يمكن للأشياء التي نلمسها أو نضعها على بشرتنا كل يوم أن تؤثر على صحتنا من خلال تغيير ميكروبيوم الجلد وجعلنا أكثر أو أقل عرضة للأمراض المزمنة. الجلد مثل الأمعاء تسكن فيه ملايين البكتيريا والفيروسات والفطريات، وهي كائنات دقيقة تسمى الميكروبات، وهي تساعد أجسامنا على العمل بشكل صحيح، تشكل هذه الكائنات معا ميكروبيوم الجلد.

ولكن ما ميكروبيوم الجلد؟

تخيل أن بشرتك هي موطن لملايين الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات. هذه المجموعة المتنوعة من الكائنات الحية تسمى الميكروبيوم، وهي تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة بشرتك. قد يبدو غريبا أن يكون هناك كائنات حية تعيش على جلدنا، ولكن هذه الكائنات ليست ضارة بل مفيدة. فهي تشكل حاجزًا واقيًا يحمي الجلد من البكتيريا الضارة، ويساعد في الحفاظ على رطوبة الجلد، ويقوي جهاز المناعة في الجلد.

لا يزال شكل ميكروبيوم الجلد الصحي بالضبط وكيفية الحفاظ عليه قيد البحث. لكن بعض الخبراء يخشون أن يؤدي انخفاض الوقت الذي يقضيه الناس في الهواء الطلق، إلى جانب الإفراط في استخدام المواد الكيميائية القاسية والمضادات الحيوية وحتى بعض منتجات التجميل، إلى إفساد حياة الميكروبيوم الجلدي النافع.

تحتوي البشرة على ما يقرب من 3 إلى 4% من خلايا المناعة في الجسم (غيتي)

ارتبط اختلال توازن الميكروبيوم -وهي الحالة التي يقل فيها عدد الميكروبات المفيدة أو يزداد عدد الميكروبات الضارة- بالأمراض المزمنة. على سبيل المثال، ترتبط الصدفية والأكزيما باختلال التوازن في ميكروبيوم الجلد. وتشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى أن ميكروبيوم الجلد يلعب دورا مهما في تنظيم جهاز المناعة لدينا ويمكن ربطه بحالات مزمنة ليست على الجلد، مثل الربو وتسوس الأسنان ومرض التهاب الأمعاء وأنواع معينة من التهاب المفاصل.

كيف يؤثر الجلد على الجهاز المناعي؟

تساعد الميكروبات في الحفاظ على الحاجز الذي يشكله الجلد. تنتج بعض ميكروبات الجلد مواد مضادة للبكتيريا أو مضادة للالتهابات.

قالت جولي سيجري، عالمة الوراثة في المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري في الولايات المتحدة، والتي تدرس ميكروبيوم الجلد في حوار مع صحيفة الواشنطن بوست نشر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، إنها تلعب أيضا دورا مهما في تدريب الجهاز المناعي للجسم ومنع الالتهاب المزمن.

تحتوي البشرة على ما يقرب من 3 إلى 4% من خلايا المناعة في الجسم؛ يعلم التعرض للميكروبات الجلدية المتنوعة والطبيعية الجهاز المناعي الصبر على وجود البكتيريا والفطريات والفيروسات المفيدة أو غير الضارة. وقالت سيجري "إنه بدون هذا التسامح، يمكن أن يصبح الجهاز المناعي مفرط الاستجابة، مما يزيد من خطر الإصابة بالحساسية أو الحالات المناعية الذاتية، حيث يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة الجسم".

حماية الجلد من التلف أمر بالغ الأهمية أيضا لخلق بيئة مواتية للميكروبات الجيدة (شترستوك) الاتصال بالطبيعة يفيد البشرة

تشير مجموعة متنامية من الأبحاث إلى أن المزيد من الاتصال بالحيوانات والنباتات وأجزاء أخرى من العالم الطبيعي يمكن أن يساعد في تحسين تنوع ميكروبيوم الجلد.

يمكن أن يفسر هذا أيضا السبب الذي يجعل بعض الناس أقل عرضة للحساسية، كما قال آكي سينكونين، العالم الرئيسي في معهد الموارد الطبيعية في فنلندا، وهو معهد أبحاث فنلندي.

عمِل سينكونين على العديد من الدراسات حول تأثيرات التعرض البيئي على ميكروبيوم الجلد، بما في ذلك دراسة أجريت عام 2020 وضع فيها الباحثون مواد أعشاب ومواد مأخوذة من الغابات إلى أرضية مراكز رعاية الأطفال ودرسوا التأثير على ميكروبيوم الجلد والأمعاء لدى الأطفال. بعد 28 يوما، وجدوا أن الأطفال الذين ذهبوا إلى المراكز التي وضعت فيها هذه المواد الطبيعية ليس لديهم ميكروبات جلدية أكثر تنوعا فحسب، بل لديهم أيضا عدد أقل من المواد الالتهابية في دمائهم وخلايا مناعية تنظيمية أكثر.

يمكن للمواد الكيميائية القاسية والمضادات الحيوية ومنتجات التجميل أن تلحق الضرر بالجلد

إن حماية الجلد من التلف أمر بالغ الأهمية أيضا لخلق بيئة مواتية للميكروبات الجيدة. لكن بعض الباحثين يخشون أن العديد من المنتجات والمنظفات قد تضر ببشرتنا.

قال سيزمي أكديس، مدير المعهد السويسري لأبحاث الحساسية والربو وأستاذ بجامعة زيورخ في دافوس بسويسرا، إن تجفيف الجلد كثيرا بالمواد الكيميائية يمكن أن يتلفه، مما يسمح للكائنات المسببة للأمراض بالمرور عبر حاجز الجلد والتوغل في أعماق أنسجتنا.

وقال أكديس إن الجسم يستجيب بعد ذلك بالالتهاب، والذي يمكن أن يصبح أكثر جهازية بمرور الوقت. وقد ارتبط التهاب الجلد أو الأمراض بمشاكل مثل التهاب المفاصل أو الربو أو الحساسية. وأضاف أكديس أنه بالإضافة إلى تجفيف الجلد، فإن المواد الكيميائية الموجودة في العديد من المنظفات أو المضادات الحيوية تتسبب في موت العديد من الميكروبات الجيدة على الجلد.

تجفيف الجلد كثيرا بالمواد الكيميائية يمكن أن يتلفه، مما يسمح للكائنات المسببة للأمراض بالمرور عبر حاجز الجلد والتوغل في أعماق أنسجتنا (الألمانية)

لحماية الميكروبات الجيدة في الجلد بشكل أفضل، انتقل إلى المنتجات التي تحتوي على عدد أقل من المواد الكيميائية القاسية مثل المواد الخافضة للتوتر السطحي (مادة تنظيف يمكنها تكسير غشاء الخلية وقتل الميكروبات)، كما قال أكديس. وعلى وجه الخصوص، اقترح محاولة تجنب مادة خافضة للتوتر السطحي تسمى كبريتات لوريل الصوديوم، وهي مادة مهيجة معروفة للجلد موجودة في العديد من منتجات التنظيف.

يمكن أن تؤثر حامضية منتجات التجميل والصابون المختلفة أيضا على ميكروبيوم الجلد. البشرة تميل لأن تكون حمضية قليلا. تعمل هذه الحموضة للدفاع عن الجلد ضد الأمراض الضارة وتساعد الجلد على الاحتفاظ بالميكروبات المفيدة. كما قال كيت والين راسل، المؤسس المشارك لمدرسة ميكروبيوم الجلد، وهي شركة مقرها إنديانا تعمل في مجال التعليم والبحث حول ميكروبيوم الجلد.

ومع ذلك، قال إن بعض المنتجات مثل بعض مستحضرات التجميل والشامبو وكريمات الوقاية من الشمس أو الصابون يمكن أن يكون لها قيمة حامضية أعلى أو أقل من الحامضية الطبيعية للبشرة، قال كيت والين راسل المؤسس المشارك لمدرسة ميكروبيوم الجلد في الولايات المتحدة "الجلد حساس للغاية وإذا غيرت هذه الظروف الكيميائية الحيوية، فقد تقلل حقا من التنوع البيولوجي وتسبب أشياء مثل تهيج الجلد وعيوب في الحاجز الجلدي وجفاف الجلد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المواد الکیمیائیة الجهاز المناعی العدید من الجلد من یمکن أن

إقرأ أيضاً:

حرب لا يمكن الفوز بها.. وواشنطن تضع نهاية "اللعبة" في أوكرانيا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حذّر الكثيرون منذ وقت مبكر من أن الحرب الأوكرانية لا يمكن لأي طرف الفوز فيها وأن الجميع خاسر، بل ذهب صمويل شارب إلى أكثر من ذلك؛ وهو عضو فريق تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة أوباما ومؤلف مشارك لكتاب "الجميع يخسر: الأزمة الأوكرانية والمسابقة المدمرة لأوراسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي". وقد تنبأ "شارب" قبل ثلاث سنوات بنهاية قد تكون صادمة للحرب في أوكرانيا بسبب غموض الهدف والخطة. يقول: "كان الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 لحظة فارقة للولايات المتحدة وحلفائها، وكانت أمامهم مهمة عاجلة وهي مساعدة أوكرانيا في الرد على روسيا، لكن دون أن يكون هناك وضوح لكيفية وموعد وقف الحرب".

ولعل من يتأمّل موقف واشنطن داخل مربع الحرب الأوكرانية يضع يده على الفور على سمة من سمات التحرك الأمريكي الخارجي وهي الغموض، وهذا لا يقع تحت بند ارتكاب أخطاء سياسية بل هو غموض مقصود ومتكرر، ومن يفحص الحروب التي أعلنتها وشاركت فيها الولايات المتحدة خلال القرن الأخير يتأكد أن الغموض حول نهاية المهمة كان سمة دائمة لتلك التدخلات. الحرب الأفغانية وحرب العراق نموذجان مليئان بالدروس المشابهة، ومن قبلهما حرب فيتنام التي تحولت إلى كابوس للأمريكيين وفشل ذريع للتدخل الأمريكي الخارجي.

وقد اتفق مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في يونيو 2022، مع ما قاله شارب، عندما أشار إلى أن الولايات المتحدة "امتنعت في الواقع عن وضع ما تعتبره نهاية اللعبة؛ لقد ركزنا على ما يمكننا القيام به اليوم، وغدًا، والأسبوع المقبل، لتقوية يد الأوكرانيين في ساحة المعركة إلى أقصى حد ممكن.. وكان مسار الحرب بعيدًا عن الوضوح في تلك المرحلة. ومع امتداد المعارك وزيادة الخسائر أصبح من الصعب على الولايات المتحدة التحدث عن وجهة نظرها بشأن هدف الحرب التي لا تخوضها قواتها". 

صحيح أن التوقعات بانتهاء "اللعبة"-كما وصفها سوليفان-تفترض أن يقرر الأوكرانيون متى يتوقفون، لأنهم هم من يموتون من أجل بلدهم، بغض النظر عما قد تريده واشنطن. لكن كييف ظلت تبحث عن النصر المزعوم رغم تعاظم الخسائر. وجاء قرار وضع حدّ للسيناريو الأسوأ مع وصول ترامب للبيت الأبيض، لأن الولايات المتحدة ضجرت من دفع المزيد من التمويلات بالمليارات دون جدوى، خاصة بعد أن أوضحت سنوات القتال أن أيًا من الطرفين لا يملك القدرة-حتى بمساعدات خارجية-لتحقيق نصر عسكري حاسم على الطرف الآخر. 

ومن الواضح أن العوامل المؤدية إلى صراع مدمر كانت مؤهلة للاستمرار لسنوات مقبلة دون نتيجة نهائية. وظل العالم ينظر ويتأسى ويتأسف لأنه مجرد رقم صغير في هذه الحرب. والجميع يعلم في الحرب والسلم أن الأرقام الصغيرة لا تحدد نهاية اللعبة، وبالتالي قررت الولايات المتحدة البدء في توجيه الحرب نحو نهاية تفاوضية في القريب العاجل، ولا يهمها الآن الاستراتيجية المستقبلية لحلفائها الأوروبيين أو حتى موقف كييف. ولن يكون أمام الجميع خيار الانتظار بعد تضاعف تكاليف الحرب البشرية والمالية والعسكرية. كما أنه لا مجال الآن لأي دور لمن كانوا يروجون للعكس بعد أن أهلكت تداعيات الحرب التماسك الغربي وتضررت بشكل عميق الاقتصادات الأوروبية، خاصة مع تبخّر الأمل لدى العواصم الغربية من تحقيق كييف لمكاسب في ساحة المعركة، من شأنها أن تجبر بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. 

كما اتضح لواشنطن أيضا أن رغبة أوكرانيا هي الاستمرار في القتال حتى لو كانت ستقودها للخسارة. وقد كشف التاريخ أن الدول قد تختار الاستمرار في القتال على الرغم من الاعتراف بحتمية الهزيمة، وألمانيا كانت خير مثال لذلك إبان الحرب العالمية الأولى. باختصار، لن تؤدي المكاسب أو الخسائر في ساحة المعركة بالضرورة إلى إنهاء الحرب.

الجميع يتذكرون ما قاله الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، عن الرئيس بوتين، وبثقة منقطعة النظير: "هذا الشخص لا يمكن أن يظل في السلطة". كان ذلك بعد شهر من اندلاع الحرب في فبراير 2022؛ وها هو بايدن اليوم يجلس في نادي المتقاعدين، بينما بوتين مازال في مركزه يدير دفة الحكم بل وارتفعت شعبيته لأن الناس يلتفون حول الزعيم والعلم في أوقات الحرب. وهذا في حد ذاته مؤشر على أن الولايات المتحدة كثيرا ما تندفع في الحروب دون قدرة على حسمها. وجاء ترامب وسعى إلى التراجع وكانت عملية إخراج القرار على طريقته الدرامية، وشاهد العالم المؤتمر الصحفي الذي حاول خلاله مع نائبه إهانة حليفهما زيلينسكي بشكل متعمد حتى يستسلم لقرار وقف الحرب. بينما فشل الافتراض السابق لدول حلف الناتو وأوكرانيا بأن العلاقات بين روسيا والغرب لا يمكن أن تتحسن طالما ظل بوتين في منصبه. لكنها تتجه إلى التحسن رغما عنهم ولأن ترامب يريد ذلك!

وسيثبت أن هناك معادلة أخرى في العالم –وهي أدوات السلم وليس الحرب-وشرط الرحيل ربما كان أحد السيناريوهات التي تجول في ذهن الحكام الغربيين –ويحلمون بها لتخليصهم من الكابوس-عندما كان بايدن في الحكم لكن سجلُّ التحولات السياسية التي أعقبت خروج بايدن وفريقه لم يوفر مساحة للتفاؤل الأوروبي لأن الطريق إلى روسيا "أفضل"، من وجهة نظر المصالح الغربية، اختفى تماما! 

مقالات مشابهة

  • جمعية فلك تطلق أول مهمة فضائية لدراسة ميكروبيوم العين بنهاية الشهر
  • عبد المحسن سلامة يزف بشرى للصحفيين بشأن المشكلات التأمينية ومجال الحريات
  • كيف يمكن فهم استراتيجية ترامب الخارجية؟
  • الجينسنغ يحارب شيخوخة الجلد ويعزّز الكولاجين
  • حرب لا يمكن الفوز بها.. وواشنطن تضع نهاية "اللعبة" في أوكرانيا!
  • يزيد في الصيام.. اعرف العلاج الطبي لجفاف الجلد
  • وصفات منزلية للتخلص من الهالات السوداء قبل العيد.. سهلة وبسيطة
  • الصداع النصفي وتهيج الجلد الأبرز..10 أعراض تنذر بوجود مشكلات بالجهاز الهضمي
  • بعد تفشي «وباء خطير».. بريطانيا تدق ناقوس الخطر
  • جفاف الشفاه وعلاقته بنقص الفيتامينات وطرق ترطيبها