حكايات السكان والمقاعد: كيف تُرسم خارطة العراق من جديد؟
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
21 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في خضمّ الحديث المتزايد عن التعداد السكاني المزمع إجراؤه قريبًا في العراق، تُثار تساؤلات كثيرة حول تأثيره على توزيع التنمية الإقليمية والتمثيل البرلماني.
مصادر اقتصادية أكدت أن “عدد السكان هو المعيار الوحيد لتوزيع مبالغ تنمية الأقاليم”، مما يعني أن المحافظات ذات النمو السكاني الكبير ستشهد زيادة حصتها من الأموال المخصصة للتنمية، بينما قد تُعاني المحافظات الأقل سكانًا من تراجع في مواردها التنموية.
في إحدى القرى التابعة لمحافظة ديالى، تحدث المواطن فلاح الزبيدي، وهو مزارع يبلغ من العمر 52 عامًا، عن قلقه قائلاً: “لا نشعر بأن أعداد السكان الكبيرة تُترجم إلى خدمات أفضل. نتمنى أن تُحقق الأرقام العدالة بدلًا من أن تكون مجرد رقم على الورق.”
بينما في محافظة البصرة، كتبت تغريدة لشابة تُدعى سارة الموسوي تقول: “التعداد يعني مقاعد أكثر في البرلمان، لكن هل يعني ذلك صوتًا أقوى لمشكلاتنا؟ البصرة تستحق أكثر من مجرد أرقام.”
في خضم هذه التحليلات، تحدث نبيل المرسومي، المختص بالشأن الاقتصادي، مؤكدًا أن “زيادة عدد السكان ستؤدي حتمًا إلى زيادة مقاعد بعض المحافظات في البرلمان خلال الدورات المقبلة”، وهو ما قد يُلقي بظلاله على الموازنة العامة، خصوصًا إذا استمرت المادة (47) في الدستور تنص على تخصيص نائب لكل 100 ألف نسمة.
وفق مصادر برلمانية، فإن التعداد السكاني الحالي قد يدفع عدد النواب إلى ما لا يقل عن 430 نائبًا، موزعين على 18 محافظة، وفقًا لنتائج الإحصاء المنتظر. هذا الأمر أثار ردود فعل متباينة بين المواطنين والناشطين.
مواطنة من بغداد تُدعى هدى الكناني كتبت على فيسبوك: “إذا كانت زيادة النواب ستزيد من مشاكلنا بدلًا من حلها، فما الفائدة؟ نحتاج إلى كفاءة لا إلى أرقام.”
في المقابل، تحدث مصدر سياسي من النجف، موضحًا أن “التحدي الأكبر يكمن في ضمان عدالة التوزيع بين المحافظات، خاصة تلك التي شهدت حركة سكانية كبيرة نتيجة النزوح أو الهجرة.”
و من زاوية تحليلية، أفاد الباحث الاجتماعي قاسم عبد الكريم أن “التعداد لا يجب أن يكون فقط أداة إحصائية، بل ينبغي أن يُستخدم لتحديد الفجوات التنموية بوضوح.”
وأضاف: “إذا لم تُعالج الفروقات التنموية بين المحافظات، فإن الأرقام قد تُصبح مصدرًا جديدًا للنزاع بدلًا من أن تكون عاملًا للإنصاف.”
تحدث أحد سكان الموصل، ويدعى محمد البياتي، قائلًا: “شهدنا نزوحًا كبيرًا في السنوات الماضية، وإذا لم يأخذ التعداد ذلك بعين الاعتبار، فقد يتم تهميش محافظتنا مجددًا.”
بينما أكد ناشط سياسي في تغريدة على منصة “إكس” أن “التعداد قد يكشف عن حقائق صادمة حول التركيبة السكانية الجديدة، مما قد يُغير ملامح السياسة في العراق بالكامل.”
و وفقًا لما ذكره عدد من الخبراء، فإن تعديل المادة (47) من الدستور قد يُخفف من عبء زيادة المقاعد النيابية، مع اقتراح نظام جديد لتوزيع المقاعد لا يعتمد فقط على أعداد السكان، بل يأخذ في الاعتبار مستوى التنمية ومستوى الخدمات المقدمة.
بينما تظل الآراء متضاربة والتوقعات مفتوحة، يبقى التعداد السكاني أداة قد تُعيد رسم الخريطة التنموية والسياسية للعراق. فهل سيكون هذا التعداد خطوة نحو العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، أم مجرد رقم جديد يُضاف إلى تحديات البلاد؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
المفوضية الأوربية تنشر خارطة المملكة المغربية كاملة بصحرائها على بوابتها الرسمية
زنقة 20. الرباط
لفت تقرير حديث صادر عن المديرية العامة للشؤون البحرية والصيد البحري (DG MARE) التابعة للمفوضية الأوروبية بشأن أداء قطاع الصيد البحري لعام 2022 الأنظار، ليس بسبب أرقامه، بل بسبب الخريطة المرفقة التي تمثل المملكة المغربية.
تُظهر الخريطة، المرفقة ضمن التقرير، المغرب موحداً، ممتداً من حدوده الشمالية إلى مدينة الكويرة جنوباً، دون أي خطوط فاصلة أو تظليل أو تعليقات توحي بوجود تقسيم ترابي.
وتتناقض هذه الصورة مع الحذر المعتاد للمؤسسات الأوروبية في التعامل مع هذا الموضوع الحساس، بالنظر إلى التداعيات الدبلوماسية المرتبطة بقضية الصحراء المغربية.
إن غياب التمييز أو التحفظ في خريطة DG MARE، والتي تعكس ببساطة الواقع الإداري للمملكة المغربية على الأرض، اعتبره بعض المراقبين مؤشراً على تحول محتمل في موقف المفوضية الأوروبية.
ويأتي هذا النشر في سياق تحوّل تدريجي في تمثيل خريطة المغرب داخل الوثائق الرسمية لعدد من القوى الغربية.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، أُجريت تعديلات حديثة على الخرائط الرسمية شملت دمج الأقاليم الجنوبية بدون فواصل، وهو ما يُفسَّر على نطاق واسع بأنه دعم قوي للسيادة المغربية على المنطقة.
ورغم أن خريطة DG MARE لا تصدر عن هيئة دبلوماسية، إلا أن دلالتها لا يمكن تجاهلها، إذ أن الخيارات البصرية في العلاقات الدولية نادراً ما تكون بريئة.
أما من حيث مضمون التقرير، فقد أشار إلى الأداء الجيد لقطاع الصيد البحري المغربي خلال عام 2022، حيث بلغت الكميات المصطادة نحو 1.6 مليون طن، بزيادة قدرها 11٪ مقارنة بعام 2021، ويُعزى هذا النمو أساساً إلى وفرة سمك السردين الأوروبي، الذي ارتفعت كمياته بنسبة 25٪.
كما تطرق التقرير إلى قطاع تربية الأحياء المائية في المغرب، الذي لا يزال متواضعاً من حيث الحجم (2300 طن)، لكنه يتميز بقيمة مرتفعة للأنواع المستزرعة، حيث تمثل محار المحيط الهادئ(Crassostrea gigas)، وثعبان الماء الأوروبي (Anguilla anguilla)، وأسماك البلطي النيلي (Oreochromis niloticus) ما نسبته 87٪ من الإنتاج.
وقد تم نشر هذه المعطيات، إلى جانب الخريطة المعنية، على الحساب الرسمي لـ @EU_MARE على منصة “إكس” (تويترسابقاً). ورغم غياب أي تعليق رسمي حول مسألة الحدود أو التمثيل الترابي، فإن هذا الصمت، بدلاً من أن يقلل من أهميته، يعزّز دلالته.
ففي الوقت الذي يمكن أن يتسم فيه الخطاب الدبلوماسي بالغموض، تأتي الخرائط لتعبّر بشكل مباشر عن موقف واضح. ومن خلال إظهار المغرب ككيان إداري موحد، فإن الاتحاد الأوروبي، بقصد أو بغير قصد، يعتمد موقفاً أقل التباساً من مواقفه السابقة.