رزق الشبول يكتب .. عن عُمير غرايبة و احمد حسن الزعبي وسجن الصحفيين
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
#سواليف
عن عُمير غرايبة و #احمد_حسن_الزعبي و #سجن_الصحفيين
#رزق_الشبول
خرج عُمير من زنزانته، وهو لا يعلم ما هي التهمة التي ارتكبها، او ما هو الخطأ الفادح الذي سرق منه سنين عمره، و اضاع عليه فرص تكوين نفسه، وافنى سنوات وهو مظلوماً في #معتقلات #النظام_السوري، الذي بُطش فيه ستة أعوام وأكثر ، كان يحسبها في الثوان والساعات.
عُمير “اليرموكي النشيط” الذي أحب مهنته، والمهنة احبته، ولكن قدر الله شاء أن يذهب إلى سوريا من أجل الاستجمام والسياحة، ولكنه كان يحمل كاميرا، هذه هي التُهمة، التي زجته في #سجون النظام السوري، أفنى سنوات سجنه، دون أن يعرض لمحاكمة عادلة، او طلب محامي للدفاع عنه، وبقي رقماً يحمله، دون إسماً.
عُمير، بقي رهن الإعتقال، والتهمة مجهولة، والسبب حمله كاميرا، ورُبما التقط صوراً كأي سائح، تم اعتقاله والتحقيق معه، وبكل تأكيد فإن التنكيل في المعتقلات والسجون، تبقى السمة البارزة لمصطلح “رهن الإعتقال”.
وخرج عُمير، حسبما نُشر بيان وزارة الخارجية الأردنية الهزيل، والذي نسب الفضل إلى الوزارة لمتابعتها الحثيثة، في قضية صحفي اردني اعتقل لسنوات وخرج بعفو رئاسي خاص، وثمن الناطق الإعلامي للخارجية، جهود السلطات السورية نتيجة حبس مواطن اردني وصحفي لمدة سنوات، وأن الوزارة كانت على متابعة حثيثة خلال سنوات إعتقاله! دون ذنب ودون محاكمة، وان هذا الإفراج جيئ به نتيجة العلاقة المتينة والصداقة بين البلدين
يبدو سياسياً، أن هذا الإفراج جاء نتيجة تكثيف التعاون بين البلدين، من أجل إلزام السوريين للرجوع طواعية إلى سوريا خلال عام 2025، بشكل نهائي، وعدم السماح لهم بالمكوث، مع استثناءات بسيطة للذين تحصلوا على الجنسية الاردنية، ورجال الأعمال وأصحاب الاستثمارات، والعاملين بعقود رسمية خاضعون للضمان الإجتماعي ولديهم تصاريح عمل سارية، هم فقط بدون عوائلهم.
لا يهمُنا التفاصيل السابقة، ما يهمنا في هذه الحالة، من يرجع لعُمير سنوات سجنه، كان فقد والدته، وهو في سجنه، وفقد اعز اصدقائه، واقربائه، ذهبت زهور سنواته، دون أن يدافع عنه أحدا، ولأنه غير مشترك بنقابة الصحفيين الأردنيين، لأنها تضع شروطاً صارمة للانتساب، فتخلت عنه، كما تخلت عن صحفيين منتسبين مسجونين للدفاع عنهم، كاحمد حسن الزعبي.
عُمير لم يرتكب خطأ، هو فقد حمل كاميرته، وذهب سائحا، لا يهتم في السياسة، ولا يرغب في الحديث فيها، هو مصور بارع يلتقط صورا من زوايا ابداعية، مصور تلفزيوني، يتعامل مع لغة الجسد، محترف في مهنته، وفي الغالب لقد فقد عمله، او أن الشركة التي كان يعمل فيها قد أغلقت او اغلقتها السلطات، لأن وسائل الإعلام تتبع تقييمات ومن يخرج ويغرد خارج السرب، المصير واحد، وخياران أما الإغلاق او السجن.
لم يكن عُمير وحده يدفع ثمن مهنته، وعمله فقد مازال يدفع الكثيرون في عالمنا العربي، ثمن آرائهم السياسية، وثمن ممارستهم لمهنة الصحافة بمختلف فنونها، ليس منطقياً ولا عدلاً أن يتم إغلاق قضيته بهذا الشكل، وعلى الجانب السوري أن يعتذر رسمياً عن خطأه لعُمير ولذويه ولبلده، التي حملت ما يزيد عن مليوني سوري ضيوفاً ونسبه لا بأس منها أصبحت مواطنين.
ليس عُمير، من دفع ثمناً، وها هو كاتب و “صحفي نقابياً”، بوزن احمد حسن الزعبي، ذو الشعبية الكبيرة، مسجون منذ أشهر بتهمة نشر أخبار كاذبة، وربما تهمة حقيقية لعمله الصحفي، او من أجل كسر قلمه، كما كسر النظام السوري عدسة عُمير، ورماه في ظلمات السجون لسنوات طوال، فقد فصلته “الرأي”، دون مراعاة للمواثيق القانونية والأخلاقية والمهنية، والتي داست على كل أعراف قوانين العمل والعمال.
ولو هذه الحالة في بلاد الواقع واق، لحصل احمد على تعويضات تفوق ميزانية اعضاء مجلس الادارة! سينهي احمد الحسن محكوميته، وينظم إلى صفوف “المعطلين” عن العمل، وليس العاطلين عن العمل بفعل فاعل أو بفعل الحكومات التي تمارس أشد أنواع الظلم بحق شعوبها.
كلاهما، فقدا عملهما، وما بين عُمير واحمد، أن الاول سجنه حكومة بلد مجاور والثاني سجنه حكومة بلده، وكلاهما فقدا عملهما، ومصدر رزقيهما، ودفعا ثمنا غالياً.
على عقل الدولة، أن يلتفت لقضية عُمير، وان كانت قضية احمد حسن الزعبي، تم طيها لتصبح قيد النسيان، إلا أن عُمير ما زال في بداية مشواره، ويجب أن تحتويه بلده بعد أن ظلمته بلاد مجاوره، و أخشى عليه أن يُنسى، ويبقى من هم في جيله يصدحون تنظيراً على اقرانهم، نتيجة لامتلاكهم شتى أنواع الوساطات في التعيينات والترقيات والتنقلات من هنا إلى هناك، او أنهم محسوبو على جهات ما، او يعملون كخفافيش الظلام لصالح جهات أخرى.
على قناة المملكة، والتلفزيون الاردني، أن يحتوي شاب اردني، بعقد عمل، او وظيفة تليق به، ليس عوضاً، لأن العوض فقط من الله ولا للبشر فائدة من ذلك، وانما ليلحق ما فاته من سنوات عمره ضياعاً، وظلماً، وكرهاً، وليعتبروه من حصة الوساطات والمحاصصات، آلاف الموظفون الذين يرتمون في ساحات المملكة والتلفزيون الاردني، ليس هم افضل منه ولا أكفأ، ولكنها الواسطة في بلادي، تحمل كل عاهة وتضعه على رأس السلم، ويبقى الصالح بعروة الطالح.
#هذه_بلادُنا
#احمد_حسن_الزعبي
#عُمير_غرايبة
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف سجن الصحفيين معتقلات النظام السوري سجون هذه بلاد احمد حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب : رسائل «خان الخليلي»
لم تكن زيارةً عابرة، ولا مجرد بروتوكول دبلوماسي جاف. كانت مشهدًا يُختصر فيه معنى "الشرعية" الحقيقية، تلك التي لا تُمنَح بقرارات فوقية، ولا تُكتسب بخطابات منمقة، بل تولد من رحم الشارع، من نظرات البسطاء، من هتافات الباعة الذين يعرفون زبائنهم قبل أن يعرفوا ألقابهم.
"ماكرون" دخل خان الخليلي كرئيسٍ لفرنسا، لكنه خرج وهو يحمل أسئلةً عن سرّ ذلك الرجل الذي يمسك بزمام مصر، فيحوطه الناس كما يجتمع العسل بالنحل. كان بإمكان الرئيس السيسي أن يستقبل ضيفه في قصرٍ مذهّب، أو بين جدران مبنى رئاسي محصّن، لكنه اختار أن يريه مصر الحقيقية: مصر التي تتنفس في الأزقة، وتتحدث بلهجة لا تُزيّف، وتضحك من القلب حتى يُسمَع صداها في آخر السوق.
في تلك اللحظة، انهارت عشرات السرديات الزائفة. سقطت أكذوبة "الرئيس المنعزل عن شعبه"، وتبددت أوهام من ظنوا أن الغلاء وصعوبات المعيشة قادرة على أن تُحوّل المصريين ضد قيادتهم. فالشعب هنا ليس رقمًا في معادلة اقتصادية، ولا كائنًا يُقاس رد فعله بسعر الطماطم. المصريون يعرفون، كما عرف أجدادهم من قبل، أن هناك معارك لا تُدار بالبطاطس، وأزمات لا تُقاس بميزان السوق.
والمفارقة أن بعض "المحللين"، الذين يجلسون في مكاتب مكيّفة ويكتبون عن "غضب الشارع المصري" بينما أصابعهم تلهو ببقايا الفطور، هم أنفسهم من أصابتهم الصدمة حين رأوا الشارع يتحرك كالجسد الواحد يحمي رأسه. لم يفهموا أن العلاقة بين المصريين وقيادتهم أشبه بتلك التي بين الجندي وقائده في ساحة المعركة: قد تشتكي من الجوع أو التعب، لكنك لن تترك ظهره مكشوفًا للعدو.
الرسالة الأهم لم تكن لماكرون، بل لأولئك الذين ينتظرون سقوط مصر كما ينتظرون جثةً في الصحراء. المشهد قال لهم: انهضوا من أحلامكم، هذا الشعب ليس كما تتصورون. لن تجدوا هنا فرجةً للتدخل، ولا ثغرةً للاختراق. الرئيس الذي يمشي بين الناس بلا خوذة ولا حواجز، هو ذاته الذي يمشي في السياسة الدولية بلا مواربة. وهو نفس الرجل الذي يعرف أن قضية فلسطين ليست مجرد ملف على طاولة مفاوضات، بل هي خط أحمر في ضمير الأمة.
لن يفهموا طبعًا.. لأنهم يعيشون على وهم أن الشعوبَ دمى تحرّكها الأزمات. لكن التاريخ يعلّمنا أن الأمم العظيمة تولد من رحم التحديات، والمصريون تعلّموا من نيلهم أن أعظم التيارات لا تخاف من الصخور.
فليكتبوا ما يشاؤون، وليحلموا بما يريدون.. فطالما كان هناك رئيس يمشي في خان الخليلي، وشعب يصفّق من قلبه، ستظل مصر – كما كانت دائمًا – حصنًا يُحبط كل من يتربّص.
الرئيس والشعب..
لم يكن المشهد عابرًا.. كان درسًا في "فنّ صناعة الشرعية" التي لا تُشترى بالدعاية، ولا تُستورد ببضائع السياسة الرخيصة. الرئيس الذي يسير بين شعبه كواحدٍ منهم، هو ذاته الذي يمشي في المحافل الدولية كعملاق لا يُجارى. الفارق بين الزعيم الحقيقي والمُدّعي، أن الأول يجد حارسه في كل مواطن، بينما الثاني لا يجد إلا الحراس المسلّحين!
ماكرون.. شهد بعينيه ما لم تفهمه تقارير "المراكز البحثية" المأجورة: أن الشعب المصري لم يعد ذلك الكائن الذي يُخدع بوعود زائفة، أو يُستدرج بصراخ الممولين. لقد رأى كيف يتحول الحب إلى هتاف عفوي، وكيف تتحول الثقة إلى حماية لا تحتاج إلى أوامر. السيسي اختار أن يريه مصر كما هي، لا كما يريدها الإعلام المعادي أن تكون: شعبًا يرفض أن يكون رقمًا في معادلة الأعداء، وقيادة لا تتنازل عن ثوابتها، حتى لو هددها العالم.
وفي الزاوية الأخرى، كان هناك "المتربصون".. أولئك الذين ظنوا أن الأزمات الاقتصادية كفيلة بخلخلة الولاء، وأن الشعب الذي ينتظر في طابور الخبز، سينسى أن له كرامةً تُباع في السوق السوداء. لكنهم نسوا شيئًا واحدًا: أن المصريين تعلموا من تاريخهم أن المعارك المصيرية لا تُخاض بالخبز وحده، بل بالإرادة التي تصنع الخبز.. والسيادة التي تحميه.
الدرس الأكبر لم يكن في الحشود المحيطة بالرئيس، بل في الصمت المُطبق على ألسنة المغرضين بعد المشهد. لقد اكتشفوا فجأةً أن "الشعب الغاضب" الذي يصورونه في تقاريرهم الوهمية، هو في الحقيقة شعبٌ يعرف عدوّه الحقيقي، ويعرف قائده الحقيقي. اكتشفوا أن "الغضب الموجَّه" الذي يحاولون تصديره إلى الشوارع، يتبدد مثل دخان في مهبّ الريح حين يُقابَل بحقيقة العلاقة بين القيادة والجماهير.
وإذا كان بعض "المغرضين"، حملة مباخر حقوق الإنسان، لا يزالون يتساءلون: "كيف يقف الشعب مع رئيسه رغم الصعوبات؟"، فالجواب بسيط: لأن المصريين لا يقيسون ولاءهم بسعر الدولار، بل بثمن الكرامة. ولأنهم يعرفون أن المعركة الحقيقية ليست بين الشعب وحكومته، بل بين مصر وأعدائها.. والرئيس السيسي، في النهاية، هو جندي في صفّ مصر، وليس تاجرًا في سوق السياسة.
الخاتمة المذهلة في هذه القصة، أن المشهد لم يكن موجهًا للداخل المصري فقط، بل كان رسالةً للخارج أيضًا:
للغرب الذي يعتقد أن الشعوب العربية تُباع وتُشترى.. هذه مصر تعلّمكم معنى "الشرعية الشعبية".
للمتربصين الذين يحلمون بفوضى تُنهي استقرار مصر.. هؤلاء المصريون يذكرونكم أن أحلامكم ستتحطم على صخرة إرادتهم.
وللعالم الذي يتساءل عن سرّ بقاء مصر صامدة رغم العواصف.. الجواب في خان الخليلي: شعبٌ يختزل قوته في قيادته، وقيادة تستمد شرعيتها من شعبها.
فليستمر الضجيج.. وليكتب المغرضون ما يشاؤون.. فالتاريخ سيسجل أن مصر، في لحظاتها المصيرية، كانت دائمًا أقوى من كل المؤامرات.. لأن شعبها يعرف – كما يعرف النيل طريقه إلى البحر – أن المعارك الكبرى لا تُدار بالكلمات الجوفاء فحسب، بل بالقلوب العامرة بالإيمان.. والعقول المدركة أن المعركة الحقيقية هي معركة وجود، لا سعر سلعة!