إن الصداقة بين توفيق الحكيم وطه حسين قد بلغت أشدها على جبال الألب بفرنسا حيث اجتمعا سويا عام 1936 فى القرية الصغيرة «سالاتش» إحدى قرى جبال الألب الفرنسية التى تتوزع فيها عدة فنادق متوسطة الحال فنزل فى إحداها طه حسين ليلحق به توفيق الحكيم، وأرسل الحكيم رسالة لطه حسين بتواجده فى نفس الفندق التى يجلس فيه، فعرف طه حسين توفيق الحكيم على بعض بالأماكن الجديدة التى لم يكن يعرفها الحكيم، على الرغم بخبرته فى فرنسا وباريس وجنباتها وهو جبل الألب.

وصحمل الحكيم بين يديه ما استطاع من كتب وصحف ومنذ وصوله وهو لا يصمت عن الحديث فى كل شيء وأى شيء ولم يشغله حتى طعام الغداء عن مواصله حديثه من الجبل والمناخ وقراءاته فى الصحف والكتب واخبار النشاط الأدبى فى مصر، وفى إمكانية ترجمة كتابه "شهرزاد" وتجسيدهها وتمثيلها على خشبة المسرح، حتى إذا انتهى الغداء، وصار الحكيم مشغولا بالإعداد للصيد.

ويقول الحكيم على لسان «شهرزاد»: «فى القصر المسحور أنى أعرف هذا الصنف من الرجال انه لم يصطاد لن يصطاد سمكة فى حياته، ولا أحسب أنه يذهب يوميا بحيرة أو نهر إنما هو يخلق فى رأسه كل هذه الرغبات ويعد للوصول إليها ويغمر نفسه فى ذلك الجو الذى ابتدعه خياله حتى اذا كان على بعد خطوة من التنفيذ والحقيقة انهار حلمه ولم يعد يعنيه من اللأمر شيئا».

وعلى الجانب الآخر، فيصف طه حسين فى «القصر المسحور» أيضا توفيق الحكيم الذى رأى الجبل لأول مرة والثلج الأبيض الذى يغطيه لأول مرة فيقول أنه لم يخطر بباله قط أن الجبل الأبيض والثلج الأبيض الذى يغطيه شيء يرى، فلما رآه كاد يخرج من طوره لولا أن تمالك واصطنع الوقار وهو يقسم لنا جهد إيمانه ليصعدن فيه وليبلغن قمته، فإذا صعبنا ذلك قال فى براءة الصبى النقى: «أليس يكفى أن أعدو إليه من الصبح وأعوذ منه حين ينتصف النهار فادرك معكم الغداء».

وهذه مجموع من المداعبات المتبادلة بين طه حسين والحكيم اكتملت فصول كتابهما المشترك «القصر المسحور» الذى كانت فيه شهرزاد هى البطل الذى جمعهما، فقد مات شهريار جليسها وأنيسها فصارت تبحث عن أنيس وجليس، وكلا من طه حسين والحكيم يحاول الفوز بها دون الآخر، وذلك عن طريق كيد كلا منهما للآخر عند «شهرزاد»، فينتهز طه حسين فرصة ليوجه نقده للحكيم عن طريق لسان شهرزاد على كتابه «شهرزاد» الذى قامت بسببه مشكلة عكرت صفو الصداقة بين الأديبين الكبيرين بسبب عدم رضاء طه حسين عن شهرزاد وانتقده بسببها انتقادا كبيرا، أما فى القصر المسحور فقد كان معه رقيقا، شهرزاد فرقت الاثنين حينا وجمعتهما حينا آخر ووضع كل منهما كتابا خاصا عنها، فنجد أن لطه حسين كتب «أحلام شهرزاد»، ووضع الحكيم مسرحيته «شهرزاد» حتى اشتركا معا فى كتاب «القصر المسحور».

ورصدت سهير القلماوى، إحدى تلاميذ طه حسين: أن الأديبين قد تأثرا بشهرزاد الغربية لا العربية بعد أن انتهت قصتها الخرافية أو أسطورتها، لا شهرزاد العربية التى تقبل على الغداء ومعاناتها والتجربة الموحية بكل عجيب من الصراع بالأمل واليأس والخوف والاطمئنان والحب والكره.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: طه حسين توفيق الحكيم شهرزاد طه حسین

إقرأ أيضاً:

محمد الجبالي: معرض اتجاهات يتضمن 40 عمل لـ 10 فنانين من أجيال مختلفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يفتتح جاليرى قرطبة فى السابعة مساء يوم السبت ٥ أكتوبر ، معرض اتجاهات الذى يضم ٤٠ عملا فنيا لـ 10 فنانين تشكيليين من أجيال مختلفة فى مجالات التصوير و الرسم و النحت و الخزف، و يستمر حتى ٢٤ أكتوبر 2024.

ويقول محمد الجبالى، مؤسس جاليرى قرطبة لـ "البوابة نيوز"، إن إسم المعرض جاء من تباين و إختلاف الاتجاهات الفنية المعروضة إلا أنها فى مجملها تكون جملة تشكيلية ثرية و مختلفة، ويتميز العرض بعدة أمور أهمها عرض مجموعة أعمال للفنانة السويسرية الراحلة مارجو فيون و التى عشقت مصر وعاشت فيها حياة حافلة بالفن و الإبداع.

وأضاف: "  أن أعمالها شديدة الندرة لذلك عرض مجموعة أعمال لها يمثل خطوة مهمة فى الوقت الحالى، كما توجد أعمال زيتية للفنان الراحل سامح البنانى الذى تميز بأسلوب خاص فى رسم المناظر الطبيعية اللاند سكيب،  و أعمال للفنان محمد يوسف الذى عرف بقوة التصميم و عنفوان اللون و القدرة على الاختزال بتمكن و براعة و وعى".

وتابع: "و يوجد عملين من الحجم الكبير للفنان د. مصطفى عيسى من مجموعة الجذور التى تناقش قضية الهوية بأسلوب شديد التميز و الخصوصية و تهب على المعرض رياح جنوبية محملة بأعمال الفنان أحمد سليم ابن محافظة أسوان الذى يرصد العادات و التقاليد الجنوبية كالأفراح و الرقصات و التحطيب و غيرها من العادات و الموروثات البديعة”.

وأردف: " و يعرض المعرض أيضا مجموعة لوحات تعرض لأول مرة للفنان سندباد صادق الذى عمل لفترة طويلة فى مجال الدعاية و الإعلان و التصميم و قرر ان يغزو مجال التشكيل بوعى و استفادة من خبراته السابقة فى المجالات الأخرى و كذلك أعمال الفنان مديح طاهر التى تحمل فى طياتها حالة من العفوية و التعبيرية التى تثير العديد من التساؤلات و أخيرا من جيل الشباب تأتى أعمال الفنان الواعد بدر الشروانى مفاجأة بكل المقاييس فهو رغم حداثة سنه يمتلك خبرة و رصانة الكبار فى الأداء و التكوين و اللون من خلال بالتة شديدة الخصوصية و أسلوب خاص يجعل له صوت متفرد. و فى مجال النحت يعرض الفنان المتميز سامح بكر تمثالين بخامة البرونز من أحدث انتاجه".

واختتم: "و تمثال كبير من البرونز يعد إضافة للمعرض من حيث الحجم و قوة البناء و التلخيص و الحالة الفنية للعمل و فى مجال الخزف يعرض الخزاف عبد الفتاح شملول مجموعة أوانى و أطباق خزفية من أحدث إنتاجه. و الملفت فى هذا العرض انه رغم تعدد الاتجاهات الفنية تنوعها الا انها تتعايش مع بعضها البعض لتكون جملة بصرية مختلفة و متفردة".

مقالات مشابهة

  • العالم يعيش أفلام سينما الحروب المرعبة
  • السحر فى واقعنا المعاصر
  • الهوية الوطنية حائط الصد الأول فى مواجهة الحروب الفكرية
  • مجتمع النفايات الفكرية «٤»
  • برغم القانون حقوق المرأة على مائدة الدراما المصرية
  •  «الإجراءات الجنائية» دستور الحقوق والحريات
  • محمد الجبالي: معرض اتجاهات يتضمن 40 عمل لـ 10 فنانين من أجيال مختلفة
  • غزة ولبنان.. جرائم أمريكية
  • 10 أفلام ..انتعاشة سينمائية على أبواب شباك التذاكر
  • محمد مغربي يكتب: كيف تحدت «هواوي» قرارات الحظر الأمريكية؟