الخاسر الذي ربح الملايين !
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
رغم مرور أيام على النزال الذي أقيم فـي تكساس بالولايات المتحدة بين الملاكم الشهير مايك تايسون ومنافسه الملاكم واليوتوبر، جيك بول، إلّا أنّ تداعياته ما زالت تشغل وسائل الإعلام، وقد تعرّض تايسون لانتقادات كونه دخل نزالًا خاسرًا سلفًا، فقد بلغ من الكبر عتيّا، بينما منافسه يصغره بأكثر من «31» عامًا، وجيك بول صانع محتوى وممثل، والأمر بالنسبة له زيادة أعداد متابعين، وشهرة وثراء، وخوض هذا اليوتوبر النزال يعني أنّ صنّاع المحتوى قادرون على دخول مختلف المجالات، لِمَ لا؟ وسلطة الإعلام الجديد بأيديهم! النزال، وها هو يوتوبر يعيد بطلًا من أبطال العالم للملاكمة لحلبة النزال بعد انقطاع بلغ «19» سنة! والواضح أن تايسون دخل ليس بنيّة الفوز، بل لكسب المال، بعد أن مرّ بأزمات عديدة، وتراكمت عليه الديون، خصوصا أن هذه النزالات تدرّ على المتبارين مبالغ طائلة، يجنونها من أرباحها، ويكفـي أنّ سعر تذكرة كبار الزوار بلغت مليوني دولار، ولنا أن نتخيّل الأموال التي كسبها القائمون على هذا النزال الذي أعاد إلينا أمجاد الملاكم محمد علي كلاي وهناك عدّة نقاط تشابه، بين كلاي وتايسون، فكلاهما من ذوي البشرة السمراء ونشآ فـي ظروف صعبة بمجتمع عنصري، وكلاهما أعلن إسلامه وانتماءه لقضايا كبرى، فكلاي رفض انضمامه للجيش الأمريكي أيام حرب فـيتنام عام 1967م ودفع ثمن موقفه غاليا، فقد أُنتزع منه لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وكان نجمه قد لمع بدءًا من عام 1960 عندما حصل على ذهبية الوزن الثقيل فـي دورة روما الأولمبية 1960، فـيما لف تايسون جسمه بعلم فلسطين، وكلاهما عاد ليجرب حظّه بعد توقف، مع اختلاف النتيجة، فكلاي عاد للملاكمة فـي 30 أكتوبر 1974، فـي زائير (جمهورية الكونغو) بعد انقطاع عن خوض النزالات والتدريب استمرّ سنوات، ليخوض نزالًا أمام جورج فورمان الذي يصغره بسبع سنوات (فورمان ولد عام 1949م فـيما ولد كلاي عام 1942م)، وصار النزال حديث الناس، فأسمته وسائل الإعلام «قتال فـي الغابة»، وُعدّ أعظم حدث رياضي فـي القرن العشرين، شاهده حوالي مليار مشاهد، فـي وقت لم تكن به فضائيات ولا وسائل تواصل اجتماعي، وحقّق إيرادات بلغت 100 مليون دولار فـي ذلك الوقت، لكن نهاية النزالين كانت مختلفة، فقد انتهت مباراة مايك تايسون (58 عامًا) مع جيك بول الملاكم واليوتوبر (27 عامًا)، بهزيمة تايسون بالنقاط، فـي الجولة الثامنة، فـيما تمكّن محمد علي كلاي من إلحاق الهزيمة بفورمان بالضربة القاضية فـي الجولة الثامنة، فـي مباراة أبهرت العالم، يقول فورمان: إنه كاد أن يحقّق الفوز لولا أن كلاي همس بأذنه «أهذا كل ما لديك؟» فأثار فـي نفسه الرعب، وتغيّرت موازين المعادلة، فقد هزمه نفسيا قبل أن يهزمه على حلبة النزال، فكسب القتال، واستعاد اللقب وصار حديث الناس ومنهم الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كتب فـي عام 1976 م قصيدة عنوانها «رسالة إلى محمد علي كلاي»: شِسْع لنعلِك كلُّ موهبةٍ وفداء زندك كلُّ موهوبِ كم عبقرياتٍ مشت ضرمًا فـي جُنح داجي الجنْحِ غِربيب! يا سالبًا بجماع راحتيه أغنى الغنى، وأعزَّ مسلوبِ شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافـيةٍ دوّت بتشريق وتغريبِ وشدا بها السُّمار ماثلةً ما يُفرغُ النَّدمان مِن كوبِ وفـيها سخرية من العالم الذي يمجّد القوّة، ولا يرعى الموهوبين، فالجواهري، كما يقول الباحث رواء الجصاني: كان يحسب ألف حساب فـي كيفـية تسديد إيجار شقة صغيرة فـي أثينا، وكان لا يملك الكثير لتسديد الإيجار وفجأة يقرأ أن كلاي ربح الملايين من الدولارات لأنه أدمى خصمه»! أمّا تايسون، فقد عاش سنوات المجد، فـي شبابه، وحمل لقب «الرجل الأكثر شراسة فـي التاريخ، الذي لا يهزم «كما وصفه زملاؤه الملاكمون، وحين عاد، عاد كهلا حتى أن منافسه أشفق عليه وصرّح أنه كان يستطيع أن يوجّه إليه لكمات موجعة لكنه خشي أن يوجّه إليه مثلها ويحتدم الصراع! وهذا يعني وجود اتفاق ضمني بأن يستمر النزال ثماني جولات وتحسم نقاط الفوز.
وإذا كان العالم قد تذكّر كلاي بعد أن اعتزل الملاكمة، وأصيب بمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، فأسند إليه إيقاد الشعلة الأولمبية فـي دورة أتلانتا 1996 وعاد ثانية ليحمل العلم الأولمبي فـي دورة لندن 2012م، فقد كاد أن ينسى تايسون، فعاد لحلبة النزال ليذكّر العالم بنفسه، ولو بهزيمة وخسارة ثقيلة فـي نزال استمرّ لدقائق ربح خلالها (20) مليون دولار، وبذلك بطل العجب. |
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
فيوري وأوسيك يجددان «نزال القرن» في الرياض
الرياض (أ ف ب)
أخبار ذات صلة السعودية والبحرين.. «العيار الثقيل» في «كأس الخليج» كأس الخليج نواة التطور والنجاح عبر التاريخ
بعد سبعة أشهر على ما أطلق عليه «نزال القرن»، يتجدد الموعد مساء السبت في الرياض، بين بطل العالم الأوكراني أولكسندر أوسيك، وغريمه البريطاني تايسون فيوري، في مواجهة ثأرية للأخير، بعدما مني على يد منافسه بالهزيمة الوحيدة في مسيرته.
في 19 مايو الماضي، بات أوسيك أول بطل يحرز اللقب العالمي الموحّد للوزن الثقيل في 25 عاماً، وتحديداً منذ البريطاني لينوكس لويس عام 1999، وذلك بتغلبه على فيوري فيوري بقرار منقسم من القضاة، حيث منح اثنان منهم الأفضلية للأوكراني 115-112، و114-113، فيما أعطى الثالث الأفضلية لفيوري 114-113.
وكان فيوري الأكثر خطورة في بداية النزال، لكن أوسيك تنفّس الصعداء تدريجياً ليتفوّق على الملاكم العملاق المكنّى «جيبسي كينج».
أنقذه جرس نهاية الجولة التاسعة عندما كان الأوكراني يمطره باللكمات، قبل أن يتعرّض للخسارة الأولى في مسيرته.
وجمع الأوكراني بين أحزمة الاتحاد الدولي للملاكمة (آي بي أف) والمنظمة العالمية للملاكمة (دبليو بي أو) والرابطة العالمية للملاكمة (دبليو بي أيه) والمجلس العالمي للملاكمة (دبليو بي سي) عندما تغلّب على فيوري في السعودية.
وانضمّ ابن الـ37 عاماً الذي لم يخسر بعد في مسيرته، إلى الأساطير أمثال محمد علي، جو لويس ومايك تايسون، بطلاً موحّداً لكل الأوزان الثقيلة، والأوّل منذ اعتراف عالم الملاكمة بأربعة أحزمة في الألفية الثالثة.
وبعد اتخاذ القرار بتجديد المنازلة مع فيوري في الرياض مجدداً، لم يكن أوسيك في وضع يسمح له بالدفاع عن لقب الاتحاد الدولي للملاكمة ضد البطل المؤقت والمنافس الإلزامي البريطاني دانييل دوبوا الذي احتفظ في 21 سبتمبر باللقب، بفوزه على مواطنه أنتوني جوشوا بالضربة القاضية على ملعب «ويمبلي» في لندن.
ونتيجة ذلك، سيتواجه أوسيك مع فيوري مساء السبت على الألقاب الثلاثة الأخرى، أي المنظمة العالمية للملاكمة (دبليو بي أو) والرابطة العالمية للملاكمة (دبليو بي أيه) والمجلس العالمي للملاكمة (دبليو بي سي).
وقبل يومين من النزال بحلقته الثانية، أجرى الملاكمان المواجهة الإعلامية التقليدية التي استمرت لأكثر من 11 دقيقة، وبدا فيوري أقل «ثرثرة» من السابق خلال المؤتمر الصحفي وقال إنه بعد «الحديث والمزاح» طوال مسيرته، كان مستعداً هذه المرة للقتال.
وهدد ابن الـ36 عاماً الذي لم يهزم قبل المواجهة الأولى مع أوسيك في 35 نزالاً في مسيرة شابتها نوبات الاكتئاب ومشاكل الإدمان، بأن «هذه المرة أنا جاد، سأُحدِث بعض الضرر هنا مساء السبت، سأسبب الكثير من الألم».
بالنسبة لأوسيك المتوج بالذهب الأولمبي عام 2012، فإن «النزال الأول أصبح في الماضي»، مضيفاً أنه يشعر «بحالة جيدة، ومسترخ في الملاكمة والتدريب».
ما هو مؤكد، أن على فيوري، بطل مجلس الملاكمة العالمي السابق، أن يفوز على أوسيك السبت إذا أراد محو «العيب» الوحيد في سجله، لكن المهمة لن تكون سهلة ضد الأوكراني الذي يتباهى بقوة يده اليسرى وتحركاته وسرعته وحالته البدنية الرائعة.
ويخوض أوسيك النزال بأفضلية واضحة لمنافسه من حيث الوزن الذي تبين أنه وصل إلى 127 كيلوجراماً، أي الأثقل في مسيرته، مقابل 102 للأوكراني.