في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.


فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حکومة البرهان

إقرأ أيضاً:

جانتس: 30 من محتجزينا فقدوا حياتهم لأننا لم نعقد صفقة لاعتبارات سياسية

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن زعيم معسكر الدولة بيني جانتس، أنّ 30 من المحتجزين الإسرائيليين فقدوا حياتهم بسبب عدم عقد صفقة لاعتبارات سياسية، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، في خبر عاجل. 

سوليفان: البيت الأبيض يعمل على وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين بغزة 

وفي وقت سابق، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إنّ البيت الأبيض يعمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، لكنه لم يصل إلى ذلك بعد.

القمة الخليجية بالكويت: نتطلع أن يكون وقف إطلاق النار بلبنان مقدمة لإنهاء الحرب 

وطالب البيان الختامي للقمة الخليجية بالكويت، بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في قطاع غزة، مؤكدًا، أنهم يتطلعون إلى أن يكون وقف إطلاق النار في لبنان مقدمة لإنهاء الحرب، مطالبًا بوقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

وتابع البيان الختامي للقمة الخليجية بالكويت: «أهمية حل الخلافات بالسبل السلمية واحترام سيادة الدول والامتناع عن استخدام القوة».

مقالات مشابهة

  • اتفاق على تشكيل حكومة موحدة في ليبيا: لقاء بين عقيلة صالح وستيفاني خوري
  • المستشار “صالح” يبحث مع “خوري” توحيد السلطة التنفيذية وتشكيل حكومة موحدة
  • من ذا الذي يتعشى بالآخر: البرهان أم الكيزان؟
  • وزير الرياضة: خطة شاملة لتطوير التايكوندو المصري واستثمار المواهب لتحقيق إنجازات عالمية
  • أستاذ علوم سياسية: الشارع الإسرائيلي يريد إبرام صفقة مع حماس دون إنهاء الحرب
  • سياسية تصعيد إسرائيلية غير مسبوقة في غزة.. تقرير
  • جانتس: 30 من محتجزينا فقدوا حياتهم لأننا لم نعقد صفقة لاعتبارات سياسية
  • البيوضي: حكومة طرابلس ورئيسها فقدوا كل أسباب البقاء في السلطة
  • ياشيخ!!
  • تحذير إسرائيلي: حكومة نتنياهو تعيش نشوة السلطة وتؤدي بالدولة لكارثة جديدة