الأطفال ذوو الإعاقة.. مأساة صامتة بدوامة حرب لبنان
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
من أحد مراكز الإيواء المزدحمة ببيروت، وبصوت متعب، تروي فاطمة عبر الهاتف، وهي أم لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات يعاني من الشلل الدماغي، محاولاتها المستمرّة من أجل تلبية احتياجات ابنها في ظل ظروف قاسية.
تتحدّث فاطمة بحزن لموقع "الحرّة" عن رحلتها بعد نزوحها من الضاحية الجنوبيّة نتيجة النزاع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله فتقول: "لم أكن أتصوّر أنّ ابني سيعيش في مكان يفتقر لكلّ شيء.
ولكن مأساة فاطمة ليست الوحيدة. أم محمد، التي نزحت من الجنوب مع طفلتها البالغة من العمر خمس سنوات والمصابة بشلل نصفي، تصف معاناتها أيضًا: "لا أستطيع حملها طوال الوقت، والمركز ليس مهيأ لاستقبال أطفال بمثل حالتها. بالكاد نجد الماء والكهرباء، فما بالك بالخدمات الطبية؟".
هذه قصص مئات العائلات التي هربت من أهوال الحرب، لتجد نفسها في مراكز إيواء تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسيّة على حدّ تعبيرها، خاصة للأطفال ذوي الإعاقة الذين يحتاجون لرعاية خاصة. تقول فاطمة: "أحيانًا أشعر أنني تركت الحرب لأدخل حربًا أخرى، حرب البقاء".
هذه المآسي اليوميّة تسلط الضوء على واقعٍ مرير تواجهه الأسر النازحة، حيث يصبح الأطفال ذوو الإعاقة الضحايا الأكثر تهميشًا في ظل غياب الدعم الطبي والاجتماعي الضروري.
وفقًا لمصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية لموقع "الحرة"، فإن "الجهود تُبذل لتأمين مساحات خاصة للأطفال ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء، خصوصًا أولئك الذين يعانون من حالات خاصة".
ويشير المصدر إلى أن الوزارة "تعمل على توفير غرف مهيأة لهذه الفئة لضمان بيئة تشبه بيئتهم المعتادة. ولكن يبقى التحدي الأكبر في استدامة هذا الدعم وسط الموارد المحدودة والتحديات الاقتصادية".
المبادرات الحكومية والتمويل الدولي
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية، فيكتور حجار في وقت سابق أنّ "الوزارة بدأت بتنفيذ سلسلة من المساعدات المالية المخصصة لحاملي بطاقات الإعاقة، سواء كانوا نازحين أم لا، وتشمل هذه المساعدات: مساعدة مالية طارئة بقيمة 100 دولار لحاملي بطاقات الإعاقة، تمويل شهري بقيمة 40 دولارًا للأطفال ذوي الإعاقة بين 0-14 سنة، بدعم من اليونيسف بالإضافة إلى تمديد الدعم للشباب ذوي الإعاقة بين 15-30 سنة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وهولندا".
ورغم هذه الجهود، يشير المحامي شربل شواح في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "الاستجابة القانونية والمالية الحالية لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة"، ويضيف "أن القوانين اللبنانية، مثل القانون رقم 220/2000، تضمن حقوق هذه الفئة، لكنها تفتقر إلى آليات تنفيذ فعّالة، خاصة في ظل النزاعات".
وأكد شواح أن "الإصلاحات مطلوبة لضمان حماية الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان، يجب اتخاذ خطوات ملموسة على المستويات القانونية والاجتماعية، منها: تعديل القوانين لتشمل احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة في النزاعات. إنشاء مراكز متخصصة توفر خدمات شاملة لهذه الفئة. تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لزيادة التمويل والدعم ونشر الوعي حول حقوق الأطفال ذوي الإعاقة لضمان وصول الأسر إلى الدعم اللازم".
الأطر القانونية: بين النظرية والواقع
على المستوى القانوني، وبحسب شواح، "يتمتّع الأطفال ذوو الإعاقة بحماية مضمونة في الدستور اللبناني والقوانين المحلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".
لكن "تطبيق هذه القوانين يواجه عوائق كبيرة، منها: ضعف الموارد المخصّصة لتنفيذ القوانين، التمييز في الوصول إلى الخدمات، ونقص الوعي القانوني لدى الأسر، مما يحدّ من قدرتها على المطالبة بحقوقها"، وفق المتحدث الذي يؤكد أن "المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية تلعب دورًا أساسيًا في تأمين بيئة حاضنة لذوي الاحتياجات الخاصة".
مبادرات إنسانية
يروي سامر لموقع "الحرة"، وهو والد طفل مصاب بالتوحّد نزح من بعلبك إلى دير الأحمر، تفاصيل معاناته اليومية مع ابنه مجد. ويوضح أنّ "المدرسة التي تحوّلت إلى مركز إيواء تفتقر إلى البنية التحتيّة المناسبة لاحتياجات الأطفال ذوي التوحد"، فيقول: "لا يوجد مكان مخصّص لابني. صراخه المستمرّ يزعج الآخرين، وأنا أشعر بالعجز التام عن مساعدته".
في ظل هذه الظروف، برزت مبادرة إنسانية تحمل اسم "آدم"، أطلقها الدكتور علي زبيب، بهدف دعم الأطفال النازحين المصابين بطيف التوحد. المبادرة تسعى إلى توفير بيئة تعليميّة وتأهيليّة تلبي احتياجاتهم الخاصة، مع التركيز على تدريب الأهل وتمكينهم من التعامل مع تحديات أطفالهم بشكل أفضل.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يوضح زبيب أنّ "المبادرة تهدف إلى تخفيف الأعباء النفسيّة والاجتماعيّة على الأطفال وأسرهم، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بضرورة تأمين دعم مادي وإستراتيجي أكبر لضمان استمراريتها وتوسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد ممكن من الأطفال المتضرّرين".
وبينما تزداد معاناة الأطفال ذوي الإعاقة في لبنان بسبب النزاع، يبقى الحل في تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظّمات الدوليّة لضمان وصول هذه الفئة إلى حقوقها الأساسيّة.
قصّة مجد ومبادرة "آدم" تمثّلان أملًا صغيرًا وسط واقع صعب، لكنهما تذكراننا بأنّ حماية حقوق الأطفال ليست مجرد التزام قانوني، بل واجب إنساني يجب أن نسعى إلى تحقيقه.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأطفال ذوی الإعاقة ذوی الإعاقة فی هذه الفئة ة لضمان
إقرأ أيضاً:
الصحف العربية.. الشرق الأوسط تحتفي بدخول اتفاق غزة حيز التنفيذ.. والنهار اللبنانية تسلط الضوء على مأساة أهالي غزة
مع صباح يوم جديد تعج فيه المنطقة العربية بالأحداث سلطت الصحف العربية الضوء على أبرزها والتي تدرها دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ وتبادل الأسرى الفلسطينين مع المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وخفوت صوت الغارات والمدافع على قطاع غزة بعد نحو 15 شهرا من بدء المأساة الإنسانية.
وتناولت الصحافة العربية العديد من الموضوعات والتقارير هذه أبرزها:
غزة.. أو يوم هادئ منذ 15 شهراأفردت صحيفة «الشرق الأوسط» مساحة واسعة في صدر صفحتها الأولى للحديث عن بدء تطبيق صفقة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل وجاء عنوانها «غزة.. أو يوم هادئ منذ 15 شهرا» تناول فيه كيف عاش الفلسطينيون أول يوم مع دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ، والذي توج بتبادل الأسرى بعدما سلمت حركة حماس 3 أسيرات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر ليسلمهن لى إسرائيل بينما أفرج جيش الاحتلال الإسرائيلي عن 90 من المعتقلين الفلسطينيين (أسيرات وأطفال) وأعادتهم إلى منازلهم في الضفة الغربية والقدس.
دمشق ترفض تكتلا خاصا بالأكراد في الجيشكما تناولت الصحيفة رفض الإدراة السورية الجديدة لفكرة وجود تكتل خاص للأكراد في الجيش السوري، وكتبت تحت عنوان «دمشق ترفض تكتلا خاصا بالأكراد في الجيش» أن وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة مرهف أبو قصرة رفض فكرة وجود تكتل خاص بالأكراد في الجيش السوري وأنه لن يكون من الصواب أن يحتفظ المسلحون الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة الأمريكية شمال شرقي البلاد بتكتل خاص داخل القوات المسلحة السورية.
وقال وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة إن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يماطل في تعامله مع المسألة في ظل عزم القيادة السورية الجديدة باندماج جميع المناطق تحت الإدراة الجديدة باعتباره «حق للدولة السورية».
اتفاق غزة يطوي الطوفانأما صحيفة «النهار» اللبنانية، فقد ركزت على دخول صفقة وقف الحرب في غزة حيز التنفيذ وجاء عنوانها الرئيسي «اتفاق غزة يطوي الطوفان» قالت تحته إنه "خَفتَ هدير الطيران الحربي في غزّة، وعلت أصوات التكبير والزغاريد مع سريان اتفاق وقف اطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل وبدء عمليات تبادل الأسرى، وأن الحياة دبت ببطء في القطاع مع بدء عودة آلاف النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" حيز التنفيذ، والذي وضع حداً لخمسة عشر شهراً من الحرب.
وسلطت الصحيفة الضور على معاناة أهالي قطاع غزة حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني غالبيتهم من النازحين معاناة لا توصف إثر الدمار الهائل الذي خلفته الحرب قبل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ قبل يوم من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يحيي تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء الآمال بإحلال سلام دائم في قطاع غزة، ولو أن إسرائيل احتفظت بحق الرد على أي تجاوز لبنوده.
الاقتصاد السعودي.. مرحلة جديدة من النموأما صحيفة الرياض السعودية فقد جاء عنوانها الرئيسي «الاقتصاد السعودي.. مرحلة جديدة من النمو» وتحدث عن نجاح المملكة العربية السعودية في تحويل التحديات إلى فرص وفق ما كشفه التقرير العالي للآفاق الاقتصادية الصادر عن البنك الدولي في يناير 2025، وأكدت على أن الاقتصادي السعودي يواصل مسيرته في التعافي والنمو رغم التحديات المرتبطة بتقلبات أسعار النفط والاضطرابات في الأسواق العالمية.
وتحدث التقرير عن أن المملكة العربية السعودية تبدو على أعتاب مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي الذي يعزز مكانتها كواحدة من أبرز القوى الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط والعالم.