها على أوكرانيا.
البروفيسور كوبي مايكل الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أن "انهيار النظام السوري أثار قلقا كبيرا لدى إسرائيل بسبب تواجد عناصر جهادية في جنوب سوريا، وقرب حدوده، وسارعت للسيطرة على المنطقة العازلة حتى يستقر النظام"، بزعم منع أي محاولة لتكرار هجوم السابع من أكتوبر من جنوب سوريا هذه المرة، ولكن لأن الاحتلال لا يستطيع أن يحدد بثقة إلى أين تتجه القيادة السورية الجديدة.
وأضاف في مقال نشره موقع واللا العبري، وترجمته "عربي21" أن "المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على العناصر الجهادية التي باتت تحكم سوريا، بل تمتد أيضا إلى تركيا ونواياها بترسيخ وجودها فيها، لأن تواجدها العسكري التركي هناك يعني تضييق مساحة العمليات الإسرائيلية، وتهديد حرية العمل الجوي في المنطقة بشكل عام، وفيما يتعلق بالتحضيرات لهجوم أو عمل ضد إيران ردا على هجوميها الصاروخيين في أبريل وأكتوبر 2024، ومن أجل منع التواجد العسكري التركي في سوريا من خلال الاستيلاء على المطارات والبنية التحتية العسكرية السورية، يعمل الاحتلال بقوة على تدمير كل هذه البنية التحتية".
وأوضح أنه "لم يكن بوسع التنظيمات أن تستكمل عملية السيطرة على سوريا لولا المساعدة النشطة من تركيا، التي أدركت الفرصة التاريخية لتعزيز قبضتها على سوريا كنوع من حجر الزاوية في توسيع نفوذها في الشرق الأوسط الأوسع، وتعتبره تاريخيا واستراتيجيا مجال نفوذ ضروري لترسيخ مكانتها كقوة إقليمية، في انسجام واضح مع شخصية الرئيس رجب طيب أردوغان الساعي لإحياء الإمبراطورية العثمانية، وبرزت سوريا كفرصة لمساعدته على تحقيق رؤيته" وفق زعمه.
وأكد أن "للأمريكيين والروس والصينيين مصالح مهمة في سوريا، ليست بالضرورة متوافقة، وقد تؤدي لزيادة توتراتهم، وبذلك تتحول سوريا ساحة صراع بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في واقع لا يزال من غير الواضح أين يتجه نظامها الجديد الذي يحاول ترسيخ نفسه، والحصول على دعم العالم، وتعاطفه من خلال الوعود والإيماءات غير المقنعة بما فيه الكفاية في الوقت الراهن، رغم أنه لم ينجح حتى الآن بترسيخ قبضته على السلطة والسيادة الفعلية على كامل الدولة، مما يعني أن عدم استقرارها يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، حيث تلعب تركيا وإسرائيل الدور الأكثر أهمية وتأثيرا".
وأشار أن "إيران فقدت قبضتها على سوريا، وهي أهم أصولها في المنطقة، لكنها تحاول الحفاظ على بعض قبضتها بدعم الجهات الفاعلة السورية مثل العلويين، رغم أنه نفوذ ضئيل محدود، وفي هذه الحالة إذا نجحت تركيا بترسيخ نفوذها وهيمنتها في سوريا، فستتمكن من توسيعه خارجها، وقد تجد نفسها في صراع، حتى لو لم يكن عسكريا بشكل مباشر، مع لاعبين إقليميين آخرين، مع التركيز على إسرائيل والسعودية والإمارات، لكن التهديد الأبرز سيكون على استقرار الأردن".
وزعم أن "مفتاح استقرار سوريا يقع في أيدي تل أبيب وأنقرة، اللتين تدهورت علاقاتهما منذ السابع من أكتوبر لأسوأ مستوى عرفتاه منذ إقامة علاقاتهما قبل سبعة عقود، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بالاحتلال، وشهدت علاقاتهما في السنوات الأخيرة تقلّبات سلبية، بعد عصرها الذهبي في العقود الأخيرة من القرن الماضي وبداية القرن الحالي، وفي واقعها الحالي، يصعب افتراض قدرتهما على التوصل لاتفاقيات ثنائية دون مساعدة خارجية، وهنا يأتي دور الولايات المتحدة، ذات العلاقات الوثيقة للغاية معهما، بحيث تجد لهما طريقة لتقسيم نفوذهما على سوريا بطريقة تضمن مصالحهما الحيوية، وتساعد في استقرار وتشكيل الواقع المستقبلي في سوريا".