حطم الممثل الأميركي توماس ريدينغ الأرقام القياسية في الانتشار بمشهد استطاع من خلاله أن يصل إلى العالم كله، ولكن ذلك المشهد لم يكن تمثيلا، بل حقيقة وقعت في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، إذ قاد مجموعة من اليمين المتطرف لتحطيم إحدى نوافذ الكونغرس، وتخريب محتويات بعض القاعات.

لم يرشح ريدينغ -الذي ينحدر من أصول سويدية- للفوز بالأوسكار أو السير على السجادة الحمراء، كما كان يحلم دائما، وإنما وجهت إليه اتهامات جنائية قد تصل عقوبتها إلى الحبس أكثر من 12 عاما.

يظهر ريدينغ في حادث اقتحام مبنى الكونغرس بهدف تعطيل اعتماد نتيجة انتخابات 2020، ومنع هزيمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، واقفا بلحيته الكثيفة وعيونه الزرقاء المتوحشة على حافة نافذة مكسورة، وهو يصرخ في وجوه الآخرين باستخدام مكبر صوت "الفرصة الأخيرة، من يريد أن يصنع التاريخ معي؟".

يعيد المكبر إلى شخص يقف بجانبه، ويدخل مبنى الكونغرس من خلال النافذة المكسورة، ثم إلى غرفة قلبت رأسا على عقب، ثم يقود مجموعة من المخربين خارج الغرفة إلى الممر المجاور، ويركل بقدمه باب غرفة اجتماعات أخرى عدة مرات لفتحها. يفتش ومعه عدة أشخاص في الأوراق، ينهبون الغرفة، قبل أن يغادروا المبنى حاملين قناعا واقيا من الغاز للذكرى.

المجهول

كان الممثل الهوليودي مجهولا حتى ذلك الوقت، وبقي كذلك عاما آخر بفضل اللحية والقبعة، لكن الوشاح السويدي الذي ارتداه تحول إلى وسم (هاشتاغ)، واستطاع رواد مواقع التواصل الاجتماعي التعرف عليه قبل أن تعلن السلطات الأميركية هويته.

وبدلا من قوائم نجوم الأوسكار، انتهى المطاف بتوماس ريدينغ في قائمة المطلوبين لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) المتهمين بأعمال الشغب في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.

كان ريدينغ ممثلا هامشيا، يعمل في خدمة النجوم أحيانا، ويقف في مواجهتم ممثلا أحيانا أخرى، لكنه اليوم هارب ويواجه تهم التآمر وإعاقة الإجراءات الرسمية والمساعدة والتحريض والتلاعب بالوثائق والإجراءات وسرقة وتدمير ممتلكات حكومية ودخول مبنى غير مسموح به (مبنى الكونغرس).

شارك ريدينغ في العديد من الأعمال الفنية في هوليود، أشهرها فيلم "الفنان" (The Artist) من إخراج ميشيل هازانافيسيوس وبطولة جان دوغارو دانبيرينيس وجون غودمان، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات من بينها "العناية الإلهية" (Providence) عام 1999 و"الفتيات الطيبات لا يفعلن" (Good Girls Don’t)، وغيرها.

الاسم الحقيقي لتوماس ريدينغ هو بول بيلوسيتش، ولم يكن أي من الاسمين معروفا لدى السلطات الأميركية فضلا عن الوجه، الذي غطى صاحبه نصفه بلحية والنصف الثاني بقبعة، بالإضافة إلى الوشاح السويدي، بقيت عيناه الزرقاوان وصوته الجهوري في الفيديوهات التي انتشرت للحادث.

الحياة بجوار الأغنياء

نشأ بول بيلوسيتش -الذي يبلغ حاليا 49 عامًا- بين أشجار النخيل والمشاهير في لوس أنجلوس، ووفقا لمقابلات "هوليود ريبورتر" مع عشرات الأصدقاء والزملاء السابقين، فإن تحوله نحو التطرف يبقى محيرا بعد أن كان ليبراليا يكره الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش.

قصة بول بيلوسيتش بدأت مع الممثل الطموح الذي تراجعت مسيرته المهنية، والذي نشأ وسط شهرة وثروة هوليود، لكنه فشل في الوصول إلى السجادة الحمراء بنفسه. وبدلاً من ذلك، عمل في خدمة مشاهير وأثرياء لوس أنجلوس، وانحدر إلى قيادة سياراتهم في فندق بيفرلي هيلز وماليبو بيتش إن، وتقديم المشروبات لهم في نادي هوليود الرياضي.

المؤكد أنه نشأ في حي ثري بالقرب من بيفرلي هيلز في لوس أنجلوس، لكن الذين عرفوه يقولون إنه وعائلته لم يكونوا أثرياء، والشاب نفسه لم يستقر على حلم محدد ولم يثق في تحقيق أي من أمانيه، بل لجأ إلى الكذب على زملائه، حيث أخبر صديقًا له أنه التحق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، مثل والديه، لكن مكتب التسجيل في جامعة كاليفورنيا نفى وجود اسمه.

في المدرسة الابتدائية أظهر بيلوستيش تحديًا للإدارة، وعلى الرغم من أنه كان محبوبًا من قبل زملائه في الفصل، فإنه كان معروفا بالتورط الدائم في المشاكل ويتذكر زملاؤه، في ذلك الوقت ظهرت عليه علامات تشي بأنه عاش طفولة مضطربة وغير مستقرة. يقول أحدهم "كانت لديه علاقة صعبة مع والده أثناء طفولته" و"كان يحاول الهروب من منزله".

بعد المدرسة الثانوية، بينما ذهب أصدقاء بيلوسيتش وأقرانه في الغالب إلى الجامعات، تابع هو مهنة التمثيل في مدينة نيويورك، ثم عاد إلى لوس أنجلوس بحلول عام 1997.

التقى بيلوسيتش مع سارة وايت في الإعدادية، وشكلا ثنائيا استمر حتى لحظة اختفاء الممثل المتهم، لذلك ما إن عاد إلى لوس أنجلوس من نيويورك وبدأ العمل في نادي هوليود الرياضي حتى عادت علاقتهما كما كانت قبل انتقاله إلى نيويورك، تقول وايت "صعدت إلى النادي فرأيت هذا الرجل الذي يشبه براد بيت نوعًا ما، وصرخت إنه صديقي بيل (بيلوسيتش)".

عمل الاثنان معا في مهن مختلفة في صناعة الترفيه، بينها تصميم الأزياء والعديد من المهن الخدمية، واعتاد بول الدخول للحفلات بأسماء مستعارة، واستخدام بيانات مزيفة، وكان يبرر ذلك بقوله "لن أدع الحكومة تأخذ أي أموال مني".

الشك والتمرد والإحباط

يقول أصدقاء بيلوسيتش إنه كان لديه شك تجاه السلطة تنامى على مر السنين، مما أدى به إلى معتقدات متطرفة، بلغت ذروتها في اقتحام الكونغرس، وقبل ذلك أثناء خروجه عام 2020 في مظاهرات مضادة لتلك التي نظمتها حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، كما خرج في مظاهرات أخرى ضد التدابير الاحترازية التي أعلنتها السلطات الأميركية آنذاك للوقاية من وباء كورونا (كوفيد-19).

وخلال اجتماع أسبوعي للمحافظين في بيفرلي هيلز، وقع بيلوسيتش مع مجموعة من النشطاء اليمينيين تأييدهم المطلق لترامب، وقالوا إنهم جاؤوا ليؤكدوا أن انتخابات 2020 "قد سرقت منه". ووضع أعضاء المجموعة خططًا للسفر إلى واشنطن العاصمة "لطرد الخونة بالعنف"، وفقًا لما ذكره عضو سابق في المجموعة لهوليود ريبورتر.

ولم يكن تمرد الكونغرس هو أول مواجهة لبيلوسيتش مع شرطة مكافحة الشغب، فقد حضر احتجاجًا وحفلًا موسيقيًا خارج المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام 2000 في لوس أنجلوس. خرج بعده وصرح لإحدى الصحف بأنه ضُرب ومعه العديد من المتظاهرين من قبل الشرطة على بعد مسافة كبيرة من منطقة الاحتجاج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی لوس أنجلوس

إقرأ أيضاً:

بعد حرائق لوس أنجلوس.. السلطات تطالب سكان كاليفورنيا بمغادرة منازلهم

انهيارات أرضية خطيرة، شهدتها ولاية كاليفورنيا الأمريكية بعد هطول أمطار غزيرة تسببت في غرق الولاية، بعد أسابيع قليلة من اندلاع حرائق غابات لوس أنجلوس، ما جعل السلطات تطالب السكان بمغادرة المدينة، وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية.

وتسببت الرياح القوية والأمطار الغزيرة في مواقف خطيرة للغاية لسكان كاليفورنيا، وأدى الانهيار الطيني لسقوط السيارات وقلبها على جانبها.

وقال أحد السكان المحليين لقناة فوكس 11 في لوس أنجلوس، إن المياه غمرت المناطق بعد إخلائها بسبب الحرائق، مضيفًا: «كما تعلمون، بعد إخلاء مثل هذا الحريق المؤلم، لا نحتاج إلى خوف آخر».

السلطات تخبر السكان بمغادرة كاليفورنيا

وتقوم السلطات بجولات على المنازل في بعض المناطق، لإخبارهم بضرورة مغادرة منازلهم والوصول إلى أماكن آمنة، بعد حدوث الانهيارات الأرضية الخطيرة، خاصة في المناطق المحترقة، حيث احترقت النباتات التي تساعد في الحفاظ على ثبات التربة.

وفي مدينة باسيفيك باليساديس بولاية كاليفورنيا، غمرت المياه تقاطعًا من الطريق السريع، وحاول بعض السائقين شق طريقهم عبره، كما شهدت منطقة شمال كاليفورنيا أيضًا فيضانات بسبب العاصفة الجوية.

إصدار تحذير بحدوث فيضانات

وفي منطقة الخليج، تم الإبلاغ عن حدوث انهيارات، كما أنه تم إصدار تحذير من حدوث فيضانات مفاجئة في جبال سانتا كروز، وعلى المرتفعات العالية، تتأثر منطقة شمال كاليفورنيا أيضًا بكميات هائلة من الثلوج. 

وتساقطت الثلوج بكثافة مساء الخميس، وطلب من السكان عدم الخروج منها، خاصة في منطقة سييرا، ومن المتوقع أن يصل ارتفاع الثلوج على مستوى بحيرة تاهو إلى قدم واحدة، في حين أن الممرات ستصل إلى 4 أقدام.

مقالات مشابهة

  • انزعاج إسرائيلي من بقاء حماس حاكمة لغزة بعد الفشل في إخراجها من المشهد
  • أبوبكر مروان: منتج إنقاص الوزن المغشوش سبب الفشل الكلوي لبعض المواطنين
  • الأنبا توماس يستقبل الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
  • وفد من مجلس كنائس الشرق الأوسط يزور إيبارشية الجيزة للأقباط الكاثوليك
  • من العالم.. محامي يحوّل مكتبه لـ«مقبرة» في مصر وفيضانات وانهيارات في «لوس أنجلوس»
  • أموال حزب الله تشعل لبنان.. الجيش يتدخل لمواجهة الفوضى قرب مطار بيروت.. اليونيفيل: الاعتداء علينا جريمة حرب.. عون ونواف يحذران من التخريب
  • ‎فيضانات وانهيارات أرضية تضرب لوس أنجلوس بسبب الأمطار .. فيديو
  • بعد حرائق لوس أنجلوس.. السلطات تطالب سكان كاليفورنيا بمغادرة منازلهم
  • الأخدود يستعد لإقالة مدربه الكرواتي وتعيين مدرب عربي بديلاً
  • بعد الحرائق المدمرة.. خطر جديد يهدد مدينة لوس أنجلوس وأوامر بالإخلاء