الفيتو الروسي يوقف قرار حماية المدنيين في السودان ويؤجل الحلول
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
تباينت الآراء حول الفيتو الروسي ضد مشروع قرار بريطاني سيراليوني لحماية المدنيين في السودان. البعض اعتبره دعماً لمعسكر الحرب، بينما دافعت روسيا عن موقفها باعتبار المشروع تدخلاً في شؤون السودان. الحكومة السودانية رحبت بالفيتو كداعم لسيادتها، فيما استنكرت القوى المدنية القرار باعتباره غطاءً لاستمرار المذابح.
التغيير: بورتسودان: كمبالا
تباينت الأراء حول استخدام روسيا حق النقض “الفيتو” في جلسة مجلس الأمن التي عقدت الإثنين، للتصويت على مشروع قرار تقدمت به بريطانيا وسيراليون يهدف إلى إيقاف الاعتداءات المتكررة على المدنيين السودانيين من قبل طرفي الصراع في البلاد.
وركز المشروع على الترتيبات المتصلة بحماية المدنيين بشكل خاص، خلافًا للقرارات السابقة لمجلس الأمن حول السودان التي تناولت عدة موضوعات متنوعة.
ودعا مشروع القرار الأطراف إلى “الوقف الفوري للأعمال العدائية والالتزام بحسن نية بالحوار من أجل خفض التصعيد والتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني بشكل عاجل”.
وسبق أن استخدمت روسيا والصين حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار أميركي لفرض عقوبات على زيمبابوي بسبب عمليتها الانتخابية المثيرة للجدل والتي تخللتها أعمال عنف في عام 2008.
ضد رغبات الشعب
ويرى مراقبون أن روسيا استخدمت هذا “الفيتو” للوقوف ضد رغبات الشعب السوداني الذي يتطلع إلى وقف الحرب التي ناهزت العامين.
وأشاروا إلى أن “الفيتو الروسي” جاء لصالح معسكر الحرب ضد معسكر السلام، معتبرين أن القضية السودانية لا تجد الاهتمام الكافي من الدول الكبرى.
تبرير روسيا
بررت روسيا استخدامها لحق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار بالقول إن الذين يقفون خلفه يحاولون استغلال القرار لإعطاء أنفسهم الفرصة للتدخل في شؤون السودان وتسهيل مشاركتهم في مزيد من الهندسة السياسية والاجتماعية في البلاد.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي: إن المشكلة الرئيسية في مشروع القرار البريطاني تكمن في الفهم الخاطئ لمن يتحمل المسؤولية عن حماية المدنيين في السودان وأمن الحدود والسيطرة عليها، ومن يجب أن يتخذ قرار دعوة قوات أجنبية إلى البلاد”.
وأضاف: “ليس لدينا شك في أن حكومة السودان هي التي يجب أن تقوم بهذا الدور، لكن واضعي مشروع القرار البريطاني يحاولون بوضوح سلب هذا الحق من السودان”.
حرب طاحنة
ومنذ منتصف أبريل 2023 تدور حرب طاحنة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان و”قوات الدعم السريع” بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، واتُّهم الطرفان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال استهداف المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية واستخدام الغذاء كسلاح لتجويع ملايين المدنيين.
وفي مارس الماضي، دعا مجلس الأمن إلى وقف “فوري” لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، وهو قرار لم يتم الالتزام به.
وفي يوليو الماضي، طالب المجلس “قوات الدعم السريع” بإنهاء حصار مدينة الفاشر، ووضع حد للقتال حول المدينة الكبرى في إقليم دارفور التي يسكنها مئات آلاف المدنيين، وهو الأمر الذي لم يحدث.
ترحيب الحكومة السودانية
ورغم التحفظات التي أبداها عدد من المختصين والمراقبين حول دلالات الفيتو الروسي على تطورات الأزمة السودانية في البعدين الدولي والإقليمي، إلا أن حكومة الأمر الواقع سارعت بالترحيب بـ”الفيتو” الروسي على مشروع القرار البريطاني.
وقالت الخارجية السودانية في بيان إن “الموقف الروسي جاء تعبيرًا عن الالتزام بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي ودعم استقلال ووحدة السودان ومؤسساته الوطنية”.
وأعربت الحكومة عن أملها بأن “تضع هذه السابقة التاريخية حدًا لنهج استخدام منبر مجلس الأمن لفرض الوصاية على الشعوب، ولخدمة الأجندة الضيقة لبعض القوى”.
استنكار تقدم
من جهتها، استنكرت القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الموقف الروسي، الذي رأت أنه يشكل غطاءً لاستمرار المذابح في السودان ويعيق جهود التصدي لأكبر مأساة إنسانية في العالم، ويترك الشعب السوداني يرزح تحت شبح الجوع والمرض والفقر.
وأوضحت أن استخدام روسيا حق النقض لإسقاط قرار حظي بموافقة ممثلي القارة الأفريقية الثلاثة في مجلس الأمن يكذب ادعاءاتها بالانحياز لقضايا دول الجنوب وشعوبها”.
كرت للضغط
قال الناطق الرسمي باسم تنسيقية “تقدم”، بكرى الجاك، إن “استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) قد يكون مفهومًا في إطار التوازنات الدولية ومحاولة استخدام السودان كورقة ضغط للحصول على مكاسب في ملفات أخرى، لكن هذا الفيتو يتناقض مع الإرادة الدولية ويخالف الضمير الإنساني”.
وأضاف الجاك في تصريح خاص لـ(التغيير): “كان بالإمكان استخدام هذا القرار لخلق آلية فعّالة لحماية المدنيين، في وقت يعاني فيه السودانيون من أن يكونوا رهائن في صراع أطراف الحرب، حيث تُستخدم معاناتهم كأداة للكسب السياسي من قبل الأطراف المتنازعة”.
وتابع: “المؤسف أن أطراف الحرب قد يفسرون هذا الفيتو على أنه ضوء أخضر للاستمرار في القتال وتوسيع رقعته، دون مراعاة ما سيترتب على ذلك من تداعيات كارثية على المدنيين أو تهديد لوحدة البلاد. وفي كل الأحوال، ستستمر روسيا في بيع الأسلحة للطرفين وتستفيد من موارد مثل الذهب، بينما يظل الشعب السوداني يعاني، والعالم في حالة من الحيرة”.
شرعنة خارج المجلس
من جانبه، دافع الخبير الدبلوماسي السفير عبد المحمود عبد الحليم عن استخدام روسيا لحق الفيتو ضد مشروع القرار البريطاني السيراليوني، موضحًا أن المشروع كان يهدف إلى إنشاء ظروف وأوضاع على الأرض تمهد لنشر قوات عسكرية، من خلال تقرير تم تكليف الأمين العام بتقديمه. وأشار إلى أن هذا التصرف يبعث على الشعور بالمرونة، رغم ما يحتويه من “تفخيخ” في بعض بنوده.
مجلس الأمن الدوليوأضاف عبد المحمود: “لم يكن من الصعب على الوفد الروسي وقف هذا المشروع، حيث أشار إلى ما وصفه بروح الاستعمار الجديد وطموحات السيطرة لدى بريطانيا، مؤكدًا على ضرورة تجنب فرض مؤسسات العدالة في السودان”.
ازدواجية المعايير
من جهته يرى المختص في شؤون مجلس الأمن، نزار عبد القادر، أن مداخلة نائب وزير الخارجية الروسي أمام مجلس الأمن الإثنين أوضحت الأسباب وراء الفيتو، من بينها عدم اعتراف مقدمي المشروع بالحكومة السودانية.
وقال عبد القادر إن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وازدواجية المعايير مقارنة بالوضع في غزة كان من أبرز الأسباب التي دفعت روسيا لاستخدام الفيتو.
أدى القتال في السودان إلى نزوح نحو 11.3 مليون شخص، بينهم حوالي 3 ملايين إلى خارج السودان، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون الإنسان، التي وصفت الوضع بأنه “كارثة إنسانية”.
ويواجه نحو 26 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وأُعلنت المجاعة في مخيم زمزم في دارفور.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: مشروع القرار البریطانی استخدام روسیا الفیتو الروسی فی السودان مجلس الأمن ضد مشروع
إقرأ أيضاً:
مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعزز حماية مسجد الجبيل
يشتهر مسجد الجبيل الذي يقع في مركز ثقيف جنوب محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة – ” https://goo.gl/maps/HGoU4Hp86Kt3ZBr4A ” -، بأحجاره التي بُنيت على طراز السراة العمراني قبل 3 قرون، ما جعله ينضم لمساجد المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية؛ ليعيد المشروع لهذا المسجد تقاليده العمرانية القديمة، ويعزز الوعي العام للعناية بالمساجد التاريخية، وأهمية الحفاظ عليها مع تقدم الزمن.
وستصل مساحة مسجد الجبيل، الذي بُني قبل 300 عام، بعد الانتهاء من عملية التطوير إلى 310م2، فيما ستبقى طاقته الاستيعابية كما هي عند 45 مصلٍ بعد الانتهاء من تجديده، حيث ستعتمد عملية إعادة بناءه على مجموعة من الأساليب التي ستحافظ على مكونه الأساسي حجر جبال السروات، بالإضافة إلى الأخشاب المحلية المستخدمة في الأسقف والأعمدة والنوافذ والأبواب؛ ليتشكل بذلك بناء يتميز بالفتحات الضيقة التي ترمز لهذا الطراز العمراني الفريد.
وتعتمد أخشاب مسجد الجبيل على أشجار العرعر لمتانتها وصلابتها، وتستبدل المواد الحديثة في البناء عند ترميم مسجد الجبيل مثل الأسمنت بمواد طبيعية أهمها حجارة الجرانيت، في خطوة ستحقق أيضًا إحياء التقاليد المعمارية القديمة لطراز السراة، وإبراز هذا الإرث التاريخي العتيق، مع تحقيق موائمة بين معايير البناء القديمة والحديثة بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة.
ويأتي مسجد الجبيل ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13، بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية، تبوك، الباحة، نجران، حائل، والقصيم.
اقرأ أيضاًالمجتمعأمير منطقة مكة المكرمة يستقبل نائبه
ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، على تحقيق التوازن بين معايير البناء القديمة والحديثة، بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة، وتدمج تأثيرات التطوير بمجموعة من الخصائص التراثية والتاريخية، في حين تُجرى عملية تطويرها من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذات خبرة في مجالها، مع أهمية إشراك المهندسين السعوديين؛ للتأكد من المحافظة على الهوية العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه.
يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية، جاء بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.
وينطلق المشروع من أربعة أهداف استراتيجية تتلخص: بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة، والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.