الخلفية التاريخية ومتلازمةُ الولاء الخاطئ
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
د. شعفل علي عمير
تُعَدُّ الخلفيةُ التاريخيةُ من أهم العوامل الرئيسية في هذه المتلازمة؛ فالحقب الزمنية المتتالية -بما تحمله من أفكار ومعتقدات- ترسم في ذهنية الإنسان خطوط ومسارات حياته بكل ما تضمنته حياته من جوانب نفسية واقتصادية واجتماعية، كما تؤثر تلك الخلفية التاريخية على الجانب الروحي والفكري وبشكل عميق، وبهذا قد يكون من الصعوبة بمكان تغيير بعض القناعات لدى البعض على الأقل في المَدَيات القصيرة، والمتأمل لمُجريات الزمن وأحداثها يجد أن تأثير الماضي هو من يصنع أحداث الحاضر، من أبرزها جانب الولاء والعداء، إنها متلازمة العُقد والغباء بما أفرزته من ولاء وعِداء يتناقض مع الدين والمنطق وَأَيْـضًا مع المصلحة إذَا كان المبرّر للولاء هو لمصلحة الأُمَّــة.
ولكن هناك أحداث ومواقف كبيرة قد تعصف بهذه المتلازمة فتخرج الإنسان من دائرتها المغلقة، لا سيما إذَا ما كانت تلك الأحداث بالحجم والتأثير الذي يطغى على كُـلّ تلك القناعات التي رسَّختها الخلفية التاريخية وجعلت منها ثابتًا من الثواب التي يؤمن بها الإنسان.
هول وحجم الأحداث قد تختصر الزمن وتوفر كَثيرًا من الوقت والجُهد لإيجاد وعي مجتمعي، كما أنها تكسر الحواجز الفكرية والنفسية لبوابة هذه المتلازمة المعقدة، ولعل غزة كانت هي الشفرة التي اخترقت هذه المتلازمة؛ فكان لها الفضل بعد الله “سبحانه وتعالى” في إيجاد ثورة من الوعي الجمعي ونهضة فكرية ومراجعة للقناعات لدى السواد الأعظم من أمتنا الإسلامية.
إن مشاهدة ما يحدث من جرائم الإبادة بحق إخوة لنا في الدين والعروبة كانت إحدى الموجّهات الفكرية وأهمَّ سببٍ لتغيير القناعات ومراجعة للولاءات والرجوع للتوجيهات الإلهية في كتابه الكريم القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء، بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}.
تلك الجرائم بحِدّتها وبشاعتها أصبحت المحك الذي يجب على الإنسان أن يقيِّمَ نفسَه من خِلالها ليعرفَ أيَّهما أولى وأكبر أهميّةً: انتماؤه للدين أم انتماؤه للحزب؛ ليعرف موقعَه من الحق من خلال موقفهِ من الباطل في زمن أصبح الحق والباطل كالنور والظلام، لم يعد هناك شك أَو لبس في معرفة أهل الحق من أهل الباطل، كما لم يعد هناك وقت للترف الفكري وفلسفة الواقع وهندسة المبرّرات، كُـلّ شيء أضحى جليًّا، أصبح الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكون مع الحق أَو يكون مع الباطل.
ليس هناك محايد بعد كُـلّ ما تجلى مِن الحقائق التي لا ينكرها أحد، حقائق أجمع عليها المؤمن والكافر، أجمع عليها القريب والبعيد، أجمعت عليها كُـلُّ الملل في هذه الأرض فاتقوا الله في أنفسكم؛ فمن لا زال يكابر ويضحّي بدينه مقابل انتمائه لحزبه، نقول له: تأمَّلْ قول الله “سُبحانَه وتعالى”: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله أخذتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَاد} “فلا تأخذكم العزة بالإثم فتخسروا عزتكم في الدنيا وآخرتكم يوم القيامة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذه المتلازمة
إقرأ أيضاً:
صاحب تريند إطعام الكلاب يروي قصة الفيديو: بدأت بسبب قطة عمياء.. فيديو
أكد الشيخ خليل غريب، أحد علماء الأزهر الشريف وصاحب الفيديو الشهير لإطعام الكلاب الضالة، أن الرحمة بالحيوانات جزء لا يتجزأ من دين الإسلام، مشيرًا إلى أن التعامل برفق مع الكائنات الحية هو تجسيد حقيقي لما أمر به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال خلال لقائه مع الإعلامي شريف نور الدين، والإعلامية آية شعيب، في برنامج «أنا وهو وهي» المذاع على قناة «صدى البلد»: "الحيوان الذي نراه في الشارع لا يريد إيذاء أحد، ولا يسعى إلا للبقاء. هؤلاء مخلوقات ضعيفة جاءت إلى الدنيا بحكمة من الله، ولها حق علينا في الرحمة والرعاية".
وأضاف:"الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}. فكما نحن نشعر ونتألم ونتوجع، كذلك تفعل هذه الكائنات".
وحول الانتقادات التي وُجهت إليه بزعم أن الإنسان أولى بالرحمة، رد الشيخ خليل قائلاً:"ديننا دين شامل، لا يغفل حق الإنسان ولا الحيوان. الرحمة لا تتجزأ، فهي قيمة إنسانية قبل أن تكون فريضة دينية. ومن أطعم قطة أو سقى كلبًا ابتغاء وجه الله، له أجر عظيم كما أخبر النبي الكريم".
واستشهد الشيخ خليل بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها، ودخل رجل الجنة في كلب سقاه. في كل كبد رطبة أجر".
وأكد الشيخ خليل أن رسالة الإسلام قائمة على الرحمة الشاملة للعالمين: "النبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه: {إنما أنا رحمة مهداة}، ولم يخصص رحمته بالإنسان وحده، بل شملت كل من يدب على الأرض".
وكشف الشيخ خليل عن أن فكرة الفيديو جاءت بعدما وجد قطة عمياء تقف على باب المسجد تطلب الطعام، فقرر أن يطعمها قائلاً:"رأيت فيها رسالة من الله الكريم، الذي لا يضيع من يقصده. فكتبت حينها: 'من قصد الكريم فلا يضام'".
وأكد أن ما فعله كان بدافع محبة الله والكائنات التي خلقها، وليس سعيًا لأي شهرة أو إشادة، مضيفًا:"ديننا علمنا أن نرحم جميع المخلوقات، وأي يد تمتد بالخير لحيوان ضعيف ستجد فضل الله عليها".
واختتم الشيخ إلى التوعية بالرفق بالحيوان وعدم التعامل مع الحيوانات الضالة بالعنف أو القسوة، قائلاً:"نتعامل مع هذه الكائنات بما علمنا ديننا: رحمة، رفق، وأدب.. فالرحمة مفتاح القلوب، وبها يُرفع الإنسان درجات عند ربه".