لهذه الأسباب فاز الجمهوريون وخسر المحافظون
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
في دول الغرب، عقب كل انتخابات نيابية أو رئاسية، يعكف المحللون على تقديم تحليلات في البرامج السياسية التلفزية، أو نشرها في صحف ودوريات، ويحاولون من خلالها توضيح الأسباب التي أدَّت إلى هزيمة أو فوز حزب أو رئيس، أو الاثنين معاً.
ولأهميتها، ومكانة أميركا دولياً، استأثرت الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة بتزاحم المعلقين السياسيين على شرح الأسباب التي أدَّت بالديمقراطيين إلى هزيمة انتخابية رئاسية لم تكتفِ بإبعادهم عن البيت الأبيض، بل ساهمت في فقدانهم لأغلبيتهم في مجلس الشيوخ.والنتيجة النهائية أنّهم خرجوا من المولد بلا حمص.
وبالمتابعة، نلاحظ أن أغلب تلك التحليلات ترجح كفة العامل الاقتصادي، ممثلاً في فشل الحكومة في السيطرة على التضخم، وارتفاع أسعار السلع الضرورية... إلخ.
تلك التحليلات لاقت رواجاً في وسائل الإعلام الأميركية، رغم ما ظهر في المقابل من تحليلات أخرى لا تستبعد العامل الاقتصادي كلية، بل تضع ثقلها خلف عوامل لا علاقة لها بالاقتصاد، ثقافية تحديداً. ويرجحون أنها وراء بقاء نحو 8 ملايين ناخب من أنصار الحزب الديمقراطي في بيوتهم يوم الاقتراع احتجاجاً على سياسات الحزب الليبرالية أكثر من اللازم، على حسب زعمهم. ناهيك عن الملايين غيرهم ممن قرروا دعم الحزب الجمهوري، خاصة في الولايات المتأرجحة.
هؤلاء المعلقون، على قلتهم، كانوا أكثر تشخيصاً وإنصافاً للواقع الأميركي، ولإدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن خلال السنوات الأربع الأخيرة. ونظراً لخبراتهم في المجال الاقتصادي، قدموا العديد من الأدلة على رجحان العوامل الثقافية التي أدت إلى حروب ثقافية وانقسامات في المجتمع بين مختلف فئاته. فهم يرون أن الاقتصاد الأميركي، محل الانتقاد، كان في وضعية أفضل بكثير لدى المقارنة باقتصادات دول العالم الأخرى، في مرحلة ما بعد الفيروس «كوفيد». وأن إدارة الرئيس بايدن، في رأيهم، تستحق الثناء على حسن أدائها الاقتصادي. إذ شهد الاقتصاد نمواً بلغ 3 في المائة، وهي نسبة لم تتكرر في أي من الاقتصادات الغربية. وازدادت مداخيل الأفراد مقابل انخفاض في نسبة البطالة لدى المقارنة بالإدارة السابقة، الأمر الذي خلق بيئة مشجعة للمستثمرين. وفي نفس السياق، يؤكدون أن السياسة الحمائية التي وعد بتنفيذها الرئيس المنتخب دونالد ترمب سوف تكون لها تأثيرات اقتصادية سلبية، تطال أضرارها فئات كثيرة.
وبالتأكيد، هذه الحقائق مبنية على إحصائيات رسمية، مما يجعلنا في غنىً عن الخوض في الجدال حولها. لكنها في نفس الوقت تفتح الباب أمام جدال آخر، يتعلق بمدى نجاح أو فشل إدارة الرئيس بايدن في نقل الرسائل الإيجابية عن الحالة الاقتصادية للناخبين، أو إخفاقها كذلك في السيطرة على التضخم. كما أن استمرار ارتفاع أسعار السلع الضرورية جعل من الصعوبة بمكان عليها إقناع الناخبين بتحسن أوضاعهم اقتصادياً.
المقارنة بما حدث في الانتخابات النيابية البريطانية يوم 4 يوليو (تموز) 2024، وما أدَّت إليه من هزيمة قاسية للمحافظين تؤكد التقارير أنها غير مسبوقة، ووصول حزب «العمال» إلى الحكم بعد غياب استمر قرابة عقد ونصف من الزمن، قد تضيء جوانب أخرى، تساهم في توضيح الرؤية حول فوز الجمهوريين وخسارة المحافظين، آخذين في الاعتبار اختلاف النظامين السياسيين البريطاني والأميركي.
في بريطانيا، استناداً إلى معلقين سياسيين بريطانيين، فإنَّ حزب «العمال» لم يربح الانتخابات، بل إن حزب «المحافظين» هو من خسرها. وهم يرون أن الناخبين ملوا وضاقوا بحكم المحافظين، وانقساماتهم، ونقضهم لوعودهم، وما كان ينشر في وسائل الإعلام من أخبار وفضائح على مستويات عديدة قام بها مسؤولون على مقاعد الوزارة وغيرهم. ذلك التعب أو الملل من حكم المحافظين كان وراء دفع الناخبين إلى اتخاذ قرار ضرورة التخلص منهم. وهو نفس السبب الذي جعل الناخبين لا يمحّصون البرنامج الانتخابي لحزب «العمال»، ولا يحرصون على التدقيق فيما كان يصدر من تصريحات لقائده السير كير ستارمر أو غيره من المسؤولين. وكان أغلب المعلقين الجادّين يرددون أن حزب «العمال» غير مؤهل للحكم بعد، وأن سياساته الاقتصادية، على وجه الخصوص، ينقصها الكثير من الوضوح اللازم، وتعاني من ثغرات واضحة. وجاهة هذا الرأي اتضحت أكثر خلال الشهور الخمسة الماضية. وتبين أن العماليين ما زال أمامهم الكثير للتمكن من التغلب على المصاعب الاقتصادية الموروثة، وتحقيق وعودهم بالنمو والازدهار الاقتصادي. وبدت أوجه القصور أكثر وضوحاً لدى إعلان وزيرة الخزانة عن ميزانية لم تشهدها بريطانيا من قبل، وأثارت سخطاً عاماً في أغلب الأوساط، وخاصة في مجال الأعمال بسبب تفاقم ارتفاع الضرائب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الانتخابات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
شهر على عودة الرئيس ترامب.. الأيام الثلاثون التي هزت العلاقات بين ضفّتي الأطلسي
شهر واحد فقط مرّ بالكاد على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لكن دونه زلازل وتقلبات أصابت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مقتل.
تشهد العلاقات بين ضفتي الأطلسي حالة من التقلبات وقد مرّ شهر بالكاد على تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير/كانون الثاني الماضي. حيث ألقت هذه العودة أحجارا لا حجر واحدا في مياه العلاقات الدولية، فما هي تلك الأحجار؟
الرسوم الجمركيةوكانت التجارة هي نقطة الخلاف الأولى. فقد فرض الرئيس الأمريكي رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم.
بعدها، أعلن الملياردير عن رسوم جمركية متبادلة، انطلاقا من مبدأ يعتنقه ألا وهو العين بالعين والسنّ بالسنّ مما رفع الحرب التجارية إلى مستوى أعلى.
وأعلن الرئيس الأمريكي:"فيما يخص التجارة، قررت، حرصًا على العدالة، فرض رسوم جمركية متبادلة، بمعنى أن جميع الدول التي تفرض رسومًا جمركية على الولايات المتحدة... سنفرض عليها رسومًا جمركية".
وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تبحث القارة العجوز عن ردّ.
إذ توعدّت رئيسة المفوضية الأوروبية بأن "الرسوم الجمركية غير المبررة المفروضة على الاتحاد الأوروبي لن تمر دون رد".
وأكدت أورسولا فون دير لاين في مؤتمر ميونيخ للأمن قائلة: "نحن أحد أكبر الأسواق في العالم. سوف نستخدم أدواتنا لحماية أمننا ومصالحنا الاقتصادية، وسوف نحمي عمالنا وشركاتنا ومستهلكينا في جميع الأوقات".
Relatedمن الولايات المتحدة إلى ألمانيا.. كيف أصبح ماسك لاعبًا سياسيًا مؤثرًا؟فانس: الهجرة غير الشرعية تهدد الغرب.. والسلام في أوكرانيا "على الطاولة"ترامب يصف زيلينسكي ب "الديكتاتور" وينصحه بالتحرك بسرعة "وإلا لن يبقى له بلد"ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية الحرب التي دمرت أراضيها ويدعو لإجراء انتخابات إيلون ماسك يهاجم ستارمر وشولتس.. هل تعكس تصريحاته استراتيجية أمريكية جديدة تجاه أوروبا؟ فانس: الخطر الحقيقي الذي يواجه أوروبا يأتي من داخلها لا من روسيا ولا الصينالحرب في أوكرانياعلى هامش محادثات السلام في أوكرانيا، بدأ وفد أمريكي مفاوضات ثنائية مع موسكو في السعودية يوم الثلاثاء الماضي، مما فتح الباب أمام تقديم العديد من التنازلات لفلاديمير بوتين
وقال دونالد ترامب:"لا أرى كيف يمكن لدولة في موقف روسيا أن تسمح لهم (أوكرانيا) بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي" .
وأضاف:"أعتقد أن هذا هو سبب اندلاع الحرب" ، مرددًا خطاب موسكو.
في الجانب المقابل، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى رصّ الصفوف وتوحيد المواقف للحديث بصوت واحد.
فقد أكد أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، في مؤتمر ميونيخ للأمن،"سنواصل دعم أوكرانيا في المفاوضات، من خلال تقديم ضمانات أمنية، وفي إعادة الإعمار وباعتبارها عضوا مستقبليا في الاتحاد الأوروبي" .
وقد ذهب دونالد ترامب إلى أبعد من ذلك في الأيام الأخيرة ، حيث شكك في شعبية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي واتهمه بأنه "ديكتاتور"، مما أثار سيلا من الانتقادات من قبل الأوروبيين.
إذ ردت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك على قناة ZDF التلفزيونية العمومية بالقول: "إنه أمر سخيف تمامًا. لو لم تكن متسرّعا في التغريد (على منصة إكس تويتر سابق، لكنت رأيت العالم الحقيقي وكنت عرفت من في أوروبا يعيش للأسف في ظل ظروف ديكتاتورية: إنهما شعبا روسيا وبيلاروسيا"،
وأضافت بايربوك:"الشعب الأوكراني مع إدارته يناضل كل يوم من أجل الديمقراطية في أوكرانيا".
في الفترة التي تسبق الانتخابات المبكرة في ألمانيا يوم الأحد، انتقد نائب الرئيس الأمريكي ما يُقال عن تراجع حرية التعبير في أوروبا.
قالجي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي: "إن أكثر ما يقلقني أن التهديد الذي يواجه أوروبا ليس روسيا أو الصين أو أي طرف خارجي آخر. بل ما يقلقني هو التهديد من الداخل- تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية، وهي قيم مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وأثارت تلك التصريحات حفيظة برلين، إذ ندد المستشار الألماني أولاف شولتز بالتدخل الأجنبي قائلا: "لن نقبل أن يتدخل أشخاص ينظرون إلى ألمانيا من الخارج، في ديمقراطيتنا وانتخاباتنا ولا في المسار الديمقراطي لتشكيل الرأي.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يفعل فيها "الترامبيون" ذلك. ففي 9 يناير، أي قبل عشرة أيام من تنصيب دونالد ترامب، كان الملياردير الأمريكي والصديق المقرب من الرئيس المنتخب إيلون ماسك قد حدد النغمة بالفعل من خلال الدردشة المباشرة على شبكته الاجتماعية X مع أليس فايدل، مرشحة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
وبهذا يبدو أن صفحة جديدة قد طُويت. فوفقًا لدراسة أجريت مؤخرًا، يعتبر الأوروبيون الآن الولايات المتحدة "شريكًا ضروريًا" وليس "حليفًا".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية الكشف عن ورشة سرّية لتزوير الأعمال الفنية في إيطاليا ترامب يصف زيلينسكي ب "الديكتاتور" وينصحه بالتحرك بسرعة "وإلا لن يبقى له بلد" الغزو الروسي لأوكرانيادونالد ترامبالاتحاد الأوروبيالولايات المتحدة الأمريكيةأمن