عرفت الصكوك الإسلامية طريقها للدراسة والبحث كبديل للسندات التقليدية حينما تم بحث جوانبها في المؤتمر العلمي الأول للاقتصاد الإسلامي في مكة المكرمة عام 1976م، ثم تبعت ذلك محاولات متعددة للبحث حتى تم ابتكار سندات المقارضة في العام 1981م في المملكة الأردنية، وصدور قانون سندات المقارضة بغرض إعمار أراضي الأوقاف فيها، وتم عرضها بعد ذلك على مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي في دورته الرابعة في جدة عام 1988م، مما نتج عنه إبراز المخالفات الشرعية فيها، ووضع تصور منضبط شرعيا لها.
وتمثل الصكوك الإسلامية وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في موجودات معينة ومباحة شرعا، تصدر وفق صيغ تمويل إسلامية، وعلى أساس المشاركة غنما وغرما، والالتزام بالشريعة الإسلامية أحكاما ومقاصد. وهي من أدوات التمويل الإسلامي المهمة لتلبية متطلبات العمل المالي والمصرفي الإسلامي التي فرضت نفسها في أسواق المال المحلية والعالمية، لقدرتها على المواءمة بين المعضلات الاقتصادية الأربع: الربحية، والسيولة، والأمان من المخاطر، والتنمية.
وتشير التوقعات إلى أن إصدارات الصكوك الإسلامية العالمية ستصل قيمتها في نهاية هذا العام إلى ما بين 160 و170 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع 168.4 مليار دولار أمريكي في عام 2023، و182.7 مليار دولار أمريكي في عام 2022. ورغم هذا التطور الكمي عالميا في إصدارات الصكوك الإسلامية، فإن التطبيق العملي يكشف أن غالبية إصدارات هذه الصكوك يعاني من الانجذاب للسندات التقليدية من حيث ضمان رأس المال والعائد، فضلا عن صورية الصكوك من خلال إصدار الصكوك المبنية على الأصول التي من خلالها يتم بيع الأصول وعودتها بنفس حالتها لمالكيها بمبلغ أكبر، واستخدام الشركة ذات الغرض الخاص محللا في ذلك.
وكل هذا يفتح الباب على مصراعيه للمخاطر الشرعية التي تمثل أهم أنواع مخاطر التشغيل وأشدها بأسا، والتي لم ولن تكون نتيجتها في كل الأحوال سوى المحق والإذن بالحرب من الله تعالى، وهي وإن كانت مخاطر شرعية ضمن مخاطر التشغيل لكنها في الوقت نفسه تمس كذلك المخاطر الأخرى، سواء أكانت مخاطر الائتمان أو السوق، باعتبارها ذات اتصال وثيق بغيرها من المخاطر.
وهذا يتطلب حوكمة الصكوك الإسلامية بمعنى وجود نظام يحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية في هيكلة الصكوك منذ بدء إصدارها حتى إطفائها، بهدف تحقيق الامتثال الشرعي، والاستقلالية، والعدالة، والشفافية والإفصاح، والنزاهة، والمساءلة، ومكافحة الفساد -وفي مقدمة ذلك الفساد الشرعي التحايلي- بما يحقق مصداقيتها الشرعية وكفاءتها الاقتصادية والاجتماعية، ويحمي حقوق أصحاب المصالح بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.
ولا تعني حوكمة الصكوك الإسلامية إغفال ما يتعلق بالجوانب غير الشرعية، فالحوكمة تتطلب تكامل الأطراف المتعلقة بعملية هيكلة الصكوك مع توزيع المهام الصلاحيات والمسئوليات بما يتوافق مع الأهداف والأدوار المخططة بشكل واضح ومحدد، وتوافر الضوابط اللازمة للمراقبة والمتابعة لضمان الالتزام بتطبيق القوانين واللوائح والتعليمات.
فليس من الحوكمة ما نراه من تتبع الرخص وزلات العلماء والأقوال المرجوحة والتخريجات القائمة على الحيل المذمومة والهندسة المالية الشيطانية، حتى أصبحت غالبية عمليات إصدار الصكوك شكلا بلا مضمون، وعبئا على الاقتصاد الإسلامي ذاته، من خلال مخاطر السمعة الناشئة عن ذلك.
وحوكمة الصكوك الإسلامية ليست غاية، بل وسيلة لتحقيق تلك الصكوك المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية والاجتماعية. ونقصد بالمصداقية الشرعية أن تلتزم تلك الصكوك إصدارا وتداولا بأحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية. ونقصد بالكفاءة الاقتصادية قدرة هذه الصكوك على تحقيق عائد مناسب لحاملها، وحسن إدارة مخاطرها بما يسهم في تدفق هذا العائد والحفاظ على رأس المال الأصلي. أما الكفاءة الاجتماعية فنقصد بها قدرة هذه الصكوك على تلبية احتياجات المجتمع وفقا للأولويات الإسلامية من ضروريات وحاجيات وتحسينيات.
ويمكن تطبيق مبادئ حوكمة الصكوك من خلال تصور مقترح للحوكمة قوامه الرقابة الداخلية داخل الشركة المصدرة، والرقابة الخارجية من خلال هيئة سوق المال، ومراجَعَين ماليين وآخَريَن شرعيَيّن.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصكوك سندات الشرعية الاقتصادية اقتصاد سندات الاسلام شرع صكوك مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصکوک من من خلال
إقرأ أيضاً:
السجن المشدد 10 سنوات لأفراد تشكيل عصابي للهجرة غير الشرعية
قضت محكمة الجنايات الاستئنافية لجرائم الإرهاب والهجرة غير الشرعية، برئاسة المستشار خالد الشباسي، وعضوية المستشار محمد القرش، والمستشار تامر الفنجري، والمستشار رامي حمدي، وبحضور محمد خليل رئيس النيابة، بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 2 مليون جنيه لـ7 متهمين بينهما سيدتين، أفراد تشكيل عصابي يتزعمه مدرس ومحاسب تخصص فى النصب على الشباب بزعم قدرتهم على تسفيرهم إلى الخارج عبر البحر والصحراء.
طرق احتيالية جديدة
ولجأت الشبكة الإجرامية إلى طرق وحيل جديدة من أجل استقطاب الشباب الراغبين فى السفر إلى الخارج، حيث تم إجراء تعديلات على صور بعض الأشخاص بالفوتوشوب واظهار أصحابها على أنهم فى الخارج، ونشر معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي بين أوساط الشباب بأنهم قادرون على تسفير اى شاب مقابل مبلغ مالى.
سعر السفر إلى الخارج
وكانت توفرت معلومات لقطاعى الأمن العام والأمن الوطني، أثر ورود عدة بلاغات من بعض الشباب بتعرضهم للنصب على يد التشكيل العصابي الذى يتزعمه مدرس ومحاسب، ويمارس نشاطه بين محافظات الغربية والدقهلية والقليوبية والقاهرة، باستقطاب الشباب الراغبين فى السفر إلى الخارج مستغلا ظروفهم الاجتماعية ومتحصلا منهم على مقابل مادى قرابة 200 ألف جنيه من كل شخص كمقدم، و200 ألف جنيه يدفعها الشاب فور وصوله إلى الدولة الأوربية المزمع تهريبه إليها، إما عبر الساحل الليبي أو الدروب الصحراوية.
وهو ما دفع العديد من الشباب إلى بيع ممتلكاتهم ومنقولاتهم من أجل توفير مقدم السفر لكن اكتشفوا عملية النصب عليهم.
القبض على المتهمين
تم شن حملة أمنية مكبرة على فراد التشكيل والذى تم ضبطه داخل شقتين مستأجرتين فى طنطا بالغربية ومدينة 6 اكتوبر بالجيزة، وعثر بحوزتهم على مبالغ مالية قدرت بنحو 16 مليون جنيه، وتحويلات مالية كبيرة، وسيارتين ملاكى، ودرجتين بخارتين، وطبنجتين صوت، وأجهزة كمبيوتر، وأجهزة اتصال، وشرائح اتصال دولية.
وبعرض المتهمين على النيابة العامة وجهت لهم تهم تسهيل الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، وإحالتهم إلى المحاكمة الجنائية.
ونظرت محكمة الجنايات الاستئنافية القضية حيث قضت بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد 10 سنوات وتغريم كل منهم مبلغ 2 مليون جنيه، كما وافقت المحكمة على مذكرة النيابة العامة بنسخ صورة من القضية وإرسالها إلى وحدة مكافحة غسل الأموال وذلك لتتبع أموالهم.
حيثيات حكم المحكمة
ورفضت محكمة الجنايات الاستئنافية الدفع الذى دفاع به محامي المتهمين، من أن المجنى عليهم من الشباب أقدموا على السفر برضاهم وإرادتهم، ونوهت المحكمة إلى أن المتهمين استغلوا ظروف الشباب الاجتماعية واوهموهم بوعود زائفة وارتكبوا جرما واثما يجب أخذه بقدر من الشدة، لاسيما وقد تكررت جرائمهم عدة مرات مما أدى إلى وفاة بعض الضحايا.
وناشدت المحكمة أهالى الضحايا بعدم الانسياق وراء مثل هذه الأفعال تحت ضغط ورغبة الأبناء، كما يتوجب على الجهات الإعلامية والصحف التوعية ومخاطبة وتوعية الشباب، خاصة وأن هذه الجرائم باتت من الجرائم العابرة للحدود والتى من شأنها التأثير على بلدان أخرى وتضر بالمجتمع.
مشاركة