مع أن الوصف ب “عربي” و “زرقة” في دارفور منتشر و مقبول من الطرفين ؛ فإن هذه الأوصاف لم تحمل أي حمولات عنصرية تقضي بأن هناك عنصر عربي يفوق الأفريقي أو العكس. بل عاش العرب غالبا تحت حكم الممالك غير العربية فكانوا الجند و الرعية بينما كان الزرقة هم الملوك. و كان العرب هم البدو بينما اُختزلت الحضارة غالبا في سواهم.

عرب دارفور لم ينظروا لأنفسهم كمتفوقين عرقياً عن الزرقة و لا عن الجلابة بالطبع ، ربما حاربت هذه القبائل ضد حركات جنوب السودان منذ الإستقلال بحماسة دينية مختلطة بلوثة عنصرية أعادت روح غارات تجارة الرقيق التي شاركوا في بعضها مع الزبير باشا و الأتراك و بعض فترات المهدية التي تقلبت بين السماح بالرق أو منعه حسب قوة الدولة.

و بينما كان تفسير مثقفي الخرطوم لحرب الجنوب بأنها عنصرية أو دينية فإن كسلهم الفكري لم ينجح في استخدام ذات التفسير لما حصل في دارفور. لا دعاوي التفوق العنصري و لا الديني يمكن لها تفسير حرب دارفور منذ ٢٠٠٣.

و بينما جارينا مظان الدعم الدولي للتمرد بحمل لواء الأفرقانية و سعينا كيداً ضد حكم الكيزان بالزعم أن “الجعلي يعتقد أنه متفوق عنصراً على الفوراوية” كما أشار الدكتور الترابي في ذروة عدائه لأبنائه الذين طردوه من الحكم ، فخلط المطامع المادية كضعف التنمية مع فكرة الصراع العنصري الذي يسعّر الحروب و يستنزل دعومات الرجل الأبيض ؛ بالقول أن قبائل الجلابة تحاول القضاء على قبائل الزرقة. و بينما صدّقنا هذه الفرية على أنفسنا زماناً طويلاً ، نجد الآن أن العرب من دارفور و ليس الزرقة هم الذين يشتكون من عنصرية الجلابة. بل يدعو العرب فجأة لفكرة تفوق عرب الغرب على عرب البحر تحت الفكرة التي سمّوها فجأة و بدون مقدمات : أولاد الجنيد.

بينما تبدو قبائل الزرقة مستعدة للعيش تحت سماء واحدة مع الجلابة بتسامح و محبة.
الحقيقة أن إرث السودانيين في التعايش و قبول الناس لبعضهم البعض كبير جداً ، الشيء الذي أغرى كثير من القبائل الأفريقية و العربية بالهجرة للبلاد قديماً و حديثاً فهو “جنة التسامح التي تسع الجميع”. و أن كل كبار المجرمين و موقدي الحروب حاولوا إقناعنا بأننا نحارب لأسباب عنصرية نبحث عنها في قاع أفئدتنا فلا نجد منها شيئاً بينما تتعالى الأصوات من خارجنا بمكرفونات السياسين: أنتم شعب عنصري و فريد في تبني العنصرية .

لسنا عنصريين ، بل كل المتحاربين لهم أطماع مادية معروفة ؛ لا يقاتلون لأسباب ثقافية و لا تحررية و لا اصلاحية. هذه الحرب مثل الحروب التي سبقت. تحالف جمع نصر الدين عبد الباري من الفور و التعايشي من عرب البقارة التقليديين و دقلو ممثل الوافدين التشاديين – الذين رحّب بهم أهل الإقليم – مع سياسيين من الإقليم الأوسط و الشمالية و شرق السودان و مع المك المزعوم أبو شوتال لفرض مشروع إقليمي و أطماع اماراتية.

أي خطبة عصماء عن دور العنصرية في هذه الحرب كممارسة جمعية سودانية ضد بعضنا البعض هي كذب مفضوح لإقناعنا بما يشغلنا عن الأسباب الحقيقية لإشعال هذه الحرب ضد هذا الشعب . و تقع مسؤولية كبيرة على مقاتل العطاوة الذي يتم استغلاله و إرساله لقتل آخرين في الهلالية لم تكن بينه و بينهم أي عداوة حتى فجر يوم الإنقلاب الذي خططت له الإمارات . أي فجر ١٥ أبريل ٢٠٢٣.

عمار عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع على قرى شرق الفاشر

بحسب مدير عام الصحة بولاية شمال دارفور الهجمات الأخيرة على قرى دار سميات شرقي الفاشر أسفرت عن مقتل 18 شخصًا وإصابة أكثر من 25 آخرين.

الفاشر: التغيير

أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور، غربي السودان، مقتل العشرات من المدنيين جراء هجوم شنّته قوات الدعم السريع على عشر قرى شرقي مدينة الفاشر، عاصمة الولاية، في تصعيد جديد للهجمات التي تستهدف المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوداني.

وبالتزامن مع ذلك، استأنفت القوات المهاجمة، صباح الثلاثاء، قصفها المدفعي على مخيم زمزم، الذي يضم أعدادًا كبيرة من النازحين جنوب الفاشر، مما أدى إلى إصابة عدد من المنازل وارتفاع المخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية، وفقًا لشهود عيان.

وقال مدير عام الصحة في ولاية شمال دارفور، إبراهيم خاطر، في تصريح لموقع “الجزيرة نت”، إن الهجمات الأخيرة على قرى دار سميات شرقي الفاشر أسفرت عن مقتل 18 شخصًا وإصابة أكثر من 25 آخرين، بينهم نساء وأطفال، مضيفًا أن معظم الإصابات خطيرة نتيجة استخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مأهولة بالسكان. كما حذّر من التداعيات الخطيرة لهذه الاعتداءات على الأوضاع الصحية والإنسانية في المنطقة.

وتشهد مدينة الفاشر منذ عدة أشهر تصعيدًا عسكريًا مستمرًا من قِبل قوات الدعم السريع، التي تسعى للسيطرة على آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور.

وتُعد المدينة مركزًا حيويًا للعمليات الإنسانية، حيث تأوي آلاف النازحين الذين فرّوا من مناطق الصراع. وقد أدى استمرار القتال والقصف العشوائي إلى تدهور الأوضاع المعيشية والصحية، في ظل محدودية المساعدات الإنسانية وانهيار الخدمات الأساسية في المنطقة.

الوسومآثار الحرب في السودان جرائم وانتهاكات الدعم السريع مدينة الفاشر ولاية شمال دارفور

مقالات مشابهة

  • بلاد تبدأ فيها صيامك بينما يفطر الآخرون
  • دارفور معزوفة أوتار أبناء النهر والبحر
  • شاهد بالصورة والفيديو.. رجل سوداني يقتحم المسرح ويشارك مطربة الحفل الرقص المثير وساخرون: (عندك ظار ولا نفهم شنو وخسارة الجلابة والطاقية)
  • معظمهم أطفال ونساء.. أحمد موسى ينفعل بسبب هجوم جيش الاحتلال الوحشي على أهل غزة
  • أحمد موسى: حماس جندت من 10 إلى 15 ألف مقاتل من شباب غزة
  • خيط الجريمة.. الخلافات الأسرية تدفع كهربائى لقتل زوجته فى القليوبية
  • عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع على قرى شرق الفاشر
  • مسلسل حكيم باشا الحلقة 18.. خطط لقتل ياسين وبخيت يتوعد الجميع
  • احصل على استشارات قانونية عبر تطبيق بينه القانوني
  • استياء في تشيلسي بعد تعرض مدافعه فوفانا لإساءات عنصرية