موقع النيلين:
2024-12-22@03:49:25 GMT

حسين خوجلي يكتب: حكاية من دفتر الأزهري

تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT

تظل المواقف الصغيرة والكلمات للزعماء واصحاب الرئاسات هي المفاتيح الأساسية للتوثيق لحياتهم وتجاربهم وللاستفادة من أيامهم في الحكم والسيادة، بما فيها من انجازات وأخطاء ومواقف بين بين.

وللأسف أن الذاكرة الصحفية في التأليف والنشر فشلت فشلا ذريعا في توثيق هذه المفاتيح المعرفية عن شخصياتنا العامة، فاختلطت الحقائق بالأكاذيب، وهوى النفس وشحها في تعريف القيادات وتسويقها.

فمن في كل الاجيال التي تعاقبت يعرف السيرة الحقيقية للامام المهدي وللخليفة عبدالله ود تورشين، من منا يعرف السيرة الحقيقية للامام عبد الرحمن والسيد علي الميرغني والزعيم اسماعيل الأزهري والفريق عبود والمحجوب وعبدالله خليل وسر الختم الخليفة وجعفر نميري وسوار الدهب والصادق المهدي والفريق البشير وعبد الخالق محجوب وحسن الترابي وبابكر كرار والشريف حسين الهندي والشريف زين العابدين الهندي ومحمود محمد طه والرشيد الطاهر ومحمد ابراهيم نقد وكبيدة وبابكر النور وحسن حسين وبقية الأسماء التي حكمت أو حاولت أن تحكم السودان، عن سيرتهم الحقيقية أو الوجة الآخر.

إن كل الذي ورثناه عن هؤلاء مجرد تصريحات باردة كانت تردُ في الصحف اليومية والإذاعات ومجالس المديح الحزبي، تلك المجالس التي كان كل همها أن تكذب بصدق.
خطرت لي هذه الخاطرة وقد تركت ورائي كراسة قديمة سجلت فيها الكثير من الاقوال والاحداث الصغيرة والكبيرة للزعماء السودانيين من أفواه من عاصروا هؤلاء الكبار وجالسوهم، ونحن جيل محظوظ فقد شاهدنا أغلب هؤلاء واستمعنا لاصدقائهم واحبابهم ومنتقديهم وأعدائهم، نعم التقيناهم عيانا وكفاحا.

هذه الكراسة الثمينة ما زالت بعيدة، ولكن ما زال في الذاكرة شي من الحضور والالتماع النسبي الذي يضيئ كل ما ذكرنا عن تلك الشخصيات وتلك المواقف ويشحذ الذاكرة ببريقه.
ومن مئات الحكايات تذكرت هذه عن الزعيم الوطني الراحل اسماعيل الأزهري الذي جاء من زنزانته في كوبر إلى مقابر البكري وكانت مساحة الزمن ما بين السجن والمقابر عدة ساعات. وقد كرمني الله وأنا صبي أن اكون في قلب المظاهرة التي ودعت الشهيد الأزهري رافع علم الاستقلال وقد قادتها بجرأة وشجاعة الراحلة الدكتورة سعاد الفاتح متحدية مع الالاف سلطة مايو الماركسية انذاك، والتي فجعتنا في الرجل الكبير مرتين، الأولى بسجنه واغتياله والثانية ببيان محجوب عثمان وزير الاعلام يومها وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، فقد اذاعت ابواقه الخبر بالعبارة الوضيعة الشهيرة (توفي صباح اليوم اسماعيل سيد احمد الأزهري المعلم بالمعارف السودانية)

قال الشاهد إن مجموعة من الاتحاديين المساهمين في الحزب بأموالهم ودعمهم في الدوائر جاءوا يوما للزعيم الأزهري وكان يومها رئيسا لمجلس السيادة ملتمسين منه الغاء أمر عسكري بارسال ابنهم الضابط إلى جنوب السودان ليخوض مع رفاقه معارك الشرف ضد المتمردين. استمع لهم الأزهري في صبرٍ وجلد رغم ما كان يعتصر قلبه من حزن وغضب من الطلب الغريب.

فامسك بمسرة الهاتف واتصل بالسيد وزير الدفاع وهم ينظرون وقال بلهجة ساخرة: ( يا سعادته ما عندكم ياخي ضابط هامل اهله ما حريصين على حياته ومارقنو للربا والتلاف يمشي الجنوب مقاتلا بديلا لضابط من اولاد المصارين البيض؟ واغلق السماعة.

وحدق فيهم في غضب مُلهم دون أن يتفوه بكلمة واحدة. وطالت دقائق الصمت والتحديق بطيئة كأنها دهرٌ، وحينها أدرك الوفد الرسالة فانسحبوا في هدوءٍ ولم يعودوا.

اتمنى من كل قلبي عزيزي القارئ أن تكون هذه الحكاية محفزة لك ومحرضة لكي تجند نفسك من الآن لتجميع هذه الحكايات الصغيرة، فتلك الحكايات هي اللبنات الصلبة التي يمكن أن نبني بها ما تبقى من صرح دولة ٥٦.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

القساوسة زاروا المسجد والوزير ذهب إلى الكنيسة.. ماذا فعل الأزهري في بني سويف؟

تفقّد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور محمد هاني غنيم، محافظ بني سويف، أعمال الإحلال والتجديد بمسجد السيدة حورية –رضي الله عنها- بمدينة بني سويف.

وشهدت الزيارة ملمحًا مصريًا أصيلاً معبرًا عن جوهر الشعب المصري وحقيقته، تمثلت في وفد من قساوسة مطرانية بني سويف على رأسهم القمص فسيلوس، والقمص إسطفانوس- قد اصطفوا أمام مسجد السيدة حورية (رضي الله عنها) لاستقبال وزير الأوقاف في زيارته الأولى إلى بني سويف منذ توليه الوزارة؛ مبادرةً منهم بكرم الاستقبال وتعبيرًا عن سعادتهم بزيارة الوزير، فقدموا التهنئة بتدشين أعمال تطوير المسجد؛ بما يؤكد صدق الروابط المتينة بين المصريين الذين يجمعهم أصل واحد واجتماع على كريم القيم وسامي المُثُل.

وقرر الوزير -على الفور- أن يبادر بزيارة مطرانية بني سويف لتقديم الشكر ومقابلة الإكرام بالإكرام؛ حيث استقبله نيافة الأنبا غبريال -أسقف بني سويف- على رأس قساوسة المطرانية ورواد الكنيسة بروح مفعمة بالسرور والمحبة والتآخي. 

أعرب الوزير عن عميق شكره ووافر امتنانه على حفاوة الاستقبال وصادق المحبة، مقدمًا التهنئة إلى أخواته وإخوته من المصريين بقرب حلول رأس السنة الميلادية، ومؤكدًا أن تلك الروح المصرية الأصيلة هي الحكمة المتراكمة من حضارة راسخة ممتدة تقدم نموذجًا فريدًا للعالم أجمع، وتقف أمامها كل محاولات الوقيعة والنيل من الوطن. كما أشاد الوزير بأواصر الأخوة الراسخة بين أبناء الشعب المصري الذي شكّل على مر التاريخ نسيجًا متناغمًا تبخرت معه أوهام المساس بالوحدة الوطنية الجامعة بين كل المصريين.

وأكد الوزير أن تلك الروح المصرية الفريدة الجامعة هي التي حركت أصحاب النيافة من القساوسة لاستقباله فرحًا بأعمال التجديد في مسجد من مساجد آل البيت، وهي نفسها الروح التي دفعت سيادة النائب نادر نسيم -عضو مجلس الشيوخ عن محافظة بني سويف، وكيل اللجنة الدينية بالمجلس- إلى التبرع بنصف مليون جنيه إسهامًا منه في أعمال تطوير المسجد التي تباشرها مؤسسة "مساجد" بالتعاون مع الوزارة؛ وهي نفسها الروح التي عجّلت بزيارة الوزير إلى المطرانية، وهي عينها الروح التي تفيض رفعةً وأصالةً وعزيمةً كما تتجلى في الاصطفاف الوطني خلف القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو .. دفتر عائلة أردنية من السلط يعتقد أنها مسجونة في فرع فلسطين بسوريا
  • المتميزون لا يُقهرون.. إنهم النور في الظلام
  • القساوسة زاروا المسجد والوزير ذهب إلى الكنيسة.. ماذا فعل الأزهري في بني سويف؟
  • العلمانيون العرب: يقفون على رؤوسهم لرؤية الواقع بالمقلوب!
  • دفتر أحوال وطن «٣٠٢»
  • القانون يعطي هؤلاء أولوية اللجوء .. تفاصيل
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون
  • ناشطو تيك توك الى سوريا
  • حسين خوجلي يكتب: وخزة آخر الليل
  • بووانو: شركة "أخنوش" الفائزة بصفقة مشروع تحلية مياه البحر بالبيضاء غير مستوفية لشروط دفتر التحملات