السياحة منجم ذهب، ومنبع خير، وإحدى دعائم الاقتصاد الوطنى. تبقى رغم كل الظروف مورداً أساسياً للنقد الأجنبي، وقطاعاً مستوعباً للوظائف المتنوعة، لذا فإن الحديث عن أهميتها ليس محل جدال أو نقاش، والتذكير بضرورة تحديثها وتطويرها دائماً من أهم أولويات إصلاح المنظومة الاقتصادية.
وأتصور أنه يجب بشكل عاجل وضع استراتيجية تفصيلية، واضحة المعالم، تتبنى أهدافاً محددة بفترات زمنية، وأن تعتمد هذه الاستراتيجية على الاستفادة من تجارب الدول قريبة الشبه بمصر، والتى حققت تطوراً مذهلاً فى عائداتها السياحية، مثل إسبانيا، وتركيا، واليونان، وغيرها.
أقول ذلك وأنا أتابع بيانات حديثة، تتوقع وصول عائدات القطاع السياحى فى مصر بنهاية العام الحالى إلى نحو 14 مليار دولار، مقابل نحو 13 مليار دولار فى عام 2023.
وهذا بلا شك نبأ سار، خاصة فى ظل الأوضاع المضطربة بالشرق الأوسط والحرب الدائرة فى غزة ولبنان. لكن فى تصوري، فإن مصر يُمكنها تحقيق عائدات أفضل لو تم وضع استراتيجية واضحة لتنمية القطاع، خاصة إذا علمنا أن عائدات دولة مثل تركيا من السياحة تجاوزت فى العام الماضى 54 مليار دولار.
إن حجم الفرص المتاحة فى قطاع الصناعة لا حدود له، خاصة أن هناك تنوعاً كبيراً فى مجالات السياحة، فهناك سياحة ترفيهية، وهناك سياحة مؤتمرات ومعارض، وهناك سياحة علاجية، وهناك سياحة آثار ومعالم تاريخية. وهناك سياحة اليخوت التى اعتمدت بلدان صغيرة عليها لجذب سياح من كافة الأنحاء، وهى فى حاجة لدراسة وتهيئة من جانب الحكومة.
والنظر بعمق للمنظومة الحاكمة لقطاع السياحة تُثبت أن المسئولية لا تقع على وزارة السياحة وحدها، وإنما تمتد إلى قطاعات خدمية عديدة، فمشكلات السياحة تتسع وتتنوع وتشمل عدة مجالات أخرى مثل مدى كفاءة المطارات، وجودة خدمات شركات الطيران، ومستوى خدمة المطاعم والفنادق، وتمتد إلى درجة راحة وأمان وسائل النقل المختلفة، ومستوى البنية التحتية، وحالة البيئة. فضلاً عن جاهزية القطاع الطبى لخدمة السياحة، وأنا أعرف بشكل شخصى أصدقاء أجانب لا يذهبون خارج القاهرة عندما يزورون مصر، تخوفاً من تعرضهم لأى مشكلات صحية فى ظل ضعف القطاع الطبى خارج القاهرة، خاصة أنهم من كبار السن.
إن علينا أن نعترف أنه ما زالت هناك مشكلات مزمنة ومعقدة تحتاج إلى قرارات عليا للتعامل معها، وهو ما يعنى بوضوح أن ملف السياحة يجب أن يترأسه رئيس الجمهورية بصلاحياته وسلطاته لتطبيق السياسات المفترضة لتنمية القطاع بصورة أفضل.
لقد أدركت حكومات مصر مبكراً أهمية القطاع السياحى وحيويته والدور المفترض أن يلعبه فى خدمة الاقتصاد الوطني، لذلك، تم إنشاء أول مجلس أعلى للسياحة فى مصر سنة 1950، وصدر قانون لتنظيم عمل المجلس الأعلى للسياحة سنة 1958، ولدينا لجان وزارية للسياحة ودراسات مختصة ومراكز أبحاث، لكننا ما زلنا نفتقد للاستراتيجية الشاملة.
وأتصور أنه آن الأوان لنطرح السؤال التحفيزى الذى يقول: لماذا لا نخطط للسياحة؟ ولماذا لا نستفيد من تجارب اليونان وتركيا؟
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
المصرف المركزي يتعاقد على طباعة 30 مليار دينار لضخِّها في القطاع المصرفي
عَقَدَ ناجي محمد عيسى محافظ مصرف ليبيا المركزي، اليوم الأحد، اجتماعات مُتثالية لغرض الوقوف على خطة مصرف ليبيا المركزي تجاه حل مشكلة شُح السيولة النقدية.
وَجَّهَ المحافظ، مدراء الادارات المعنية بمصرف ليبيا المركزي، وفريق السيولة، والمدراء العامون للمصارف التي تُعاني من نقص السيولة لدى فروعها، لضرورة إدارة هذا الملف بما يتماشى مع الخطة المعتمدة من مجلس الادارة والتي تضمن حلحلة هذه المشكلة بشكل تدريجي وجذري إبتداءاً من شهر يناير 2025. وفي هذا الصدد، تعاقد المصرف على طباعة 30 مليار دينار لضخِّها في القطاع المصرفي وإحلالها بدل العملة القديمة التي سيتم سحبُها بشكل سلس وفق مخطط زمني تم إدراجَهُ مَسبقاً.
وفي السياق ذاتَهَ، أكد المُحافظ، ضرورة تحسين البُنى التحتية للمصارف وتطويرها بما يُحَقّق التَوَسُّع في خدمات الدفع الإلكتروني وفق الخُطة المعدة.
وتم الاتفاق أيضاً على رفع أسقف الدفع الفوري على مستوى الأفراد والتجار ليكون 20 ألف دينار للحوالة الواحدة للأفراد، و 100 الف دينار لعملية الشراء الواحدة.
هذا بالإضافة إلى إطلاق خدمة جديدة للتحويل بين الشركات بسقف مليون دينار للحوالة الواحدة.