بغداد- بعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد إقليم كردستان العراق إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة.

هذا الأمر وضع الحزبين أمام تحدّ جديد، إذ يجب عليهما الآن التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.

ورغم تصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني للنتائج، فإن الاتحاد الوطني، باعتباره الشريك التقليدي في الحكم، يظل الخيار الأرجح لتشكيل تحالف حكومي معه. وعلى الرغم من ظهور أحزاب جديدة على الساحة السياسية، فإن تأثيرها في تشكيل الحكومة يبدو محدودا في الوقت الحالي.

وبخصوص الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي الحيدري أن الخلافات موجودة بين الحزبين، ولكنه أشار إلى أن هناك حوارات ستبدأ بعد أيام من أجل التوصل إلى رؤى مشتركة لتشكيل حكومة قوية وبرلمان وإقليم واحد.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني (يمين) استقبل السوداني في أربيل الأسبوع الماضي (الصحافة العراقية) وساطة السوداني

ويواجه الحزب الديمقراطي الكردستاني صعوبات كبيرة في بناء تحالفات واسعة، خاصة في ظل رفض معظم أحزاب المعارضة المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية. ومن جهة أخرى، يسعى الاتحاد الوطني إلى استغلال هذه الظروف لتعزيز موقعه التفاوضي والحصول على مناصب مهمة في الحكومة المقبلة.

وتتجه أنظار بغداد إلى التطورات السياسية في إقليم كردستان، حيث يسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تعزيز العلاقات مع الإقليم، ولعب دور الوساطة لحل القضايا العالقة بين الحزبين الرئيسيين.

وعن هذه الوساطة، قال الحيدري -في حديث للجزيرة نت- إن "السوداني لديه قبول كبير في إقليم كردستان باعتباره من الشخصيات التي عملت على حل كل الخلافات الموجودة بين الإقليم والمركز ووضع آليات حل لهذه المشاكل"، منوها أيضا "بتعاون كبير أبداه السوداني مع حكومة إقليم كردستان في إقامة الانتخابات ودعمها معنويا وماديا".

وأضاف أن "رئيس الحكومة الاتحادية لديه قبول لدى جميع أطراف الأحزاب الموجودة في إقليم كردستان، وهذا يساعده على المساهمة في تسريع تشكيل حكومة إقليم كردستان".

وتابع الحيدري "هناك ملفات عالقة كثيرة بين الإقليم والمركز، من ضمنها الرواتب وتشريع قانون النفط والغاز والبيشمركة والمادة 140 من الدستور، وكل هذه الأمور يعمل السوداني على حلها واحدا تلو الآخر".

حل جميع المشاكل

القيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير أكدت أنه من دون تقارب بين الاتحاد والحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن تشكيل حكومة قوية في إقليم كردستان العراق سيكون مستحيلا، وذلك سيؤثر سلبا في قدرة الإقليم على خدمة مواطنيه ودعم الحكومة الاتحادية في بغداد.

وقالت ريزان -في حديث للجزيرة نت- إن من الضروري أن يتواصل رئيس الحكومة الاتحادية مع الأحزاب الكردية للتوصل إلى حلول تؤدي إلى تشكيل حكومة إقليمية فعالة. وأضافت أن وجود إقليم قوي سيساعد كثيرا الحكومة الفدرالية، بينما أي مشاكل داخلية بين الأحزاب السياسية في كردستان ستؤثر على الحكومة الفدرالية وعلى العراق بأكمله.

وأكدت القيادية الحزبية أنه لا يجوز أن يكون هناك إقليم في العراق دون وجود حكومة حقيقية تقوده أو برلمان يمثل الشعب الكردستاني، ومن ثم فإن رئيس الحكومة الاتحادية يبذل كل ما هو ممكن من جهود للتوصل إلى حلول وتشكيل حكومة الإقليم وحل المشاكل بين الأحزاب الكبيرة.

وأشارت إلى أن دور رئيس الحكومة الاتحادية يتجاوز حل المشاكل داخل الحكم الفدرالي، إذ يجب أن يحل مشاكل كل العراق، بما في ذلك الأحزاب الكردية، على اعتبار أن الكرد جزء لا يتجزأ من العراق.

وأوضحت أن حكومة إقليم كردستان شاركت طوال السنوات السابقة في المشاكل القائمة مع المركز، مما يجعل السوداني يسعى للوصول إلى حلول جذرية للمشاكل تنسجم مع قرارات المحكمة الاتحادية، خاصة في ما يتعلق ببيع النفط ووصول واردات الإقليم إلى الحكومة الاتحادية.

وفي ظل وجود خلافات كبيرة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني، فإن الاتحاد الوطني الكردستاني يعتقد، كما ترى ريزان، أن الحزب الديمقراطي يسعى للسيطرة على الحكومة وخاصة على واردات الإقليم والنفط بأي طريقة يريدها، لإثبات قوته على الكل. وهذا سيؤثر، وفقا لها، على الاتحاد الذي يرى طوال السنوات السابقة أنه لا توجد شراكة حقيقية بين الحزبين، بل تسير الأمور وفق المصالح بينهما.

ونبهت المتحدثة إلى تصريح رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني الذي قال فيه إنه يريد شراكة حقيقية وواقعية لخدمة الحكومة والبرلمان والشعب في النهاية. ولذا فمع إقرار الجميع أنه دون توافق الحزبين الرئيسيين فلن تتشكل الحكومة، فإن الطرفين يسعيان لتقريب وجهات النظر بينهما وإنهاء جميع العراقيل.

حكومة ائتلافية

الأكاديمي والباحث السياسي عمار البهادلي أكد أن تحقيق هدف الوساطة، التي يقوم بها السوداني في كردستان، والتي جاء طرحها بعد زيارته الأخيرة للإقليم، يتطلب من رئيس الوزراء العراقي بذل جهود كبيرة لإقناع الأكراد بتقديم تنازلات، مع الأخذ في الاعتبار التوازنات الداخلية في العراق.

ويرى البهادلي، في حديث للجزيرة نت، أن طريقة تعامل حكومة بغداد مع حكومة أربيل سابقا مهدت الطريق لاختيار السوداني ليكون قوة مؤثرة ومحورية في هذه المرحلة.

ومع ذلك، يشير الباحث إلى أن الاحتدام السياسي القوي وعدم التقارب بين الأحزاب الكبرى في كردستان يمثل تحديات كبيرة في هذه المرحلة، خاصة بعد نتائج الانتخابات التي لم تسفر عن تحقيق الأغلبية المطلقة لأي حزب سياسي، مؤكدا أن هذا الوضع يجبر الكتل السياسية على الذهاب إلى خيار تشكيل حكومة ائتلافية من خلال مفاوضات مكثفة لتحقيق نوع من التقارب في وجهات النظر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحزب الدیمقراطی الکردستانی الاتحاد الوطنی الکردستانی رئیس الحکومة الاتحادیة فی إقلیم کردستان بین الحزبین حکومة إقلیم تشکیل حکومة فی کردستان بین الحزب

إقرأ أيضاً:

عاجل:- الحكومة تقرر تشكيل لجنة عليا لتطبيق منظومة المخاطر الشاملة للإفراج عن البضائع

وافق مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة عليا لتطبيق منظومة المخاطر الشاملة للإفراج عن البضائع، وذلك في إطار جهود الدولة لتطوير آليات الإفراج الجمركي وتيسير حركة التجارة من خلال التعاون المؤسسي وتطبيق النظم الحديثة في إدارة المخاطر.

رئاسة اللجنة العليا وتشكيلها

نص القرار على أن تتولى اللجنة رئاسة ممثل عن رئاسة مجلس الوزراء، وتضم في عضويتها ممثلين عن عدد من الوزارات والهيئات ذات الصلة بملف الإفراج الجمركي والفحص، بما يعزز من تكامل الرؤى وسرعة اتخاذ القرارات.

رئيس الوزراء: الدولة المصرية تقف دوما بجانب أشقائها عاجل:- الحكومة توافق على إنشاء "المجلس الوطني للسياحة الصحية" لتنظيم القطاع وجذب السائحين

وتشمل الجهات الممثلة في اللجنة: وزارة الصحة والسكان، وزارة النقل (قطاع النقل البحري)، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، وزارة البيئة، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي (الحجر الزراعي والبيطري)، وزارة المالية (مصلحة الجمارك المصرية)، وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية (قطاع الاتفاقيات والتجارة الخارجية)، وزارة الثقافة (الرقابة على المصنفات الفنية)، وزارة التموين (مصلحة دمغ المصوغات والموازين)، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الهيئة القومية لسلامة الغذاء، الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، هيئة الدواء المصرية، الهيئة الوطنية للإعلام، هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وهيئة الطاقة الذرية.

مهام اللجنة واختصاصاتها

تتولى اللجنة العليا مهمة وضع الإطار العام لتنفيذ منظومة المخاطر الشاملة، إلى جانب تحديد مستهدفات تطبيقها على البضائع الواردة إلى الموانئ المصرية، بما يضمن تقليص زمن الإفراج الجمركي، وتحقيق التوازن بين تيسير حركة التجارة والحفاظ على معايير السلامة والأمن القومي.

وتكلف اللجنة بمراجعة التشريعات واللوائح الحالية المنظمة لعمل جهات الفحص المختلفة، للتأكد من مدى مواءمتها لتطبيق نظام إدارة المخاطر، واقتراح التعديلات القانونية اللازمة للتمكين من تطبيق المنظومة بشكل متكامل.

تنسيق الآليات وتفعيل "نافذة"

تعمل اللجنة على إجراء التنسيقات المطلوبة بين الجهات المختصة لوضع آلية عمل موحدة لتفعيل منظومة المخاطر الشاملة، وذلك على منصة "نافذة" الإلكترونية، المنصة الرسمية لإدارة عمليات الإفراج الجمركي بمصر.

كما تتابع اللجنة التنفيذ الفعلي لتلك الآليات بالتعاون مع الجهات المنفذة، وتضع جدولًا زمنيًا واضحًا لتنفيذ المراحل المختلفة للمنظومة، مع التأكيد على الالتزام بالتوقيتات المحددة.

رصد المعوقات ورفع التقارير الدورية

تضطلع اللجنة العليا بمهمة رصد وتحديد العقبات والمعوقات التي قد تواجه تطبيق المنظومة في بداياتها، وتقديم المقترحات العملية لحلها بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، لضمان انسيابية العمل وعدم تعطله.

وتُعد اللجنة تقريرًا دوريًا شهريًا يتضمن ملخصًا بنتائج أعمالها، وتوصياتها، وآليات التنفيذ المقترحة، ويُرفع هذا التقرير إلى رئيس مجلس الوزراء للنظر في اتخاذ ما يلزم من قرارات داعمة لسير العمل.

خطوة مهمة في تطوير بيئة الأعمال

يُعد تشكيل هذه اللجنة خطوة نوعية على طريق تطوير بيئة الأعمال في مصر، ورفع كفاءة منظومة الإفراج الجمركي، بما يتماشى مع التزامات الدولة الدولية في تسهيل التجارة عبر الحدود، وبما يعزز مكانة مصر كمركز لوجستي وتجاري إقليمي.

مقالات مشابهة

  • عبد العزيز لـ الدبيبة: سنقاوم ولن نقبل تشكيل حكومة جديدة ويجب عدم الاستسلام
  • السوداني يؤكد استعداد الحكومة لتقديم التسهيلات والدعم لعمل شركة بيكر هيوز بالعراق
  • بلومبيرغ: شرط بوتين بضم أراضِ أوكرانية يُعرقل وساطة ترامب
  • رفض تشكيل حكومة موازية في السودان.. تفاصيل لقاء السيسي ورئيس أنجولا
  • حكومة نتنياهو تلغي قرار إقالة رئيس الشاباك رونين بار
  • حكومة نتنياهو تُلغي قرار إقالة رئيس الشاباك
  • عاجل:- الحكومة تقرر تشكيل لجنة عليا لتطبيق منظومة المخاطر الشاملة للإفراج عن البضائع
  • السوداني:الحكومة تعتزم إطلاق جملة مشاريع في محافظة كركوك
  • السوداني يؤكد على دعم الحكومة للقطاع الصناعي الخاص
  • العمال الكردستاني: لا نريد أن نكون الطرف المفسد للمصالحة