يعانى المدنيون في السودان من تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية، مع استمرار القتال في عدة جبهات بالسودان، ومع انتشار الأوبئة، التي تنهك أجساد السودانيين، تدهورت الأوضاع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، ويدفع المدنيون وهم الحلقة الأضعف في الصراع الثمن الأكبر في هذه الحرب الضروس التي اشتدت بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع.

التغيير ــ وكالات

واضطر ملايين من السودانيين للفرار من نيران الحرب، والنزوح بحثا عن الأمان، إذ خلقت الحرب أزمة نزوح هي الأكبر في العالم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عام و7 شهور على اندلاع الحرب، إلا أن المدنيين يواصلون النزوح طلبا للأمان.

فيما تواصل ميليشيا الدعم السريع تصعيد عنفها الممنهج بحق المدنيين العزل في ولاية الجزيرة، وتواصل الكيانات المدنية والحقوقية رصد انتهاكات الدعم السريع في الفاشر والجزيرة وغيرها من المناطق المنكوبة في السودان.

وفى هذا الصدد، أعلن متحدث باسم تنسيقية النازحين في إقليم دارفور، فرار أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة الفاشر نحو جبل مرة بعد اشتداد المعارك بين أطراف النزاع في المدينة، وجاءت موجة النزوح
الجديدة من عاصمة شمال دارفور بعد تصاعد كبير في العمليات العسكرية بين الجيش وحلفائه ضد قوات الدعم السريع.

منسقية النازحين واللاجئين

وفى بيان أصدره آدم رجال، المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور، قال إن نحو 642 أسرة، ما يعادل 3210 أفراد، فروا من مدينة الفاشر ووصلوا إلى مناطق في جبل مرة.

وأوضح أن النازحين يعيشون ظروفًا إنسانية قاسية للغاية مع عدم توفر أبسط مقومات الحياة اليومية مثل الغذاء والدواء والشراب وغيره، وحث الجهات المانحة على ضرورة زيادة الدعم المالي لتلبية احتياجات النازحين المتزايدة، الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية وأمراض أخرى، وفقا لصحيفة سودان تربيون.

وفر ما يزيد عن 500 ألف شخص من مدينة الفاشر العاصمة الترايخية لإقليم دارفور، منذ مايو الماضي، صوب مناطق في جبل مرة، فيما فر آخرون إلى الولايات الشمالية.

فيما تواصلت وارتفعت حدة المواجهات بين أطراف النزاع بوتيرة أشد عنفا، باستخدام كافة أنواع الأسلحة، وأفاد شهود عيان أن قوات الدعم السريع قصفت عن طريق المدفعية الثقيلة أحياء الفاشر الشمالية والغربية، قبل أن تخوض مواجهات مباشرة مع القوة المشتركة في المحور الشمالي الشرق، إذ يدافع الجيش بضراوة عن المدينة.

ورد الجيش على قصف الدعم السريع للمدينة، وقالت الفرقة السادسة مشاة، إن الطيران الحربي دمر دبابات تابعة لقوات الدعم السريع في منطقة “جقو جقو” أقصى شرق الفاشر، وأفادت بأن المقاتلات الحربية أغارت كذلك على مواقع تمركز الدعم السريع.

ولاية الجزيرة

فيما شهدت ولاية الجزيرة، موجات نزوح موجات كبيرة من الفارين من ولاية الجزيرة جراء هجمات قوات الدعم السريع إلى محلية شندي في ولاية نهر النيل.

واستقبلت محلية شندى 45 ألف نازح من ولاية الجزيرة خلال الأيام الماضية، حيث يتكدس الآلاف في مخيمات إيواء مؤقتة أقامتها السلطات خارج مدينة شندي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين، وفقا لصحيفة المشهد السوداني.

ومن جهتها أعلنت منصة نداء الوسط، وفاة 25 مدنيا في قرية “ود عشيب” شرقي ولاية الجزيرة، إثر انتشار الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية، نتيجة لحصار الولاية من قبل الدعم السريع.

وكشفت منصة نداء الوسط، أن سكان القرية يعانون من انعدام الغذاء والدواء في ظل انتشار عدد من الأمراض، مناشدة المنظمات الحقوقية والإنسانية بضرورة التدخل العاجل، وفتح ممرات آمنة لإنقاذ حياة السكان.

وفى السياق ذاته، حذرت منظمة المؤتمر الجزيرة، من مخطط جديد من ميليشيا الدعم السريع، لارتكاب مجزرة جديدة في قرية “التكينة” بمحلية الكاملين بولاية الجزيرة، وأكدت المنظمة في بيان لها، سقوط 3 ضحايا، جراء حصار الدعم السريع للقرية منذ الخميس 14 نوفمبر الجاري.

وقال مؤتمر الجزيرة في بيان رسمي: “يترحّم مؤتمر الجزيرة على أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا على أيدي مليشيا الدعم السريع الإرهابية منذ تدنيسها لأرض ولاية الجزيرة في ديسمبر من العام الماضي، ويتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى، والمصابين، والعودة الآمنة لكل المختطفين، والمغيّبين، والمحتجزين في معتقلات المليشيا سيئة السمعة”.

وتابع البيان: “لم تشبع أعداد الموتى الذين سقطوا بأيدي المليشيا من قبل في قرى ومدن الولاية كما في ود النورة، والسريحة، والهلالية، وتمبول، وغيرها نهم المليشيا وتعطشها لمزيد من الدماء، ولأنها آمِنت العقاب، بصمت اللسان، وموت الضمير الإنساني، وغضه للطرف عن جرائمها الإنسانية الشنيعة ضد مواطني ولاية الجزيرة، ها هي اليوم تحاصر قرية (التكينة) بمحلية الكاملين منذ الخميس الماضي 14 نوفمبر الجاري، وسقط جراء الحصار ثلاثة شهداء، يضافون إلى عشرين شهيدا آخرين قتلتهم المليشيا المجرمة في شهر مايو الماضي بدم بارد”.

وتابع البيان: “إننا في مؤتمر الجزيرة ومن متابعتنا الميدانية اليومية للأحداث على الارض، فقد تأكد لنا بما يصل حد اليقين أن المليشيا الإرهابية تخطط لارتكاب مجزرة أخرى بالتكينة، خاصة وأنها تأوي أعداد كبيرة من النازحين الفارين من بنادق موت المليشيا، حيث وفد إليها سكان من قرى شرق وشمال الولاية مثل “أزرق، والسريحة، وأم مغد، والبشاقرة” وغيرها.

واختتمت البيان: “إننا بهذا النداء، نلفت انتباه الجميع بالداخل والخارج، لمنع وقوع كارثة، ومجزرة وشيكة وسط سكان أبرياء، وعزّل بالتكينة، حتى لا نتباكى عليهم بعد ذلك، ونحذّر المليشيا الإرهابية أننا نرصد وبدقة أعمالها، وتخطيطها، بإفراغها للقرى من حول التكينة من السكان إيذانا لارتكاب مجزرتها”.

منظمة أطباء السودان

ومن جهة أخرى، وفى بيان رسمي، الأربعاء، كشفت منظمة أطباء السودان، أن قوة من ميليشيا الدعم السريع نفذت هجوم على قرية “شكيري” بولاية النيل الأبيض قتل على أثرها 6 أشخاص وأصيب 7 آخرين حالتهم مستقرة.

وحذرت شبكة أطباء السودان من توسع عمليات القتل والتهجير من قبل الدعم السريع في كل من الجزيرة والنيل الأبيض مما ينذر بكارثة إنسانية جراء عمليات القتل والتهجير.

ودعت الشبكة المنظمات الدولية والإقليمية لاتخاذ قرارات حاسمة لإيقاف عمليات القتل من قبل الدعم السريع ضد المدنيين العزل وتطالبها بفتح مسارات إنسانية عاجلة للمناطق التي تقع تحت الحصار في كل من الجزيرة والنيل الأبيض والفاشر.

الوسومشكيرة قتل منظمة أطباء السودان ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: قتل منظمة أطباء السودان ولاية الجزيرة

إقرأ أيضاً:

المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس

عبد المجيد دوسه المحامي

majeedodosa@gmail.com

معلوم أن المدنيين لا يملكون عصّا ولا نبلة، فان ملكوا تلك الأدوات لأصبحوا جنودا، بل مليشيات أخرى، ولكن هل يستطيع مثل هؤلاء اسكات صوت البنادق وهم لا حول لهم ولا قوة في أن يقولوا أرضا سلاح لقادة وضعوا العقل جانبا، بل حاربوه وأخذتهم عزّة السلاح بالإثم؟ الإجابة باختصار شديد نعم!
هنا يحتدم النقاش وينبري الانصرافيون الكذبة، ليحبطوا همم الناس، حتى لا يزّج المدنيون في هذه الأمور الفنية التي يجيد فك طلاسمها العسكريون الحذّاق الذين استطاعوا بعد عامين من القتال المرير تحرير مبنى إذاعة امدرمان! ويردفون ألم تسموا صوت هنا أمدرمان بالأمس أم أن بكم صمم؟
بعد هذا الجدل العقيم الذي أدخلنا فيه الانصرافيون الكذبة، تمكّنا من اقناع عدد غير قليل، ليطرحوا سؤالا واحدا على استحياء، حين استفسروا أن كيف لهؤلاء المدنيون إيجاد حل لهذه الحرب العبثية؟ وهل هناك حرب استطاع أناس عزّل حلها؟ كررنا نعم، ثم نعم فقط أعيرونا سمعكم، لتسمعوا حديثا حلوا دون سكر... الحركات المدنية تستطيع إيقاف الحروب والاتيان بسلام آمن، متى ما اتبعوا مسالك قويمة لا اعوجاج ولا عرج ولا عوج فيها.
وفي سبر غور التاريخ القريب، نجد أن ثمة جماعات مدنية استطاعت أن تخرج بلادها من أتون حروب لا تقل عن حرب السودان ضراوة، وهاك بعضا من الأمثلة:
أولا: الحرب الليبيرية التي نشبت في العام 1999 وانتهت في العام 2003 (عام نشوب حرب دارفور الأولى)، كونت نساء ليبريا منظمة اسموها (المجموعة النسائية الليبيرية من أجل السلام)، وهي جماعة ذات خلفيات طبقية واثنية ودينية مختلفة، استطاعت أن توقف الحرب وتصل ببلادها الى اتفاقية سلام شامل.
ثانيا: في سيراليون، التأمت جماعة من أئمة المسلمين وقسيسين ورهبان، وهم بالطبع مسالمون عزّل وكونوا ما عرفت بجماعة الاتصال من أجل التسامح الديني ............
Interfaith Contact Group
يمكن ترجمتها بتحفظ مجموعة الاتصال من أجل التسامح الديني، نجحت هذه الجماعة في إيصال المتحاربين الى توقيع عقد اتفاق لومي في السابع من يوليو 1999، بعد اقتتال دام زهاء العشر سنوات، وعلى الرغم من فشل الاتفاقية بسبب مصالح الطرفين المتحاربين وتورطهما في التعدين غير الشرعي لمعدن الماس النفيس.
ثالثا: حرب ساحل العاج، قام فريق كرة القدم القومي لساحل العاج، بعد تأهلهم لكأس العالم عام 2005، حيث انحنى الفريق كله، مطالبين الفريقين المتحاربين بإيقاف الحرب والتوجه الى التفاوض من أجل سلام ساحل العاج وشعبه. وبعد أن قبل أطراف الحرب توسل الفريق، نكثوا على رؤوسهم الى حيث تكمن مصالحهم الشخصية المتمثلة في تجارة الكاكاو غير المشروع.، وبذلك فشلت المحاولة على الرغم من أنها استطاعة إيقاف الحرب لهدنة قصيرة.
هذا غيض من فيض الأمثلة الكثيرة التي قامت بها جماعات مدنية لا تملك عصا ولا نبلة بإيقاف الحروب في بلادهم، لذا لا نستهين بالمجتمع المدني السوداني ان حاول جادا فعل شيء من هذا القبيل. اذ لا نقلّ شأوا من هذه الدول الافريقية، بل مجتمعنا المدني أكثر غزارة فهناك حركة مدنية مستنيرة واحزاب عريقة رغم أمراضها اللعينة المتمثلة في التفكير على محاصصة حكم لم يأت ولم يلّح في الأفق بعد، ، الى جانب وجود حركة نسوية ذات شأن ، لدينا الإدارات الاهلية الضاربة اطنابها في القدم وطرق صوفية، الى جانب تنظيمات المهنيين والفنانين بل ومبدعين وكتاب وصحفيين(الذين لم يعرضوا أقلامهم وقيمهم المهنية في سوق النخاسة، اذا استصحبنا كل هؤلاء وركزنا على قول واحد لا للحرب نعم للسلام فلن يستطع كائنا من كان الوقوف أمام هذا الطوفان.
ولكن علينا التمسك بتلابيب آلياتنا ووسائل عملنا، ممثلة في وساطة هادئة بين طرفي النزاع، متلافين الأسلوب الذي قامت به تنسيقية تقدم في بحثها عن اعلان مبادئ اسيء فهه بل ووئد في الحال ... تنسيقية تقدم كانت مخطئة حين حاولت محاورة الطرفين من على البعد، كان حريّ بها أن تحاول جمعهما في بلد محايد، حتى ولو استدعى الحال في بقائهما في غرف مختلفة، وبذلك يسهل انتزاع التوقيع منهما، تفاديا لتدخل شياطين الكيزان وافساده وهو ما حدث.
ثاني الوسائل هو نشر ثقافة السلام ونبذ الحرب في المجتمع، وخلق اتصالات دولية من أجل إيجاد قوة لحفظ السلام سرا حتى تقوى عودها. فخطأ تنسيقية تقدم حينما جهرت بالمطالبة بقوة حفظ السلام حتى قبل الاتصال بأي طرف دولي لتتلقفها أبالسة الكيزان وتسوقّها على أساس أنها دعوة لتدخل دولي، فمعظم حروب الأرض تدخل فيها المجتمع الدولي، اذ لا للحلول للمشاكل دون أجاويد، فأجاويد اليوم، هم المجتمع الدولي ودولها المحبة للسلام.
ولكي ننجح في كبح جماح المتحاربين وإيقاف الحرب بشكل مستدام علينا التقيد بما يلي:
أ – الابتعاد عن التورط أو الميل لأحد طرفي النزاع، هذا ليس موبقة ارتكبتها تنسيقية تقدم، ولكن الكيزان الصقوها بالتقدم ونعتوها بأقدح النعوت، بل وقادتهم عقلوهم السقيمة الى القول بأن تقدم هي الذراع السياسي للدعم السريع، أكاذيب وانصرا فيات، وبذاك أسكتوا الكثير من أصوات أعضاء تقدم مخافة هذا القذف.
الضغط المستمر على المنظمات الدولية الإنسانية، للفت نظر العالم بمأساة المجاعة وطلب الاغاثات، ومد يد العون.. لأهمية تلك المطالبات في بلاد تموت من الحرب والجوع والمرض انسانها.
ب - الضغط على المجتمع الدولي. المسألة ليست فقط لفت الانتباه للمأساة والمجاعة وجرائم الحرب، بل ضغط متواصل على المنظمات والجمعيات ذات الصيت والنفوذ في بلادها الى جانب برلمانات الدول ودور الصحافة الحرة لنقل آهات المنكوبين بمختلف اللغات التي أجادها السودانيون في مهاجرهم.
بذلك أدينا الواجب المستطاع، وبعدها يقضي الله أمرا كان مفعولا.
عبد المجيد دوسة المحامي
Majeedodosa@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • قوات الدعم السريع تنهب مرافق طبية وتحرق أسواق ومنازل في “ود راوة”
  • «الصحة السودانية»: الدعم السريع تقصف المستشفى «السعودي» بالفاشر للمرة الثالثة عشرة
  • جوهر ومحتوى خطاب قائد الدعم السريع: إحاطة بالحرب وآثارها وموقف حميدتي من منع التفلت
  • المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس
  • المحللون يجيبون.. هل ستتوقف الحرب بالسودان في عام 2025؟
  • ياسر العطا يتوعد قوات الدعم السريع وداعميها داخل وخارج السودان
  • البرهان: لا يمكن العودة لأوضاع ما قبل الحرب مع الدعم السريع
  • السودان..250 حكماً بالإعدام والسجن المؤبد بحق موالين لـالدعم السريع
  • وزير الخارجية السودانى: الدعم الاماراتى لقوات الدعم السريع لن يتوقف إلا يمفاوضات شاقة
  • شاهد بالفيديو.. بعد اقتحامه منطقة “ود راوة” بشرق الجزيرة.. “كيكل” يستعرض الغنائم التي حصل عليها من الدعم السريع ويقبض على العشرات من جنودهم