لؤلؤة أبوظبي.. جوهرة من إرث أبوظبي الثقافي والتاريخي
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
أثمن مُقتنيات متحف زايد الوطني تجسّد دليلاً على عراقة وقدم الأنشطة البحرية، ويكشف أن الكثير من التاريخ الاقتصادي والثقافي الحديث له جذور عميقة تمتد إلى فجر ما قبل التاريخ، عندما تمّ العثور على لؤلؤة أبوظبي في الموقع الأثري في جزيرة مروح قبالة سواحل أبوظبي عام 2017.
بعد عامين من اكتشافها، وخلال معرض «10 آلاف عام من الرفاهية» في متحف اللوفر أبوظبي، استقطبت هذه الجوهرة اللؤلؤية الوردية أنظار العالم مما جعلها تتصدر الأخبار العالمية.
في العام الذي اكتُشفت فيه لؤلؤة أبوظبي، أنهت «مي المنصوري» دراستها في مجال الدراسات الإماراتية بجامعة زايد في أبوظبي. ولحسن الحظ كانت تعمل في متحف اللوفر أبوظبي حين تمّ عرض اللؤلؤة، وشاركت في الحماسة التي أثارها هذا الاكتشاف آنذاك. لم تكن «المنصوري» تعلم أنّها بعد بضعة سنوات، ستصبح واحدة بين القائمين على رعاية هذه اللؤلؤة الثمينة عندما ستُعرض قريباً بشكلٍ دائم في متحف زايد الوطني.
بينما يستعدّ المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة لفتح أبوابه أمام الزوار في قلب المنطقة الثقافية في السعديات، سيحتفي متحف زايد الوطني بتاريخ الدولة العریق وثقافتها وقصصها الملهمة منذ العصور القدیمة إلى العصر الحدیث. ویسرد المتحف سيرة الوالد المؤسس، المغفور له الشیخ زاید بن سلطان آل نھیان، طیب لله ثراه. يكرّم متحف زايد الوطني هذا الإرث من خلال تسليط الضوء على الموضوعات التي كانت قريبة من قلب الشيخ زايد.
تشغل «مي المنصوري» منصب أمين متحف معاون في المتحف، وهي تتطلع لمشاركة تاريخ أبوظبي العريق مع الزوار، وقالت في إطار حديثها: «لؤلؤة أبوظبي لها قيمة تاريخية لا تُقدر بثمن، ليس فقط كجوهرة، بل في تقديم نظرة حقيقية على حياة ومعيشة أقدم مجتمعاتنا. وهي تمثّل أيضاً اتصال المنطقة بالبحر، خاصةً من خلال ممارسة الغوص لصيد اللؤلؤ، وهو تقليدٌ يتطلب العمل الجاد والمهارة والصبر».
وقالت المنصوري: «ستُعرض لؤلؤة أبوظبي في صالة عرض «إلى أسلافنا» بالطابق الثاني من متحف زايد الوطني، حيث سيتعرّف الزوار على الأنشطة البشرية القديمة في دولة الإمارات. إلى جانب قطعٍ أخرى، ستُقدم هذه الجوهرة لمحةً عن حياة المجتمعات الصناعية والتجارية في المنطقة قبل آلاف السنين».
وأضافت المنصوري: «ستُجسد قصصهم من خلال العروض التفاعليّة، جنباً إلى جنب مع العروض على جدران صالة العرض، للمساهمة في تعزيز تجربة الزوار». وتضيف: «ستكمّل هذه التقنيات نهج السرد التاريخي التقليدي، مما يوفّر فهماً تفاعلياً أكثر وضوحاً لدور اللؤلؤ في التاريخ البحريّ القديم للمنطقة».
هذه اللؤلؤة هي بالتأكيد ليست أقدم المقتنيات في صالة عرض «إلى أسلافنا». وتعود تلك المكانة إلى «أداة القطع من العصر الحجري القديم» التي تمّ اكتشافها في العين ويعود تاريخها إلى أكثر من 300,000 سنة. يقدّم هذا الأثر القيّم دليلاً على إحدى الهجرات البشرية الأولى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة من القارة الأفريقية. لقد انجذب البشر الأوائل نحو الموارد الغنيّة من الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة. وتشرح المنصوري: «كان يُعتقد في الأصل أنّ الهجرة البشرية القديمة حدثت عبر مصر، ولكننا نعلم الآن أنّ الناس أتوا أيضاً من أفريقيا عبر جنوب شبه الجزيرة العربية واتجهوا نحو دولة الإمارات». أمّا بالنسبة لاستخدامها، فقد كانت الفأس أداة متعددة الأغراض: «كانت تُستخدم لاختراق الأشياء، وقطع اللحم وجلد الحيوانات».
أخبار ذات صلة
بعد ذلك بكثير، ظهرت مجتمعات العصر الحجري الحديث في الإمارات العربية المتحدة. زوّدت هذه المواقع علماء الآثار بالعديد من الرؤى، بما في ذلك التجارة التي شملت الفخاريات، لحم وأنياب الأطوم (بقرة البحر) العاجيّة، وبالطبع اللؤلؤ. وأضافت المنصوري: «لقد كانت اللآلئ كنوزاً في حدّ ذاتها كأحجارٍ كريمة ثمينة، مع وجود أدلّة على دفن الناس في «جبل البحيص» بالشارقة مع لآلئهم الخاصة».
يسلّط المتحف الضّوء أيضاً على أصول صناعة اللؤلؤ في صالة عرض «في سواحلنا»، حيث سيتمّ تعريف الزوار ليس فقط بتفاصيل صناعة اللؤلؤ، بل أيضاً بالأدوات والأشياء اللازمة للحياة اليومية، بالإضافة إلى العمل الفعليّ على متن سفينة الغوص الخاصة بصيد اللؤلؤ.
تقول المنصوري إنّ أكثر الحقائق إثارةً التي تعلّمتها من هذا المعرض، تتعلّق بحياة النساء اللاتي تُركنَ، بينما كان الرجال يبحرون لأشهرٍ في مهمات الغوص عن اللؤلؤ: «مع غياب الرجال، تولّت النساء الأعمال الشاقة، حيث كنّ يعتنين بمحاصيل التمر ويحفرن الآبار وينزلن بأنفسهنّ لتدعيم الجدران. كانت هذه الأعمال خطيرة، حيث يمكن أن تنهار الجدران في أيّ لحظة، لكن النساء كنّ يفعلن كل شيء لضمان استمرار نمط حياتهن».
تمّ جمع هذه المعلومات عن مجتمع الغوص وصيد اللؤلؤ في تسجيل من ثمانينيات القرن الماضي، قام به أحد أفراد عائلة إماراتية تعمل في مجال الغوص وصيد اللؤلؤ، وهو الآن جزءٌ من التاريخ الشفوي للمتحف. تمّ تناقل هذه القصص عبر القرون، مما ساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية وفهم تلك الحقبة عبر الأجيال.
يمثّل التاريخ الشفوي جزءاً مهماً من رواية المتحف، حيث يتمّ نقل الروايات التاريخية عبر شاشات الوسائط المتعددة والفيديوهات، ومن خلال المعروضات. تعبّر المنصوري عن شكرها الكبير للعائلات التي ساهمت في هذا الجهد: «نواصل البحث في هذا الجزء من تراثنا من خلال التواصل مع كبار السن وأولئك الذين أُتيحت لهم فرصة سماع القصص من أقاربهم الأكبر سناً. نأمل باستضافة هؤلاء الأشخاص الذين ساعدونا في بناء مجموعتنا».
في الحقيقة، الناس هم جوهر متحف زايد الوطني. إنّهم الأجداد الذين خلقوا تاريخ الإمارات الغني وتركوا أدلّة مثل لؤلؤة أبوظبي للأجيال القادمة، وأولئك مثل الشيخ زايد -طيّب الله ثراه- الذي سُمّي المتحف باسمه، والذين كانوا مصممين على الحفاظ على قصصهم الثقافية حيّة على مرّ الأيام، وتلك الأجيال التي تحمل الأمة نحو المستقبل.
وختمت المنصوري بأن كلّ شيء يتعلّق بالتواصل بين الأجيال، وقالت: «إن إدراج لؤلؤة أبوظبي في متحف زايد الوطني يربط بشكلٍ وثيقٍ بين الإماراتيين اليوم وبين ماضينا. لا تزال قِيمُ أجدادنا البحّارة التي تمثّلت بالمثابرة والقدرة على التكيّف والابتكار حاضرةً في شعبنا اليوم، وكذلك الفخر بالحفاظ على تراثنا في مجتمعٍ يتّجه بسرعةٍ نحو الحداثة».
«مادة إعلانية»
المصدر: الاتحاد - أبوظبيالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثقافة لؤلؤة أبوظبي متحف زايد الوطني متحف زاید الوطنی دولة الإمارات لؤلؤة أبوظبی اللؤلؤ فی من خلال فی متحف
إقرأ أيضاً:
خالد بن محمد بن زايد يكرِّم الفائزين بالدورة الأولى من “جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد”
كرَّم سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، الفائزين في الدورة الأولى من “جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد”، التي تُنظِّمها دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي، وذلك خلال حفل أُقيم بحضور أكثر من 500 من صنَّاع القرار والمبتكرين وروّاد تجربة المتعاملين، للاحتفاء بجهود وإنجازات 32 جهة حكومية وشركة في إعادة تصميم الخدمات الحكومية والارتقاء بمعايير التميّز فيها.
وتتضمّن الجائزة ثلاث فئات رئيسية، هي: “أفضل خدمة”، و”أفضل تجربة حياة”، و”نجوم تجربة متعاملين بلا جهد”، إضافة إلى فئات التكريمات الخاصة.
وشهد الحفل تكريم عدد من الجهات والشركات والأفراد في الفئات الثلاث الرئيسية للجائزة، إذ حصدت هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي جائزة “أفضل خدمة” عن خدمة “طلب الدعم الاجتماعي”؛ وفازت بجائزة “أفضل تجربة حياة” دائرة الصحة – أبوظبي، بالتعاون مع دائرة القضاء – أبوظبي، ومركز أبوظبي للصحة العامة، وشركة صحة، وصندوق أبوظبي للتقاعد ، وشركة “طاقة” ، وشركة “دو” عن إطلاق المرحلة الأولى من مبادرة “سندكم”؛ وضمن فئة “نجوم تجربة متعاملين بلا جهد” فاز عشرة أفراد؛ وضمن فئات التكريمات الخاصة فازت كل من دائرة الصحة – أبوظبي عن خدمة “تصديق شهادة إجازة مرضية”، وصندوق أبوظبي للتقاعد عن خدمة “شهادة لمن يهمه الأمر”، ومؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم عن خدمة “إصدار تصريح مواقف أصحاب الهمم”.
وأكّد سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان أن “جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد” تُجسِّد التزام إمارة أبوظبي بتطوير الخدمات الحكومية، وتعزيز كفاءتها، وتوفير تجربة سلسة ومرنة للمتعاملين، مشيراً سموّه إلى أن تكريم الجهات والأفراد المتميزين في هذا المجال يُحفِّز على تبني المزيد من الحلول المبتكرة التي تُسهم في الارتقاء بجودة الخدمات وترسِّخ مكانة حكومة أبوظبي في مجال التميز الحكومي عالمياً.
وأشار سموّه إلى أن ترسيخ ثقافة التميز والابتكار في الخدمات الحكومية يتطلب مواصلة تطوير المبادرات النوعية، وتوظيف الحلول الذكية وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة الأداء الحكومي وتقديم خدمات متكاملة ترتقي بجودة الحياة وتواكب احتياجات مختلف فئات المجتمع.
وتهدف “جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد” إلى تكريم الإنجازات الاستثنائية من الخدمات التي يسّرت تجربة المتعاملين، وأحدثت تأثيراً ملموساً في حياة الأفراد والزوار والشركات في إمارة أبوظبي، وذلك عن طريق تقليل الجهد المبذول، وتعزيز رضا المتعاملين، وتمكينهم من إتمام معاملاتهم اليومية بمرونة وبلا جهد، دون الحاجة إلى زيارة الجهات.
وبهذه المناسبة، قال معالي أحمد تميم الكتّاب، رئيس دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي: “لقد شهدنا اليوم تكريماً مميزاً لجهود استثنائية تجسّد رؤيتنا في بناء منظومة خدمات حكومية بلا جهد، وتُسهم في تسهيل حياة الأفراد والشركات والزوار، بالإضافة إلى تعزيز مكانة إمارة أبوظبي كوجهة رائدة في الابتكار والتميز”.
وأضاف معاليه: “أن هذه الجائزة لا تمثّل احتفاءً بإنجازات اليوم فحسب، بل هي دعوة للجميع لمواصلة البحث عن حلول مبتكرة تسهم في تبسيط التجربة الحكومية وتجعلها أكثر كفاءة ومرونة. ونحن على ثقة بأن المستقبل يحمل فرصاً جديدة لتحقيق المزيد من التقدم، بما ينعكس إيجابياً على جودة حياة مجتمعنا.”
ومن جانبه، قال سعادة سعيد الملا، المدير التنفيذي لقطاع تجربة المتعاملين في دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي: “إن «جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد» ليست مجرد تكريم للإنجازات، بل هي منصة لترسيخ ثقافة التميز والابتكار في الخدمات الحكومية. وما شهدناه اليوم هو حصاد لجهود دؤوبة وتعاون بنّاء من جانب الجهات الحكومية والشركات، التي آمنت بأهمية تطوير تجربة متعاملين بلا جهد وتبسيط الإجراءات”.
وأكّد سعادته على دور الجائزة في تحفيز المزيد من المبادرات والمشاريع التي تسهم في الارتقاء بمعايير تجربة المتعاملين، وتدعم الجهود الرامية إلى تقديم تجربة استباقية وذكية وبلا جهد، لتتماشى مع تطلُّعات كافة أفراد المجتمع واحتياجاتهم المتجددة.
يُذكر أن “جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد” تنسجم مع رؤية دائرة التمكين الحكومي– أبوظبي ورسالتها في تحفيز الابتكار وتمكين الجهات الحكومية لتعزيز جهودها في تقديم تجربة استثنائية عبر خدمات مبتكرة وحلول فريدة.
وتُعد الجائزة امتداداً لنجاح “برنامج أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد”، الذي أسهم في تبسيط الإجراءات على المتعاملين، وتقليل عدد زيارات مراكز الخدمات بنحو 400 ألف زيارة، وتقليص حجم طلبات المتعاملين بنسبة 64%، وتقليل عدد الخطوات المطلوبة لإنجاز الخدمات بنسبة 23%، إلى جانب خفض عدد خانات البيانات في طلبات إتمام الخدمات بنسبة 36%، ما أسهم في تحقيق مستويات متميزة من رضا المتعاملين وفقاً للمعايير العالمية.