غارة إسرائيلية تقتل حلم اللاعبة اللبنانية سيلين حيدر
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
نواف السالم
تحول حلم سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، في لحظة واحدة، التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها، لترقد على أثرها بدون حراك فى سرير المستشفى.
سيلين لاعبة موهوبة رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لكن شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، عكر صفو ذلك، ليبقى فى الأصداء صوت والدتها، سناء شحرور، يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».
لكن الأمل لم يختفى وسط الألم، حيث تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، ومنظمين لحملات لتلك البطلة، التي يترقب الجميع اللحظة التي تستيقظ فيها لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.
تسرد والدتها، سناء شحرور ، في ظل ظروفٍ مأساوية، ، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل، رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد، وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.
بدأت القصة عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب، وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة، بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك»، دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.
لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف، شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى، اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».
وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس، المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».
رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة، أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».
نظم زملاء سيلين حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلي
في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: بيروت سيلين حيدر غارة
إقرأ أيضاً:
مجلة إسرائيلية: دياب قاد معركة إنقاذ الشيخ جراح والآن يواجه الطرد
بعد أكثر من عقد من المعارك القانونية، قضت محكمة إسرائيلية بأن المستوطنين يمكنهم الاستيلاء على منزل صلاح دياب مدى الحياة، لكنه يرفض التخلي عن منزله.
ونشرت مجلة 972 الإسرائيلية تقريرا عن قرار محكمة إسرائيلية بطرد 22 فردا من عائلة دياب من عقاراتهم بحي الشيخ جراح في القدس، ورفض القاضي استئنافهم ضد حكم صادر عن محكمة الصلح في 2022.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: "حملة مدمرة" تطال التعليم الجامعي في أميركاlist 2 of 2ليبراسيون: استخدام فرنسا الأسلحة الكيميائية بالجزائر قررته أعلى مستويات الدولةend of listوتحدث التقرير عن صلاح دياب (53 عاما) أحد أفراد العائلة، الذي ظل يقود احتجاجات الحي، ويعرفه كل من شارك في المظاهرات هناك، حتى أصبح شخصية بارزة في النضال ضد جهود الجماعات الاستيطانية الإسرائيلية والحكومة لتهويد المنطقة.
بدون مأوى
وبعد شهرين تقريبا من الآن، يقول التقرير إن صلاح دياب قد يصبح بدون مأوى، ونقل عنه قوله "لا نريد أبراجا فاخرة، ولا نريد الملايين، نريد فقط البقاء في منزلنا ونعيش حياتنا، يريدون طرد الحي بأكمله وتدميره وبناء منازل للمستوطنين".
وحتى الآن، وخلال سنوات من الإجراءات القانونية الشاقة، تمكنت الأسرة من وقف إخلائها، حتى عندما نجح المستوطنون في طرد عائلتين من الحي في عامي 2017 و2022 على التوالي.
وكانت الاحتجاجات قد بلغت ذروتها في مايو/أيار 2021 كجزء من الانتفاضة الفلسطينية الجماهيرية المعروفة باسم "انتفاضة الوحدة"، عندما قضت محكمة إسرائيلية بطرد 13 عائلة من بيوتها لصالح المستوطنين.
إعلانودياب ليس غريبا عن نظام العدالة الإسرائيلي. لقد نسي عدد المرات التي اعتُقل فيها على مر السنين خلال الاحتجاجات، لكنه يقدر أنها تتراوح بين 25 و30 مرة. في عام 2015، قضى 5 أشهر في السجن بتهم ملفقة بالاعتداء، وفي احتجاج قبل 3 سنوات، كسر ضباط الشرطة ساقه، قال "مع كل ما مررت به، أشعر أنني عشت ألف عمر".
تمييز قانونيوفي السنوات الأخيرة، سعت مجموعات المستوطنين مثل "نهالات شمعون" إلى استخدام حقيقة أن الأرض كانت مملوكة سابقا من قبل الصناديق اليهودية، كذريعة لما يصفونها باستعادة الممتلكات هناك.
وتذكر المجلة أن المنازل في هذا الجزء من الشيخ جراح بُنيت جميعها خلال فترة الحكم الأردني، بين عام 1948 واحتلال إسرائيل القدس الشرقية في 1967، والقانون الإسرائيلي بذلك يقف إلى جانب السكان الفلسطينيين.
وأوضح دياب "ولدت أمي وأبي في يافا، بحي العجمي، وكان لجدتي مقهى بجانب البحر. يدّعي المستوطنون والسياسيون الإسرائيليون أن هذه الأرض ملكهم، وأنهم اشتروها في القرن الـ19! حسنا، بنفس المنطق، يجب أن يعيدوا لنا منازلنا في يافا وحيفا والقدس الغربية. يمكن لليهودي أن يطلب ممتلكاته في أي مكان، لكننا لا نستطيع ذلك.. هذا تمييز".
وبعد الحكم الأخير، يخطط دياب لتقديم استئناف آخر، هذه المرة أمام المحكمة العليا. وسيتعين عليهم دفع ما يعادل حوالي 5500 دولار من النفقات القانونية لنهالات شمعون في المحكمة، بالإضافة إلى حوالي 22000 دولار أمروا بدفعها لمجموعة المستوطنين من قِبل محكمة الصلح.
المظاهرات والاحتجاج
تتابع المجلة أن دياب ظل متمسكا بأسلوب المظاهرات والاحتجاج اعتقادا منه بأنه يمكن أن يوقف المزيد من عمليات الطرد، ويشير بفخر إلى تباطؤ عمليات الإخلاء في الحي منذ بدء الاحتجاجات في عام 2009.
"لا يهمني عدد الأشخاص الذين يأتون إلى الاحتجاج -يقول دياب- أنا أهتم باستمرار الاحتجاجات"، ويوضح "لقد كانت ناجحة للغاية لنحو 16 سنة على التوالي. عندما كنت في السجن، استمروا بدوني. لا أريد أن أكون رمزا، أنا مجرد شخص بسيط، أريد أن أعيش في منزلي مثل أي شخص آخر".
إعلانوسُلط الضوء على المظاهرات في الشيخ جراح في وسائل الإعلام العالمية خلال مايو/أيار 2021 عندما كان الشباب الفلسطيني يتجمعون كل مساء للاحتجاج على أوامر الإخلاء الجديدة، مما أدى إلى قمع الشرطة الوحشي وإثارة غضب السياسيين اليمينيين المتطرفين.
وقام إيتمار بن غفير، الذي كان حتى وقت قريب وزيرا للأمن القومي الإسرائيلي قبل استقالته بسبب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مرارا وتكرارا بإنشاء مكتب برلماني مزيف في الفناء الأمامي لمنزل كان من المقرر إخلاء سكانه الفلسطينيين.
طوفان الأقصىلكن بعد هجوم طوفان الأقصى، توقفت المظاهرات الأسبوعية. قال دياب "أغلقت السلطات الإسرائيلية كل شيء، أخشى على شعبنا أن يأتي مستوطن ويطلق النار على الجميع. اليوم، كل من يتحدث عن السلام أو العدالة أو الحقيقة يعتبر خائنا، حقيقة توقف الاحتجاجات يساعد السلطات والمستوطنين على تجاوز العديد من الأشياء تحت الرادار".
وأوضح دياب أنه في ظل الهجوم الإسرائيلي على غزة، أصبحت حياة الفلسطينيين في القدس صعبة للغاية. "لا يُسمح لنا بالتحدث، ولا يسمح لنا بالاحتجاج على اللصوص والكذابين والعنصريين. اليوم، لا يوجد قانون في هذا البلد، كما حدث في أيام النكبة عام 1948، فالمستوطنون يأخذون السلطة بأيديهم، والشرطة والحكومة تغض الطرف".
لكن دياب لا يزال يأمل في إحياء الصراع. قال "أفكر في الأمر كثيرا، أنا أبحث عن الوقت المناسب، لكن أولا وقبل كل شيء، إن شاء الله، يجب أن يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار في غزة. لا أحد يستفيد من الحروب باستثناء صناعة الأسلحة. كل قطرة دم هي مضيعة".
إلى مزبلة التاريخفي عام 2018، خلال فترة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، كان يخشى دياب أنه بدعم من ترامب، ستحصل الحكومة اليمينية الإسرائيلية، جنبا إلى جنب مع المحكمة العليا والمستوطنين، على الضوء الأخضر للاستيلاء على العقارات في حي الشيخ جراح مرة أخرى، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يعتقد دياب أن الخطر قد عاد.
إعلانوبعد أن اعترف ترامب رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، يتذكر دياب "ذهبت إلى احتجاج، ورفعت العلم الفلسطيني، وهاجموني، قائلين إنه ممنوع. شعرت أن الأميركيين كانوا شركاء في الاحتلال الإسرائيلي. الآن، هذا مؤكد بنسبة مليون بالمائة. انظروا إلى ما يحدث في جنين، وطولكرم، والخليل، يتحدثون عن السلام، وفي الوقت نفسه يقومون بقتلنا".
يعلم دياب أن أقصى ما يمكن أن يأمل فيه من استئناف الأسرة أمام المحكمة العليا هو أمر قضائي مؤقت بتجميد الإخلاء، لكنه لا يزال متفائلا. وقال "في النهاية، سنبقى هنا، وسيذهب الاحتلال إلى مزبلة التاريخ".