في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2024، حل الضيف الأميركي الذي لطالما انتظره جيش الاحتلال الإسرائيلي. هذا الضيف لم يكن عضو كونغرس أو وزير الخارجية الأميركي كما جرت العادة، بل منظومة دفاع صاروخي اسمها "ثاد"، وهي المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى في إطار سعي واشنطن للدفاع عن إسرائيل أمام الصواريخ الباليستية الإيرانية.

تأتي هذه المنظومة ضمن الحزمة العسكرية والمالية واللوجستية الضخمة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت. وفي حين أن أميركا التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق من الدَّين الوطني هي مَن تتكفل ماديا بهذه الحزمة، فإن مَن يجني أرباح هذا التعاون والدعم الأميركي غير المحدود هي شركات الأسلحة الأميركية الكبرى، التي وصلت أرباحها هي الأخرى إلى مستويات قياسية، وعلى رأسها شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية التي تقف وراء صناعة منظومة "ثاد" للدفاع الصاروخي، وغيرها من الأسلحة الفتاكة مثل "إف-16″ و"إف-35".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تتصارع عليها الدول بشراسة فما أقوى منظومات الدفاع الصاروخي عالميا؟list 2 of 2في مواجهة "ثاد" كيف تخطط إيران لاختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية؟end of list

ففي عام 2023، تصدرت شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية قائمة شركات الصناعات الدفاعية الأكثر مبيعا على مستوى العالم في العام المالي 2023، حيث بلغت مبيعات الشركة 64.6 مليار دولار أميركي مقارنة بـ63.3 مليار دولار في عام 2022، مع أرباح بلغت 6.9 مليارات دولار ونسبة نمو 2%، ويتوقع أن تختتم الشركة هذا العام بنسبة أرباح قياسية أخرى.

في المقابل، حققت شركة الصناعات الدفاعية الأوكرانية أعلى نمو بين الشركات الدفاعية في العام ذاته، حيث بلغت نسبة النمو 72% مع مبيعات تقدّر بـ2.2 مليار دولار، فيما لم تظهر في القائمة أية شركة روسية أو يابانية، بسبب رفض هذه الشركات -وحكوماتها أيضا- الإفصاح عن البيانات المتعلقة بمبيعاتها في عام 2023.

وعموما، استطاعت أكثر من ثلاثة أرباع الشركات المدرجة في قائمة أفضل 100 شركة لهذا العام أن تحقق ارتفاعا في إيراداتها الدفاعية، فيما شهد إجمالي إيرادات الدفاع للدول المصنّفة، أي التي يمكن الوصول إلى بياناتها فيما يخص عمليات بيع وشراء الأسلحة ارتفاعا بنسبة 13% عن عام 2022.

يعكس هذا النمو زيادة الإنفاق الدفاعي من قِبَل الدول في مختلف أنحاء العالم، ويأتي ذلك في خضم الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فضلا عن التوترات القائمة في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

مروحية بلاك هوك من إنتاج لوكهيد مارتن (أسوشيتد برس) الطيران هو البداية

تأسست "لوكهيد مارتن" عام 1995 إثر اندماج شركتَيْ "لوكهيد" و"مارتن ماريتا"، وهما ثاني وثالث أكبر شركات الصناعة الدفاعية الأميركية في ذلك الوقت. وفي عام 1996، استحوذت الشركة على وحدة الإلكترونيات وأنظمة الدفاع من مؤسسة "لورال" الأميركية في صفقة بلغت قيمتها 9.1 مليارات دولار.

المفارقة أن كلًّا من الشركتين (لوكهيد ومارتن) تأسس في العام ذاته وهو عام 1912، مثلما أن بداية كلٍّ منهما تعلّقت باستثمارات الطيران والنقل الجوي، حيث كان بناء تصاميم للطائرات العائمة نموذج "جي" هو أول مشاريع "لوكهيد"، التي تأسست على يد الشقيقين آلان ومالكوم لوغهيد، وعُرفت في بداياتها باسم "شركة ألكو للطائرات المائية". وبشكل مماثل، تأسست "مارتن" على يد رائد الطيران الأميركي غلين مارتن بغرض المساهمة في صناعة الطيران.

ومع ذلك، سرعان ما تقدمت الشركتان نحو تطوير المعدات الدفاعية والأنظمة الصاروخية على حساب الاهتمام بصناعة الطيران التجاري. شركة "مارتن" على وجه الخصوص بادرت مبكرا إلى ذلك، حيث زوّدت الجيش الأميركي بقاذفة القنابل طراز "إم بي 1" عام 1918 مع نهاية الحرب العالمية الأولى، بينما أتى تعاون "لوكهيد" الأول مع الجيش الأميركي في خضم الحرب العالمية الثانية، تحديدا عام 1940، من خلال تطوير المقاتلة الاعتراضية "بي 38″، ثم تطوير المقاتلة "بي-80 شوتنج ستار" التي تُعد أول مقاتلة نفاثة تدخل إلى الخدمة التشغيلية، وذلك عام 1945.

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت "لوكهيد" هي المطوّر الرائد في صناعة الطيران العسكرية الأميركية، حيث قامت بتزوّيد الجيش الأميركي بطائرات عدة، أبرزها مقاتلة "إف 104 ستار فايتر" خفيفة الوزن التي كانت أول طائرة عاملة قادرة على التحليق بسرعات تفوق ضِعْف سرعة الصوت (أكثر من ماخ 2)، كذلك طائرة الاستطلاع بعيدة المدى ذات المحركين طراز "بلاك بيرد إس آر 71″، وطائرة التجسس "يو 2" عالية الارتفاع التي استطاعت التحليق فوق الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة، إضافة إلى إطلاق أول طائرة شبحية في العالم من خلال النموذج التجريبي "هاف بلو" عام 1977، الذي تُوّجت أبحاثه بتطوير الطائرة الشبحية "نايت هوك إف 117" عام 1981.

قدَّمت "لوكهيد" أيضا طائرة نقل القوات والإمدادات "سي 130" التي عُدَّت طفرة في هذا المجال، بعدما أظهرت الحرب الكورية أن وسائل النقل الجوية الأميركية ليست ملائمة لأنواع المهام القتالية التي واجهها الجيش الأميركي آنذاك، حيث كانت بعض طائرات النقل المستخدمة من قِبَل الجيش الأميركي مقيدة بأوزان محددة، مما منعها عن نقل إمدادات ضخمة أو أعداد كبيرة من الجنود، فيما احتاج البعض الآخر إلى مدرجات إقلاع وهبوط أطول من المتوفر.

في المقابل، شقَّت "مارتن" طريقها بعيدا عن قطاع الطيران منذ حقبة الخمسينيات، بعدما مُنيت فيه بخسائر كبيرة، وفضَّلت الاتجاه إلى الاستثمار في القطاع الفضائي وتطوير أنظمة الصواريخ الباليستية، من خلال حصولها على عقد برنامج "فانغارد" الذي استهدف وضع قمر صناعي أميركي في مدار الأرض، ثم نيلها عقدا آخر من القوات الجوية الأميركية لبناء الصاروخ الباليستي العابر للقارات "تيتان"، وهي المجالات التي استهدفتها الولايات المتحدة آنذاك، في محاولة اللحاق بالاتحاد السوفيتي الذي سبق أميركا في المجالين.

بدورها، دخلت "لوكهيد" إلى مجال تطوير أنظمة الصواريخ في هذه الأثناء، ونجحت في إنتاج أجيال عدة من الصواريخ الباليستية لصالح قوات البحرية الأميركية، من ضمنها صواريخ "بولاريس" و"ترايدنت"، كما توسعت الشركة في الاستثمار في تطوير أنظمة الفضاء والأنظمة البحرية، وكانت المسؤولة عن بناء وتكامل أنظمة تلسكوب هابل الفضائي.

ومع ذلك، ظلَّت الأعمال المتعلقة بصناعة الطيران والخدمات ذات الصلة تُمثِّل أكثر من 50% من مبيعات "لوكهيد"، حيث سعت الشركة إلى زيادة خطوط إنتاجها من الطائرات العسكرية عبر استحواذها على وحدة "فورت وورث" التابعة لشركة "جنرال ديناميكس"، التي كان منتجها الرئيسي مقاتلة "إف 16" الشهيرة، ولا تزال أحد الأعمدة المهمة في مبيعات الشركة.

التوجه لزيادة مبيعات "إف 16" قد يكون أحد الحلول لتغطية انخفاض مبيعات قطاع طيران "لوكهيد مارتن" خلال العام الحالي. (غيتي) "إف 16" تنقذ الموقف

في الوقت الحالي، تدير الشركة 4 قطاعات أعمال رئيسية، وهي الطيران، والتحكم في الصواريخ والنيران، والأنظمة الدوّارة، إضافة إلى قطاع الفضاء. ولا يزال قطاع الطيران هو الأعلى مبيعا بين قطاعات الشركة، حيث مثَّل 41% من إجمالي إيرادات "لوكهيد مارتن" عام 2023 بقيمة بلغت 27.5 مليار دولار.

وفق ذلك، استطاع قطاع الطيران أن يتجاوز مبيعات عام 2022 بنحو نصف مليار دولار، رغم انخفاض مبيعات مقاتلة الجيل الخامس "إف 35" خلال عام 2023 بمقدار 275 مليون دولار، وكذلك انخفاض الأرباح التشغيلية لبرنامج المقاتلة رابتور "إف 22″، لكن ذلك عُوِّضَ من خلال زيادة في عقود التطوير والاستدامة بمقدار 180 مليون دولار، وكذلك زيادة الطلب على طائرة "إف 16" بمقدار 65 مليون دولار.

انخفاض مبيعات "إف 35" كان نتيجة لتأخر عمليات التسليم عن جدولها المحدد، وهو الأمر القابل للتكرار في العام الحالي، حيث يُتوقع أن تقوم الشركة بتسليم ما بين 75-110 مقاتلة فقط في 2024، أي بانخفاض قد يصل إلى 50% من المستهدف البالغ 150 مقاتلة سنويا، وذلك بسبب التحديث الجديد لبرمجيات النظام المعروف باسم "تي آر 3″، الذي اتضح أن تعيينه يتطلب وقتا أطول من المتوقع، مما يعني أن التوجه لزيادة مبيعات "إف 16" قد يكون أحد الحلول لتغطية انخفاض مبيعات قطاع طيران "لوكهيد مارتن" خلال العام الحالي.

جدير بالذكر أن الحكومة الأميركية قررت في وقت سابق تسليم الجيش الأوكراني طائرات "إف 16" بغرض مساعدته في منع التقدم الروسي على الأرض الأوكرانية. وتشير التقارير إلى أن الدفعة الأولى من الطائرات قد وصلت إلى كييف بالفعل، فيما يؤكد الخبراء أن ترسانة أوكرانيا الجوية بحاجة إلى نحو 216 طائرة من مقاتلات "إف 16" لصناعة الفارق في أرض المعركة، الأمر الذي من شأنه أن يغذي مبيعات "لوكهيد" مارتن خلال الأعوام القادمة.

في السياق ذاته، وافقت وزارة الخارجية الأميركية في يناير/كانون الثاني الماضي على صفقة بقيمة 23 مليار دولار مع الحكومة التركية، تتضمن شراء تركيا لـ 40 مقاتلة "إف 16" مع المعدات ذات الصلة بالطائرة، إضافة إلى تحديث 79 مقاتلة تمتلكها أنقرة من الطراز ذاته.

إضافة إلى ذلك، وقّعت بلغاريا عقدا لشراء 16 مقاتلة "إف 16″، ومن المتوقع أن تتلقى صوفيا الدفعة الأولى البالغة 8 مقاتلات في العام القادم. وعن ذلك تقول وزارة الدفاع البلغارية إن قواتها الجوية تواجه صعوبة في تنفيذ مهام مراقبة المجال الجوي بسبب نفاد مخزون موارد طائرة "ميج 29" الروسية التي تمتلكها بلغاريا حاليا، لذلك تُشكِّل طائرة "إف 16" أهمية بالغة لأمن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، خصوصا مع استمرار الحرب الأوكرانية.

ويأتي قطاع الأنظمة الدوارة وأنظمة المهام في المرتبة الثانية بعد قطاع الطيران في "لوكهيد مارتن" من حيث المبيعات، وقد مثَّل القطاع نسبة 25% من مبيعات الشركة عام 2023 بقيمة بلغت 16,23 مليار دولار. القطاع مسؤول عن تطوير وصيانة المروحيات العسكرية والتجارية والسفن، وأنظمة الدفاع الصاروخي البحرية والبرية، إضافة إلى أنظمة الرادار، وحلول المحاكاة والتدريب، والأمن السيبراني.

ومقارنة بعام 2022، حقق القطاع نموا بنسبة 1% نتيجة زيادة حجم مبيعات أنظمة برامج الحرب المتكاملة وأجهزة الاستشعار (IWSS) المستخدمة في برنامج "أيجيس" (Aegis)، وهو نظام إدارة قتالي مركزي وآلي القيادة، يربط بين أجهزة الاستشعار والشبكات والأسلحة المختلفة فوق سطح القطع البحرية، مما يُمكِّنه من كشف التهديدات وإزالتها بصورة آلية من خلال نظام دفاع صاروخي باليستي.

وبحسب ميزانية وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية، تم الانتهاء من إعداد 49 سفينة تابعة للبحرية الأميركية بنظام "أيجيس" بحلول ديسمبر/كانون الأول 2023، فيما تُخطط البحرية لإضافة 7 سفن أخرى خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن يصل عدد السفن المجهزة بالنظام إلى 69 سفينة بحلول عام 2030.

وبخلاف الولايات المتحدة، بِيعَ "أيجيس" إلى دول حليفة عدة هي: اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وإسبانيا والنرويج. وبينما يخلو النظام الذي بِيعَ إلى هذه الدول من القدرة على استخدام الصواريخ الباليستية الاعتراضية، فإن واشنطن سمحت لليابان فقط بامتلاك هذه القدرة، مما يعكس مخاوف واشنطن من النمو المتصاعد للبحرية الصينية، ورغبتها في وجود حليف يُعتمد عليه في ردع سيطرة الصين على المحيطين الهندي والهادي.

المنافس القادم من الصين

اعتلاء "لوكهيد مارتن" قائمة شركات الصناعات الدفاعية الأعلى مبيعا العام الماضي لا يعكس الأداء المتوقع منها وفق آراء الخبراء الماليين، حيث يشير هؤلاء إلى أن الشركة واجهت عاما صعبا، علاوة على ذلك، فإن مؤشرات العام الحالي بشأن الاستثمار في أسهم الشركة تعكس حالة أكبر من عدم اليقين.

في المقابل، تُظهر القائمة حضورا قويا لشركة صناعة الطيران الصينية (AVIC) التي تحتل المرتبة الثانية في القائمة، وحققت مبيعاتها الدفاعية نموا قدره 45% بين عامي 2022-2023، إذ بلغت قيمة هذه المبيعات في العام الماضي نحو 45 مليار دولار، بزيادة قدرها 14 مليار دولار عن العام الذي يسبقه.

وهذه الشركة الصينية مملوكة بالكامل من قِبَل الدولة، وتُشرف عليها لجنة الإشراف على الأصول المملوكة للدولة الصينية، وهي لجنة تابعة لمجلس الدولة الصيني، وهو ما يعتبره "جيمس تايكليه"، المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "لوكهيد مارتن"، تهديدا يمكن أن يقلص أو يتغلب على الهيمنة العسكرية والتقنية الأميركية، نظرا لأن قوة الحكومة "الاستبدادية في الصين"، وفق تعبيره، تستغل الاندماج المدني العسكري والصناعة التجارية لتعزيز مؤسساتهم العسكرية والدفاعية.

جدير بالذكر أن المبيعات التجارية (خارج إطار مبيعات الدفاع) لشركة صناعة الطيران الصينية بلغت 75 مليار دولار في عام 2023.

أما هذا الصدام بين "لوكهيد مارتن" وشركة صناعة الطيران الصينية ممتد الجذور، حيث أفادت تقارير عدة في عام 2009 أن مجموعة قرصنة سيبرانية صينية استطاعت الوصول إلى بيانات تتعلق بتصميم وأنظمة إلكترونيات المقاتلة "إف 35" المطوّرة من قِبَل "لوكهيد مارتن"، فيما أشارت تقارير تالية إلى أن شركة صناعة الطيران الصينية استخدمت هذه البيانات في تطوير مقاتلاتها من طراز "تشنغدو-جي 20" وطراز "شنيانغ إف سي 31".

ومع ذلك، تضم جعبة "مارتن" صفقات عدة مع الحكومة الأميركية من شأنها أن تحفظ وجودها على رأس قائمة الشركات الدفاعية الأكثر مبيعا في السنوات المقبلة. وبخلاف برنامج تطوير المقاتلة الضاربة المشتركة الذي تبلغ قيمته 250 مليار دولار، وبرنامج دعم عمليات أسطول "إف 35" بقيمة 6.6 مليارات دولار، الذي يتضمن إدارة سلاسل التوريد وصيانة المستودعات وتحليل البيانات، حصلت الشركة من الجيش الأميركي على عقد بقيمة محتملة تبلغ 4.4 مليارات دولار، مقابل تسليم 135 وحدة من المروحية العسكرية "سيكورسكي بلاك هوك".

إضافة إلى ذلك، تشير تقارير مبيعات الربع الأول من العام الحالي إلى زيادة مبيعات الشركة بنسبة 14% مقارنة بالفترة ذاتها في العام السابق، فيما يتصدر قطاع الصواريخ والتحكم في النيران هذه الزيادة، بنسبة نمو بلغت 25% مع مبيعات تتجاوز 3 مليارات دولار.

أما هذا التحسن في مبيعات القطاع فمردّه، كما هو معلوم، عائد لزيادة الإمدادات العسكرية التي ترسلها واشنطن إلى كلٍّ من إسرائيل وكييف، حيث تُصنّع "لوكهيد مارتن" صواريخ "هيلفاير AGM-114" لطائرات الأباتشي الإسرائيلية، وهي أحد أنواع الأسلحة التي استُخدمت على نطاق واسع في قصف غزة، وقد تسلَّم جيش الاحتلال نحو 2000 صاروخ منها في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فيما أعلنت واشنطن في يونيو/حزيران الماضي عن صفقة أخرى تضمنت تسليم 3000 صاروخ من الطراز ذاته.

مبيعات الشركة إلى إسرائيل خلال تلك الفترة تضمنت أيضا 100 قنبلة فراغية خارقة للتحصينات طراز "BLU-109″، فيما تؤكد التقارير استخدام جيش الاحتلال في هجماته على غزة نظام إطلاق الصواريخ المتعددة "M-270" من تطوير "لوكهيد مارتن"، وهو نظام يعتمد على صواريخ موجهة متعددة الإطلاق من طراز (GMLRS) تقوم الشركة أيضا بإنتاجها.

أما على مستوى الحرب الأوكرانية، فقد انضمت إلى كييف مؤخرا وحدات جديدة من منصة الصواريخ المدفعية عالية الحركة "هيمار"، وهو نظام من تطوير "لوكهيد مارتن"، وبإمكانه حمل 6 صواريخ، فيما يبلغ مداه 80 كيلومترا.

ولتأكيد ذلك، أشارت "لوكهيد مارتن" إلى أنها بصدد مضاعفة إنتاج أنظمة "هيمار" خلال العام الحالي، وذلك لتلبية الاحتياجات المتزايدة بسبب الحرب الأوكرانية. في المقابل، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في وقت لاحق أن منطقة كورسك تعرضت للمرة الأولى لقصف بقاذفات صواريخ غربية الصنع، يُرجَّح أنها من طراز "هيمار"، خلال شهر أغسطس/آب الجاري.

استفادة "مارتن" من الحرب الأوكرانية امتدت أيضا إلى أنظمة صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، حيث أشارت الشركة إلى أنها بصدد زيادة إنتاجها إلى 2400 وحدة سنويا، كما تتوقع أن تزداد الحاجة إلى النظام بحلول عام 2026 لتصل إلى قرابة 4000 وحدة سنويا.

إضافة إلى ذلك، سوف تسلم الشركة أكثر من 10 آلاف صاروخ من طراز (GMLRS) خلال العام الحالي، وذلك لإرسالها إلى ساحة القتال في أوكرانيا، كما تهدف إلى زيادة الإنتاج ليصل إلى 14 ألف صاروخ في العام المقبل، بغرض تلبية الاحتياجات المتصاعدة للحرب الأوكرانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أبعاد الصواریخ البالیستیة خلال العام الحالی الحرب الأوکرانیة الجیش الأمیرکی انخفاض مبیعات مبیعات الشرکة ملیارات دولار لوکهید مارتن قطاع الطیران ملیار دولار فی المقابل إضافة إلى فی العام من خلال أکثر من من ق ب ل إلى ذلک من طراز إلى أن عام 2023 فی عام عام 2022 التی ت

إقرأ أيضاً:

أميركا تغلي غضبًا.. ماذا يُخيف الناس في إمبراطورية ماسك؟

هل يعيد التاريخ نفسه؟ شركات تسيطر وتحكم العالم؟ لا بدّ أن هذه حقيقة تترسخ الآن.

في عام 1600 بدأت شركة الهند الشرقية البريطانية بالحصول على حقوق حصريّة لنقل السلع التجارية من جنوب وشرق آسيا إلى أوروبا، ثم حصلت تدريجيًا على سلطات شبه حكومية، وانتهى بها المطاف إلى الحكم بقبضة حديدية على المستعمرات البريطانية في آسيا، بما في ذلك الهند. في عام 1677 حصلت الشركة على الحق في سكّ العملة نيابة عن التاج الملكي.

ما استغرق وقتًا طويلًا في الحقبة الاستعمارية، يتكرّر الآن بسرعة البرق. القوة الغاشمة لشركة الهند التجارية التي حكمت الهند باسم الإمبراطورية، وأسست جيشها الخاص، تحذو حذوها اليوم شركات كبرى تسيطر على تقنيات الاتصالات، وأتيح لها الوصول إلى البيانات والنظم المالية الرقمية في الولايات المتحدة، ليسيطر أصحاب النفوذ الرقمي تدريجيًا على الولايات المتحدة، ثم على العالم.

قد يرى البعض في ذلك الرأي محض أوهام، لكن ما يجري الآن في الولايات المتحدة على يد أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، وبتفويض واسع، ليس إلا تفكيكًا للحكومة التقليدية هناك لتحل محلها حكومة رقمية تعتمد على كبريات شركات تكنولوجيا المعلومات بصورة واسعة، تحت دعوى ضغط الإنفاق الحكومي لتوفير تريليوني دولار من الموازنة الفدرالية، ورفع كفاءة الأداء الحكومي.

إعلان

وشيئًا فشيئًا، تضعف الدولة الأميركية أمام سطوة ونفوذ الشركات الرقمية التي تستخدم تقنيات متسارعة في الذكاء الاصطناعي لنرى مستقبلًا "مواطنة رقمية" ينتمي فيها المواطن لهذا الفضاء وسيكون ولاؤه له، ويحمل جواز سفره.

يقود إيلون ماسك تحركات للاستيلاء على السلطة بالمعنى الذي سبق شرحه. فداخل إمبراطوريته التجارية، شركات لديها عقود مع الحكومة الفدرالية وتخضع للوائح الحكومية.

تعمل سبيس إكس، وتسلا، وشركة حفر الأنفاق، وشركة علوم الدماغ، وشركة الذكاء الاصطناعي، في أسواق خاضعة للرقابة الحكومية، التي أصبح المطلوب الآن الحد من دورها.

ومن المهم له – وقد امتلك الفرصة – تفكيك هذه الوكالات الحكومية التي قيدت أعماله. فقد حققت الإدارة الوطنية للسلامة وأخضعت نظام الطيار الآلي لشركة تسلا للفحص، وعاقبت لجنةُ الأوراق المالية والبورصة إيلون ماسك على التغريدات التي تحرّك السوق. كما قيدت اللوائح البيئية أنشطة سبيس إكس.

ويكمن الخطر الأكبر في النفوذ غير المسبوق الذي بات يتمتع به إيلون ماسك على البيانات الرقمية الحساسة، وعلى رأسها أنظمة الدفع الحكومية الأميركية، وأرقام الضمان الاجتماعي، ووثائق ضريبة الدخل. وقد بدأ بالتدخل مباشرة عبر مكتب الخدمات المالية، الذي يشرف على إدارة نحو 5 تريليونات دولار، تشمل مدفوعات الضمان الاجتماعي، وخدمات الرعاية الطبية، واسترداد الضرائب، ورواتب الموظفين الفدراليين.

أرسل ماسك فريقه الفني للسيطرة على نظام أتمتة الدفع، ونظام الدفع الآمن، ما أدّى إلى استقالة ديفيد ليبريك، أحد كبار مسؤولي الخزانة الأميركية.

وأثار ذلك موجة ذعر داخل المؤسسات الحكومية، تبعها طوفان من الإقالات الجماعية عبر البريد الإلكتروني، فيما استقال 21 موظفًا آخرون تحت وطأة الضغوط، بعدما طُلب منهم استغلال خبراتهم في "تفكيك الخدمات العامة الحيوية".

إعلان

استهدفت إدارة "الكفاءة الحكومية" التي يقودها إيلون ماسك تفكيك مؤسسات الحكومة الفدرالية، واحدة تلو الأخرى، وكان من أبرزها وكالة التنمية الأميركية، التي تُعد أداة أساسية في سياسة الولايات المتحدة لضمان وصول المساعدات إلى الدول والمجتمعات الأشد احتياجًا.

ورغم أن محكمة فدرالية حاولت الحد من هذا المسار، فإن تفكيك الوكالة يمهد الطريق أمام بديل رقمي، يتمثل في استخدام البيانات الضخمة التي تمتلكها الشركات الرقمية عن ملايين البشر حول العالم.

هذا النموذج الرقمي يتيح الوصول السريع والمباشر إلى الفئات الأكثر ضعفًا وتأثيرًا في أي دولة، مما يسمح بتنفيذ الأجندات الأميركية بكفاءة أكبر وكلفة أقل. هذه هي الرؤية التي يعمل ماسك على تحقيقها.

انطلاقًا من هدفه لتسريح جيش الموظفين، يسعى إيلون ماسك إلى إعادة هيكلة الإدارة الفدرالية عبر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وقد أسس نظامًا متكاملًا يستخدم هذه التقنية لتحليل البيانات، واستخلاص النتائج، ورصد التحولات الاقتصادية، وتحديد مواطن الضعف داخل المؤسسات الحكومية، بل وحتى التنبؤ بسلوك الناخبين. كل ذلك يجري تحت إشراف وسيطرة كبرى شركات التكنولوجيا، ما يمنحها نفوذًا استثنائيًا يؤهلها لأن تصبح القوة الحاكمة الفعلية في العالم.

انقلاب العملة المشفرة؟

ينخرط إيلون ماسك بعمق في عالم العملات المشفرة. ويبدو أنه يقود إستراتيجية منسقة تهدف إلى إحكام السيطرة على السياسة المالية والاقتصادية الأميركية، مما ينقل مقاليد القوة إلى نخبة ضيقة من أصحاب النفوذ.

تكمن الخطورة – وربما العبقرية – في أن ملامح هذه الخطة تبدو، كلًّا على حدة، مبررة ومنطقية: من تحديث الأنظمة الحكومية، إلى تحسين الكفاءة، وتطوير البنية التحتية لعمليات الدفع. لكنها، مجتمعةً، تشكّل أدوات فعّالة لتمكين الأثرياء من التحكم في مفاصل النظام المالي.

إعلان

في ظلّ تماهي الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون مع توجّهات الرئيس الأميركي الذي يقدم دعمًا واسعًا لماسك، فإن فرص التدخل تبدو ضئيلة. وحتى إن رغب في ذلك، فإن وتيرة تحركات ماسك تفوق بكثير قدرة الكونغرس على المواكبة أو الاحتواء.

ترسم هذه التحركات ملامح مشروع طموح يقوم على ما يسميه مستثمر العملات المشفرة ورجل الأعمال بالاجي سرينيفاسان بـ"دولة الشبكة" (Network State).

تقوم هذه الفكرة على تأسيس كيان افتراضي عبر الإنترنت، يتبلور قبل أن يأخذ أي شكل مادي على الأرض. تخيلها كأنها شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا، تمتلك عملتها المشفرة الخاصة، وتؤسس لنظام اجتماعي رقمي، بدلًا من إعلان الاستقلال التقليدي والنضال من أجل السيادة. وبمجرد أن تنال هذه العملة الرقمية اعترافًا رسميًا، تكون البنية التحتية لهذا الكيان قد اكتملت، وتصبح العودة إلى الوراء شبه مستحيلة.

إنّ المضي قدمًا في تحويل أجزاء متزايدة من النظام المالي العالمي إلى عملات رقمية يسيطر عليها القطاع الخاص يعني، عمليًا، انتزاع السلطة من الحكومات الوطنية التي يفترض أن تكون مسؤولة أمام شعوبها.

وقد شرع ماسك في هذا المسار بالفعل، مستعينًا بثروته الطائلة ونفوذه الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، لا للتأثير في السياسة الأميركية فحسب، بل أيضًا في عدد من الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا.

في ظل نظام مالي تحكمه العملات المشفرة، لن تكون السيادة بيد المواطنين المقيمين على أراضي الدولة، بل لأولئك الذين يمتلكون القدرة على شراء هذه العملات.

وفي هذا السيناريو، تتزايد المخاوف من أن يتمكن إيلون ماسك من تحييد سلطة الكونغرس فيما يخص الإنفاق العام والمساءلة السياسية، بل وربما تجاوز سلطة القضاء والمواطنين أيضًا، مما يفتح الباب أمام شبكة معقدة من تضارب المصالح غير المسبوق في التاريخ الحديث، من حيث الحجم والنفوذ.

إعلان

من هنا، لا يكمن السؤال المحوري للأميركيين فيما إذا كانت الحكومة تحتاج إلى تحديث، بل في مدى استعدادهم للتفريط في الديمقراطية لصالح نموذج ماسك المزعوم للكفاءة الإدارية.

فحين يتسلم قادة التكنولوجيا مهامَّ حكوميةً مباشرة، لا يتوقف الأمر عند تبسيط البيروقراطية، بل يتعداه إلى إعادة تعريف العلاقة بين القطاع الخاص – وتحديدًا عمالقة التكنولوجيا – وبين مؤسسات الحكم العامة.

إن هذا التوجّه يُعدّ تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأميركي، ولجوهر مبدأ "نحن، الشعب". والأسوأ من ذلك، أن انعكاسات هذا التحول قد تمتد عالميًا، مؤثرة في علاقة الحكومات بشعوبها، وفي سيطرة الدول على اقتصاداتها وسياساتها الوطنية.

وقد تكون الكارثة الكبرى في هذه المرحلة، ليس في خطورة ما يُنفذ، بل في بطء استجابة الأميركيين له. فالحكومات ليست شركات، والإنفاق العام لا يُقاس بالربح، بل بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، بينما يوفّر التوظيف الحكومي فرصًا حيوية للطبقات المتوسطة، وتكفل الرقابة المؤسسية حماية النظام من الانهيار والمخاطر.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أسعار الحديد عالميا و محليا اليوم
  • فيلم A Minecraft Movie يحقق 300 مليون دولار في انطلاقة عرضه عالميا
  • حشيشي يزور الشركة الفرعية “ألجيسكو” ببوفاريك
  • الإمارات الأولى عالمياً في نسبة الألياف الضوئية الموصولة للمنازل
  • أميركا تغلي غضبًا.. ماذا يُخيف الناس في إمبراطورية ماسك؟
  • الإمارات الأولى عالمياً في ريادة الأعمال والأمان ومؤشرات الهوية الوطنية
  • استقرار سعر الذهب عالميا بعد صدمة تعريفات ترامب الجمركية
  • مبيعات الإسمنت في ارتفاع مع ازدهار أنشطة البناء منذ مطلع هذا العام
  • أميركا تبيع 20 ألف بندقية هجومية لإسرائيل بقيمة 24 مليون دولار
  • لماذا تحتاج أمريكا لاستراتيجية أسلحة نووية أفضل؟