بوليتيكو: اليمين المتشدد يصبح القوة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
ظهرت حقيقة لا مفر منها، ألا وهي أن الشعبويين اليمينيين المتشددين، موجودون هنا ليبقوا، وهم أصحاب القرار في سياسات الاتحاد الأوروبي.
يجتمع كبار المشرعين خلف أبواب مغلقة لتقرير مصير سبعة مفوضين أوروبيين
وكتب إيدي واكس، في النسخة الأوروبية من موقع "بوليتيكو" الأمريكي، أن القرارين السياسيين الرئيسيين الأخيرين ــ تعيين المفوضية الأوروبية الجديدة والتصويت على إلغاء مشروع قانون إزالة الغابات ــ كانا سببين في ترسيخ مركز القوة الجديد للاتحاد الأوروبي بشكل مباشر على الكتف الصلبة لحزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط ــ مع حلفاء على يمينه.
[Op-ed] #EUPoltics: The hard right is mainstream in Brussels now. #Italy’s #GiorgiaMeloni and her allies are now part of a governing majority in Brussels, by @EddyWax | Politicohttps://t.co/Ga1WBGr8B7
— PubAffairs EU News & Debates ???????? (@PubAffairsEU) November 19, 2024
ويعتقد بعض الخبراء أن نتائج الانتخابات الأوروبية في يونيو (حزيران)، دلت على أن الوسطيين في التكتل، سيكونون قادرين على مواجهة اليمين المتشدد الموحد في البرلمان الأوروبي، بعد أن واصل حزب الشعب الأوروبي حكمه كأكبر مجموعة في الهيئة التشريعية. ولكن القوى السياسية اليمينية، مثل حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، أثبتت أنها صاحبة القوة الحقيقية في الأسابيع الأخيرة.
تقليدياً، حقق حزب الشعب الأوروبي الغالبيات في التصويت بالتنسيق مع الفصائل السياسية الوسطية الرئيسية مثل الاشتراكيين والديمقراطيين والليبراليين. خلال الحملة الانتخابية، هدد الاشتراكيون بعدم دعم مرشحة حزب الشعب الأوروبي أورسولا فون دير لاين لولاية ثانية مدتها خمس سنوات كرئيسة للمفوضية الأوروبية إذا كان هناك أي "تعاون هيكلي" بين حزب الشعب الأوروبي وكتلة الإصلاحيين والمحافظين الأوروبيين.
ومع ذلك، قبل أشهر من الانتخابات، أبقى حزب الشعب الأوروبي وقادته الباب مفتوحاً أمام اليمين، وخصوصاً نواب من الإصلاحيين والمحافظين، من اعتبرهم شركاء شرعيين ومفيدين في مواضيع مثل دعم أوكرانيا، وهو ما قد يعني تحولاً كبيراً نحو اليمين في صنع سياسات الاتحاد الأوروبي، بدءاً من الهجرة إلى حماية الصناعات التقليدية، مثل الزراعة وصناعة الصلب.
You must be kidding ???? there are two groups to the right of the #ECR @ecrgroup The hard right is mainstream in Brussels now – POLITICO https://t.co/U6PiKnaFN8
— Burdinski (@Burdinski) November 19, 2024
وقال النائب الألماني عن حزب الشعب الأوروبي بيتر ليزه للصحافيين الاثنين: "لدينا مسؤولية أيضاً بعد هذه الانتخابات للتأكد من أن شيئاً ما قد تغير... ستشمل الغالبية الإصلاحيين والمحافظين في كثير من الأحيان".
ويستفيد حزب الشعب الأوروبي من هذا الوعد، حتى في الوقت الذي يتواجه فيه مع الاشتراكيين، في لعبة عالية المخاطر تحت عنوان "من يتراجع أولاً" في البرلمان، الأمر الذي يترك المفوضية في حالة من عدم اليقين، في وقت يتسم بقدر كبير من عدم الاستقرار الجيوسياسي، وقبل أسابيع من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
واليوم، يجتمع كبار المشرعين خلف أبواب مغلقة لتقرير مصير سبعة مفوضين أوروبيين، ويتوقف ذلك على جائزة يحصل عليها الاشتراكيون بفوز مرشحتهم وزيرة التحول البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا، ومحبوب اليمين رافائيل فيتو، الذي يدعمه حزب الشعب الأوروبي.
وتم ترشيح فيتو من قبل رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، وهو ينتمي إلى كتلة الإصلاحيين والمحافظين. أما المفوضون الأوروبيون التسعة عشر الآخرون الذين تمت المصادقة عليهم مبدئياً حتى الآن، فلم يحصلوا على هذه المصادقة، إلا بمساعدة الإصلاحيين والمحافظين.
وزعم ليزه أنه تم التفاوض على منصب فيتو الرفيع كجزء من صفقة بين العائلات السياسية الرئيسية في المجلس الأوروبي في وقت سابق من الصيف.
ويطالب الاشتراكيون والليبراليون والخضر فيتو بالتنازل عن منصب نائب الرئيس التنفيذي، مما يحرمه من السيطرة على مليارات اليورو من التمويل الإقليمي ومصايد الأسماك والزراعة والنقل. وفي المقابل، هدد حزب الشعب الأوروبي بإسقاط ريبيرا إذا خفضت رتبة فيتو.
ومذاك، ضاعف حزب الشعب الأوروبي مطالبه منذ جلسات استماع المفوضين، ودعا ريبيرا، التي يمكن أن تتولى حقيبة التنافس والمناخ القوية، إلى المثول أمام البرلمان الإسباني هذا الأسبوع، لاستجوابها في شأن الفيضانات الكارثية في فالنسيا.
وقبل خمس سنوات، لم يمكن ممكناً تصور منح مثل هذا المنصب القوي لأحد أعضاء عائلة الإصلاحيين والمحافظين، التي تضم أمثال حزب القانون والعدالة الشعبوي اليميني في بولندا.
وبعد سلسلة من المناوشات المبكرة، جاء أول تصويت ذي معنى الأسبوع الماضي، عندما تعاون حزب الشعب الأوروبي مع المشرعين اليمينيين لتخفيف مشروع قانون يهدف إلى وقف إزالة الغابات في العالم.
وبهدف إثارة غضب اليسار، دعم الإصلاحيون والمحافظون، وحزب الوطنيين من أجل أوروبا اليميني المتطرف، وحزب السيادة اليميني المتطرف، وعدد قليل من المتمردين من مجموعة التجديد الليبرالية، حزب الشعب الأوروبي في شأن تعديلات رئيسية.
وكتبت النائبة الاشتراكية البلجيكية كاثلين فان بريمبت الأسبوع الماضي: "نرى بشكل أكثر صراحة كيف أن حزب الشعب الأوروبي بقيادة مانفريد فيبر يرفض التحالف الحالي المؤيد لأوروبا ويسعى إلى إقامة تحالفات على أقصى اليمين من الطيف السياسي".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الحرب الأوكرانية حزب الشعب الأوروبی
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي وسوريا.. ما الخطوة التالية؟
عززت التصريحات الأخيرة لزعيم حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا خيرت فيلدرز التي دعا فيها حكومة بلاده لتعزيز العلاقات مع النظام السوري من جدية المعلومات التي تتناقلها مصادر غربية عن تحركات دبلوماسية أوروبية لإحياء العلاقات مع سوريا، بعد أن قطع الاتحاد الأوروبي تعاونه الثنائي في مايو/أيار 2011.
ومع أن النظام السوري لم يمتثل للشروط التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي في وقت سابق لعودة العلاقات، فإن فيلدرز حث الحكومة الهولندية على تعزيز حراكها الدبلوماسي مع دمشق، بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة في بلادهم يجري تقييمها من جديد، طالما أن الرجل -يقصد الأسد- لن يختفي.
ولكن من جهة أخرى، تشكل عودة الارتباط -التي جرى الإعداد لها كما يبدو خلف الكواليس منذ سنوات- حراكا مزعجا، وفق الكاتب البريطاني تشارلز ليستر، كشف عن تذبذب الموقف الغربي وشقوق في الاتحاد الأوروبي من الدولة السورية والرئيس بشار الأسد.
فيلدرز: دعا الحكومة الهولندية لتعزيز العلاقات مع النظام السوري (غيتي) من الشراكة إلى المواجهةتميزت علاقة الاتحاد الأوروبي بسوريا بداية من فترة حكم الأسد الأب بمحطات كان من أبرزها:
في عام 1977، وقع الاتحاد الأوروبي وسوريا اتفاقية تعاون شكلت أساس الشراكة بين الطرفين. في عام 1995، انضمت سوريا إلى عملية برشلونة وسياسة الجوار الأوروبي وكان الاتحاد يهدف من ورائها نقل دمشق إلى موقع متقدم على مستوى السياسة والاقتصاد. بين عامي 2004 و2008، وقع الطرفان مزيدا من الاتفاقيات الثنائية، وانضمت سوريا من خلالها إلى "الاتحاد من أجل المتوسط". وفي عام 2009 وقع الطرفان مشروع اتفاقية الشراكة بشكل رسمي لتبدأ مرحلة جديدة منذ ذلك التاريخ.ظل استقرار سوريا يحمل أهمية إستراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي سنوات طويلة، وأرجع الباحث في مركز "كارينغي أوروبا" مارك بيريني هذا الاهتمام إلى عام 1995، وهو العام الذي أدرجت فيه دمشق بالشراكة "الأورومتوسطية" المعروفة باسم عملية برشلونة، نسبة إلى مكان إطلاقها.
واستندت الشراكة على سياسة غربية تخص الحافة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ترى فيها أن الاستقرار والازدهار في جنوب أوروبا هما ركنان أساسيان لرفاه الاتحاد، ولتحقيقهما لا بد لدول الجنوب -أغلب الدول العربية- من تعزيز الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، وتسهيل التجارة، والبدء بتبني سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية، وتشجيع المجتمع المدني والتبادل الثقافي بشكل مشترك.
لكن، عندما تولى بشار الأسد رئاسة سوريا في يونيو/حزيران 2000 بشر العديد من المعلقين المتفائلين ببداية "ربيع في دمشق"، واستمرت الآمال في التغيير قائمة حتى حلول مارس/آذار 2011 الذي اندلعت فيه احتجاجات مدنية في جنوب سوريا ضمن حراك الربيع العربي.
ومنذ ذلك التاريخ، انطوت -بحسب بيريني- وعود الإصلاح ودخلت كلها طي النسيان، حين جاء رد فعل الأسد على المتظاهرين عنيفا جدا، وكان واضحا أن النظام -بحكم طبيعته- لن يفكر بأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي ذي شأن، على حد قوله.
وإثر ذلك جمد الاتحاد الأوربي اتفاقية الشراكة التي كان يطمح من خلالها إلى تحسين الحياة السياسية والاقتصادية في سوريا وعلق تعاونه الثنائي مع الحكومة السورية.
كما فرض الاتحاد عقوبات محددة تطال كيانات لها صلة مباشرة بأعمال القمع أو بتمويلها، علاوة على قطاعات في الاقتصاد تقع في صلب الشبكات الممولة للأسد، من قبيل التسليح والسلع والتكنولوجيات المستخدمة في أعمال القمع، واستيراد النفط الخام.
وفي فبراير/ شباط 2020 اعتمد عقوبات جديدة ثم مددها مجددا في مايو/أيار من العام الحالي. وربط -في بيان له- سبب تمديدها، بمواصلة نظام دمشق سياسته القمعية تجاه شعبه، وانتهاكه حقوق الإنسان والأعراف الدولية.
الاتحاد أمام تدفق اللاجئينخلال تلك الأعوام، استقبل الاتحاد الأوروبي -على غرار دول الجوار السوري- موجات لجوء تدفقت مع تعثر ربيع سوريا على وقع الرصاص الحي والقصف الجوي والبري الذي استخدمه النظام لسنوات من أجل الحفاظ على سلطته.
وتقدر منظمات أممية وإغاثية عدد السوريين الفارين إلى خارج البلاد بنحو 6 ملايين لاجئ سوري، استضافت أوروبا أكثر من مليون منهم، وبلغت حصة ألمانيا 35%، في حين استقبلت النمسا أكبر نسبة مقارنة بعدد سكانها. ولا تزال قوارب اللجوء تبحر إلى شواطئ أوروبا الجنوبية المطلة على البحر المتوسط حتى الآن.
وتسبب تدفق اللاجئين خلال العقد الأخير-برأي الخبير في قضايا الهجرة واللجوء غالب مارديني- بمشكلات طارئة منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي، كما تحول بالنسبة إلى اليمين المتطرف الصاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي والانتخابات التشريعية المحلية لمصدر قلق بسبب احتمال استمرار الصراع وحالة الاضطراب التي تشهدها سوريا لموعد غير معروف، لا سيما أنه ينظر لقضية اللجوء والهجرة بشكل عام نظرة استهجان وعداء.
ولفت مارديني -في حديثه للجزيرة نت- إلى وجود عوامل أفسحت المجال أمام اليمين -الذي سجلت أحزابه حضورا مؤثرا في البرلمان الأوروبي- ليتحدث عن أوضاع متغيرة في سوريا وما حولها، ويشدد على ضرورة إجراء مراجعة لإستراتيجية الاتحاد تجاه الوضع في سوريا، وتبني سياسة مرنة نحوها، ومن بين هذه العوامل:
تعثر الحل السوري وفشل نهج خطوة مقابل خطوة الذي تم تبنيه عربيا وأمميا. عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وعودة العلاقات العربية السورية. نجاح تجربة الاتحاد في خفض أعداد المهاجرين لدول الجنوب مقابل دعم مالي واقتصادي تتلقاه دول المنشأ والعبور أو الوسيطة لوقف اللجوء غير الشرعي، مثل نموذج لبنان وتونس وليبيا ومصر.وتتزعم إيطاليا -الدولة الأوروبية السابعة التي أصبحت لها علاقات دبلوماسية مع النظام السوري إلى جانب رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والتشيك والمجر- هذا الاتجاه، مما يعكس -بحسب مارديني- وجود تحول واضح وصريح ينشط وفق تقييم "ما دام النظام باقيا، فمن الأفضل المضي قدما في العلاقة معه، بطريقة منسقة، بدلا من تركه لسيطرة روسيا وإيران".
تذبذب الموقف الغربيينظر محللون إلى المشهد السوري بعد مرور 13 عاما على بداية الصراع على أنه أشبه برقعة شطرنج مفككة تتحرك أحجارها وفق مسارات متغيرة تهيمن عليها سياسات عربية وإقليمية ودولية.
ففي الوقت الذي تعد فيه سوريا دولة هشة غير آمنة يُمارس العنف الرسمي فيها بأشكال تتنافى مع حقوق الإنسان -وفقا لتقارير البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة- شهد عام 2023 استئناف العلاقات العربية-السورية، وعودة دمشق لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، على أمل أن يعزز الوضع الجديد مناخ الاستقرار في المنطقة.
وبالتزامن، انتقل الحديث عن وجود ارتباط أوروبي سوري جديد، تسعى فيه دول أوروبية عديدة، إلى خطوات عملية جرى الإعداد لها خلف الكواليس لتكشف عن تذبذب الموقف الغربي تجاه الدولة السورية والرئيس شخصيا، وفق ليستر الذي نقل عن مصادر متعددة رفيعة المستوى عزم حكومات اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا منذ عامين استخدام ثقلها داخل الاتحاد للضغط عليه ومطالبته بتغيير سياسته تجاه دمشق.
ورغم تشدد الاتحاد الأوروبي إزاء عودة العلاقات الشاملة، ما لم يمتثل النظام لشروط مجلس الاتحاد وفي مقدمتها التوصل لحل سياسي وفق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الخصوص، فإن ليستر أشار في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي إلى وجود شقوق بدأت في الظهور بين الدول الأعضاء، أدت إلى خلافات خطيرة وجوهرية، وفقا لـ4 من كبار المسؤولين الغربيين الذين التقاهم.
فبخلاف الدول التي عززت حراكها الدبلوماسي مع دمشق بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها إلى مناطق آمنة في بلادهم، أعلن 18 وزير خارجية تحمل دولهم مسؤولية مكافحة إفلات مرتكبي جرائم الحرب في سوريا من العقاب والمطالبة بمحاكمتهم بصرف النظر عن هوياتهم.
واعتبروا في بيان مشترك، مكافحة الإفلات من العقاب شرطا من شروط إحلال السلام الدائم في سوريا، إذ "لن يتمكن الشعب السوري من التفاؤل بمستقبل أفضل ما لم تتوقف انتهاكات حقوق الإنسان على نحو تام ومؤكد، ولن تتمكن سورية من التصالح مع ماضيها ما لم يحاسب المجرمون على الجرائم التي ارتكبتها أيديهم".
سوريا: الاتحاد الأوروبي يكرر الأكاذيبمن جهة أخرى، وصف النظام السوري الموقف الغربي والعقوبات التي تم تمديدها بالإجراءات القسرية أحادية الجانب غير المشروعة، وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "مرة جديدة يصر الاتحاد الأوروبي على تكرار الأكاذيب حول الأوضاع في سوريا، في انفصال تام عن الواقع، وتجاهل تام للتطورات الإيجابية التي شهدتها البلاد ولا تزال، وفي مقدمتها الإنجازات الكبيرة في مكافحة الإرهاب، وتوطيد الاستقرار، وتوسيع المصالحات الوطنية، وتسوية أوضاع الكثير من المواطنين من خلال مراسيم العفو".
وحمل البيان، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤولية معاناة السوريين جراء إجراءاتهما القسرية أحادية الجانب.
ومن جانبها، نفت المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي ما ذهبت إليه الخارجية السورية، من أن يكون السكان المدنيون هم أول ضحايا العقوبات الدولية، وقالت في مقابلة مع الكاتب الفرنسي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط ألان غريش إن هذا ليس صحيحا، بل هو "خطاب النظام وداعميه المسؤولين عن الحالة الكارثية التي أوصلوا إليها سوريا وسكانها".
وأكدت المبعوثة أن العقوبات الأوروبية والأميركية لا تستهدف بأي حالة من الأحوال السلع والخدمات الضرورية لتلبية الحاجات اليومية للسكان ودعمهم، مشيرة إلى أن "قرار رفعها يكون بين يديه وأيدي إيران وروسيا اللتين أعربتا لنظام دمشق عن دعمهما الكامل عندما كان أكثر عرضة للخطر".
وأشارت كورمي إلى أن إيران حاضرة في سوريا منذ أكثر من 30 عاما، وقد اختارت معسكرها منذ بداية النزاع، دافعة النظام السوري إلى عدم التنازل، وإلى اختيار القوة العسكرية ضد الشعب الذي طالب بحقوق أساسية.
وأضافت أن "روسيا جعلت من سوريا حقل تجارب لها، يمكننا رصد تبعاته اليوم في أوكرانيا، وذلك من خلال مواكبتها القمع الذي يمارسه النظام، ومن خلال قصف الشعب السوري بلا هوادة ولا تمييز، وكذلك عبر إنقاذ الأسد من أجل الحصول على رافعة جغرافية وإستراتيجية في المتوسط".
كورمي: قرار رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا يكون بين يدي النظام السوري وإيران وروسيا (الأناضول) ما الخطوة التالية؟لطالما أكد الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل عدم مشاركة الاتحاد الأوروبي في جهود التعافي المبكر -ترسيخ الاستقرار- إلا في حالة سريان انتقال سياسي شامل وحقيقي وموسع، تتفاوض عليه الأطراف السورية في الصراع، على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012.
كما أكد عدم دعمه عودة اللاجئين -المقيمين في أوروبا- إلى سوريا، ما لم تكن هناك ضمانات ملموسة، بأنها تتم بشكل طوعي وآمن وكريم، تحت رقابة دولية.
غير أن مصادر إعلامية غربية، تشير إلى أن ما يطالب به بوريل، لا يجد اليوم صداه المرجو في دول ترى أن الظروف المتغيرة تتطلب زيادة في الاتصالات مع سوريا، وإجراء مفاوضات فنية على الأرض مع شخصيات غير مدرجة على قوائم العقوبات لتهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين إلى بلادهم.
ويظهر التقدم الأكثر وضوحا عبر الجهود التي تبذلها في هذا الاتجاه إيطاليا والنمسا، إذ تنقل المصادر ذاتها إصرار رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني على إقناع قادة دول الاتحاد بتطبيع علاقتهم مع النظام السوري من أجل وقف الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
واللافت، وفق صحيفة لوموند الفرنسية، أن يشيد رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر بسياسة ميلوني المتشددة في حين يعتزم وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو تشكيل جبهة موحدة مع إيطاليا وألمانيا لتبني قوانين أوروبية أكثر صرامة، مع أن فرنسا انتقدت سياسات ميلوني، وشهدت العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية إثر منع روما سفينة أوشن فايكنغ التي أنقذت لاجئين من الغرق من دخول الموانئ الإيطالية في عام 2022 واضطرت فرنسا لاستقبالها.
وبهذا الصدد، يؤكد عضو حزب النهضة الفرنسي المحامي زيد العظم أن الموقف الرسمي لفرنسا بشأن التطبيع مع النظام السوري لا يزال ثابتا، إذ ترفض فرنسا أي خطوة على هذا الصعيد قبل أن تلتزم السلطات السورية بشكل كامل بقرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأكد في حديثه للجزيرة نت، أن جدية الموقف الفرنسي ظهرت بوضوح عندما حاول النظام السوري استغلال كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق في شمال سوريا وجنوب تركيا في فبراير/ شباط 2023 لإعادة تأهيل نفسه عبر دبلوماسية الزلازل، ووقفت فرنسا موقفا صارما تجاهه.
وأقر العظم بوجود إجماع أوروبي على أهمية التنسيق التقني مع جميع الدول المصدرة للاجئين، بما فيها سوريا، خاصة بعد أن تدهور الوضع الأمني في لبنان جراء الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه، ونزوح آلاف الأشخاص، لكنه يرى أن التعاون مع النظام السوري سيكون تقنيا بحتا ولن يرتقي إلى مستوى التطبيع السياسي.
والسؤال الذي يفرض نفسه إذا ما أخذنا تطورات المشهد الأوروبي الأخيرة بعين الاعتبار هو: ما خطوة الاتحاد المتوقعة تجاه سوريا ونظام الأسد في المرحلة القادمة؟
تشير مواقف الدول الأوروبية إلى وجود تباين واضح على هذا الصعيد، فبين تصريحات جوزيب بوريل، وخطط جورجيا ميلوني، ثمة مسافة تبدو بعيدة، لكن المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي اختصرتها في مقابلة مع الجزيرة نت في فترة سابقة، بقولها "نواجه الآن خيارا مستحيلا، فإما المضي قدما نحو التطبيع دون القيام بأي تنازلات أولية أو القبول بالوضع الراهن، ولا يشكل أي من هذين الخيارين حلا مقبولا".