استعرضت جلسة "الذكاء الاصطناعي والسحابة في العالم الحقيقي من خلال مراكز البيانات" التي أدارها السيد برونو بيانكي، شريك في شركة Solsuss، العديد من الموضوعات الحيوية حول توطين صناعة الحوسبة السحابية وتكنولوجيا مراكز البيانات، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر AIDC.


تحظى الفعاليات برعاية الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتنظيم شركة "تريد فيرز انترناشيونال" بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لاستكشاف الموجة التالية من التقدم التكنولوجي وأحدث التقنيات التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات، بمشاركة كبار المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.


وفي سياق المناقشات، أوضح إسلام منجي، مستشار ما قبل البيع في شركة Aruba Networks، أن الحاجة لتوطين البيانات عبر القوانين والتشريعات تُعد ضرورية. 
وأشار إلى أن مراكز البيانات تنتج كمية ضخمة من المعلومات التي تحتاج إلى تأمين فعال، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي يتمحور حول البيانات، مما يجعل من الضروري حماية هذه المصادر من محاولات الاختراق.
وأضاف أن تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في نماذج التأمين يمثل خطوة ضرورية لضمان أمان البيانات والمعلومات.
وتطرق منجي إلى أهمية موضوع الاستدامة والتكنولوجيا الخضراء في إمداد مراكز البيانات بالطاقة، لافتا إلى أن تطوير تقنيات الطاقة المتجددة يمثل أولوية كبيرة، لا سيما في ظل تزايد الاعتماد على مراكز البيانات.
من جانبه، أشار أيمن المرزكي، مدير أول ما قبل البيع الإقليمي في شركة Dell Technologies، إلى الفرص الكبيرة التي تتيحها الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي في زيادة الإنتاج المحلي. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يشهد تسارعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، ولكن هذا التقدم يواجه تحديات كبيرة، أبرزها توفير مصادر الطاقة بكفاءة عالية على مستوى العالم. 
وأكد المرزكي أن عمليات اختراق البيانات شهدت تصاعدًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، مما يجعل الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لضمان تأمين مراكز البيانات.
وفيما يتعلق بمصادر الطاقة لمراكز البيانات، قال المرزكي إن مراكز البيانات كانت في الماضي مكانًا لتخزين البيانات فقط، أما مع تقدم الذكاء الاصطناعي، فزاد الطلب على الطاقة بشكل كبير. لذلك، شدد على ضرورة توفير مصادر متجددة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية، موضحًا أن مصر والمغرب يمكنهما إنتاج ما يتراوح بين 60٪ إلى 80٪ من احتياجات مراكز البيانات من الطاقة الشمسية.
من جهته، أشار محمد الجلاد، كبير مسؤولي التكنولوجيا ومدير المملكة المتحدة وأيرلندا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة HPE، إلى التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة، ومنها ضرورة وضع استراتيجية واضحة للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. 
وأوضح أن هذه الاستراتيجية يجب أن تضمن تحقيق النتائج المرجوة، مع ضرورة التركيز على عمليات الحوكمة. 
كما أكد الجلاد على ضرورة تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي عبر اتخاذ الإجراءات المناسبة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة أساسية لتحقيق الاستدامة في مصادر الطاقة المتجددة واستخدام الموارد بشكل صديق للبيئة.
تُعَدّ هذه الفعاليات نقطة انطلاق هامة نحو تعزيز التعاون الدولي في مجال تكنولوجيا المعلومات، مع التركيز على أهمية تطوير البنية التحتية الرقمية لمواكبة التحديات المستقبلية.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي

يحظى موضوع الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع عبر العالم في المناقشات والمنتديات والمجادلات حول الموضوع. ولقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في مقالين بهذه الجريدة الرصينة: أحدهما عن الذكاء الاصطناعي والإبداع، والآخر عن الذكاء الاصطناعي والترجمة. ولكن هذا الموضوع يحتمل المزيد من التأملات دائمًا، إذ إن له أبعادًا كثيرةً لا حصر لها؛ ولذلك فإنني أريد في هذا المقال التنويه إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية والبحث العلمي.

وقد يبدو أن استخدام كلمة «تأثير» أفضل من استخدام كلمة «مخاطر» الواردة في عنوان هذا المقال؛ لأن هذه الكلمة الأخيرة قد لا تبدو محايدة، وإنما تنطوي على حكم مسبق يتخذ موقفًا متحيزًا ضد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهذا تفسير غير صحيح؛ لأن كلمة «مخاطر» تعني أن هناك طريقًا نسير عليه -أو ينبغي أن نسير فيه- ولكنه يكون محفوفًا بالمخاطر التي ينبغي أن ندركها لكي يمكن اجتنابها. فلا مراء في أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة كبرى في المعرفة البشرية.

هذه الثورة المعرفية تتمثل في القدرة الهائلة للآلة على توفير بيانات ضخمة في أي مجال معرفي، بل يمكن لبرامج هذه الآلة أن تؤلف نصوصًا أو موضوعات بحثية أو تصمم ابتكارات ومخترعات باستخدام هذه البيانات.

ولقد أثمرت هذه الثورة المعرفية بوجه خاص في مجال تطبيقات العلوم الدقيقة، وعلى رأسها الرياضيات البحتة التي تمتد جذورها في النهاية في المنطق الرياضي، كما لاحظ ذلك برتراند رسل بشكل مدهش في مرحلة مبكرة للغاية في كتابه أصول الرياضيات!

ولا شك أيضًا في أن الذكاء الاصطناعي له استخدامات مثمرة في مجال العملية التعليمية، إذ إنه يسهِّل على المعلم والطالب معًا بلوغ المعلومات المهمة والحديثة في مجال الدراسة، ويقدِّم المعلومات للطلبة بطريقة شيقة ويشجعهم على البحث والاستكشاف بأنفسهم.

وهنا على وجه التحديد مكمن المشكلة، فعندما نقول: «إن الذكاء الاصطناعي يشجع الطلبة على البحث والاستكشاف بأنفسهم»، فإننا ينبغي أن نأخذ هذه العبارة بمعناها الدقيق، وهو أن الذكاء الاصطناعي هو ذكاء الآلة، والآلة دائمًا هي أداة للاستخدام، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تكون بديلًا لدور المستخدِم الذي يجب أن يقوم بنفسه بالبحث والاستكشاف. وهذا يعني أن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي والتعويل عليه في عملية التعلم، سيؤدي إلى القضاء على روح المبادرة والاكتشاف، وسيحول دون تعلم مهارات التفكير الناقد critical thinking وتنميتها من خلال عملية التفاعل المباشر بين الطلبة والمعلم. وتلك كلها مخاطر حقيقية على التعليم.

ولا تقل عن ذلك مخاطر الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي الذي يصبح تكريسًا لسوء استخدام هذا الذكاء في مراحل التعليم المختلفة. بل إن المخاطر هنا تصبح أشد وأكثر ضررًا؛ لأنها تتعلق بتكوين باحثين وأساتذة يُرَاد لهم أو يُرجى منهم أن يكونوا علماء حقيقيين في مجالاتهم البحثية المتنوعة. ولعل أشد هذه المخاطر هو شيوع السرقات العلمية من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بعملية التأليف من خلال كتابات ودراسات وبحوث منشورة؛ وهو ما قد يشجع الباحث على استخدام المادة المُقدّمة له باعتبارها من تأليفه ودون ذكر للمصادر الأصلية التي استُمدت منها هذه المادة.

حقًّا أن الذكاء الاصطناعي نفسه قد ابتكر برامج لاكتشاف السرقات العلمية (لعل أشهرها برنامج Turnitin)؛ ولكن هذا لا يمنع الباحثين الذين يفتقرون إلى أخلاقيات البحث العلمي من التحايل على مثل هذه البرامج من خلال التمويه، وذلك بتطعيم البحث بمادة موثقة من مصادرها، بحيث يبدو البحث مقبولًا في الحد الأدنى من نسبة الاقتباسات المشروعة! وهذا أمر لا ينتمي إلى البحث العلمي ولا إلى الإبداع والابتكار.

وبصرف النظر عن مسألة السرقات العلمية، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي له مخاطر أخرى تتمثل في أن المادة المقتبَسة كثيرًا ما تكون مشوهة أو غير دقيقة، وهذا يتبدى -على سبيل المثال- في حالة النصوص المقتبسة المترجَمة التي تقع في أخطاء فادحة وتقدم نصًا مشوهًا لا يفهم مقاصد المؤلف الأصلي، وهذا ما فصلت القول فيه في مقال سابق. وفضلًا عن ذلك، فإن برامج الذكاء الاصطناعي لا تخلو من التحيز (بما في ذلك التحيز السياسي)؛ ببساطة لأنها مبرمَجة من خلال البشر الذين لا يخلون من التحيز في معتقداتهم، وهذا ما يُعرف باسم «الخوارزميات المتحيزة» biased algorithms.

ما يُستفاد من هذا كله هو أن الذكاء الاصطناعي ينبغي الاستعانة به في إطار الوعي بمخاطره؛ ومن ثم بما ينبغي اجتنابه، ولعل هذا ما يمكن تسميته «بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، وهي أخلاقيات ينبغي أن تَحكم برامج هذا الذكاء مثلما تَحكم المستخدم نفسه.

مقالات مشابهة

  • تشغيل آمن ونظيف وصديق للبيئة.. اشتراطات مراكز البيانات بالمملكة
  • ويكيبيديا تدخل عصر الذكاء الاصطناعي دون الاستغناء عن المحررين
  • مؤتمر يستعرض ابتكارات الشباب في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتصدر ورش عمل مؤتمر الاتصال الرقمي
  • طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يستكشفون مستقبل الذكاء الاصطناعي في مؤتمر دولي بتركيا
  • منحة تدريبية عن صحافة المستقبل.. كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل السلطة الرابعة؟!
  • “كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل السلطة الرابعة؟”.. ورشة تدريبية بين نقابة الصحفيين والمرصد المصري للصحافة والإعلام
  • خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
  • إطلاق تكنولوجيا جديدة لحماية الطاقة في مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي