عربي21:
2024-11-20@12:34:58 GMT

تركيا.. نقاش حول العلمانية في ظل صراع الهوية المتواصل

تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT

تقدم عدد من قادة حزب الشعب الجمهوري ونوابه إلى الادعاء العام في العاصمة التركية أنقرة، يوم الاثنين، بشكوى ضد وزير التعليم التركي يوسف تكين، بدعوى أنه "خالف اليمين الدستورية التي أداها أمام أعضاء البرلمان، وأساء استخدام وظيفته ليحرض الشعب على الكراهية والعداوة بتصريحاته التي لا تمت للحقيقة بصلة". كما شن مشاهير الإعلام والفن الموالون لحزب الشعب الجمهوري حملة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي لدعوة تكين إلى الاستقالة.



التصريحات التي أثارت حزب الشعب الجمهوري هي ما أدلى بها الوزير في مدينة بطمان، جنوب شرقي تركيا، حول مفهوم العلمانية، وأشار فيها إلى أن حزب الشعب الجمهوري قام في أربعينيات القرن الماضي بإغلاق المساجد وتحويلها إلى الحظائر، وحظر تعلم تلاوة القرآن الكريم باسم تطبيق مبدأ العلمانية. وذكر تكين أن العلمانية، كما يفهمها، هي أن تضمن الدولة حرية المعتقد والعبادة لجميع مواطنيها، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم، إلا أنها في نظر حزب الشعب الجمهوري هي تقييد حرية العبادة للمسلمين وحظر الحجاب في الجامعات.

ما ذكره وزير التعليم التركي من ممارسات حزب الشعب الجمهوري السابقة كدليل على تبني الحزب للعلمانية المتطرفة أحداث مسجلة بالصوت والصورة، كما أن ضحاياها وشهود عيانها ما زالوا على قيد الحياة، وبالتالي لا يمكن إنكارها بأي حال. وتشير ردة فعل قادة حزب الشعب الجمهوري ونوابه وأنصاره إلى أنهم لا يرون تلك الممارسات خاطئة، وأنهم يَحِنّون إلى الحقبة التي تم فيها تطبيق ذاك النوع من مفهوم العلمانية في تركيا.

النقاش الدائر اليوم بين المؤيدين لتصريحات تكين حول العلمانية والمعارضين لها، ليس مجرد اختلاف في تفسير العلمانية، بل يعكس في الحقيقة صراع الهوية الذي لم يُحسم بعد في البلاد، ولم تطو صفحاته على الرغم من الإصلاحات الكثيرة التي قام بها حزب العدالة والتنمية خلال حوالي 22 عاما. وهو صراع بين المتمسكين بهوية الشعب التركي المسلم والراغبين في تبديل تلك الهوية بأخرى مشوهة تقلِّد الهويات الغربية، ولو عن طريق فرض الهوية الجديدة على المواطنين بقوة القانون والسلاح.

محاولات إبعاد الشعب التركي عن هويته الإسلامية لم تتوقف منذ تأسيس الجمهورية الحديثة، بل اشتدت الحرب على تلك الهوية المتجذرة في بعض الأحيان لتبلغ ذروتها، كما كانت في أربعينيات القرن الماضي التي شهدت أيضا حظر الأذان باللغة العربية. وقاد حزب الشعب الجمهوري تلك المحاولات تحت ذريعة العلمانية، وبالتالي ليس من المستغرب أن يأتي قادة حزب الشعب الجمهوري ونوابه في طليعة المنزعجين من سياسة تحصين الشعب التركي المسلم عن طريق التعليم لتحافظ الأجيال الناشئة على هويتها الإسلامية الأصيلة.

العلمانيون المتطرفون الذين يحترمون جميع الأديان والمعتقدات باستثناء الإسلام، لديهم أساليب مختلفة في محاربة التدين الإسلامي ودعوة الشعب التركي المسلم إلى الانسلاخ من هويته. ومن تلك الأساليب خلق رموز من الكتّاب والأدباء والأكاديميين والإعلاميين والفنانين، وتقديم هؤلاء إلى المجتمع كشخصيّات مثالية ونماذج للتنوير، ثم ترويج آراء العلمانية المتطرفة عن طريق هؤلاء. العلمانيون المتطرفون المؤيدون لحزب الشعب الجمهوري يريدون أن يستخدموا العلمانية كسلاح ضد المواطنين المتدينين لقمع حرياتهم الدينية وإبعادهم عن المؤسسات الحكومية، كما كانوا يفعلون قبل سنوات. ويلاحظ أنهم بدأوا يرفعون أصواتهم أكثر من ذي قبل، لأن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي حل فيها حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الأولى لأول مرة منذ عقدين، شجعتهم على ذلكوكثير من الأحيان يكون ذاك "الرمز المزيف" شخصا لا يستحق الالتفات إليه، إلا أنه يكتسب الشهرة بقوة الدعم الإعلامي الذي يتلقاه من معسكره. وتوفيت إحدى هؤلاء قبل أيام عن عمر يناهز 110 عاما.

كانت "معزز علمية تشيغ" يتم تبجيلها على أنها باحثة وخبيرة في علم الآثار واللغات والحضارة السومرية، وكثيرا ما أطلق عليها لقب "البروفيسورة" على الرغم من أنها لم تكن تملك حتى شهادة الدكتوراة، ولم تنشر أي مقالة علمية. بل كانت مجرد موظفة في مكتبة، واكتسبت شهرتها من محاربتها للإسلام وآرائها التي لا تستند إلى أي دليل علمي، مثل ادعائها بأن السومريين أتراك، وأن هناك آيات قرآنية اقتبست من ألواح السومريين، وأن الحجاب كان رمز العاهرات في الحضارة السومرية. ومن الطبيعي أن تعجب هذه الهذيانات حزب الشعب الجمهوري والعلمانيين المتطرفين، إلا أن المؤسف للغاية أن يصف وزير الثقافة والسياحة التركي، مهمت نوري أرصوي، تلك المرأة في رسالة التعزية التي نشرها بعد إعلان وفاتها، بـ"خبيرة في الحضارة السومرية وعلم الآثار واللغات؛ قدمت مساهمات فريدة للثقافة التركية والتاريخ التركي".

العلمانيون المتطرفون المؤيدون لحزب الشعب الجمهوري يريدون أن يستخدموا العلمانية كسلاح ضد المواطنين المتدينين لقمع حرياتهم الدينية وإبعادهم عن المؤسسات الحكومية، كما كانوا يفعلون قبل سنوات. ويلاحظ أنهم بدأوا يرفعون أصواتهم أكثر من ذي قبل، لأن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي حل فيها حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الأولى لأول مرة منذ عقدين، شجعتهم على ذلك، ومنحتهم مزيدا من الجرأة، ودفعتهم إلى الاعتقاد بأنهم يمكن أن يُعيدوا تركيا إلى تلك الحقبة السوداء.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشعب الجمهوري تركيا العلمانية الهوية تركيا العلمانية الهوية الشعب الجمهوري مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الشعب الجمهوری الشعب الترکی

إقرأ أيضاً:

قيادي بـ«الشعب الجمهوري»: مشاركة الرئيس بقمة العشرين خطوة مهمة لمواجهة التحديات

أشاد رفعت عطا أمين حزب الشعب الجمهوري بمحافظة الجيزة، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قمة العشرين التي انطلقت فعالياتها اليوم، في ريودى جانيرو بالبرازيل، حيث إنها خطوة في غاية الأهمية لمواجهة التحديات العالمية.

ولفت أمين حزب الشعب الجمهوري بمحافظة الجيزة، إلى أن هذه القمة تبحث حلولا سريعة وعاجلة للعديد من التحديات الكبيرة التي تواجه العالم، بمشاركة رفيعة المستوى من مصر بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي توجه أمس إلى مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين، التي تُعقد 18-19 نوفمبر الجاري.

ونوه عطا، بأن مشاركة مصر في هذه القمة خطوة مهمة، لا سيما أنها الرابعة من نوعها فى قمم المجموعة منذ نشأتها والثانية على التوالى بعد المشاركة في اجتماعات قمة العشرين الدورة الماضية، خلال فترة رئاسة الهند، والتى تكللت بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في أعمال قمة المجموعة في دلهى، في سبتمبر من العام الماضي.

ولفت عطا، إلى أن هناك آمالا كبيرة معقودة على هذه القمة، لبحث عدد من الموضوعات الرئيسية من بينها التوتر الدبلوماسي بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.

وأوضح عطا، أن هذه القمة تأتي في وقت حرج، إذ يسعى الزعماء المشاركون إلى معالجة التحديات العالمية الملحة وتعزيز التعاون، لمواجهة الأزمات المشتركة.

وتأتى فعاليات قمة مجموعة العشرين في مدينة "ريو دي جانيرو" بالبرازيل، وذلك بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي التقى نظيره البرازيلي لولا دا سيلفا، على هامش أعمال القمة.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس السيسي، حرص في مستهل المقابلة على توجيه الشكر للرئيس البرازيلي على دعوة مصر للمشاركة في فعاليات مجموعة العشرين العام الجاري، بما يعكس تقدير البرازيل لثقل مصر في منطقة الشرق الأوسط وفي قارة إفريقيا، مشيدًا بالتنظيم المتميز للقمة على المستويين الموضوعي والإجرائي، وحرص الجانب البرازيلي على تضمين أولويات الدول النامية في جدول الأعمال، وعلى رأسها إطلاق التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، في ظل تنامي التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى العالمي.

مقالات مشابهة

  • رئيس حزب الشعب الجمهوري سيزور فلسطين وسوريا
  • العثور على مسؤول من حزب الشعب الجمهوري ميتًا في سيارته
  • «الشعب الجمهوري» يبحث مع رئيس مدينة قنا إقامة معرض للسلع الغذائية بأسعار مخفضة
  • وفد «الشعب الجمهوري» يلتقي نائب رئيس الوزراء لبحث مشكلات المصانع المتعثرة
  • الشعب الجمهوري: مشاركة السيسي في قمة العشرين تؤكد دور مصر الريادي
  • قيادي بـ«الشعب الجمهوري»: مشاركة الرئيس بقمة العشرين خطوة مهمة لمواجهة التحديات
  • «الشعب الجمهوري»: مشروع قانون اللاجئين يضمن حماية حقوقهم
  • حزب الشعب الجمهوري يقدم شكوى جنائية ضد وزير التربية التعليم التركي
  • أول رد من حزب الشعب الجمهوري على إعادة تشغيل مصنع النصر للسيارات