"جدتكم فاطمة تبحث عنكم.. ابقوا في أماكنكم نحن قادمون لإنقاذكم"!
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يطيب للبعض القول إن الأطفال أحباب الله وإن الملائكة تحرسهم، وما جرى في حادثة تحطم طائرة ركاب صغيرة فوق غابات كولومبيا تنطبق عليه مثل هذه العبارة الجميلة.
إقرأ المزيدطائرة ذات محرك خفيف من طراز "سيسنا – 206 " كانت تقل إضافة إلى الطيار، ستة ركاب، بينهم أربعة أطفال ووالدتهم، تحطمت في 1 مايو 2023 في غابة بكولومبيا.
عقب اختفاء الطائرة من شاشة الرادار، هرع رجال الإنقاذ للبحث عن ناجين، وبعد 40 يوما أعلن فريق البحث عن العثور على جميع الأطفال الأربعة في أعماق غابات الأمازون. أعمار هؤلاء الأطفال المحظوظين تتراوح بين 4 و 13 عاما.
الجيش الكولومبي الذي عثر على الأطفال، أفاد بأنهم في حالة من الوهن والجفاف ، وأنهم فقدوا الكثير من الوزن وأصيبوا بعدوى في الغابة، إلا أن الأهم أنهم جميعا على قيد الحياة.
بعد أسبوعين من البحث، عثر رجال الإنقاذ على الطائرة المحطمة مع رفات ثلاثة بالغين، الطيار وأم الأطفال وراكب بالغ آخر، ولم يتم العثور على الأطفال في الجوار.
لاحظ رجال الإنقاذ أن المقاعد الخلفية للطائرة المنكوبة كانت سليمة تقريبا، ما أنعش الأمل في أن يكون الأطفال الذين كانوا يجلسون هناك قد نجوا من الموت.
انطلقت على الفور عملية إنقاذ واسعة، لكن القليلين كانوا يعتقدون في جدواها، فقد بقي الأطفال الصغار من دون طعام وماء ومن دون بالغين بجانبهم في غابة موحشة تعج بالثعابين والنباتات السامة والحيوانات المفترسة، ورأوا أن احتمال بقاء أي من الأطفال الأربعة حيا ضئيلة للغاية.
انتعش الأمل لدى رجال الإنقاذ الذين توغلوا بين الأحراش الكثيفة والمستنقعات في الغابة حين عثروا على آثار وأشياء تشير إلى أن شخصا ما لا يزال على قيد الحياة وانه يواصل التنقل في الغابة.
لاحقا تبين أن الأطفال الأربعة حموا أقدامهم بلفها بأوراق الشجر والخرق أثناء سيرهم على أرض الغابة القاسية، وأنهم تركوا سلسلة من الآثار بما في ذلك فواكه عليها آثار أسنان بشرية، وكذلك زجاجة رضاعة صناعية وحفاظات وبقايا ملاجئ بسيطة ومرتجلة.
تشجع الجميع وأرسلت الحكومة الكولومبية 150 جنديا مصحوبين بكلاب مدربة بهدف العثور على هؤلاء الأطفال.
مشط رجال الإنقاذ الغابة وقاموا بتشغيل مكبرات الصوت بتسجيل بصوت جدة الأطفال المفقودين، وجرى إطلاق صواريخ خفيفة في الليل، ونثرت أيضا أعداد كبيرة من المناشير فوق الغابة تمت من خلالها مناشدة الأطفال التوقف وعدم التوغل أكثر في الغابة.
كتب في هذه المناشير الزاهية والملونة باللغة الإسبانية وبلغة الأطفال الأصلية العبارات التالية: "نحن نبحث عنكم. توقفوا عن الحركة. ابقوا بالقرب من الوادي أو مجرى النهر. ارفعوا أصواتكم. أشعلوا النار. نحن قادمون لإنقاذكم. نحن قريبون. جدتكم فاطمة والعائلة يبحثون عنكم".
تصادف أن هؤلاء الأطفال ينتمون للسكان الأصليين في منطقة "أويتوتو"، وكانوا عاشوا طوال حياتهم على حافة الغابة ومتعودين على الحياة القاسية، وأنهم على دراية بصيد الأسماك، وبإمكانهم التعرف على النباتات الصالحة للأكل وتلك التي يجب تجنبها، وصرّح جد الأطفال بأن أكبر الأطفال الأربعة وهما ليزلي وتبلغ من العمر 13 عاما، وسوليني وهي في التاسعة من العمر تعرفان الغابة جيدا.
بعد حادثة تحطم الطائرة، قامت ليزلي ببناء ملاجئ من فروع الشجر وجمعت من بين الحطام كل ما رأت أنه مناسب، مثل هاتفين محمولين وناموسية ومصباح يدوي وزجاجات مياه فارغة وصندوق موسيقى.
علاوة على ذلك عثر الأطفال بين حطام الطائرة على ثلاثة كيلوغرامات من دقيق الكسافا، وحين نفد الدقيق، تحولوا إلى تناول بذور فاكهة "أفيشور" المليئة بالسكر، ويمكن مضغها مثل العلكة، كما أكلوا أيضا ثمار نخيل الباكابا التي يشبه طعمها طعم فاكهة الافوكادو.
نجح الأطفال الأربعة خلال تلك الفترة الطويلة في الاختباء من الحيوانات المفترسة، والبقاء على قيد الحياة أثناء هطول الأمطار الاستوائية.
يقال أن احد كلاب الإنقاذ اشتم رائحة الأطفال، ودل عليهم بنباحه المتواصل. الأطفال كانوا في جزء كثيف ومظلم من تلك الغابة الأمازونية على بعد خمسة كيلومترات من حطام الطائرة، فيما لم يتحركوا من ذلك المكان لعدة أيام، لأنهم كانوا غير قادرين على المشي من شدة ضعف أجسامهم.
في عملية الإنقاذ التي استمرت أكثر من شهر، شارك 150 جنديا و200 متطوع، ومشط هؤلاء في المجموع حوالي 300 كيلومتر مربع من الغابة قبل العثور على الأطفال.
ليزلي، أكبر الأطفال الأربعة وكانت تحمل أختها الصغيرة بين ذراعيها، مضت إلى رجال الإنقاذ، وكان أول ما قالته" أنا جائعة".
الأطفال تبين أنهم سمعوا أصوات أفراد الجيش عدة أيام، لكنهم اختبأوا لأن والدتهم نبهتهم إلى ضرورة تجنب المسلحين في الغابة.
أحد الأطفال روى في وقت لاحق أن والدتهم عاشت أربعة أيام بعد الكارثة الجوية، وقبل وفاتها طلبت منهم أن يغادروا المكان حتى يتاح لهم أكبر قدر ممكن من فرص النجاة.
الابنة الكبرى روت رواية مغايرة، وقالت إن والدتها توفيت بعد وقت قصير من تحطم الطائرة، لكنها حاولت حتى اللحظة الأخيرة مساعدة الجرحى، مزقت ملابسها إلى قطع وحاولت تضميد جروح الطيار والراكب.
بذلك انتهت تلك المأساة وخرج الأطفال الأربعة منتصرين في معركة مع الموت، بدأت بلحظة تحطم الطائرة وتواصلت أربعين يوما من الصراع مع الجوع والعطش وأخطار غابة مليئة بالأفاعي والنباتات السامة.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف رجال الإنقاذ العثور على فی الغابة
إقرأ أيضاً:
فيضانات واشنطن.. ارتفاع منسوب المياه لمستويات قياسية وإجلاء لآلاف السكان
فيضانات واشنطن.. شهدت ولاية واشنطن الأمريكية واحدة من أشد موجات الفيضانات عنفًا، ما أسفر عن إخلاء مدن بأكملها، بمشاركة قوات الحرس الوطني، بعد انهيار الجسور، واقتلاع المنازل من أماكنها، وسط معاناة عائلات حوصرت فوق أسطح منازلها دون القدرة على التحرك بعد ارتفاع منسوب المياه إلى مستويات قياسية.
وتضخمت الأنهار بشكل خطير بعد فيضان استمر أيامًا ناتج عن ما يسمى نهر الغلاف الجوي الذي أطلق العنان لفيضانات تاريخية، وعشرات الآلاف من عمليات الإخلاء، وعشرات من عمليات الإنقاذ المائي.
وأصدرت السلطات المختصة أوامر إخلاء فورية لسكان مدينة «بيرلينتون» التي يصل تعدادها إلى قرابة 10 آلاف نسمة، والواقعة بالقرب من مضيق بيوجت ساوند، وهو مدخل كبير للمحيط الهادئ في شمال غرب ولاية واشنطن، حيث طُلب من السكان المغادرة فورًا والتوجه إلى مناطق مرتفعة، وبلغ منسوب نهر سكاجيت - وهو ممر مائي رئيسي يتدفق من جبال كاسكيد عبر وادي سكاجيت قبل أن يصب في مضيق بيوجت ساوند - مستوى قياسيًا بلغ حوالي 11.6 مترًا في ماونت فيرنون، على بعد حوالي 16 كيلومترًا جنوب بيرلينجتون.
وتوجهت قوات الحرس الوطني الأمريكي إلى المنازل للمساعدة في عمليات الإجلاء، وشوهد بعض رجال الإنقاذ وهم ينقلون سكان بيرلينجتون العالقين إلى بر الأمان في قوارب مطاطية عبر مياه الفيضانات الموحلة.
تم إنقاذ بعض الأشخاص من مياه الفيضانات المتزايدة بسرعة بواسطة مروحية بينما تم نقل آخرين إلى بر الأمان بواسطة قوارب من منازلهم أو من فوق أسطح سياراتهم.
وفي أول تعليق على حادث الفيضانات، قال حاكم ولاية واشنطن، بوب فيرجسون، خلال مؤتمر صحفي: «إن الوضع تاريخي حقًا، أنهار مثل سكاجيت وسيدار تشهد مستويات فيضانات لم يسبق لها مثيل، هذا شيء لم يواجهه سكان ولاية واشنطن من قبل، هذا المستوى من الفيضانات».
ومن جانبه، أشار بريندان ماكلوسكي، مدير مكتب إدارة الطوارئ في مقاطعة كين، إلى أنه تم إنقاذ عشرات الأشخاص أيضًا في مقاطعة كينج، بما في ذلك عمليات دراماتيكية تم فيها انتشال أشخاص من قمم الأشجار، واستجاب المسؤولون في مقاطعة واتكوم لأكثر من 40 نداء إنقاذ، بما في ذلك ما لا يقل عن 20 حالة تتعلق بعمليات الإنقاذ المائي.
وبدوره، قال الرئيس التنفيذي لمقاطعة كين، جيرماي زاهيلاي، خلال المؤتمر الصحفي: «لم نخرج من دائرة الخطر بعد، هذا ليس حدث عاصفة روتيني، إنها فيضانات تاريخية عرضت الأرواح والشركات والبنية التحتية الحيوية للخطر في جميع أنحاء منطقتنا».
وقالت كارينا شاجرين، المتحدثة باسم إدارة الطوارئ بالولاية: «لم نشهد فيضانات كهذه من قبل»، مضيفةً أنه «لم ترد أي تقارير عن إصابات أو مفقودين حتى الآن».
اقرأ أيضاًارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في إندونيسيا لأكثر من 1000 شخص
تجدد الاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا بعد ساعات من اتصال ترامب بزعيمي البلدين
فيضانات وموت تحت الأنقاض: فصل جديد من الكارثة الإنسانية يضرب مخيمات غزة (تفاصيل)