ما أشبه اليوم، ب 16 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1962، عندما وقف العالم على شفير حرب نووية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وإن اختلفت الأسباب واختلف القادة في البيت الأبيض والكرملين، لكنّ هناك وجهاً واحداً لم يتغير هو أن الصراع بين العملاقين بقي على حاله لأسباب مختلفة.
في ذلك اليوم قبل 62 عاماً اشتعلت الأزمة بعد أن اكتشف الأمريكيون نشر صواريخ نووية سوفييتية في الأراضي الكوبية على بعد 90 ميلاً من الأراضي الأمريكية، ما جعل العالم يقف طوال 13 يوماً على حافة جر البشرية إلى كارثة نووية.
كان الصراع بينهما يأخذ شكل صراع أيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث سعت الدولتان إلى التنافس على بسط هيمنتهما على العالم بهدف تأمين مجالاتهما الحيوية وذلك في ظل ظروف عالمية متوترة، واصطفافات سياسية وعسكرية بين المعسكرين.
وقد حبس العالم أنفاسه طوال أسبوعين في انتظار ما يمكن أن يحدث، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي جون كيندي فرض حصار بحري على كوبا، وتفتيش السفن المتجهة إليها، وتسيير طلعات جوية استكشافية فوق مواقع منصات الصواريخ، ونشر صواريخ أرض - جو حول العاصمة واشنطن.
يومها تسارعت الجهود والاتصالات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو لتفادي الكارثة وعدم الوقوع في خطأ الحسابات، وفي يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني بدأت السفن السوفييتية بالتراجع عن السواحل الكوبية، كما تلقّى الرئيس الأمريكي آنذاك جون كيندي يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني رسالة من الزعيم السوفييتي نيكيتا خورشوف يبلغه فيها بأنه سيزيل هذه الصواريخ، وانتهت الأزمة يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني باتفاق يقضي بسحب الصواريخ مقابل التخلص من الصواريخ الأمريكية التي كانت منصوبة في بريطانيا وألمانيا وتركيا.. وتنفس العالم الصعداء وانتهى الكابوس.
ويتكرر المشهد اليوم بعد ألف يوم من الحرب الأوكرانية، إذ لم تمر ساعات على قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» في ضرب العمق الروسي حتى وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وثيقة محدثة لاستخدام السلاح النووي تقضي بأن «أي هجوم تقليدي على روسيا من قبل أي دولة بمشاركة دولة أخرى يعتبر هجوماً مشتركاً على بلاده»، ويعكس هذا التوقيع على العقيدة المنقحة أن أي هجوم جوي على روسيا وعلى أراضي حليفتها بيلاروسيا يمكن أن يؤدي إلى رد فعل نووي، وهو بذلك يرسم «خطاً أحمر» أكده المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بالقول إن الهدف من العقيدة النووية الروسية المحدثة هو «جعل الأعداء المحتملين يدركون أن الرد على أي هجوم على روسيا أو حلفائها أمر حتمي». وأضاف: «إن استخدام الأسلحة النووية إجراء قسري شديد». من جهته نصح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية بعدم التصعيد والإطلاع على العقيدة المحدثة لاستخدام السلاح النووي، وأشار إلى أن أوكرانيا «لا تستطيع استخدام الصواريخ البعيدة المدى من دون مساعدة الأمريكيين».
لم تتأخر أوكرانيا في ضرب روسيا لأول مرة بصواريخ بعيدة المدى، وذلك بعد ساعات من قرار بايدن السماح لها باستخدام صواريخ «أتاكمز»، إذ استهدفت مواقع استراتيجية في منطقة بريانسك بستة صواريخ، وهو هجوم ما كان ليحدث دون دعم مباشر من الدول الغربية التي توفر عمليات الاستطلاع والإحداثيات والإطلاق.
الموقف خطر ومعقد، ويحتاج إلى جهد دبلوماسي كبير لتفكيك تعقيداته، وهو أمر غير متوفر حتى الآن، كما لا تتوفر قيادات كتلك التي كانت في ستينيات القرن الماضي قادرة على إدراك مخاطر انزلاق العالم إلى حرب نووية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
ما مدى خطورة الصواريخ الغربية لدى أوكرانيا على روسيا؟
ومن غير المستبعد أن تسمح بريطانيا وفرنسا لأوكرانيا أيضا باستخدام صواريخ Storm Shadow التي يصل مدى عملها إلى 500 كم.
يذكر أن الجيش الأوكراني قد خسر عددا كبيرا من منصات الإطلاق M270 MLRS وM142 HIMARS التي يمكن أن تطلق صواريخ ATACMS وذلك خلال محاولة التوغل في منطقة كورسك الروسية.
وحسب قناة تليغرام "ريبار" الروسية فإنه لم يبق في حوزة الجيش الأوكراني إلا 8 من صواريخ ATACMS الأمريكية ونحو 30 صاروخا من طراز Storm Shadow / SCALP-EG من تصنيع بريطانيا وفرنسا.
وقد أفادت صحيفة The Times بأن بريطانيا أوقفت تسليم صواريخ Storm Shadow لأن احتياطياتها في الجيش البريطاني قد نفدت.
وقد تهدد تلك الصواريخ شبه جزيرة القرم ومنطقة كراسنودار وكل المناطق الروسية المجاورة لأوكرانيا. ويمكن أن تستهدف كذلك موسكو في حال حصول أوكرانيا على نسخ أصلية وليس قابلة للتصدير من صواريخ Storm Shadow.
جدير بالذكر أن الجيش الروسي يُسقط بشكل منتظم صواريخ ATACMS الأمريكية.
وعلى سبيل المثال فإن وزارة الدفاع الروسية أعلنت في 8 نوفمبر أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت 8 صواريخ من هذا النوع، فضلا عن 4 صواريخ أسقطت في 2 و3 نوفمبر.
وصرح رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني" الروسية إيغور كوروتشينكو أن منظومات الدفاع الجوي الروسية "إس – 400" و"إس – 300 في 4" وكذلك "بوك إم 3" تتصدى بنجاح لصواريخ ATACMS وStorm Shadow .
أما قائد طاقم منظومة "تور – إم 2" (الاسم الحركي "سايان") الذي أسقط الصاروخ الفرنسي البريطاني فقال: "إن هذا الصاروخ ينطلق قبل توجيه ضربة إلى الهدف إلى ارتفاع معيّن حيث نضربه بصواريخنا".
يذكر أن صواريخ ATACMS تطلقها منصات راجمات الصواريخ HIMARS، فضلا عن منصات M270 MLRS . أما Storm Shadow فلا يمكن إطلاقها إلا من متن طائرة حربية. وقد تم تكييف قاذفات "سو- 24" الأوكرانية السوفيتية معها. لكن عدد تلك الطائرات تقلص في الآونة الخيرة لدى الجيش الأوكراني إلى حد بعيد. ويمكن إطلاقها كذلك من طائرات "إف – 16" الأمريكية التي حصلت أوكرانيا على كمية منها.