مخاطبا يهود العالم.. ماذا قصد ظريف بـإساءة الصهيونية للهولوكوست؟
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
طهران- بعد مرور 6 أيام فقط على ثاني خطاب وجّهه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى "الشعب الفارسي" ومطالبته "بالعمل مع إسرائيل من أجل مستقبل إقليمي أفضل"، حث محمد جواد ظريف مساعد الشؤون الإستراتيجية للرئيس الإيراني اليهود حول العالم على "حماية الإيمان الإبراهيمي من التحريفات الصهيونية".
وفي خطاب مصور بالإنجليزية مدته نحو 7 دقائق نشره على منصة إكس، اعتبر ظريف أن "الكيان الصهيوني ونظامه الإرهابي الذي لا يحتوي سجله إلا على التمييز العنصري والإبادة الجماعية والعنف المنهجي، لا يمثل الدين اليهودي الإبراهيمي"، مؤكدا أن "الصهيونية حركة علمانية توسعية وتسيء استخدام اليهودية من أجل أجندتها العنصرية والاستعمارية".
واتهم المسؤول الإيراني الحركة الصهيونية بأنها تسيء إلى ضحايا الهولوكوست وتدعي أنها تمثل الشعب اليهودي في ربوع العالم، في حين أنها تشكل أكبر تهديد لكرامة الشعب اليهودي وأمنه، كما ناشد أتباع الديانة اليهودية مقاومة الصهيونية والاستمرار في الوقوف مع جميع الضحايا الأبرياء في فلسطين وغيرها من الأماكن الأخرى.
حوار الأديانوخاطب ظريف اليهود في أنحاء العالم بالقول إن "الشعب الإيراني حليفكم في هذه المقاومة النبيلة"، وناشدهم العمل على تحرير الديانة الإبراهيمية من شر التزوير والعدوان والتمييز العنصري والمجازر الصهيونية.
وتُعد هذه الرسالة الإيرانية الثانية لليهود منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث بعث المرشد الأعلى علي خامنئي، يوم 25 مايو/أيار الماضي، رسالة إلى طلبة الجامعات بالولايات المتحدة الذين نظموا احتجاجات دفاعا عن أطفال غزة ونسائها، معربا عن تعاطفه معهم ومؤازرته لهم، ومؤكدا أنهم "وقفوا في الجهة الصحيحة من التاريخ".
وتعليقا على خطاب ظريف، وضع رئيس المؤسسة الدولية لحوار الأديان محمد علي أبطحي هذا الخطاب في سياق الحوار بين الأديان السماوية الرامي للسلام ونبذ العنف، موضحا أن الأقلية اليهودية المعترف بها في إيران تعارض الحركة الصهيونية مثل الكثير من أتباع اليهودية حول العالم.
وفي حديثه للجزيرة نت، رأى أبطحي أن خطاب ظريف سيلقى آذانا صاغية لدى أتباع الديانة اليهودية حتى داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن الحوار بين الديانات السماوية مستمر، وأن هناك إجماعا بينها على نبذ العنف والإبادة الجماعية وممارسات الصهيونية ونظام الفصل العنصري الذي ترعاه.
وأوضح أبطحي أن ظريف استخدم لهجة ليّنة في مخاطبة اليهود وجعلهم يتقمصون مشاعر المتضررين من الممارسات الصهيونية من أتباع الديانات السماوية الأخرى في الشرق الأوسط، ومنهم المسلمون والمسيحيون واليهود.
زيادة الضغطوتابع رئيس المؤسسة الدولية لحوار الأديان أنه إذا كان الرأي العام العالمي يتعاطف مع اليهود بسبب الهولوكوست، فإن ظريف بيّن لهم أن نتنياهو يسيء لضحايا المحرقة، وأن ممارسات كيانه العدوانية بحق الأبرياء من النساء والأطفال في غزة ولبنان في طريقها لتجسيد صورة مخالفة لما تكرس في أذهان العالم حول الهولوكوست وأسباب وقوعها، وقد يفقد اليهود صفة المظلومية التي كانت ملازمة لهم.
ووفق أبطحي، فإن المجازر الصهيونية التي ترتكب يوميا في قطاع غزة ولبنان كانت سببا رئيسيا في إلقاء مساعد الشؤون الإستراتيجية للرئيس الإيراني هذا الخطاب إلى يهود العالم، وأنه يتطلع لإحلال السلام عبر زيادة ضغطهم على الكيان الإسرائيلي للقبول بمقترح الهدنة الذي يدور الحديث عنه في الوقت الراهن.
وخلص إلى أن ظريف يحظى بسمعة حسنة على الصعيد الدولي، فضلا عن شعبيته لدى الأوساط الشعبية في الداخل الإيراني، علاوة على أنه يتلّقد منصبا رسميا في حكومة جاءت بشعار الحوار والسلام، مضيفا أن أسلوبه يختلف تماما عن خطابات نتنياهو التي وجهها للشعب الإيراني.
وكان نتنياهو قد وجّه في 30 سبتمبر/أيلول الماضي خطابا للشعب الإيراني اتهم خلاله نظام البلاد "بالعمل على إغراق المنطقة في الظلام والحرب"، محذرا من "أنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه"، لكن طهران هاجمت في اليوم التالي الأراضي المحتلة بإطلاق نحو 200 مقذوف من الصواريخ الباليستية وفرط صوتية.
الدبلوماسية العامةمن ناحيتها، تصنف الباحثة في الشؤون السياسية عفيفة عابدي رسالة ظريف إلى يهود العالم ضمن الدبلوماسية العامة التي تنتهجها طهران لوضع حد للإبادة الجماعية في فلسطين ولبنان، موضحة أن التذكير بالشرخ الكبير بين الشريعة اليهودية والحركة الصهيونية سيزيد من الضغط الشعبي على تل أبيب لكبح سياساتها الرامية إلى توسعة رقعة الحرب في المنطقة.
ولم تكن سياسة الجمهورية الإسلامية المناهضة للصهيونية أمرا جديدا، وفق عابدي، التي رأت في العدوان الإسرائيلي على شعوب المنطقة فرصة مواتية لفضح الصهيونية وداعميها الغربيين، مشددة على أن اتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية بمشاركة يهود العالم من شأنها أن تنعكس إيجابا على وقف آلة الحرب ومنعها من التوسع.
وحسب حديث عابدي للجزيرة نت، تخوض طهران وحلفاؤها حربا هجينة على "العدو الإسرائيلي"، ومثل هذه المواجهة تستلزم حربا ومقاومة مركبتين، معتبرة أن خطاب ظريف خطوة لوقف الحرب بالمنطقة أكثر من أن يكون ردا على رسائل نتنياهو التي تهدف للتدخل في شؤون إيران الداخلية.
ولدى إشارتها إلى رسائل نتنياهو إلى المعارضة الإيرانية وتحريضها على القيام بأعمال شغب لإسقاط النظام، تقرأ الباحثة خطاب ظريف إلى يهود العالم في سياق الحرب الإعلامية على الحركة الصهيونية، مؤكدة أن حرب الروايات والخطابات وأثرها على المجتمعات من شأنها أن تشكل عاملا مساعدا للقوة الخشنة.
وختمت بالقول إن ظريف أدرك خطورة الحرب النفسية لنتنياهو وحماته الغربيين ضد طهران ومصالحها الوطنية، ومنها برنامجها النووي وتقويض قدرات حلفائها في محور المقاومة، فقام "بتعرية المجازر الإسرائيلية والأطراف الداعمة لها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات یهود العالم
إقرأ أيضاً:
تصريحات خطيرة من نتنياهو بشأن الضربة الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، أمام الكنيست، أن إسرائيل خلال الضربة الجوية التي شنها جيش الاحتلال على إيران في أكتوبر الماضي، دمرت أحد مكونات البرنامج النووي الإيراني، ما أدى إلى تدهور قدراتها الدفاعية وإنتاج الصواريخ، متعهدا بمنع إيران من الحصول على أسلحة ذرية.
وقال نتنياهو "هناك عنصر محدد في برنامجهم النووي تم ضربه في هذا الهجوم"، موضحا أنه على الرغم من نجاح تلك الضربة، فإن طريق إيران إلى السلاح النووي لم يتم إغلاقه بعد"، بحسب ما أوردته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية.
وفي 26 أكتوبر الماضي، نفذت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية 3 موجات من الهجمات على أهداف عسكرية إيرانية، بعد أسابيع قليلة من إطلاق إيران وابلًا من حوالي 200 صاروخ باليستي على إسرائيل.
جاء ذلك في أعقاب جولة سابقة من الهجوم والهجوم المضاد في أبريل بين إسرائيل وإيران.
قال نتنياهو، في خطابه، إن نتنياهو قدم بعض التفاصيل الإضافية حول ما استهدفته إسرائيل في تلك الضربة في أبريل، حيث دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي واحدة من 4 بطاريات دفاع صاروخي أرض-جو من طراز S-300 زودتها روسيا حول العاصمة الإيرانية طهران.
وأضاف نتنياهو، في أكتوبر، دمرت إسرائيل البطاريات الثلاث المتبقية وألحقت أضرارًا جسيمة بـ قدرات إيران في إنتاج الصواريخ البالستية وقدرتها على إنتاج الوقود الصلب، والذي يستخدم في الصواريخ البالستية بعيدة المدى.
كانت إسرائيل تراقب احتمال وقوع هجوم إيراني آخر وتخطط بالفعل لردها.
ومن بين الخطوات التي يمكن أن يتخذها جيش الاحتلال الإسرائيلي إذا صعدت إيران من قوة هجماتها المباشرة على إسرائيل، ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
ولم يدعم الرئيس الأمريكي جو بايدن في الماضي مثل هذه الخطوة، لكن من المتوقع أن يمنح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إسرائيل حرية التصرف لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وفي نهاية المطاف، قال نتنياهو للكنيست، إن إسرائيل ستختبر قدرتها على إحباط أو تدمير البرنامج النووي الإيراني.
وقال: "إذا لم نعتن بالبرنامج النووي الإيراني؛ فإن جميع المشاكل الأخرى ستعود"، وسيتمكن وكلاء إيران من إعادة تسليح أنفسهم ومهاجمة إسرائيل مرة أخرى، مضيفًا أن الطريقة الوحيدة لمنع هجمات أخرى على غرار السابع من أكتوبر هي منع “إيران النووية”، لهذا السبب نحن ملتزمون بالقيام بذلك.
في وقت سابق، قال نتنياهو للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إن قدرة إسرائيل على التحرك ضد البرنامج النووي الإيراني والتهديدات الأخرى "ستُختبر في المستقبل القريب مع الإدارة القادمة في واشنطن".
خلال خطابه في الجلسة الكاملة للكنيست، استذكر نتنياهو كيف كان هو وترامب متفقين بشأن إيران، وتحدثا عنها في المحادثات التي أجرياها منذ انتخابات 5 نوفمبر.
وأوضح "لم نتحدث عن أساليب العمل، في الوقت الحالي، لم نتحدث عن السياسة هناك وقت لذلك، عندما يتولى الرئيس منصبه لكن يمكنني القول إننا نتفق بشأن التهديد الإيراني".
وألمح إلى أنه سيكون على استعداد لتجاهل إملاءات الولايات المتحدة على إيران في الأشهر الأخيرة من رئاسة بايدن، حيث ذكر كيف حاول التعامل مع احترامه الكبير للرئيس الحالي مع اختلافاتهما السياسية.
وقال نتنياهو: "أقول" نعم "عندما يكون ذلك ممكنًا، وأقول" لا "عندما يكون ذلك ضروريًا - وهذه هي الطريقة التي ندير بها الأمر".
وفي وصفه للأشهر الأربعة عشر الأخيرة من حروب إسرائيل متعددة الجبهات، قال نتنياهو إن العدو المركزي هو إيران، التي "نقشت تدميرنا على علمها".
وتستند قوة طهران إلى 3 أمور: محور وكلائها مثل حماس وحزب الله والحوثيين، فضلاً عن صواريخها البالستية وبرنامجها للأسلحة النووية.
وفي استعراضه لتاريخ القرارات العسكرية الإسرائيلية في الحرب، أكد نتنياهو على أهمية احتفاظ الدولة اليهودية بقدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة، حتى لو كان ذلك يعني معارضة أقرب حلفائها الولايات المتحدة.
كما شكر بايدن على دعمه القوي، بما في ذلك وصوله إلى إسرائيل بعد أقل من أسبوعين من بدء حرب غزة في أكتوبر 2023.
وقال نتنياهو: "دعونا لا ننسى ذلك".
في البداية، اعترضت إدارة بايدن ولكن مع استمرار الحرب هددت أيضًا بوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل في محاولة لمنع عملية رفح التي يشنها جيش الدفاع الإسرائيلي.
تذكر نتنياهو كيف أخبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في ذلك الوقت، "توني، إذا اضطررنا إلى ذلك، فسنقاتل بأظافرنا" - سنقاتل بأظافرنا.
رفض الاعتراضات على حملة رفح، خوفًا من أن تستسلم إسرائيل للمطالب الأمريكية، فإنها ستفقد استقلالها كدولة.