قبل 60 يومًا من موعد مغادرته البيت الأبيض، والمشهد السياسي الأميركي عامة، بادر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، جو بايدن، إلى اتخاذ مجموعة خطوات متسارعة وجادة على أكثر من صعيد، وجميعها يرتبط بملفات خارجية عانت إدارته من تبعاتها خلال العامين الأخيرين.

ويعتقد في واشنطن أن هذه الملفات كانت واحدة من الأسباب الكبيرة التي أدت بالحزب الديمقراطي إلى مواجهة كانت من أسوأ الخسارات في تاريخه الحديث خلال انتخابات الرئاسة والكونغرس الأخيرتين.



عودة إلى لبنان 
وتتمثل العودة القوية إلى لبنان من خلال قرار بايدن إرسال مبعوثه الرئاسي، آموس هوكستين إلى بيروت وإسرائيل، في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

ويقول مسؤولون في إدارة بايدن إن هذا الأمر بات أقرب إلى التحقق الآن أكثر من أي وقت مضى، وإن ظهر الأمر متأخرًا عن وقته بالنسبة لبايدن وفريقه، فإن المعطيات القائمة على الأرض هي من شجعت المبعوث الأميركي على العودة مجددًا إلى المنطقة، وذلك نتيجة ظهور ملامح اتفاق.

وكان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان هدفًا محوريًا بالنسبة لهذه الإدارة، التي كانت ترى في ذلك منجزًا لها يمكن أن يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة الأمنية في لبنان، من خلال خطة تسعى من خلالها إلى اعطاء دور أكبر للجيش في لبنان، كقوة أمنية تسيطر على كافة البلاد، مع التعهد بتقوية عناصره وتسليحهم وجعلهم جزءًا من منظومة  أمنية دولية، بالشراكة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، في سبيل تأمين المناطق الحدودية.

والمسألة كما يراها مسؤولو إدارة بايدن، هي بداية لعمل طويل الأمد، يسمح بإعادة رسم وتوزيع موازين القوة العسكرية في المنطقة مجددًا، كما يسمح لإدارة الجمهوري دونالد ترامب المقبلة بالبناء عليه.

إنهاء الحرب في غزة
باتت إدارة بايدن متحررة من كافة الضغوط السياسية بعد خسارتها الانتخابات، فهي تسعى الآن إلى محاولة تعزيز الإرث الشخصي للرئيس بايدن من خلال تحقيق بعض المنجزات التي سبق له الوعد بها، ومنها التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

وهناك عودة قوية إلى هذه المحاولات، من خلال تكثيف المساعي بشأن ممارسة المزيد من الضغوط على حركة حماس، كما كان عليه الأمر في خطاب بايدن أمام مجموعة العشرين، بدعوته أعضاء المجموعة إلى ذلك، إضافة إلى تأكيد البيان الختامي للقمة على ضرورة الدفع بالمزيد من المساعدات والجهود لأجل التخفيف من حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

وقد كان التوصل إلى وقف لإطلاق النار هدفًا متجددًا في خطابات هذه الإدارة، لكن نسبة التقدم فيه كانت محدودة جدًا، بل أن تقديرًا يطرح في واشنطن حول عدم قدرة هذه الإدارة على ممارسة ضغوط كافية على الحكومة الإسرائيلية في سبيل تحقيق أهدافها.

في مقابل ذلك، هناك ضغوط سياسية يمارسها الجناح التقدمي من الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، عبر مشروع القرار الذي تقدم به السيناتور اليساري بيرني ساندرز، والذي يدعو من خلاله إلى وقف تقديم المساعدات العسكرية المقررة لإسرائيل في حجم 20 مليار دولار، وهو مسعى لا يتوقع له أن يلقى تأييدًا كبيرًا من قبل الأعضاء في المجلس، لكنه بكل تأكيد سوف يشكل حرجًا إضافيًا من قبل  شيوخ الحزب على إدارة بايدن.

وذهب ساندرز إلى حد اتهام هذه الإدارة بالتواطؤ في الأزمة القائمة في غزة، وعدم القيام بالخطوات الأكثر صرامة وجدية في التعامل مع إسرائيل في مسألة استخدام الأسلحة الأمريكية في الهجمات، لذلك ذهب إلى اتخاذ مبادرة تقديم المشروع للمصادقة عليه.

الحرب في أوكرانيا 
لقد كانت خطوة إعلان الرئيس بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية البعيدة المدى في الحرب الدائرة في كييف، مفاجأة مدوية في واشنطن؛ لأن بايدن كان يرفض هذا التصعيد منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

لكن التغيرات التي شهدتها الساحة السياسية في الداخل الأميركي، وفي الخارج، جعلت حسابات هذه الإدارة تتغير، بل وأكثر من ذلك، تظهر استعدادها لمواجهة مخاطر التصعيد الذي يمكن أن يترتب على هذا القرار.

وبين موسكو وواشنطن سلسلة اتهامات حول توسيع مدى الحرب في أوكرانيا؛ لأن واشنطن ترى في دخول 10 آلاف جندي كوري شمالي إلى روسيا للمساعدة في الحرب على أوكرانيا، يشكل تصعيدًا خطيرًا من جانب موسكو، وأنه كان يجب أن يصدر ردًا أمريكيًا موزايًا في نفس القوة والاتجاه.

وينظر الرئيس بايدن إلى هذه الحرب تحديدًا على أنها مركز الإرث الذي أراده لرئاسته، من خلال تعزيز قوة الحلف الأطلسي أوروبيًا، ومنع روسيا من التمدد إقليميًا، وكذلك بسبب رغبته في إعادة الولايات المتحدة إلى دورها القيادي العالمي في مخالفة صريحة لمساعي سلفه دونالد ترامب في ولايته الأولى.

ويسعى بايدن في أيامه الأخيرة إلى جعل أوكرانيا في موقع تفاوضي أفضل، حال اختار الرئيس المنتخب دونالد ترامب مسارات تفاوضية لإنهاء الحرب في كييف، وذلك من خلال إعطاء أوكرانيا أوراق ضغط قوية، وكذلك الأمر بالنسبة للحلفاء الأوروبيين.

وتجد وجهة نظر بايدن تأييدًا حتى في أوساط النواب الجمهوريين بدرجات متفاوتة، لكنها من الناحية الأمنية والإستراتيجية تجد مناصرين خاصة بين الشيوخ الجمهوريين مع اختلاف واحد، وهو مسألة حجم ونوع المساعدات الأمريكية المقدمة من واشنطن، وكيفية تنظيمها وتقنينها ومحاسبة المسؤولين الأوكران على استخدامها خوفًا من  الفساد وسوء الاستغلال.

هذا التأييد من قبل الشيوخ الجمهوريين لتصور بايدن سيجعل خيارات ترامب المتوقعة في الإدارة الجديدة تواجه معارضة داخل الجناح الجمهوري في مبنى الكونغرس؛ الأمر الذي سيكون في صالح الإبقاء على بعض خيارات بايدن في هذه الحرب تحديدًا. (ارم نيوز)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إدارة بایدن هذه الإدارة فی لبنان الحرب فی من خلال إلى وقف

إقرأ أيضاً:

سفير مصر السابق بروسيا: قرار وقف الحرب في أوكرانيا بيد بوتين وليس ترامب

قال علاء الحديدي، سفير مصر السابق بروسيا، إن القرار في موسكو لا يتخذ بشكل انفرادي مثلما يتصور البعض، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه أهداف، وهو صاحب قرار وقف الحرب في أوكرانيا، وليس الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.

إغفال ما تريده روسيا بالسيطرة على أربع مقاطعات أوكرانية

وأكد الحديدي، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج «المشهد»، المذاع على قناة «Ten»، أن هناك حديثًا عن أن «ترامب» يُوقف الحرب من خلال صفقة، مع إغفال ما تريده روسيا من السيطرة على أربع مقاطعات كاملة في أوكرانيا، وهذا لم تفعله موسكو حتى الآن، وأي محاولة لوقف الحرب دون تحقيق هذه الأهداف، لن تحدث.

وأضاف أن تغيير العقيدة النووية هدفه إفهام الغرب أن موسكو ماضية في تحقيق الأهداف المعلنة دون أي تنازل حتى لو اضطرت لاستخدام السلاح النووي خاصة الأسلحة النووية التكتكية.

مقالات مشابهة

  • مبعوث بايدن إلى لبنان: إنهاء الصراع بات «في متناول اليد»
  • سفير مصر السابق بروسيا: قرار وقف الحرب في أوكرانيا بيد بوتين وليس ترامب
  • متشائم.. سمير فرج: خلال الـ1000 يوم من الحرب الروسية الأوكرانية كانت تقليدية
  • «التحرير الفلسطينية»: أجواء إيجابية تسود مباحثات وقف إطلاق النار في لبنان
  • متخصص في الشئون الأمريكية: قرارات بايدن قد تدفع روسيا للرد ضد أوكرانيا
  • توقيف أحد أخطر المطلوبين العراقيين في الحمرا.. هذا ما كان يفعله
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • ابن ترامب يتهم بايدن بتصعيد الحرب في أوكرانيا قبل 2025.. ماذا حدث؟
  • مصدر يوضح لـCNN سبب موافقة بايدن على استخدام أوكرانيا لأسلحة أمريكية في عمق روسيا