مدرب فرقة "وطن الفنون الفلسطينية" في حوار لـ "الفجر الفني": واجهنا صعوبات في الحصول على أزياء الحفل.. وحملنا مشاعر مختلطة من الحزن والألم
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
الفن رسالة قوية وتغلبنا على مشاعر القلقواجهنا صعوبة في الحصول على الأزياء التراثية وصممنا نظهر بأفضل صورةقلقنا من فهم الجمهور لنا بشكل خاطيء قبل الحفل
افتتحت الفرقة الفلسطينية "وطن الفنون " فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي حيث قدمت مجموعة من الرقصات والفلكلور الفلسطيني في بداية الحفل وحصلت على العديد من الإشادات الجماهيرية وتفاعل الحضور مع الدبكة بشكل كبير وأغنية " فلسطيني" للفنان محمد عساف، ووجه الفنان حسين فهمي الشكر لهم بعد انتهاء الفقرة معلنًا أن جميع أعضائها من فلسطين.
كان لـ “الفجر الفني” لقاء خاص مع مدرب الفرقة مهند سكيك ليكشف تفاصيل تحضيراتهم لهذا الحفل والتحديات التي واجهتهم للمشاركة في المهرجان.
يقول مهند سكيك مدرب الفرقة الفلسطينية أن الفنان حسين فهمي أتفق مع إدارة الفرقة أن تكون فرقتنا "فرقة وطن للفنون " عبارة عن مفاجأة للحضور.
وعن تحضيرات الفرقة قال سكيك:"احنا كفرقة دبكة فلسطينية، الدبكة جزء من هويتنا ومن حبنا لتراثنا، التحضيرات كانت مكثفة، اشتغلنا بقلب واحد وكلنا حماس عشان نطلع بأحسن صورة ونمثل فلسطين بأداء يليق بتراثها تحضيراتنا كانت مش مجرد دبكة وتدريب، كانت كأنها وسيلة نعبر فيها عن اللي بداخلنا، خاصة مع اللي بصير في غزة، كل حركة وكل خطوة على المسرح كانت بتمثل صوتنا وصوت أهلنا اللي يعانوا هناك تعبنا كتير، بس كان إلنا دافع قوي نطلع بأحسن صورة، كلنا كنا بنتدرب بجدية وبروح الفريق، لأنه منعرف إنه هي فرصة لنوصل صوتنا ونبيّن للعالم جمال تراثنا وهويتنا".
وعن ردود أفعال الجمهور على الفقرة:" كانت مشاعرنا ممزوجة بالفخر والتأثر عندما علمنا أن المهرجان متضامن مع فلسطين، هذا التضامن يعني الكثير لنا، ويجعل المشاهد يرى كيف يستطيع الفن توصيل رسائل قوية ويقف بجانب قضايا عادلة، وهذا ما أعطانا حافز للإبداع على المسرح".
وكشف مهند سكيك عن التحديات والأزمات التي واجهتهم قائلًا:" أهم الصعوبات كانت الظروف المادية،
واجهنا صعوبة بالحصول على الأزياء التراثية، ولكن كنا مصممين أن نظهر بأفضل صورة، وبالإضافة لذلك كان هناك ضغط نفسي كبير على الفرقة، نظرًا لشعورنا بمسؤولية ضخمة لتمثيل فلسطين بصورة تليق بها، خاصة في ظل الأحداث فى غزة، كل شخص من الفرقة كان يشعر إنه يمثل صوت أهل وشعب فلسطين".
أضاف قائلًا:" كان لدينا تحدي عاطفي ليس سهلًا، عندما كنا ندبك، كنا نحمل مشاعر مختلطة من الألم والحزن على ما يحدث هناك، ولكن قررنا تحويل هذة المشاعر لطاقة إيجابية ونقوم بتوصيل رسالتنا بشكل قوي على المسرح".
وتابع قائلًا:" كان هناك خوف كبير من كيفية تقبل الجمهور لمشاركتنا في المهرجان في ظل الحرب، كان لدينا حالة قلق من أن يفهمنا الجمهور بشكل خاطيء، ويعتبرها وقت غير مناسب (للدبكة) وينقلب الأمر ضدنا".
واختتم حديثه قائلًا:" عندما صعدنا على المسرح وانتهينا من الدبكة، كل التعب والمخاوف زالت، وعندما رأي أهلنا وأصحابنا في غزة هذا العرض، كان لديهم شعور بالفخر الشديد وشعرنا أن رسالتنا وصلت بنجاح، شعرنا أننا نجحنا في توصيل صوتنا وتراثنا، المشاركة لم تكن مجرد دبكة، كانت موقف وكلمة بإسم كل شخص يعيش هناك، وكانت أكبر دليل على أن الفن رسالة قوية".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي فلسطين حسين فهمى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على المسرح قائل ا
إقرأ أيضاً:
الشايب «سلطان »..ورحلة الموت !
في بداية سبعينيات القرن الماضي، بدأت شمس النهضة التي قادها باني عمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- تتبلور وتتوسع ويزداد بريقها يوما بعد يوم، حينها كانت قريتي العيينة بولاية سمائل الصغيرة تنام بسكون في حاضنة سلسلة جبال الحجر الشرقي تنتظر لحظة التغيير لتأخذ نصيبها من مسيرة التنمية ومظاهر النهضة.
اعتاد أحد سكان القرية ويدعى الشايب سلطان الذهاب في بداية شهر شعبان من كل عام إلى ولاية السيب ممتطيا حماره ليشتري أصنافًا من السلع بنية إعادة بيعها لسكان القرية بسعر أعلى بقليل، وكان الأهالي ينتظرون عودته بفارغ الصبر لشراء ما يلزم من غذاء ومستلزمات استعدادا لرمضان، وهم لا يملكون لوجبة الإفطار عدا التمر وخلطة من القاشع وأحيانا العوال مع البصل والليمون والزعتر، وقليل منهم من يستطيع توفير الأرز والقمح.
برغم نفحات رمضان الإيمانية إلا أن أهالي القرية كانوا يعانون أشد المعاناة خاصة عندما يتزامن الشهر الفضيل مع أيام الصيف، فهم مجبرون على القيام بمهامهم اليومية من حراثة ورعي وجلب الحشائش من قمم الجبال لإطعام بهائمهم، وعندما يحين موعد القيلولة لا يجدون ما يخفف عنهم عناء التعب والعطش إلا الذهاب إلى بساتين النخيل «المال وفق اللهجة الدارجة» يفترشون الأرض ويلتحفون بالشراشف المبللة حتى صلاة العصر، ثم يتجهون بعدها لبيوتهم استعدادا للإفطار.
يتجمع الرجال عادة في المسجد لتناول الإفطار أما النساء فيلزمن البيوت، ثم يرتفع صوت الشايب سلطان مؤذنا لصلاة العشاء، فيشق صوته العذب أرجاء القرية ويسمعه القاطنون على الضفة الأخرى من الوادي فيأتون تباعا لأداء صلاة.
يتجه الناس لأداء صلاة العشاء والتراويح في الجامع القديم للقرية المبني من الطين والأحجار فيتردد صوت القرآن بلسان الوالد صالح وهو يؤم المصلين، ويتبعه بدعاء التراويح، ثم يتناولون القهوة في «صرح» المسجد ويتبادلون الحديث لبعض الوقت، وبعدها يعودون للبيوت ويخلدون للنوم.
المفاجأة التي لم يكن يعلمها أهل القرية أن الشايب سلطان أثناء رحلته المعتادة في شهر شعبان من العام ١٣٩٠ هـ إلى السيب أصيب بعدوى مرض الكوليرا القاتل «الطاعون»، وعندما عاد للقرية قبل رمضان بثلاثة أيام انتابته حمى شديدة أطرحته الفراش، فطلب من ولده بيع السلع تحت «أشجار الأمبا» العملاقة الذي يتوسط القرية.
بعد يومين من مرض دخل الوالد سلطان في غيبوبة ثم غادرت روحه لبارئها وفي اليوم التالي تبعته زوجته، وبدأ المرض بعد ذلك بالانتشار بين أهالي القرية، فتيقن الناس أن كابوسا خطيرًا يداهمهم ولا بد من الحذر، لكن بعد ماذا؟ بعد انتشار المرض وانتقال العدوى إلى العديد من سكان القرية فبدأ الموت يأخذهم واحدا تلو الآخر في أيام متقاربة خيم عليها الحزن في كل مكان.
بدأ بعض سكان القرية يفكرون في الهروب من هذا المرض اللعين، لكن سكان القرى الأخرى وضعوا حراسة مشددة على الطرق المؤدية إلى القرية ليمنعوا الغرباء من دخولها، ويقطعون الطريق أمام أهلها من مغادرة القرية حتى لا يتسببون بنقل العدوى إلى القرى الأخرى.
ظلت القرية تصارع المرض لمدة 3 أسابيع فقدت خلالها 18 شخصا بين رجل وامرأة وطفل حتى شعر الناس أن الموت مصيرهم جميعا، وخيم الحزن على أرجاء القرية، وعلا صوت النحيب على الراحلين الذين يتوافدون على المقابر ليل نهار، لا يوجد مسعف ولا هواتف ولا وسيلة يصلون بها للحكومة الوليدة التي بدأت مهامها منذ أشهر فقط.
في نهاية الأسبوع الثالث، يبدو أن رجلًا شهمًا من إحدى القرى القريبة وصل بطريقة ما إلى العاصمة مسقط وأخبر أحد المسؤولين في تلك الحقبة بأن هناك قرية منكوبة تصارع المرض ولا أحد ينقذها وأن هذا الخطر إذا لم يتم القضاء عليه سيطال باقي القرى.
وعلى الفور سيرت الحكومة طاقمًا طبيًا إلى المنطقة المنكوبة عبر طرق وعرة طويلة، لكن البعثة لم تتمكن من الوصول إلى القرية لعدم وجود طريق للمركبات يربطها بغيرها من المناطق.
فنادى منادٍ من القرية القريبة من فوق جبل مرتفع يطل على القرية، يحث أهلها للنفير إلى مكان البعثة الطبية، فخرج الناس مفجوعين منكوبين يجرون ثوب الحزن ويشعرون بالضياع، منهم من يمشي ومنهم محمول على الأكتاف وآخرون فوق الحمير، وهناك كانت البعثة تنتظرهم تحت شجرة سدر معمرة لا تزال تعيش حتى الآن، وباشرت بتقديم العلاج لهم وتحصينهم ضد المرض الخطير حتى تم القضاء عليه.
توفي الشايب سلطان الذي كان يجلب لهم مؤونة رمضان، وبقي حماره الذي حمل على ظهره 3 من المرضى في طريقهم للعلاج، وظل رمضان في السنوات التالية ولمدة طويلة يجر معه ذكريات الحزن والأسى على الأقارب الذين فقدوا في تلك الجائحة، حتى تعاقبت الأجيال وأصبح الأمر في طي النسيان.