ما خرج للإعلام من انتهاكات طالت سكان الجزيرة، قليلٌ جداً من كثير، لا زال مكتوماً في صدور رجال الجزيرة، ثمة حكاوى ومأسٍ مبكية يرويها شهود عيان..
ما قامت به مليشيا الدعم السريع بشرق الجزيرة مؤخراً يفوق حد الخيال.

في معسكر بضواحي شندي، جلست مع أستاذ عبد الله، القادم من برانكو شمال الهلالية زحفاً على الأقدام، يحكي الأستاذ عن يوميات الحرب بمنطقة برانكو، ويقول إن المليشيا اقتحمت برانكو بأكثر من 40 عربة قتالية وعدد من المواتر لا تُحصى ولا تعد، أطلقوا الرصاص بكثافة في كل منزل، توزّعوا على منازل المواطنين بمعدل ثلاثة أفراد مقابل أي منزل في منطقة بها 11 حيّاً سكنياً، خرج كبار القرية للحديث معهم وتهدئتهم فقالوا لهم لا نريد حديثاً، توجيهاتنا إبادة لكل القرية، سأل أهل المنطقة، عن القائد الذي وجّههم رفضوا الإجابة وأطلقوا النار وفرّقوهم، منحوهم ساعات للخروج جميعاً من القرية أو الخيار – الإبادة أو اغتصاب النساء.


يقول محدثي الأستاذ عبد. الله إنه طوال حياته التي تقارب الثمانين عاماً لم ير أشكالاً كالتي اقتحمت برانكو، شباب مظهرهم قميئ وشعرهم كثيف وشديد الاتساخ، بعضهم يرتدي الحجل على رجله ويضع زماماً على شفته، وآخرون يرتدون حلقاً على آذانهم المخرومة عدة خرمات، يمضي محدثي: حاصرونا بالأيام ومنعونا من الذهاب للمساجد، قالوا لنا نحن لا نعرف الله، ثم أطلق الرصاص في السماء، وقال إنهم قتلوا الله (لا حول ولا قوة إلا بالله)، يضيف: يؤمنون بالكجور، يذبحون الشاة ويشربون دماءها ولا يأكلون لحمها، إنها حثالة مجرمي غرب أفريقيا، بعضهم لا يتحدث العربية، وآخرون حديثهم بالسلاح، يطلقون الرصاص على الكلاب والدواب بحجة أنها تتبع لكيكل، ثم يذرف أستاذ عبد لله الدموع قائلاً: ذلونا ذلة ما أنزل الله بها من سلطان، ويقول إنهم زحفوا أكثر من ستة أيام على الأقدام للخروج من المدينة، فقدوا أطفالاً ماتوا عطشاً وجوعاً، وآخرون تورّمت أقدامهم، ما أجبرهم على الخروج!

إنّ المليشيا حَطّمت كل محطات المياه، ضربت كل أبراج الكهرباء، شتتت القمح على الأرض، وحرقت البصل وهم يرددون (انتو أهل كيكل ما عندنا ليكم حاجة غير الإبادة)!
يقول أستاذ عبد الله، إنهم فقدوا 450 عربة نُهبت في يوم واحد بواسطة المليشيا التي سرقت كل السوق وذبحت الدواب، قتلت حتى الدجاج والحمام!

وأضاف: منعونا من دفن موتانا. ويقولون لنا (نحن ناسنا أكلتهم الكلاب إنتو عايزين تدفنوا ناسكم)، تركنا قتلانا في العراء بعد أن امتلأت برانكو بالجثث وهي ملقية على الأرض، أخضعوا الجميع لتفتيش دقيق لحظة الخروج، وسرقوا حتى ملابس النساء، وقال: محزنٌ أن تفتش عروضنا أمامنا بطريقة مُهينة ولا نستطيع منعهم، عناصر المليشيا كانت تتلذذ بإهانتا وهم يقولون (سكّيناكم زي الأرانب)، ثم يطلقون الرصاص على أقدامنا، إنها أيام ثقال انتهت بخروجنا من ديارنا وتركنا كل شئ وراء ظهورنا!!!!!

عبدالرؤوف طه علي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إنهيار المليشيا .. الحلقة الأخيرة من تراجيديا الجنجويد

لم يدرك آلاف الأفراد الذين دفع بهم المجرم محمد حمدان دقلو إلى المحرقة بأن دماءهم وأرواحهم رخيصة عنده، فقد باعهم قائد المليشيا الأجير بثمن بخس، دفعته دولة الامارات. ولأن دقلو وأخيه، ظلا يمارسان تجارة البشر التي افترشوها كبضاعة على قارعة الطريق دون وازع أخلاقي أو ديني حتى، طالت النيران الأقربون بعد أن قضى على مرتزقة عرب الشتات الذين جاءت بهم الغنائم والسبي، فطالتهم آلة الجيش السوداني فحصدتهم، وصارت الخرطوم مقبرة ولاحقتهم دعوات الثكلى والأطفال ومن خرج منهم، خرج مقعد فاقد الأطراف والعقل ولا بواكي عليه، ولم يحسن دفن من هلك منهم. كانت معركة تحرير القصر الجمهوري رمز السيادة السودانية أمس الأول بداية الإنهيار الكامل لمرتزقة آل دقلو. والأيام القادمة ستتكشف فيها بعض الحقائق التي ألبسها حميدتي ثوب القبيلة، وقضى على شبابها. انتهت معركة الخرطوم، وستعلن في الأيام القادمة خلوها من التمرد، وأوشكت الحرب على النهاية.

+ تغيير ميزان القوة وإنهزام المليشيا:

مستشار حملة سودان المستقبل عادل عبدالعاطي قال: تشكل استعادة وسيطرة الجيش على القصر الجمهوري ومناطق واسعة في منطقة شمال ووسط الخرطوم تغيرا كبيرا في ميزان القوة الإستراتيجية لما تشكله استعادة القصر الجمهوري والوزارات والمناطق السيادية من رمزية كبيرة للشعب السوداني وإنهزام مليشيا الدعم السريع. وأضاف عبدالعاطي في تصريح خص به (ألوان): أيضا تفتح هذه السيطرة الباب لإستعادة مناطق جنوب الخرطوم، وبذلك إكمال تحرير الولاية التي لم يتبق فيها إلا جيوب بسيطة للمليشيا، وكذلك يفتح الباب لتحرك واسع لإستعادة دارفور وما تبقى من ولايات كردفان، ونبه قائلا: لكن هذا التحرك يجب أن يشهد تحركا سياسيا ودبلوماسيا لكي تستفيد الحكومة السودانية والجيش من الزخم العسكري لإنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، لأنه ليس من المصلحة استمرار الحرب في السودان، ومن ثم النظر في إعادة بناء وإعمار السودان وإصلاح علاقاته الخارجية وكذلك إجراء الإصلاحات الداخلية التي تكفل التحول الديمقراطي في السودان.

+ ما حدث أدهش العالم:

ووصف د. فتح الرحمن الفضيل رئيس حزب بناة المستقبل تحرير القصر الجمهوري بالتحرير الثاني للخرطوم. وقال في حديثه لألوان: القصر هو اصطلاح سببه رمزية القصر، ولكنه في الحقيقة تحرير الخرطوم الثاني والذي يعني تحرير السودان من أكبر عملية إحتلال شهدها العصر الحديث. وأضاف: شاركت عشرات الدول في محاولة إحتلال السودان والغريب أن المحاولة استمرت أكثر من عامين ولم يوقفها المد الوطني الجارف إلا بعد أن تكسرت تحت أقدام شجعان القوات المسلحة وفرسان وفتيان السودان من كافة القطاعات. وذهب الفضيل في حديثه: إذا كان المخطط شاركت فيه عدد من الدول إلا أن التحرير بالمقابل إصطف فيه كل شباب السودان في ملحمة قل أن تتكرر في مكان آخر، وحق للسودانيين أن يحتفلوا ويفتخروا بهذا الإلتفاف الوطني العظيم. وقال د. فتح الرحمن إن ماتم سيدهش العالم وسيدرس في المعاهد العسكرية والسياسية كسابقه وطنية وملحمة تاريخية. وفي ختام حديثه قدم الفضيل التهاني للشعب السوداني والقوات المسلحة الباسلة. محييا شجعان السودان والخزي والعار للخونة والعملاء.

+ المليشيا تائهة ومفككة:

فيما قال الخبير العسكري العقيد (م) محمد فرح إن المعارك العسكرية واحدة من أعقد أوجه الحياة لأن الفشل في إدارتها تعني باختصار شديد دفع حياتك ثمنا، ولذلك لا تعتبر الجندية مهنة ولكنها عمل احترافي، فالضابط والجندي محترفي قتال. وأشار فرح في حديثه لألوان: أما في حالة الدعم السريع، فلم تكن له أهداف تخص المعركة التى دخلها بدوافع ليس من بينها الوطنية، بل كانت كل مرتكزاتهم قبلية مرتكزة على مصالح ذاتية، ولم تكن للدعم السريع قيادة ذات معرفة بفنون القتال والأسلحة الحديثة التي تلزم القيادة بتدريب الجندي على حماية نفسه من كل أنواع الأسلحة التي تشترك في المعركة مع استخدام تكتيكات ميدانية تواءم طبيعة المعركة أرضا وتسليحا ولياقة بدنية، خصوصا في حرب المدن كالتي دارت في وسط الخرطوم والتي إنهارت فيها قوات الدعم السريع إنهيارا تاما أمام ضربات القوات المسلحة الاحترافية وقدراتهم التدريبية مع لياقة بدنية عالية مكنتهم من القتال لزمن فاق الثمانية وأربعين ساعة، على عكس قوات الدعم السريع التي ظهرت تائهة مفككة تفتقد للقيادة والسيطرة والتحكم. وختم فرح حديثه: هذا ما جعل عساكرهم لقمة سائغة لقوات الشعب المسلحة الباسلة. وبمعركة الخرطوم التى تترنح فيها المليشيا وتلفظ أنفاسها الأخيرة، يكون الجيش والشعب السوداني والقوات النظامية المساندة استطاعوا نسف أكبر مشروع استثماري، قصد منه تدمير الدولة السودانية.

تقرير: مجدي العجب
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بدء إجراءات محاكمة (950) متهماً من المتعاونين مع مليشيا الدعم السريع بمدني
  • كاميرا الجزيرة ترصد مشاهد مروعة لأسرى محررين من معتقلات الدعم السريع
  • شاهد بالفيديو.. الجيش السوداني ينجح في الوصول إلى المدافع التي يتم بها قصف المواطنين بمدينة أم درمان بعد أن تركتها مليشيا الدعم السريع داخل المنازل وهربت
  • الجزيرة ترصد آثار المعارك في مقر قوات الدعم السريع بالخرطوم
  • وزير الإعلام السوداني: سقف المعركة هو تحرير آخر شبر وسحق مليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن تطهير آخر جيوب مليشيا الدعم السريع في محلية الخرطوم
  • الناطق باسم الجيش السوداني: «الدعم السريع» تواصل الهروب.. والخرطوم تحت سيطرتنا
  • قائد الجيش السوداني من القصر الجمهوري يعلن النصر وسحق مليشيا الدعم السريع
  • في بيان أصدرته: القوات المسلحة السودانية تستمر في عمليات تطهير البلاد من مليشيا الدعم السريع في طريق إنهاء التمرد ونشر الأمن والاستقرار
  • إنهيار المليشيا .. الحلقة الأخيرة من تراجيديا الجنجويد