يطيب للبعض القول إن الأطفال أحباب الله وإن الملائكة تحرسهم، وما جرى في حادثة تحطم طائرة ركاب صغيرة فوق غابات كولومبيا تنطبق عليه مثل هذه العبارة الجميلة.

إقرأ المزيد وجه ملائكي جاء من العدم

طائرة ذات محرك خفيف من طراز "سيسنا – 206 " كانت تقل إضافة إلى الطيار، ستة ركاب، بينهم أربعة أطفال ووالدتهم، تحطمت في 1 مايو 2023  في غابة بكولومبيا.

عقب اختفاء الطائرة من شاشة الرادار، هرع رجال الإنقاذ للبحث عن ناجين، وبعد 40 يوما أعلن فريق البحث عن العثور على جميع الأطفال الأربعة في أعماق غابات الأمازون. أعمار هؤلاء الأطفال المحظوظين  تتراوح بين 4 و 13 عاما.

الجيش الكولومبي الذي عثر على الأطفال، أفاد بأنهم في حالة من الوهن والجفاف ، وأنهم فقدوا الكثير من الوزن وأصيبوا بعدوى في الغابة، إلا أن الأهم أنهم  جميعا على قيد الحياة.

بعد أسبوعين من البحث، عثر رجال الإنقاذ على الطائرة المحطمة مع رفات ثلاثة بالغين،  الطيار وأم الأطفال وراكب بالغ آخر، ولم يتم العثور على الأطفال في الجوار.

 لاحظ رجال الإنقاذ أن المقاعد الخلفية للطائرة المنكوبة كانت سليمة تقريبا، ما أنعش الأمل في أن يكون الأطفال الذين كانوا يجلسون هناك قد نجوا من الموت.

انطلقت على  الفور عملية إنقاذ واسعة، لكن القليلين كانوا يعتقدون في جدواها، فقد بقي الأطفال الصغار من دون طعام  وماء ومن دون بالغين بجانبهم في غابة موحشة تعج بالثعابين والنباتات السامة والحيوانات المفترسة، ورأوا أن احتمال بقاء أي من الأطفال الأربعة حيا ضئيلة للغاية.

انتعش الأمل لدى رجال الإنقاذ الذين توغلوا  بين الأحراش الكثيفة والمستنقعات في الغابة حين عثروا على آثار وأشياء تشير إلى أن شخصا ما لا يزال على قيد الحياة وانه يواصل التنقل في الغابة.

لاحقا تبين أن الأطفال الأربعة حموا أقدامهم بلفها بأوراق الشجر والخرق  أثناء سيرهم  على أرض الغابة القاسية، وأنهم تركوا سلسلة من الآثار بما في ذلك فواكه عليها آثار أسنان بشرية، وكذلك زجاجة رضاعة صناعية وحفاظات وبقايا ملاجئ بسيطة ومرتجلة.

 تشجع الجميع وأرسلت الحكومة الكولومبية 150 جنديا مصحوبين بكلاب مدربة بهدف العثور على  هؤلاء الأطفال.

مشط رجال الإنقاذ الغابة وقاموا بتشغيل مكبرات الصوت بتسجيل بصوت جدة الأطفال المفقودين، وجرى إطلاق صواريخ خفيفة في الليل، ونثرت أيضا أعداد كبيرة من المناشير فوق الغابة تمت من خلالها مناشدة الأطفال التوقف وعدم التوغل أكثر في الغابة.

كتب في هذه المناشير الزاهية والملونة باللغة الإسبانية وبلغة الأطفال الأصلية العبارات التالية: "نحن نبحث عنكم. توقفوا عن الحركة. ابقوا بالقرب من الوادي أو مجرى النهر. ارفعوا أصواتكم. أشعلوا النار. نحن قادمون لإنقاذكم. نحن قريبون. جدتكم فاطمة والعائلة يبحثون عنكم".

تصادف أن هؤلاء الأطفال ينتمون للسكان الأصليين في منطقة "أويتوتو"، وكانوا عاشوا طوال حياتهم على حافة الغابة ومتعودين على الحياة القاسية، وأنهم على دراية بصيد الأسماك، وبإمكانهم التعرف على النباتات الصالحة للأكل وتلك التي يجب تجنبها، وصرّح جد الأطفال بأن أكبر الأطفال الأربعة وهما ليزلي وتبلغ من العمر 13 عاما، وسوليني وهي في التاسعة من العمر تعرفان الغابة جيدا.

بعد حادثة تحطم الطائرة، قامت ليزلي ببناء ملاجئ من فروع الشجر وجمعت من بين الحطام كل ما رأت أنه مناسب، مثل هاتفين محمولين وناموسية ومصباح يدوي وزجاجات مياه فارغة وصندوق موسيقى.

علاوة على ذلك عثر الأطفال بين حطام الطائرة على ثلاثة كيلوغرامات من دقيق الكسافا، وحين نفد الدقيق، تحولوا إلى تناول بذور فاكهة  "أفيشور" المليئة بالسكر، ويمكن مضغها مثل العلكة، كما أكلوا أيضا ثمار نخيل الباكابا التي يشبه طعمها طعم فاكهة الافوكادو.

نجح الأطفال الأربعة خلال تلك الفترة الطويلة في الاختباء من الحيوانات المفترسة، والبقاء على قيد الحياة أثناء هطول الأمطار الاستوائية.

يقال أن احد كلاب الإنقاذ اشتم رائحة الأطفال، ودل عليهم بنباحه المتواصل. الأطفال كانوا في جزء كثيف ومظلم من تلك الغابة الأمازونية  على بعد خمسة كيلومترات من حطام الطائرة، فيما لم يتحركوا من ذلك المكان لعدة أيام، لأنهم كانوا غير قادرين على المشي من شدة ضعف أجسامهم.

في عملية الإنقاذ التي استمرت أكثر من شهر، شارك  150 جنديا و200 متطوع، ومشط هؤلاء في المجموع حوالي 300 كيلومتر مربع من الغابة قبل العثور على الأطفال.

ليزلي، أكبر الأطفال الأربعة وكانت تحمل أختها الصغيرة بين ذراعيها، مضت إلى رجال الإنقاذ، وكان أول ما قالته" أنا جائعة".

الأطفال  تبين أنهم سمعوا أصوات أفراد الجيش عدة أيام،  لكنهم اختبأوا لأن والدتهم نبهتهم إلى ضرورة  تجنب المسلحين في الغابة.

أحد الأطفال روى في وقت لاحق أن والدتهم عاشت أربعة أيام بعد الكارثة الجوية، وقبل وفاتها طلبت منهم أن يغادروا المكان حتى يتاح لهم أكبر قدر ممكن من فرص النجاة.

الابنة الكبرى روت رواية مغايرة، وقالت إن والدتها توفيت بعد وقت قصير من تحطم الطائرة، لكنها حاولت حتى اللحظة الأخيرة مساعدة الجرحى، مزقت ملابسها إلى قطع وحاولت تضميد جروح الطيار والراكب.

 بذلك انتهت تلك المأساة وخرج الأطفال الأربعة منتصرين في معركة مع الموت، بدأت بلحظة تحطم الطائرة وتواصلت أربعين يوما من الصراع مع الجوع والعطش وأخطار غابة مليئة بالأفاعي والنباتات السامة.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف رجال الإنقاذ العثور على فی الغابة

إقرأ أيضاً:

ماكرون يدعو طرفي الصراع في السودان إلى إلقاء السلاح

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس السبت طرفي النزاع في السودان إلى "إلقاء السلاح" بعد عام ونصف من الحرب التي تعصف بالبلاد، معتبراً أن المسار الوحيد الممكن هو "وقف إطلاق النار والتفاوض".

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الإفريقي عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد،: "ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح وكافة الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً، إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً". 

وأضاف "العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته" في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، وأثار تفاؤلاً كبير.

Au revoir, cher ami @EmmanuelMacron. À bientôt!
???????????????? pic.twitter.com/4LQPfm4nV1

— Abiy Ahmed Ali ???????? (@AbiyAhmedAli) December 21, 2024

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليوناً. 

السودان يتصدر مجدداً قائمة أزمات لجنة الإنقاذ الدولية - موقع 24تصدر السودان، للعام الثاني على التوالي، قائمة الأزمات الإنسانية العالمية التي يجب مراقبتها في 2025، والصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية المعنية بالإغاثة، اليوم الأربعاء، وتلتها غزة والضفة الغربية وميانمار وسوريا وجنوب السودان.

ويواجه حوالي 26 مليوناً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً الخميس بسبب الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.
وهناك حاجة إلى مساعدات بـ 4,2 مليارات دولار لتلبية حاجات السودانيين في 2025، حسب رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيديم ووسورنو .

مقالات مشابهة

  • احترس من أمراض الشتاء الأربعة
  • شاهين: علينا أن نكون أكثر تناسقًا للعودة إلى المراكز الأربعة الأولى
  • انتشال جثه لشخص مجهول الهويه بترعه بمركز سوهاج
  • مصرع شاب غرقا فى ترعة المريوطية بالهرم
  • جريمة مروعة تثير الرعب في نيويورك.. الشرطة تبحث عن مرتكبها (تفاصيل)
  • ماكرون يدعو طرفي الصراع في السودان إلى إلقاء السلاح
  • كنعان من الريسيتال الميلادي في جديدة المتن: عهدنا للبنانيين مؤسسات فاعلة وسيادة مصانة
  • الاحتلال ينفذ عمليات نسف بمحيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • قادمون يا (غزة)