الحرة:
2024-11-20@16:28:51 GMT

عقيدة التوحش.. إعادة إعمار سوريا تبدأ بـحافظ الأسد

تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT

عقيدة التوحش.. إعادة إعمار سوريا تبدأ بـحافظ الأسد

لا تبدأ عملية إعادة الإعمار بالنسبة للنظام السوري بتبديد آثار ما دمرته الحرب طوال السنوات الماضية، على صعيد تشييد المباني مجددا أو حتى إعادة السكان إلى قراهم ومدنهم الأصلية التي تحولت إلى خراب، بل على العكس يتخذ المسار منحى استثنائيا، يستند على عقيدة تقوم على "التوحش" ونصب التماثيل، كي لا يتمكن المنكوبون من السير مترا واحدا دون رؤية حافظ الأسد.

قبل يومين أسدل النظام الستار عن تمثالٍ للأسد الأب وسط خان شيخون المدمّرة، الواقعة في ريف محافظة إدلب، ورغم أن هذه الخطوة سبقها سلوكيات مشابهة في مناطق أخرى في أنحاء البلاد، اعتبرها سكان عبر مواقع التواصل استفزازية، بناء على ما شهدته المدينة في عام 2017.

وكانت خان شيخون تعرضت قبل 7 سنوات لهجوم بغاز السارين، أسفر عن مقتل 91 مدنيا بينهم 32 طفلا و23 سيدة خنقا، وإصابة قرابة 520 شخص. وبعد أشهر من المجزرة أكد تقرير دولي أعدته "آلية التحقيق المشتركة" مسؤولية النظام عن القصف.

علاوة على المجزرة، لا يزال سكان المدينة المذكورة ينظرون إليها من على الأطلال على الطرف الآخر الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة، وليس ذلك فحسب فمن سمح لهم بالعودة يعانون الآن من ظروف خدمية ومعيشية صعبة، سبق أن ذكرتها صحيفة "البعث"، مطلع العام الحالي، مشيرة إلى عدم وجود خط دائم لشبكة الكهرباء فيها.

وقبل نصب تمثال الأسد الأب مجددا في خان شيخون، أعاد النظام تمثالا أخرا إلى وسط مدينة دير الزور شرقي البلاد، في أكتوبر 2018، وفي شهر أغسطس من ذات العام جدد تمثالا ثالثا في مدينة حمص وسط البلاد، بعدما أن تعرض في مطلع أحداث الثورة لرصاصات اخترقت ظهر جسده البرونزي.

مدينة حماة أيضا التي دمرت، وارتكبت فيها فظائع في عهد حافظ الأسد بثمانينيات القرن الماضي أسدل الستار فيها عام 2017 عن تمثال للأخير في مدخلها الجنوبي. وجاء ذلك بعد أن أزيل في 2011 (مطلع أحداث الثورة) بأوامر مباشرة من هشام بختيار (المقتول في حادثة تفجير خلية الأزمة)، وفقا لمواقع إخبارية محلية.

"إعادة إعمار حافظ الأسد"

وتقول الأمم المتحدة إن تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا تصل إلى 400 مليار دولار. وهذا الرقم يشمل حجم الدمار فقط، ولا يشمل الخسائر البشرية، والمقصود بها الأشخاص الذين قتلوا خلال المعارك، والأشخاص الذين نزحوا وهجّروا من منازلهم.

وأشار إلى هذه الإحصائية بشار الأسد بنفسه، في مارس 2023، بقوله إن التقديرات للحرب تفوق 400 مليار دولار، مضيفا أنه "رقم تقريبي وقد يكون أكبر، حيث إن بعض المناطق لا تزال خارج سيطرة الدولة السورية"، حسب تعبيره.

بعد إعادته إلى الجامعة العربية عزف النظام كثيرا على وتر إعادة الإعمار، وبينما كان يطلق تصريحاته المتعلقة بذلك ردا على الدعوات الموجهة له بضرورة إعادة اللاجئين في الخارج إلى البلاد سارت خطواته على الأرض باتجاه مختلف.

وتلك الخطوات كان لافتا أنها بدأت بإعادة تماثيل الأسد الأب إلى ساحات المدن المدمرة التي أعاد السيطرة عليها، وتدشينها في أجواء احتفالية، كما الحال الذي عاشته خان شيخون قبل يومين.

ولا يعتبر نصب التماثيل الخاصة بالأسد الأب في سوريا أمرا جديدا، لكنها دخلت بعد عام 2011 في محطة فاصلة، تمثلت بإقدام المحتجين المطالبين بالحرية على تحطيمها تباعا في الشوارع والساحات، في عموم المحافظات السورية.

كان فعل التحطيم يذهب باتجاه فرض حالة جديدة وخروج من أخرى، لطالما تخللتها أعين مسلطة من فوق وتراقب السوريين في الجامعات والساحات العامة، وحتى داخل المؤسسات الرسمية والحكومية.

ويقول الكاتب والناشط السياسي، حافظ قرقوط: "تاريخيا كانت تماثيل حافظ الأسد منثورة في كل مكان في سوريا، كنوع من الترهيب والتذكير بأن الدولة الأمنية قائمة".

وغالبا من كان يشعر الشخص الذي يمر بجوارها أو بالقرب منها بالمراقبة وأنه يوجد في محيطه "مخبر".

ويعتبر قرقوط في حديثه لموقع "الحرة" أن تماثيل الأسد الأب "كانت أفرع أمن بحد ذاتها وتصب عيناها بنوع من الحقد على البشر"، مضيفا: "لم يكن فيها أي نوع من الفن الذي يمكن أن يظل في ذاكرة الإنسان بشكل هادئ وجميل".

ومع اتجاه النظام السوري لإعادتها بالتدريج يرى قرقوط أنه يريد القول للجمهور المحلي "إننا هنا"، وإن "السطوة الأمنية قائمة وقادرة على فهل أي شيء"، وإن "النظام الذي حاولتهم إسقاطه بقي!".

"هي عملية بمثابة إعادة نشر السجون المعنوية للناس. النظام حاقد والحقد يشكل حالة انتقامية له. وهذه أهم حالات الانتقام"، على حد تعبير الكاتب والناشط السياسي.

"فلسفة التوحش"

في مقال له على صحيفة "ذا أتلانتيك" نشر عام 2019 يقول الصحفي، سامر داغر وهو مؤلف كتاب "الأسد أو نحرق البلد" إن "حكم سوريا شأن عائلي إلى حد كبير".

وبينما كان الأمر كذلك منذ ما يقرب من خمسة عقود، سوف يظل كذلك فيما يتصل بآل الأسد، بحسب ما ورد في مقالته.

ويعتقد داغر أن إعادة التماثيل واللوحات الإعلانية طريقة الأسد لإخبار المجتمعات المتمردة ذات يوم بأن أي مقاومة أخرى لن تجدي نفعا، كما يرى أن إعادتها تؤكد رسالة مفادها أن "عائلة الأسد انتصرت على الرغم من التكلفة الهائلة".

وتشير إحصائيات تقريبة إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص في سوريا خلال السنوات الـ13 الماضية، ويضاف إلى ذلك الدمار الهائل ونزوح السكان، فضلا عن الاقتصاد الممزق، والمجتمع كذلك.

ورغم أن الأسد ظلّ على كرسي الحكم لا تزال العزلة تحكم مشهد قصره ونظامه، مع محاولته الآن الخروج منها، بذات السيناريو التدريجي الذي لعبه مع عدة دول عربية.

وبوجهة نظر الكاتب، الناشط السياسي السوري، حسن النيفي تحيل تماثيل الأسد الأب "إلى تأبيد الفرد الحاكم، وفقا لفلسفة التوحش".

ويقول لموقع "الحرة" إنها "تستمدّ مضامينها من شعور الحاكم بأنه باق ومخلّد ومُستثنى من نواميس الفناء، فضلا عن كونها تتماهى مع شعار (إلى الأبد يا حافظ الأسد)".

وشعار الأبدية له دلالات عديدة، أبرزها تأبيد الطاغية ودوام سلطته، وكذلك له دلالة أخرى ذات صلة بمفهوم الإبادة التي اتخذها نظام الأسد كمنهج لتثبيت سلطته وقهر معارضيه أو خصومه، بحسب الناشط السياسي.

ويضيف أن إعادة نشر التماثيل وزرعها، سواء في خان شيخون أو سواها من المدن والبلدات السورية، "تجسّد انتصار الأسد على خصومه. هذا الانتصار الذي يختزله النظام بحيازة السلطة فحسب، بعيدا عن أي منجز آخر".

"عقيدة وسياسة الحذاء"

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أُجبر أكثر من 14 مليون سوري على الفرار من ديارهم منذ 2011. ولا يزال هناك نحو 6.8 مليون نازح سوري في الداخل حيث يعيش 90 في المئة من السكان تحت خط الفقر.

وتعطي سياسة نصب التماثيل التي يعمد النظام السوري على تكريسها من جديد مؤشرا على أن سياسته الأمنية لم تتغير وكذلك الأمر بالنسبة لنظرته للمعارضين، مما يجعل أي عائد للبلاد عرضة للاعتقال والقتل، بناء على الموقف.

ويقول ستيفن هايدمان، مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث والخبير البارز في الشؤون السورية في تعليقه على إعادة نصب تماثيل الأسد الأب: "الرسالة واضحة للغاية: لقد عدنا".

كما يصف هايدمان إعادة نصب التماثيل بأنها "تعبير عن الانتصار من جانب النظام" وهو ما كان "مُحبطا للغاية" لمعارضيه، مضيفا: "إنها استراتيجية قوية للغاية ومؤثرة للغاية".

مناف طلاس، صديق طفولة بشار الأسد، الجنرال السابق في الحرس الجمهوري الذي انشق في عام 2012 كان له رأيه الخاص في إعادة التماثيل أيضا، ونقل عنه الصحفي داغر في 2019 قوله إن "بشار يعرف في قرارة نفسه أنه لم يفز حقا.. والتماثيل هي وسيلة لإقناع نفسه بخلاف ذلك".

وأشار أحد سكان العاصمة السورية دمشق وفق مقال "ذا أتلانتيك" إلى أن "التماثيل دليل على أن النظام عازم على مواصلة حكمنا بحذاء عسكري فوق رؤوسنا"، وهو ما أكده حديث طلاس، قائلا إن بشار الأسد كان يقول لأصدقائه سابقا إن "السوريين لا يمكن أن يحكموا إلا بالحذاء فوق رؤوسهم".

ولا يهم الأسد ولا يعنيه أحد من السوريين وكذلك لا يعنيه كيف يعيش الناس وهو أيضا غير معني بحاجات المواطنين أو قبولهم أو رفضهم لما يجري، كما يرى الناشط السياسي، حسن النيفي.

ويقول: "ما يعنيه فقط هو بقاؤه كشخص حاكم على رأس السلطة مُجسّدا بالتمثال، فهو المعادل الحقيقي للبلاد (سوريا الأسد)". ويضيف أن "اختزال البلاد السورية بشخص الحاكم باتت عقيدة لدى النظام وليست مجرد سلوك سياسي شاذ".

"غير قابل للتغيير"

ولا يعتبر استخدام التماثيل كتعبير عن القوة والسيطرة والهيمنة أمرا فريدا في سوريا؛ فهو ركيزة أساسية لجميع الأنظمة الاستبدادية تقريبا، بما في ذلك الاتحاد السوفييتي السابق، وكوريا الشمالية، والعديد من جمهوريات آسيا الوسطى.

لكن، وعند النظر إلى سوريا تختلف الصورة وتكاد تكون "استثنائية"، بحسب الكاتب والناشط السياسي، قرقوط.

ويقول: "إعادة إعمار سوريا تبدأ بإعادة التماثيل هي استهزاء بتضحيات الناس"، ورغم أن هذا السلوك ليس جديدا على الأنظمة الديكتاتورية يضيف يعتبر قرقوط أنه "لا شبيه للأسد في التاريخ القديم والحاضر".

ويتابع: "الديكتاتورية شابها عزة نفس في بعض الحالات.. لكن النظام ليس لديه ذلك، ويصر على الانحطاط بتصرفاته".

وبعد تسلمه الحكم في سوريا عام 2000 انتشرت صور الأسد الابن (بشار) في كل مكان بسوريا، دون أن يشمل ذلك نصب التماثيل الكبيرة، كما حالة أبيه.

وانكسرت تلك الحالة في 2023 عندما أسدل الستار عن تمثال كبير له في منطقة بلقسة التابعة لمحافظة حمص، وسط البلاد.

ويعتبر الأكاديمي والناشط السياسي السوري، فايز قنطار أن "تماثيل الأسد وإعادة نصبها دلالة على القهر وإحكام القبضة الحديدية"، وتقف ورائها رسائل أيضا عن "وجود استمرارية لم تتغير بالرغم من تغير الظروف ومعطيات العصر. وحتى بالرغم من الثورة".

كما تدل بعمق أن "النظام غير قابل للتغيير والتعديل ولا يمكن أن يستمر في حكم سوريا إلا عن طريق القبضة الأمنية".

ورغم أن إعادة تشييد التماثيل شملت مناطق عدة في عموم المناطق المدمرة لم يتكرس ذلك محافظة السويداء، التي كانت حطمت تمثال الأسد الأب في 2015 ولم يجرؤ النظام على إعادته من جديد حتى الآن، وفق حديث قنطار لموقع "الحرة".

وعلاوة على ذلك كان المحتجون في المحافظة ذات الغالبية الدرزية قد أزالوا على مدى عام جميع الرموز المتعلقة بالنظام وحزب "البعث"، وتماثيل الأسد الأب وابنه باسل.

ويرى الناشط السياسي، قرقوط أن ما يكرسه الأسد الابن الآن له شق يتعلق بـ"الانتقام" أيضا.

ويوضح أن هذا الانتقام (بإعادة نصب التماثيل) يستهدف عوائل المشردين والمسجونين، ويقول: "عندما سينظرون للتمثال سينقطع لديهم الأمل ويظّل اليأس بأن ذكرى أبنائنا انتهت وذهبت".

أما بالنسبة للمهجرين فتأخذ إعادة إعمار تماثيل حافظ الأسد دلالة مفادها "نحن هنا ولا عودة لكم مهما صدرت البيانات والدعوات لإعادتهم.. وعقدت القمم".

كما لا يستبعد قرقوط أن تكون التماثيل الجديدة رسالة لحاضنة النظام السوري، من أجل إعطاء أفرادها دعما معنويا بأنهم "انتصروا معه على بقية السوريين"، ولكي يذكرهم "بغياب البديل عنه ولذلك يجب ألا ينفكوا عنه".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الناشط السیاسی إعادة إعمار حافظ الأسد فی سوریا ورغم أن

إقرأ أيضاً:

قراءة إسرائيلية في موقف النظام السوري من الحرب مع حزب الله

تباينت الآراء الإسرائيلية تجاه موقف النظام السوري برئاسة بشار الأسد، من الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال مع حزب الله اللبناني، وسط غارات جوية مكثفة وتقدم بري في جنوب لبنان، تزامنا مع رشقات صاروخية متواصلة من الحزب صوب المستوطنات والمدن الفلسطينية المحتلة.

وقال الأكاديمي الإسرائيلي "كافير تشوفا" إنه "في الصراع المستمر بين إيران وحزب الله ضد إسرائيل، هناك نقطة مفصلية تسمح بتغيير جذري للوضع الراهن، وخلق واقع جديد، ففي السنوات الأخيرة، تمكنت إيران من تثبيت نفوذها على دول المنطقة مثل العراق وسوريا ولبنان".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" وترجمته "عربي21": "ما خلق "حلقة النار" حول إسرائيل، مقابل ضعف أعداء إيران في السنوات الأخيرة مثل داعش والسعودية والعراق، بشكل كبير، مما سمح لها بتعميق قبضتها على الشرق الأوسط، وكانت نقطة التحول التي ساعدت التوسع الإيراني هي سقوط نظام الرئيس صدام حسين في العراق".

وتابع بقوله: "عندما ينشغل الروس اليوم بالقتال في أوكرانيا، فإن نظام الأسد يبدو معلّقا بخيط رفيع، وإسرائيل، التي تكاد تكون وحيدة في مواجهة إيران، ما يجعل من توسعها عرضة لأن يضرب في اللحظة المناسبة، ومن المحتمل أن الإطاحة بنظام الأسد قد تسمح لإسرائيل وحلفائها بإضعاف قبضتها على المنطقة، والحدّ من نفوذ حزب الله".



وأشار إلى أن "النظام العراقي السابق زمن صدام حسين كان بمثابة حاجز أمام طموحات إيران، في ظل 1400 سنة من التنافس التاريخي بين الشيعة والسنة، وقد حاربها صدام لمدة ثماني سنوات، لكن بعد سقوطه انفتحت فرص جديدة أمامها، فقد بدأت في تعزيز مكانتها في العراق، ووسعت فيما بعد نفوذها إلى سوريا ولبنان، بينما تتعاون الآن مع حزب الله ونظام الأسد".

وزعم أن "ضعف روسيا اليوم في الشرق الأوسط قد يكون فرصة ذهبية لدولة الاحتلال، ما يستدعي إجراء مناورة عسكرية إسرائيلية سريعة من هضبة الجولان إلى دمشق، والإطاحة بقوات النظام وبقايا الجيش السوري، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة المسلحة في الجنوب السوري بالسلاح والمال، وفي الشمال يتمكنوا من محاربة القوات الإيرانية التي ستبقى في سوريا، بما في ذلك حزب الله والميليشيات الأخرى، وهو طريق الإمداد الذي يشمل الأسلحة والمقاتلين والبضائع، التي تتدفق من سوريا إلى لبنان".

وأوضح أنه "إذا تدخلت إيران لحماية نفوذها في سوريا ضد قوات المعارضة، فقد يتعين عليها نقل قوات وموارد إضافية إلى سوريا، مما سيحدّ من قدرتها على العمل في وقت واحد ضد إسرائيل في ساحات أخرى، الأمر الذي يتطلب من تل أبيب التخطيط لمثل هذه الخطوة، والأخذ بعين الاعتبار ردّ فعل تركيا، التي لديها مصالح متضاربة في المنطقة، من التنافس التاريخي مع روسيا، وعدم الرغبة بأن تكون شريكا كاملا في التحركات الإسرائيلية".

مخاطر كبيرة
وزعم أن "الدعم المتزايد للقوى السنية في العراق، الذي قد يأتي من دول الخليج، وفي المقام الأول السعودية، قد يؤدي لتكثيف الضغوط على إيران، كما أن الإطاحة بنظام الأسد قد تشجع المعارضة الإيرانية المضطهدة، بحيث قد تؤدي الاضطرابات المدنية لتقويض استقرار النظام الإيراني، وتجعل من الصعب عليه مواصلة تثبيت موقعه المؤثر في الخارج".

وختم بالقول إن "هذه خطوة حساسة تنطوي على مخاطر كبيرة، وتتطلب تخطيطًا دقيقًا، وإدارة المخاطر والتعاون الوثيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين، صحيح أنها قد تفتح أمام دولة الاحتلال فرصة فريدة يجب استغلالها، بهدف تغيير ميزان القوى في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته تبدو مقامرة قد تزيد المنطقة تعقيداً، وفي كلا الحالتين فإن مثل هذه الخطوة من شأنها أن ترسم وجه الشرق الأوسط في السنوات المقبلة".

أنشيل فوهرا الصحفي المقيم في بروكسل، نشر له موقع زمن إسرائيل، مقالا مطولا حول "نجاح الأسد في البقاء بعيدًا عن الحرب الإقليمية المستمرة، لأن نظامه لم يكن أبدًا مهتمة حقًا بالتحرش بإسرائيل، وقد حاول طيلة عام كامل من الحرب الدائرة في المنطقة، عدم تفاقم العلاقات معها، لكنه سعى لإرضاء إيران من خلال السماح باستخدام أراضيه لنقل الأسلحة لحزب الله، ومع ذلك، يبدو أن دولة الاحتلال لديها مطلق الحرية في قصف الأصول الإيرانية، والقضاء على منشآتها وجنرالاتها داخل الأراضي السورية".

الحياد في الحرب
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "نظام الأسد يأمل بأن يُكافأ على هذا الموقف، وصولا لتخفيف موقف الغرب تجاهه، بما فيها إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة عليه، لاسيما بعد أن تبين أنه الأكثر وضوحاً في استغلال القضية الفلسطينية لتحقيق احتياجاته الخاصة، لأنه عندما بدأ الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023، تصور البعض أن سوريا قد تنضم للحرب، وتفتح جبهة أخرى، لكن السوريين الذين تواصلت معهم أكدوا أن الأسد لن ينضم للصراع".

ولفت إلى أن "الأسد الأب والابن لديهما دائما اتفاق صامت للحفاظ على هدوء الحدود مع إسرائيل، وبالتالي فإن سوريا لن تتدخل في حرب غزة، بزعم أن إسرائيل تشكل أداة للعلاقات العامة، وكبش فداء مناسب لتحميلها المسؤولية عن إخفاقاتها، ومحاولة كسب تعاطف الرأي العام العربي في مختلف أنحاء المنطقة، رغم أن النظام السوري شجع على تنظيم مظاهرات كبيرة دعماً للفلسطينيين في غزة، لكنها هذه المرة كانت قليلة، والدعم النضالي كان ضعيفاً، ولم يسمح بمظاهرات كبيرة ضد إسرائيل، ولم يدع لدعم محور المقاومة".



وبيّن أنه "رغم القصف الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية، بشكل رئيسي على العناصر والأصول الإيرانية، فقد ظلت حكومة الأسد على الحياد منذ اندلاع الصراع الحالي قبل أكثر من عام، لأن أولوياته هي بقاء نظامه، ورغم نجاحه في قمع المعارضة، لكن البلاد لا تزال منقسمة، و40% من الأراضي خارج سيطرته، مع العلم أن إسرائيل حذرته من استخدام بلاده في أنشطة ضدها، لأنها ستدمر نظامه، حتى أن منزل شقيقه تعرض للقصف الإسرائيلي".

ونوه إلى أنه "رغم أن نظام الأسد يعتبر نفسه قوميا عربيا، لكن قضية فلسطين بعيدة كل البعد عن أولويته القصوى، ولديه أسباب أكثر للبقاء خارج الحرب، ويأمل أن يكافأ على ضبط النفس، وربما حتى تخفيف موقف الغرب تجاهه، بما في ذلك إمكانية تخفيف العقوبات، مع العلم أن دولة الإمارات العربية لاعب رئيسي في إعادة تسويقه، وقد حذرته من مغبة التصعيد فور اندلاع حرب غزة".

واستدرك قائلا: "الأسد ليس مستعداً لمسامحة حماس على وقوفها بجانب المعارضة، وعندما قتلت إسرائيل إسماعيل هنية في إيران، لم تقدم سوريا تأبيناً مفصلاً له، رغم أنها تصالحت رسمياً مع الحركة في 2022، وهو ما يناسب السعودية والإمارات، التي يعتمد عليهما الأسد لتمويل إعادة إعمار سوريا، وهما تهتمان بإضعاف حماس، وكبح تهديد الإسلام السياسي".

البقاء السياسي
وأضاف أن "الأسد الذي لا يستطيع طرد الإيرانيين بشكل مباشر من بلاده، لكن إسرائيل تتمتع بحرية التصرف في قصف أصولهم، والقضاء على جنرالاتهم داخل الأراضي السورية، في ضوء تفاهمها مع روسيا لفعل ما يتعين عليها القيام به في المجال الجوي السوري، مع نشر تقارير عن سحب إيران لقواتها من جنوب سوريا لتقليل خسائرها".

وختم بالقول إن "عدم انخراط سوريا في الصراع الحالي يسلط الضوء على الفشل الصارخ لاستراتيجية "وحدة الساحات" الإيرانية، كما يكشف أن البقاء السياسي يسبق الاصطفاف الأيديولوجي، وأن سوريا في وضعها الحالي لن تشكل مشكلة لدولة الاحتلال الاسرائيلي".

مقالات مشابهة

  • أردوغان: نجري محادثات مع روسيا لإعادة بناء الوضع في سوريا
  • هآرتس: إبعاد إيران من سوريا غير ممكن.. كيف نوقف وصول السلاح؟
  • خبير دولي: الأسد يتشبث بالكرسي بينما سوريا تحترق
  • ضمن جهود إعادة الإعمار.. افتتاح مدرسة المجد للتعليم الأساسي في درنة
  • ورقة رابحة بين محورين.. هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
  • الأسد بين فكي كماشة.. هل يُسقط النظام تحالفه مع إيران مخافة التصعيد الإسرائيلي؟
  • قراءة إسرائيلية في موقف النظام السوري من الحرب مع حزب الله
  • وكيل "الأوقاف" اليمني لـ ”اليوم“: المملكة تلعب دورًا مهمًا في إعادة إعمار اليمن
  • صندوق إعمار درنة يفتتح مدرسة “عبدالكريم جبريل” للتعليم الأساسي