مفتي الجمهورية: الإدراك العميق لمقاصد الدين هو السبيل الأمثل للاعتدال
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
أكد الدكتور نظير عيَّاد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم خلال كلمته التي ألقاها في الندوة التي نظَّمتها جامعة حلوان حول تجديد الخطاب الديني، أنَّ الإسلام دينٌ عظيمٌ في جوهره، متفرِّدٌ في مرونته، قادرٌ على التفاعل مع مستجدات الزمان وتغيُّرات المكان دون أن يتخلَّى عن أصوله الراسخة أو يفقد بريقَ رسالته العالمية.
وأوضح أن مرونة الشريعة الإسلامية تجعلها دومًا حاضرةً للتعامل مع التحديات الجديدة، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89]، مشيرًا إلى أنَّ الإسلام دينٌ صالح لكل زمان ومكان، متجددٌ في عطائه، ثابتٌ في قيمه.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن جمود الخطاب الديني، خاصةً عند أولئك الذين لا يأخذون العلمَ من مصادره الأصيلة، ويعتمدون على تفسيرات ضيِّقة مغلوطة للنصوص الدينية؛ يمثِّل أزمةً حقيقية تعوق حركةَ الأمة نحو التقدم، إذ يُغلق أمامها أبواب النهوض، ويفرض على مجتمعاتها سلاسل الركود الفكري؛ مِمَّا يهيِّئ بيئةً خصبة لانتشار الفكر المتطرف الذي يقوِّض أُسس الاستقرار.
واستشهد عياد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» [رواه أبو داود]، مؤكدًا أنَّ التجديد في الدين ضرورة لاستمرار عطاء الأمة وازدهارها.
وشدَّد مفتي الجمهورية، على أنَّ الإدراك الواعي لمقاصد الدين هو المفتاح الحقيقي لتحقيق الاتزان الفكري والسلوكي الذي تحتاج إليه المجتمعات في ظلِّ عالم يموج بالتحديات، لافتًا الانتباه إلى أنَّ الإسلام يدعو دائمًا إلى التوسُّط والاعتدال، كما جاء في قوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].
وأكَّد أنَّ التطرف لا يمكن أن يُنسب إلى الدين ذاته، بل هو انعكاسٌ لسوء فَهْمِ النصوص وجهلٌ بمقاصدها السامية، ممَّا يضع المسؤولية على عاتق العلماء في إحياء معاني الرحمة واليُسر التي جاء بها الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» [رواه البخاري].
دار الإفتاء وتجديد الخطاب الدينيوتطرَّق إلى الدَّور المحوري الذي تضطلع به المؤسسات الدينية، ودار الإفتاء المصرية، في تجديد الخطاب الديني، انطلاقًا من رسالتها السامية التي تجمع بين الحفاظ على الثوابت ومواكبة المستجدات.
وأكَّد أنَّ دار الإفتاء، بما تمتلكه من إرث علمي عريق وكوادر فقهية متمكنة، تعمل على صياغة خطاب ديني يعكس روح الإسلام السمحة، مستندة إلى فَهْمٍ عميق لمقاصد الشريعة ومراعاة التحولات الثقافية والاجتماعية المعاصرة، ويأتي هذا الدور ليُعيد صياغة العَلاقة بين الدين والواقع، في مواجهة الجمود الفكري والتطرف، بما يسهم في بناء مجتمع متماسك يقوم على قِيَم الرحمة والتعايش والعدل.
وفي ختام كلمته، أوضح عياد المفتي أنَّ التجديد في الخطاب الديني ليس دعوةً لتغيير النصوص أو العبث بها، وإنما هو دعوة لاستيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة تُبنى على ثوابت الشريعة ومقاصدها النبيلة، مضيفًا أنَّ التجديد الحقيقيَّ هو السبيل لاستعادة الريادة الحضارية، وتحقيق التفاعل الإيجابي مع متطلبات العصر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الإفتاء دار الإفتاء الشريعة مفتی الجمهوریة الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: صيام رمضان عملية تربوية تهدف لتطهير النفس وتقوية الإيمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أهمية شهر رمضان، مشيرًا إلى أنه يعد شهرًا ذا خصوصية كبيرة لما يحمله من نفحات روحية وفضائل عظيمة، حيث أنزل فيه القرآن الكريم، الذي يعد معجزة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف عياد خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أن الحديث عن رمضان يحمل في طياته العديد من المعاني التي تريح النفس وتبعث على السكينة، لما يشتمل عليه الشهر من مزايا عديدة.
وأوضح أن رمضان هو شهر الصبر، حيث يعتبر الصبر وسيلة لتجاوز المصاعب وتجرع الآلام، كما أن رمضان هو وقت للرجوع إلى الله تعالى والتوبة.
وأشار عياد إلى أن شهر رمضان يتضمن ليلة القدر، التي تعتبر من أعظم الليالي التي يقدر فيها الله تعالى الأقدار والأرزاق، ما يجعل من هذا الشهر فرصة عظيمة للعباد للاستعداد للقاء الله والفوز بمغفرته.
وتابع: النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت مردة الشياطين، مشيرًا إلى أن هذا الشهر يعد فرصة كبيرة للعودة إلى الله.
ولفت المفتي أن الله تعالى يزيل في هذا الشهر العوامل التي قد تعوق الإنسان عن الطاعة، سواء كانت من شياطين الجن أو شياطين الإنس، حيث يكون المسلم في رمضان أكثر حرصًا على الاجتناب عن المعاصي والتركيز على الطاعات.
كما أكد أن الهدف من الصيام ليس مجرد الامتناع عن الأكل والشرب، بل هو عملية تربوية تهدف إلى تطهير النفس وتقوية الإيمان.