أرغمت الحرب المستعرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مئات الآلاف من المواطنين على النزوح إلى دول الجوار بحثا عن أمان افتقدوه في وطنهم، لكن من لجؤوا منهم إلى إثيوبيا وجدوا أنفسهم هاربين من صراع إلى صراع آخر.

ونشرت صحيفة غارديان البريطانية تقريرا ميدانيا عن أحوال اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرة غربي إثيوبيا، حيث التقى مراسلها فيصل علي، 3 لاجئين أمضوا الصيف كله في إحدى الغابات، وتحدثوا عن محنتهم المستمرة بعد 19 شهرا من فرارهم من وطنهم بسبب الحرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ميديا بارت: آلاف الإسرائيليين يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيلlist 2 of 2نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارتهend of list

وبينما لا يزال اثنان منهم يقيمان في غابة أولالا -هما عبد الله ومحمود- في مركز مؤقت تديره الأمم المتحدة بالقرب من الحدود السودانية، سافر الثالث، كرم، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وتقول غارديان إنها عمدت إلى تغيير الأسماء في هذا التقرير لئلا تكشف عن هوياتهم من أجل حمايتهم.

من حرب لأخرى

وأحد هؤلاء الثلاثة، مدرس لغة إنجليزية سوداني من الخرطوم، أطلقت عليه الصحيفة اسم عبد الله، فرَّ من الحرب في بلاده ولجأ إلى إثيوبيا ليضطر للهرب مرة أخرى بعد أن تعرض المخيم الذي استقر فيه لهجوم من قطاع الطرق والمجموعات التي تقاتل الجيش الإثيوبي.

كان الشاب، البالغ من العمر 27 عاما، من بين آلاف اللاجئين السودانيين الذين فروا من المخيمات التي تديرها الأمم المتحدة في إقليم أمهرة هذا العام، وأقاموا مخيمات مؤقتة في غابة أولالا، على بعد بضعة كيلومترات شرق مأواهم الأصلي. وفي تلك الغابة، وبعيدا عن السلطات وسبل كسب العيش، ازدادت أحوالهم سوءًا.

يتذكر عبد الله تلك الأمسية وهو جالس، في حلكة الليل البهيم، إلى جوار صديق له، عندما اخترق دوي إطلاق رصاص سكون المكان. قال "كنت أسمع صراخ النساء والأطفال، ففي كل ليلة كنا نتمسك بحبل النجاة".

وحكى عبد الله أنه غادر الخرطوم إلى إثيوبيا بعد اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، متجها إلى القلّابات، وهي بلدة على الجانب السوداني من الحدود المشتركة التي يسهل اختراقها. وقال إنه اعتُقل هناك "ظلما" وتعرض للضرب على يد حراس السجن، وعقب إطلاق سراحه عبَر الحدود إلى بلدة المتمة في إقليم أمهرة الإثيوبي.

هجوم على المخيمات

وبعد 3 أشهر من وصوله لإثيوبيا، اندلع القتال بين عناصر الأمهرة والجيش الحكومي بسبب نزاع يتعلق بالاتفاقية التي أنهت الحرب في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا على الحدود مع دولة إريتريا. وفي أغسطس/آب، أُعلنت حالة الطوارئ في أمهرة، وأُغلقت شبكة الإنترنت مع اشتداد القتال.

ويتذكر عبد الله  أن المسلحين هاجموا مخيماتهم مرارا وتكرارا، وقاموا باقتلاع الخيام المنصوبة، وترويع الأطفال وضرب الناس ونهب هواتفهم المحمولة وأموالهم القليلة وممتلكاتهم الأخرى.

أما محمود -وهو عامل بناء من دارفور كان يعيش في الخرطوم قبل اندلاع الحرب- فقد فرّ إلى إثيوبيا. وكان يعتقد أن أحدا سيأتي لمساعدتهم، بعد أن تعرض المخيم لهجمات طيلة أسابيع، لكنه فقد الأمل.

وقال "كان الخوف ينتابني كل يوم من أننا قد نموت. فقد لقي بعض من كانوا معنا في المخيم مصرعهم، ونُهبت ممتلكاتنا، ولم يعد لدينا أي شيء. كل ليلة كانت تحمل معها الرعب".

وبدوره، قال عبد الله عبر الهاتف وفي صوته نبرة استسلام، "ظننت أنني سأكون بأمان في إثيوبيا. والآن لا يوجد مكان ألجأ إليه".

مأساة مستمرة

وأكد اللاجئون الثلاثة أن الأمم المتحدة أوفدت قوة إثيوبية محلية لحماية مخيمات اللاجئين، لكنها فشلت في القيام بذلك. ولما سأل عبد الله قائد القوة عن لماذا لم يوقف المهاجمين، قال إنه يخشى من أن ينتقموا من عائلته.

وتُظهر صور ومقاطع فيديو عائلات تنصب خياما مؤقتة على طول الطريق الرئيسي، بينما استقر آخرون داخل غابة أولالا، وينام العديد منهم في العراء. استمرت الهجمات على المجموعة حتى أجبروا على التفرق في أوائل أغسطس/آب.

وكشف عبد الله أن بعض اللاجئين عادوا إلى السودان على أمل الوصول إلى ليبيا أو مصر، بينما عاد آخرون إلى مركز الإيواء المؤقت التابع للأمم المتحدة بالقرب من الحدود السودانية.

وذكرت غارديان أن منظمة هيومن رايتس ووتش أفادت أن الحكومة الاتحادية الإثيوبية أنشأت المخيمات في مناطق معروفة بخطورتها ولم تتخذ ما يكفي من التدابير للحد من تلك المخاطر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات إلى إثیوبیا فی إقلیم عبد الله

إقرأ أيضاً:

غارديان تروي قصة نصرة محاربين أميركيين قدامى لغزة

نشرت صحيفة غارديان البريطانية تقريرا تابعت فيه سيرة عدد من قدامى المحاربين الأميركيين الذين استغلوا خبراتهم لتفنيد الروايات الإسرائيلية بشأن حربها على غزة والسعي لزيادة الضغوط على الإدارة الأميركية لوقف تسليح إسرائيل.

خلال جلسة الاستماع لمرشح دونالد ترامب لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ مطلع العام الحالي، لفت اثنان الأنظار بستراتهم مع وجود عبارة "الجيش الأميركي" مطرزة على أحد جيبي الصدر وأسماء عائلاتهم على الجيب الآخر.

يسجل غريغ ستوكر وجوزفين غيلبو حضورا قويا بين آلاف المحاربين القدامى في الحركة المناهضة للحرب بأميركا.

بدأ ستوكر، الجندي السابق في الجيش الأميركي، البالغ من العمر 34 عاما، حملته ضد الحرب على غزة بالصدفة، ففي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان في منزله في أوستن، تكساس، يشاهد على التلفزيون قصف الجيش الإسرائيلي لغزة، فاتصل بصديقه رافيس جانز قائلا "هل ترى ما أراه؟".

كان ترافيس جانز، ضابط المدفعية السابق، قد شارك في عمليات عسكرية في العراق، بينما شارك ستوكر في حرب أفغانستان. يتذكر ستوكر "كنتُ أفكر: هل يُسقطون حقًا ذخائر هجوم مباشر مشترك وزنها 1000 رطل في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض؟. كان الأمر فظيعًا للغاية، بل جنونيا، لدرجة أننا اضطررنا للاتصال ببعضنا البعض لنتأكد من أننا لا نهلوس. حتى لا نُخدع بما يحدث".

إعلان

يعلم الرجلان أن الذخائر المستخدمة تُحدث انفجارا ثانويًا ناتجا عن ضغط زائد، قد يُصيب أو يُقتل أي شخص ضمن دائرة نصف قطرها 50 مترا، والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر. ويضيفون أن الموافقة على استخدام هذه القنابل ستحمل في طياتها إدراكًا بأنها ستُسبب عددا كبيرا من الضحايا المدنيين.

يقول ستوكر "أشاهد كل هؤلاء العقداء السابقين في سلاح الجو، هؤلاء الضباط الذين أصبحوا الآن محللين لشبكات التلفزيون يقفون أمام الأمة، على وسائل الإعلام التقليدية، ويكذبون صراحةً بشأن ممارسات الاستهداف الأميركية. ما هو مقبول، وما يتوافق مع قانون الحرب البرية. لقد كانوا يكذبون تماما بشأن كل شيء".

شعر ستوكر بـ"تنافر معرفي"، فلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي، كان لديه آنذاك 155 متابعا على إنستغرام، وسرعان ما لفت الانتباه بانتقاداته اللاذعة لدعاية جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستخدما خبرته الحربية.

فعندما نشر الجيش الإسرائيلي صورة لمخبأ صغير من الأجهزة الإلكترونية، زعم أنها مواد لصنع "سترات انتحارية"، ردّ ستوكر قائلا إن الصورة تُظهر أدوات تُستخدم لشحن الأجهزة باستخدام الألواح الشمسية أثناء انقطاع الكهرباء عن غزة.

والآن، مع 352 ألف متابع على إنستغرام وحلقات بودكاست، أصبح ستوكر واحداً من أبرز المحاربين القدامى المناهضين للحرب، يقول "بصفتنا محاربين قدامى، نعلم في أعماقنا أننا نشهد جرائم حرب. وكيف يُمكن الدفاع عنها؟ علينا أن نُعلن عن ذلك علانيةً".

و يقول جوش شورلي، البالغ من العمر 49 عاما، وهو جندي مشاة سابق في الجيش، إن العسكريين لديهم خبرة كافية في الصراعات ليعتبروا ما يرونه في غزة فظائع، ويشعرون بواجب التحدث علنًا. ويضيف، نائب رئيس منظمة "قدامى المحاربين من أجل السلام"، أنه شاهد خلال العام الماضي اهتماما متزايدا بالمجموعة، وخاصةً من الشباب.

إعلان

يعتقد شيرلي أن هذا يُعزى إلى الصور القادمة من غزة، ويقول "نتلقى شهريا مكالمات هاتفية من قدامى المحاربين الراغبين بالانضمام إلينا، تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف عدد المكالمات في السنوات السابقة". ويعتقد أنه كلما زادت المعارك التي خاضها الفرد، زاد التزامه بالسلام، على الرغم من أن ثقافة الولاء والامتثال في الجيش تُصعّب المعارضة.

ويشير شيرلي إلى الرائد هاريسون مان، وهو أعلى مسؤول في الجيش الأميركي رتبةً يستقيل بسبب غزة، ويقول إن كل مرة يُعبّر فيها شخص ما عن رأيه، يُخفّف ذلك من وطأة الخوف على الآخرين.

بدورها تدير بريتاني راموس ديباروس، النقيبة السابقة في الجيش البالغة من العمر 36 عامًا، منظمة لقدامى المحاربين ضد الحرب أسست في حقبة ما بعد هجمات 11 سبتمبر. بالنسبة لمجموعتها، تزايد الاهتمام بالمشاركة مع المجموعة في عام 2020 مع مقتل جورج فلويد ، واستمر في الارتفاع بثبات خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية.

تقول ديباروس "في كل مرة يُكشف فيها القناع – حيث يصعب التشبث بأوهام النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك – يتواصل المزيد من المحاربين القدامى مع الجيش. انضمت الغالبية العظمى منا إلى الجيش لأسباب اقتصادية، لكننا نبرر ذلك أيضا أو نتصالح معه بإيماننا بأننا سنساعد الناس أو نخدمهم أو ندعم القيم التي قيل لنا إن بلدنا يدافع عنها".

تطهير عرقي

احتج المحاربون القدامى أمام مصانع الأسلحة وقواعد القوات الجوية، وساروا لمسافة تزيد عن ألف كيلومتر من ولاية ماين إلى واشنطن العاصمة، واعتصموا في معسكرات الطلاب، وقدموا عرائض، وأطلقوا حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتجولوا في قاعات الكونغرس للتعبير عن غضبهم إزاء استمرار توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

وبعد مقتل هند رجب، البالغة من العمر 5 سنوات ، خاطب آلان شيبارو، الجندي المخضرم في القوات الخاصة الأمريكية، مجلس مدينته في جلسة استماع عامة قائلا "هذه ليست حربًا. هذا هو التعريف الحقيقي للتطهير العرقي. يجب أن يتوقف هذا".

إعلان

تقول جوزفين غيلبو -الضابطة السابقة في في وكالة استخبارات الدفاع- إنها حفظت صور كل طفل شهيد في غزة تراه على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي. يحتوي ألبومها على هاتفها الآن على آلاف الصور. تقول "لستُ بحاجة لمعرفة ما تقوله وسائل الإعلام. أستطيع أن أرى بأم عيني ما يحدث".

كانت الأم لأربعة أطفال تتناول البيتزا مع عائلتها في لويزيانا. ازداد غضب والدتها وشقيقتها من إصرارها على الحديث عن الحرب. حثتها شقيقتها قائلة "لماذا لا تخبرين العالم أجمع؟".

قبلت غيلبو التحدي، وزادت نشاطها الدؤوب عبر حسابها على إنستغرام، الذي يتابعه 19 ألف متابع، كما عملت برفقة منظمة "قدامى المحاربين من أجل السلام"، وزارت جميع أعضاء الكونغرس، وسلّمتهم رسائل تطالب بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل والتحقيق في مزاعم ارتكاب مسؤولين في إدارة الرئيس السابق جو بايدن أفعالا إجرامية.

سردت الرسالة القوانين التي تقول منظمة "قدامى المحاربين من أجل السلام" إنها تُنتهك، بما في ذلك قانون جرائم الحرب الأميركي، وقانون مراقبة تصدير الأسلحة، وقانون ليهي. وتمنع هذه القوانين جميعها وصول الأسلحة إلى الدول التي تُخالف اتفاقيات جنيف أو تُسبب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

تقول جيلبو"بفضل خبرتي في الاستخبارات العسكرية، أعلم أن لدينا التكنولوجيا التي تُمكّننا من معرفة من في تلك المواقع والمباني بدقة. لذا، فإنهم يستهدفون المنازل ويقصفونها، وهم يملكون معلومات عن وجود أطفال في الداخل وعددهم. الخسائر المدنية كارثية.. هذا ليس دفاعًا عن النفس".

نحن متنمرون

في سبتمبر/أيلول الماضي، حضرت الضابطة السابقة ريبيكا روبرتس البالغة من العمر 30 عاما، احتجاجا على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الأمم المتحدة. تقول روبرتس إنها أدركت بعد سنوات في الجيش أن المعتقدات التي نشأت عليها بدأت تتلاشى، وأضافت "أدركتُ كم نحن منافقون. نحن الأشرار. نحن متنمّرون للغاية".

قبل خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة، وقف ستوكر ويانز وغيلبو وروبرتس، مرتدين سترات عسكرية وكوفيات ضمن حشد من آلاف الأشخاص، بينهم محاربون قدامى، يحملون لافتة كُتب عليها "المحاربون القدامى يطالبون بوقف إطلاق النار وحظر الأسلحة الآن".

إعلان

امتلأ مركز تجنيد الجيش في تايمز سكوير بملصقات "وقف إطلاق النار"، ووقف ستوكر أمام شاشة تعرض إعلان تجنيد جريء ليبثه مباشرة على حسابه على إنستغرام، وقال "صدقوني يا رفاق، لا تريدون أن تضيعوا شبابكم وتدفنوا أصدقاءكم من أجل هذا".

استمرت المظاهرة حتى المساء، مستقطبةً الناس والضجيج والزخم. وبحلول الساعة التاسعة مساءً، وبينما كان المتظاهرون يتجمّعون في شارع بارك أفينيو، أثاروا غضب الشرطة، فوجد جانز نفسه محاصرًا بضباط قيدوه بالأصفاد واعتقلوه واقتادوه إلى مركز الشرطة. وقال إن ضابط الشرطة الذي أوقفه نظر إلى سترته العسكرية المزخرفة وسأله من أين حصل عليها. وعندما أخبره جانز أنها سترته، قال الضابط "آه، ظننتُ أنك اشتريتها من متجر للملابس المستعملة".

مقالات مشابهة

  • ‏الدفاع المدني اللبناني: 4 قتلى و4 جرحى إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب داخل آلية للجيش جنوب البلاد
  • وهران.. إخماد حريق بغابة مداغ ببوتليليس
  • عاجل - "ناحالا" تروج لاستيطان غزة مجددًا... مستوطنون يتجمعون على الحدود تمهيدًا للتسلل وبناء مستوطنات
  • الطريقة التي سارت بها الحرب في السودان كانت خادعة لحلفاء المليشيا وداعميها
  • غارديان تروي قصة نصرة محاربين أميركيين قدامى لغزة
  • دراسة علمية: أكثر من مليار شخص بالعالم يعيشون بمناطق عالية الخطورة
  • ما هي الضمانات التي يطالب بها حزب الله لتسليم سلاحه؟
  • حكم إنهاء حياة المريض الميؤوس من شفائه .. الإفتاء تجيب
  • الهجرة الدولية: نزوح 332 ألف شخص من مخيم زمزم بدارفور فرارا من القتال
  • بمساحة 6 آلاف دونم.. كركوك تنشئ أول غابة طبيعية