المدنيون بالسودان فى رحلة البحث عن الأمان.. نزوح جماعى من الفاشر وتدهور الأوضاع في الجزيرة
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
يعانى المدنيون في السودان من تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية، مع استمرار القتال في عدة جبهات بالسودان، ومع انتشار الأوبئة، التي تنهك أجساد السودانيين، تدهورت الأوضاع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، ويدفع المدنيون وهم الحلقة الأضعف في الصراع الثمن الأكبر في هذه الحرب الضروس التي اشتدت بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع.
التغيير ــ وكالات
واضطر ملايين من السودانيين للفرار من نيران الحرب، والنزوح بحثا عن الأمان، إذ خلقت الحرب أزمة نزوح هي الأكبر في العالم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عام و7 شهور على اندلاع الحرب، إلا أن المدنيين يواصلون النزوح طلبا للأمان.
فيما تواصل ميليشيا الدعم السريع تصعيد عنفها الممنهج بحق المدنيين العزل في ولاية الجزيرة، وتواصل الكيانات المدنية والحقوقية رصد انتهاكات الدعم السريع في الفاشر والجزيرة وغيرها من المناطق المنكوبة في السودان.
وفى هذا الصدد، أعلن متحدث باسم تنسيقية النازحين في إقليم دارفور، فرار أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة الفاشر نحو جبل مرة بعد اشتداد المعارك بين أطراف النزاع في المدينة، وجاءت موجة النزوح
الجديدة من عاصمة شمال دارفور بعد تصاعد كبير في العمليات العسكرية بين الجيش وحلفائه ضد قوات الدعم السريع.
منسقية النازحين واللاجئين
وفى بيان أصدره آدم رجال، المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور، قال إن نحو 642 أسرة، ما يعادل 3210 أفراد، فروا من مدينة الفاشر ووصلوا إلى مناطق في جبل مرة.
وأوضح أن النازحين يعيشون ظروفًا إنسانية قاسية للغاية مع عدم توفر أبسط مقومات الحياة اليومية مثل الغذاء والدواء والشراب وغيره، وحث الجهات المانحة على ضرورة زيادة الدعم المالي لتلبية احتياجات النازحين المتزايدة، الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية وأمراض أخرى، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وفر ما يزيد عن 500 ألف شخص من مدينة الفاشر العاصمة الترايخية لإقليم دارفور، منذ مايو الماضي، صوب مناطق في جبل مرة، فيما فر آخرون إلى الولايات الشمالية.
فيما تواصلت وارتفعت حدة المواجهات بين أطراف النزاع بوتيرة أشد عنفا، باستخدام كافة أنواع الأسلحة، وأفاد شهود عيان أن قوات الدعم السريع قصفت عن طريق المدفعية الثقيلة أحياء الفاشر الشمالية والغربية، قبل أن تخوض مواجهات مباشرة مع القوة المشتركة في المحور الشمالي الشرق، إذ يدافع الجيش بضراوة عن المدينة.
ورد الجيش على قصف الدعم السريع للمدينة، وقالت الفرقة السادسة مشاة، إن الطيران الحربي دمر دبابات تابعة لقوات الدعم السريع في منطقة “جقو جقو” أقصى شرق الفاشر، وأفادت بأن المقاتلات الحربية أغارت كذلك على مواقع تمركز الدعم السريع.
ولاية الجزيرة
فيما شهدت ولاية الجزيرة، موجات نزوح موجات كبيرة من الفارين من ولاية الجزيرة جراء هجمات قوات الدعم السريع إلى محلية شندي في ولاية نهر النيل.
واستقبلت محلية شندى 45 ألف نازح من ولاية الجزيرة خلال الأيام الماضية، حيث يتكدس الآلاف في مخيمات إيواء مؤقتة أقامتها السلطات خارج مدينة شندي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين، وفقا لصحيفة المشهد السوداني.
ومن جهتها أعلنت منصة نداء الوسط، وفاة 25 مدنيا في قرية “ود عشيب” شرقي ولاية الجزيرة، إثر انتشار الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية، نتيجة لحصار الولاية من قبل الدعم السريع.
وكشفت منصة نداء الوسط، أن سكان القرية يعانون من انعدام الغذاء والدواء في ظل انتشار عدد من الأمراض، مناشدة المنظمات الحقوقية والإنسانية بضرورة التدخل العاجل، وفتح ممرات آمنة لإنقاذ حياة السكان.
وفى السياق ذاته، حذرت منظمة المؤتمر الجزيرة، من مخطط جديد من ميليشيا الدعم السريع، لارتكاب مجزرة جديدة في قرية “التكينة” بمحلية الكاملين بولاية الجزيرة، وأكدت المنظمة في بيان لها، سقوط 3 ضحايا، جراء حصار الدعم السريع للقرية منذ الخميس 14 نوفمبر الجاري.
وقال مؤتمر الجزيرة في بيان رسمي: “يترحّم مؤتمر الجزيرة على أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا على أيدي مليشيا الدعم السريع الإرهابية منذ تدنيسها لأرض ولاية الجزيرة في ديسمبر من العام الماضي، ويتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى، والمصابين، والعودة الآمنة لكل المختطفين، والمغيّبين، والمحتجزين في معتقلات المليشيا سيئة السمعة”.
وتابع البيان: “لم تشبع أعداد الموتى الذين سقطوا بأيدي المليشيا من قبل في قرى ومدن الولاية كما في ود النورة، والسريحة، والهلالية، وتمبول، وغيرها نهم المليشيا وتعطشها لمزيد من الدماء، ولأنها آمِنت العقاب، بصمت اللسان، وموت الضمير الإنساني، وغضه للطرف عن جرائمها الإنسانية الشنيعة ضد مواطني ولاية الجزيرة، ها هي اليوم تحاصر قرية (التكينة) بمحلية الكاملين منذ الخميس الماضي 14 نوفمبر الجاري، وسقط جراء الحصار ثلاثة شهداء، يضافون إلى عشرين شهيدا آخرين قتلتهم المليشيا المجرمة في شهر مايو الماضي بدم بارد”.
وتابع البيان: “إننا في مؤتمر الجزيرة ومن متابعتنا الميدانية اليومية للأحداث على الارض، فقد تأكد لنا بما يصل حد اليقين أن المليشيا الإرهابية تخطط لارتكاب مجزرة أخرى بالتكينة، خاصة وأنها تأوي أعداد كبيرة من النازحين الفارين من بنادق موت المليشيا، حيث وفد إليها سكان من قرى شرق وشمال الولاية مثل “أزرق، والسريحة، وأم مغد، والبشاقرة” وغيرها.
واختتمت البيان: “إننا بهذا النداء، نلفت انتباه الجميع بالداخل والخارج، لمنع وقوع كارثة، ومجزرة وشيكة وسط سكان أبرياء، وعزّل بالتكينة، حتى لا نتباكى عليهم بعد ذلك، ونحذّر المليشيا الإرهابية أننا نرصد وبدقة أعمالها، وتخطيطها، بإفراغها للقرى من حول التكينة من السكان إيذانا لارتكاب مجزرتها”.
منظمة أطباء السودان
ومن جهة أخرى، وفى بيان رسمي، الأربعاء، كشفت منظمة أطباء السودان، أن قوة من ميليشيا الدعم السريع نفذت هجوم على قرية “شكيري” بولاية النيل الأبيض قتل على أثرها 6 أشخاص وأصيب 7 آخرين حالتهم مستقرة.
وحذرت شبكة أطباء السودان من توسع عمليات القتل والتهجير من قبل الدعم السريع في كل من الجزيرة والنيل الأبيض مما ينذر بكارثة إنسانية جراء عمليات القتل والتهجير.
ودعت الشبكة المنظمات الدولية والإقليمية لاتخاذ قرارات حاسمة لإيقاف عمليات القتل من قبل الدعم السريع ضد المدنيين العزل وتطالبها بفتح مسارات إنسانية عاجلة للمناطق التي تقع تحت الحصار في كل من الجزيرة والنيل الأبيض والفاشر.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ولایة الجزیرة الدعم السریع من قبل
إقرأ أيضاً:
تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
منذ تحوله من الدفاع إلى الهجوم قبل 6 أشهر، استمر الجيش السوداني في تقدم ميداني على حساب قوات الدعم السريع واستعاد السيطرة على وسط البلاد وجنوبها الشرقي واقترب من تحرير الخرطوم.
ويتوقع مراقبون تركيز قيادة الدعم السريع على إقليمي دارفور وكردفان لضمان وجودها العسكري والسياسي في أي تسوية محتملة، واستمرار الدعم من قوى إقليمية وتجنب الانهيار.
ومنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، في منتصف أبريل/نيسان 2023، ظلت قوات الدعم السريع تسيطر على غالب ولاية الخرطوم، قبل أن تتمدد في 4 من ولايات دارفور الخمس، وولايتي الجزيرة وسنار ومواقع في ولاية النيل الأزرق وشمال ولاية النيل الأبيض.
هجوم شامل
وظل الجيش، نحو 17 شهرا، في حالة دفاع عن مواقعه العسكرية الرئيسية، وتدريب قوات جديدة واستنفار المتطوعين والحصول على أسلحة نوعية بعد تعزير علاقاته مع قوى إقليمية ودولية، مما مكنه من إعادة بناء قدراته العسكرية.
ومند 26 سبتمبر/أيلول الماضي، تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم الشامل، وأطلق عملية الجسور بعبوره جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفاية التي تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحري، واستعاد السيطرة على مواقع إستراتيجية في العاصمة.
وكانت معركة جبل موية في ولاية سنار، التي حولته قوات الدعم السريع إلى قاعدة لوجيستية، نقطة تحول للجيش وفتحت الباب أمام إعادة السيطرة على ولايتي الجزيرة وسنار، وأطراف ولاية النيل الأزرق، ثم شمال النيل الأبيض.
وفي ولاية الخرطوم خسرت الدعم السريع مصفاة الجيلي لتكرير النفط التي تحيط بها مقار عسكرية مهمة، وتبع ذلك تقهقرها من محليتي الخرطوم بحري وشرق النيل وغالب جسور العاصمة العشرة، وقبلها محلية أم درمان ومعظم محلية أم بدة.
ونقل الجيش عملياته مؤخرا من الشرق إلى غرب النيل ونزع قوات الدعم السريع من القصر الجمهوري ومجمع الوزارات والمؤسسات والمصارف، والسوق العربي أكبر أسواق العاصمة وأعرقها، ومنطقة الخرطوم المركزية بوسط العاصمة ومنطقة مقرن النيلين وجزيرة توتي.
وفي غرب وسط البلاد، استعاد الجيش السيطرة على مدينتي أم روابة والرهد بولاية شمال كردفان، وفك الحصار عن الأبيض حاضرة الولاية، ويزحف لتحرير شمالها الذي لا تزال تنتشر فيه قوات الدعم السريع.
خسائر فادحة
وبإقليم دارفور صمد الجيش، والقوات المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه، أمام أكثر من 180 هجوما لقوات الدعم السريع على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكبدها خسائر فادحة في محور الصحراء ودمر قاعدة الزرق الإستراتيجية، وضيق الخناق على الإمداد العسكري الذي يعبر عبر الأراضي الليبية.
وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن هذه القوات باتت على قناعة بأنها فقدت ولاية الخرطوم ولم يعد لديها ما تدافع عنه، لكنها تحاول تأخير سيطرة الجيش على ما تبقى من العاصمة لتقديرها أن القوات الكبيرة في وسط البلاد والخرطوم ستتفرغ للزحف غربا نحو إقليمي كردفان ودارفور لطردها من المواقع التي تنتشر فيها.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن قوات الدعم السريع كانت تخطط لإعلان الحكومة الموازية من داخل القصر الجمهوري، وبعث قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" أحد مستشاريه مع مجموعة أخرى لهذا الغرض وظل يحرض قواته على القتال عن القصر ومنطقة المقرن بغرب الخرطوم في خطابه الأخير قبل 5 أيام من خسارته القصر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى الدفاع عن مناطق سيطرتها في ولايات دارفور من خارج الإقليم عبر تعزيز وجودها العسكري في ولايتي غرب كردفان وشمالها، وتفعيل تحالفها مع قائد الحركة الشعبية -شمال عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان، والسعي لإحداث فرقعة إعلامية عبر هجمات انتحارية في شمال البلاد انطلاقا من شمال دارفور.
من جانبه، قال فولكر بيرتس، المبعوث الأممي السابق إلى السودان، إن النجاحات العسكرية الأخيرة التي حققها الجيش السوداني سوف "ترغم قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب البلاد". وأوضح في تصريح لوكالة أسوشيتد برس "لقد حقق الجيش نصرا مهما وكبيرا في الخرطوم، عسكريا وسياسيا، وسيقوم قريبا بتطهير العاصمة والمناطق المحيطة بها من الدعم السريع".
ولكن التقدم لا يعني نهاية الحرب حيث تسيطر هذه القوات على أراض في منطقة دارفور الغربية وأماكن أخرى.
وأضاف بيرتس "ستقتصر قوات الدعم السريع إلى حد كبير على دارفور. سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21″، في إشارة إلى الصراع بين الجماعات المتمردة وحكومة الخرطوم، في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
كرّ وفرّ
بدوره، يرجح الباحث والخبير العسكري سالم عبد الله أن فقدان قوات الدعم السريع وسط السودان، سيدفعها إلى الاستماتة في الدفاع عن مواقعها في ولايات كردفان ودارفور لضمان بقائها في المشهد السياسي والعسكري، وخلق استقرار في مناطق سيطرتها لتشكيل حكومة موازية مع حلفائها الجدد يتيح لها تقديم نفسها في صورة جديدة بعد ما ارتكبته من انتهاكات في ولايات وسط البلاد.
ووفقا لحديث الخبير للجزيرة نت، فإن معلومات تفيد بأن هذه القوات "استقدمت خلال الأسابيع الماضية مقاتلين تابعين لها كانوا في اليمن وليبيا ومرتزقة جددا للزج بهم في الحرب للسيطرة على الفاشر".
وبرأيه، فإن الدعم السريع تسعى بهذه الخطوة إلى ضخ روح جديدة بعد تدمير قوتها الصلبة خلال معارك ولاية الخرطوم، وضمان استمرار الدعم العسكري الخارجي، وتجنيب قيادتها تحميلها مسؤولية أخطاء الفترة السابقة، و"دائما يدفع القادة ثمنا غاليا وربما يفقدون حياتهم في حال خسروا الحروب".
من جهته، يقول مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، وإنهم خسروا معارك ولم يخسروا الحرب".
ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنهم لا يزالون يحتفظون بمكاسب عسكرية في وسط السودان وغربه وستكون هناك مفاجآت خلال الفترة المقبلة.