"حُرُوب اليوم".. ليْسَت عَالميَّة
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
الدول القوية والكبرى والفاعلة على الساحة الدولية تخشى تكلفة الحرب أكثر من الدول الضعيفة
تشير الأبحاث والدراسات السياسية والاستراتيجية والتقارير والتحليلات إلى قول فصل يتضمن ذهابنا إلى "حرب عالمية ثالثة"، الأمر الذي كرَّس مخاوف لدى معظم سكان العالم، ولكن بنسب مختلفة تزيد أو تقل حسب الموقع الجغرافي من ميدان الحرب، الذي يبدأ من الدول المجاورة، وقد لا ينتهي عند الحدود القاريَّة، فعلى سبيل المثال، تتخوف الدول الأوروبية المجاورة لأوكرانيا من تمدد الحرب، وكذلك الأمر بالنسبة للدول المجاورة لفلسطين ولبنان.
من الناحية الإعلامية، كما هو لجهة الموقفين السياسي والعسكري، فإن العالم فيه كثير من بؤر التوتر ما يجعله في حروب دائمة لم تنقطع، وهو ما يبدو جليّاً في كثير من مناطق العالم، بل أنه يشمل كل القارَّات، فمنطقتنا العربية ـ مثلاً ـ واجهت منذ 1948 إلى أيامنا هذه عدداً من الحروب التي أجبرت عليها، حيث خاضت دولنا حروبا جماعية ضد الأعداء ومنهم إسرائيل بوجه خاص، وأخرى فردية حين غزتها قوى خارجية، وقضت على أنظمتها السياسية، وسيطرت بشكل مباشر على صناعة القرار فيها، وهناك نوع ثالث من الحروب توزع في منطقتنا بين حربين أهلية وجوارية.
والذين يتوقعون اليوم حدوث حرب عالمية ثالثة، بل يذهبون إلى وجود مؤشرات تشي جميعها بوقوعها، هم أولئك الذين ينظرون إلى الحالة الراهنة من زاويتين:
الأولى، تتعلق بما يحدث الآن، خاصة المواجهة الحالية بين الغرب، ممثلا في التحالف الأوروبي ـ الأمريكي ضد روسيا الاتحادية على خلفيّة الحرب الدائرة في أوكرانيا، وكذلك حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، ما يعني المواجهة بين إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، ودول المنطقة، وتحديدا إيران.
والزاوية الثانية: هي ميراث الحربين العالميتين السابقتين (الأولى والثانية)، لجهة تمدد الحرب لتشمل دول العالم كلها، من منطق عوامل كثيرة، منها: الثروات، والطاقة، والمواقع الجيو ـ استراتيجية.. إلخ.
من الناحيتين الواقعية والحقيقية، فإن الدول القوية والكبرى والفاعلة على الساحة الدولية تخشى تكلفة الحرب أكثر من الدول الضعيفة، لأن هذه الأخيرة، ومنها دولنا العربية، لم تتمتع بسلام حقيقي إلا قليلا.. أنها تعيش فترات متقطعة من تاريخها الوطني والقومي تحت مآسي الحروب، أي أنها لا تزال في خضم زمن الحرب العالمية الثانية، أو على الأقل تبعاتها، ما يعني أن الحرب لم تضع أوزارها، وهي تقوى وتضعف بناء على حسابات الدول الخارجية وميراثها الاستعماري أكثر من دوافعها الداخلية الوطنية والقومية.
من ناحية الخطاب الموجه للرأي العام العالمي يمكن للخبراء ـ أو من يدعون ذلك ـ أن يروجوا لقرب اندلاع حرب عالية ثالثة، وهذا القول قد يقبل من الناحية النظرية إما لتخويف الناس أو لتحذيرهم، لكن غير ممكن الحدوث على المستوى العالمي في الوقت القريب، وإن كان متوقعاً بنسبة أكبر في الأمد البعيد ضمن "سنن التدافع"، وبديله في الوقت الراهن، احتمال قيام حرب إقليمية في منطقة بعينها من العالم، وتحديداً في أوروبا انطلاقاً من الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا، حيث تحظى بدعم أمريكي ـ قد يتغير في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب ـ كما تحظى هذه الأخيرة بدعم أوروبي، وإن كانت بعض الدول المجاورة لها بدأت تحضر نفسها لحرب مقبلة أخبرت بها شعبها.
القول بقيام حرب إقليمية قد يشمل منطقتنا العربية حقيقية، لكن لن تسهم فيه دول الجوار المحاذية لدول الحرب، إنما دول أخرى شريكة معنا في الجغرافيا، ولكنها من الناحية الاستراتيجية مهمة لدولنا الوطنية، ولها تحالفاتها المرتبطة بمصالحها، الأمر الذي قد يجعل من أوطاننا مجالا للصراع الدولي، وقد ننتهي إلى ضحية نتيجة التحالفات الدولية، تماما كما ستؤول إلى ذلك الدول التي ستواجه الغرب لأجل وحدتها الترابية مثل الصين، التي لا تزال تصر على ضمِّ تايوان، وهذا نوع آخر من الحروب، الذي سيختلط فيه الانفصال من أجل الحرية مع أجندة الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني إبعاد الصين عن السلام، وجعلها في خوف دائم من الحرب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
الفرصة الاخيرة !
مناظير الاثنين 18 نوفمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* من المتوقع أن تتقدم بريطانيا وفرنسا اليوم بمشروع قرار لمجلس الأمن يلزم أطراف القتال في السودان بإيقاف الاعمال العدائية فورا وفتح جميع المنافذ والمعابر لتيسير تسليم المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع دون أي عوائق، وهى في رأيي المتواضع الفرصة الأخيرة لانقاذ السودان وشعبه من الضياع والفوضى إذا حاز المشروع على الاغلبية المطلوبة (9) من أعضاء المجلس الخمسة عشر، بالإضافة الى عدم إستخدام حق الفيتو (الإعتراض) بواسطة روسيا أو الصين اللتين تعودتا منذ العهد البائد على تعطيل قرارات مجلس الأمن ضد السودان أو المراوغة لتعديلها وتخفيفها مراعاة لمصالحهما في السودان!
* إستباقا للمشروع البريطاني إنتهز (حسين عوض الحاج) نائب وزير الخارجية المزيف لحكومة الأمر الواقع في بوراتسودان الفرصة خلال زيارته لروسيا الاسبوع الماضي لحضور المنتدى الوزاري الروسي الأفريقي ليطلب من الدولة الروسية حمايتهم من القرارات والعقوبات الدولية في مجلس الأمن قائلا في مساومة واضحة لروسيا يقصد بها (القاعدة العسكرية الروسية) التي تم الاتفاق عليها ابان عهد المخلوع البشير وأسقطتها الثورة السودانية المجيدة: "نأمل أن تستخدم روسيا نفوذها في مجلس الأمن حتى نتمكن من تجنب سطوة الدول الغربية التي تحاول ممارسة الكثير من الضغوط علينا، بما في ذلك العقوبات" .. وسبقه الى تلك المساومة في حوار مع قناة (الجزيرة مباشر) رئيسه المباشر (علي يوسف) الذي تقلد المنصب الوزاري مؤخرا مُعربا "عن استعدادهم لمنح القواعد العسكرية و(بيع السيادة السودانية) لكل من ترغب من القوى العظمى" !
* وُلد المشروع البريطاني على إثر زيارة الدكتور (عبدالله حمدوك) رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) في الاسابيع الاخيرة لعدد من الدول الاوربية ومقر الاتحاد الاوروبي ولقائه بعدد من كبار المسؤولين في دوائر اتخاذ القرار في تلك الدول وعلى رأسها بريطانيا التي تولت رئاسة مجلس الأمن في بداية هذا الشهر، وبحث معهم الازمة السودانية وتطورات الحرب والأوضاع الإنسانية المتردية في السودان والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون، واحتمال انزلاق السودان الى حرب أهلية شرسة أسوأ بكثير من الحرب الرواندية في عام 1994، فضلا عن انتشار المليشيات والجماعات الارهابية ومافيا الحروب بشكل كثيف بما يهدد الوجود السوداني وينذر باتساع نطاق الفوضى والارهاب في منطقتي القرن الافريقي والساحل الافريقي اللتين تعانيان في الأساس من هشاشة امنية تنعكس سلبا على استقرار العالم والقارة الاوروبية على وجه الخصوص المرهقة من الهجرة غير الشرعية والحرب الاوكرانية ولا ترغب في إضافة أزمة جديدة للأزمات التي تعاني منها!
* على خلفية زيارة (حمدوك) التي حظيت باهتمام كبير في مراكز اتخاذ القرار والاجهزة الاعلامية والمنظمات الحقوقية والانسانية التي وجهت انتقادات حادة لبريطانيا والمجتمع الدولي لتجاهلهم للازمة السودانية، سارع وزير الخارجية البريطاني (ديفيد لامي) للادلاء بتصريحات صحفية، معلنا تولي بريطانيا لرئاسة مجلس الأمن اعتبارا من اول نوفمبر، وواعدا بجعل السودان من أولوياته بشكل خاص وأولويات الدولة البريطانية وشركائها في العالم الحر، وإلتزم بطرح القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان خلال زيارته لمدينة نيويورك ومجلس الامن خلال هذا الاسبوع، ومناقشة السبل الممكنة للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب المستمرة والكارثة الإنسانية المتفاقمة!
* لم يقتصر الاهتمام الدولي على بريطانيا فقط، بل اعلنت العديد من الدول من بينها فرنسا وألمانيا ومفوضية الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي ممثلة في رئيسها (جوزيف بوريل) بأن الوقت قد حان لوضع حد لما يحدث في السودان وايقاف الحرب وحماية المدنيين.
* ورشح في الأخبار بأن منظمة الايقاد وضعت خطة من عدة نقاط لمعالجة الازمة السودانية من بينها إرسال قوة عسكرية تتكون من 7000 جندى لحماية المدنيين، كما يزور السودان اليوم المبعوث الامريكي (توم بيرييلو) ليبحث إستئناف المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، وهى الزيارة التي كان من المفترض أن تحدث أمس ولكن تم تأجيلها الى اليوم!
* يبدو أننا في انتظار تطور مهم للازمة السودانية الشائكة، إما صدور قرار من مجلس الامن ملزم للطرفين بوقف الحرب، او ضياع الفرصة وانزلاق السودان للفوضى !