موقع النيلين:
2025-03-26@05:30:01 GMT

“بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية

تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT

لعل من غير المستغرب أن يهرول المبعوث الأمريكي “توم بيرييلو” إلى “بورتسودان”، التي رفض من قبل أن يزورها، بحجة القلق على حياته جراء اضطراب الأمن.

ولم يَمضِ وقت طويل قبل أن يجد نفسه في مأزق؛ يائساً، محروماً من أي فرص ، بعد فشله في تقديم الإفادات الصحيحة غير المنحازة حول الأزمة السودانية ، بل ظهر كوسيط منحاز تماماً للطرف الآخر من الصراع ، هو الآن محروماً من الأموال بعد الاستثمار في قضية مشبوهة وإنفاق مبلغ ضخم في محاولة “جنيف ” الفاشلة.

في موازاة ذلك وسَّعت مليشيات “ال دقلو” حربها التدميرية، هدفُها واضح، تدفيع السودانيين ثمناً رهيباً رداً على مساندتهم للجيش الوطني ، تريد المليشيات إغراق السودان في الركام وقلق النزوح وتوتراته، حتى يتسنى لرعاتها الدوليين استصدار قرار أممي باحتلال بلادنا عبر ما يسمى ب “قوات حماية المدنيين” ، ولكن المفاجأة .. الحليف القوي “روسيا” أحبطت المحاولة باستخدام حق النقض “الفيتو” .

في الجانب الآخر ، لا يعلم “بيرييلو” ان السودان ينتظر انتقالَ المقاليد في البيت الأبيض إلى يد “دونالد ترمب” بعد شهرين، عندها مصير مهمة المبعوث الأميركي لن تنفصل عن الحديث الدائر عما سيكون عليه وضع ملف السودان في عهد ترمب الثاني، وغالب ظني سيدفع “ترمب” بملف السودان الى وكلائه في الخليج ، وستعود نغمة “منبر جدة ” من جديد .
بغض النظر عن تحالفات السودان الجديدة مع القطب الشرقي ، والتي بدأت باستئناف الشراكة الاقتصادية مع الصين ، إستعادة العلاقات مع “إيران” ،وتفاهمات ناجحة مع روسيا ظهرت جلياً في موقفها امس، فإن مماطلة الامريكان كثيراً في إدانة واتخاذ موقف حاسم يساهم في إنهاء معاناة السودانيين ، جعلت حكومة السودان غير آبهة بزيارة المبعوث الأمريكي ولم توليها الاهتمام الكافي .

في ذات السياق ، حتى وإن استئنف “منبر جدة” مرة أخرى، من يفاوض السودان؟ ، هل يملك “حميدتي” أي سيطرة على عصابات النهب التي تحارب المدنيين في الجزيرة ، سنار ، دارفور ؟ ، بالطبع (لا) ،خرجت تلك العصابات عن إمرة قادة الدعم السريع ، ولن تنتهي إلا بالقتال، إذا ما الذي يجبر “البرهان” على الخضوع لإملاءات الغرب؟ .

الرئيس “البرهان” رجل ذكي ، نجح في إنقاذ السودان من الاحتلال الأجنبي، سوى كان عبر حرب الوكالة التي يخوضها “حميدتي” أو عبر مؤامرات الغرب وامريكا التي فشلت أمس بواسطة الموقف الروسي .

أنتصر “البرهان” على الغرب ، ومن حسن الحظ أن جروحَ السنوات الماضية لم تقتلع من نفوس السودانيين بقايا مشاعر التضامن الوطني والإنساني، لذلك يجد شعبه يسانده في كل المواقف التي يتخذها.

الفترة التي تفصلنا عن تسلم “ترمب” مهامه شديدة الخطورة، وحشية المليشيات بلا حدود أو روادع.

إذا رغبت “أمريكا” في الحفاظ على قدر متوازن من مصالحها في السودان عليها اتخاذ قرارات حاسمة بشأن “ال دقلو” وحربهم ضد المدنيين ، اتخاذ القرارات الحاسمة اليوم أفضل من اتخاذها بعد الانهيار الكامل للعلاقة بين السودان والولايات المتحدة .

حسم المليشيات عبر قرارات ومواقف دولية واضحة يساهم في عودة الدولة السودانية ، الدولة وحدها التي تملك الحق في المنح والرفض ، وايضاً وحدها تستطيع تضميد جروح السودانيين وتبديد مخاوفهم وليست القوات الأممية.
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الإغواء المتبادل بين ترمب وبوتين

 المكالمة الهاتفية بين الرئيسَين الأميركي والروسي، دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، بشأن أوكرانيا اكتسبت أهميةً جدليةً واسعةً بين الترحيب والرفض والاستنكار بفعل شخصية ترمب، وما جسَّدته من تحولات خطيرة وغير مسبوقة في السياسات الأميركية تعيد تعريف موازين القوى الإقليمية والدولية معاً. سياسات تتميز بقطيعة واضحة مع التقاليد الأميركية التي لطالما زعمت أنها ترتبط بالدفاع عن القيم الليبرالية العالمية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، لصالح نهج قائم على المصالح الاقتصادية المباشرة، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار النظام الدولي.

على الرغم من أن هذه المكاملة تسعى إلى وقف الحرب الأوكرانية، وهو مطلب لا خلاف بشأنه، فإن مضمونها الذي وصل إلى الإعلام يُشكِّل مصدر قلق لمنطقة الشرق الأوسط في هذه المرحلة التي تختلط فيها نتائج ما رست عليه الحرب في غزة ولبنان، والحدث السوري الشديد الأهمية، مع ما بدأ يحضّر لمواصلة المرحلة الثانية منها لاستكمال النتائج، واستهداف إيران، حسبما يرشح من تهديدات ترمب وتصلب مواقف طهران في أكثر من مكان وفي تصريحات قادتها.

مصدر القلق بالمنطقة، خصوصاً لدى الفلسطينيين، أن مكالمة ترمب وبوتين ساوت بين المعتدي والمعتدى عليه في أوكرانيا، ما يحاكي موقف ترمب من غزة، ناقلاً الضوء البرتقالي الذي أعطته إدارة جو بايدن لبنيامين نتنياهو للقضاء على «حماس» وطوقته بالوقت نفسه بضرورة السير بحل الدولتين سبيلاً وحيداً للسلام، إلى ضوء أخضر فاقع نسف هذا الحل من أساسه ليصل إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع برؤية صفقاتية مقيتة اسمها سلام «الريفييرا». تجددت الحرب الشعواء على غزة وطالت سوريا وربما لبنان في إطار انتهاج سياسة تفكيك الاجتماع لصالح تحالف الأقليات وغير ذلك من المشاريع الانتحارية. الموقف الأميركي غير المسبوق تجاه أوكرانيا تعدّه قوى أميركية رئيسة خيانةً للقيم التي وسمت السياسة الأميركية منذ انتهاء الحربَين العالميَّتين، وهي الدفاع عن الحرية ضد الطغيان.

يصعب فهم موقف ترمب من بوتين بشأن أوكرانيا وتوقيته، والذي يعدّ بمثابة هدية لروسيا دون مبرر سياسي ولا حتى تفاوضي لإنهاء الحرب، لا سيما أن روسيا ورغم سيطرتها على مناطق واسعة من أوكرانيا، تعدّ بكل المعايير أنها خسرت الحرب أمام دولة صغرى كبَّدتها مئات آلاف من الضحايا وآلاف الدبابات والآليات العسكرية حتى عدّها كثيرون قوةً إقليميةً كبرى. لماذا يريد ترمب دخول مفاوضات رامياً كل الأوراق الرابحة؟ ما الهدف من إبعاد الحلفاء الأوروبيين عن المفاوضات مع بوتين، الذين قدَّموا مجتمعين مليارات الدولارات والمعدات الحربية والدعم للاجئين الأوكرانيين، أكثر مما قدَّمته أميركا رغم ما يعلنه ترمب، وما زالوا على تصميمهم الدفاع عن أوكرانيا؟ لماذا عدم الإفادة من الاندفاعة الأوروبية لتدعيم قوة بلاده؟

التقارب بين ترمب وفلاديمير بوتين قد يفتح المجال أمام تفاهمات ضمنية بين موسكو وواشنطن حول إعادة توزيع النفوذ في مناطق التوتر، لا سيما في الشرق الأوسط، تظهرها رسالة بوتين للرئيس السوري. روسيا، التي لطالما صعّدت خطابها ضد التمدد الأطلسي، وجدت في ابتعاد واشنطن عن الغرب فرصةً تاريخيةً لإعادة فرض نفوذها التقليدي في مناطق مثل أوكرانيا بعد أن قضمت القرم، بحجة أن أميركا نفسها لا تحترم سيادة الدول، كما ظهر من خلال رغبة ترمب في ضم كندا أو السعي للسيطرة على غرينلاند وقناة بنما.

يصعب توقع سياسات ترمب، ولا يمكن وصفه والمجموعة المحيطة به بالعقائديين، بل هم أقرب لحركة شعبوية غير متدينة رغم ادعائهم التدين. لديهم مروحة من آراء وأفكار في الاقتصاد والأعمال والأخلاق والاجتماع يترجمونها مواقف سياسية. من أخطر ما يقوم به ترمب اليوم هو ضرب جوهر «العقيدة الأميركية التقليدية» التي تقوم على مزيج من الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية، والالتزام بتحالفات استراتيجية مثل «الناتو»، ودعم النظام الدولي القائم على القواعد والمؤسسات، واحترام السيادة الوطنية للدول الأخرى بتحويله الأولوية إلى الصفقات قصيرة الأمد والمصالح التجارية البحتة. يفرّغ ترمب هذه العقيدة من مضمونها، ولا يفتح فقط المجال أمام القوى الاستبدادية لإعادة رسم حدود النفوذ بالعالم، بل ينذر بتمدد حالة «التوحش» إلى الداخل الأميركي نفسه، حيث تنمو الاستقطابات على أنقاض الديمقراطية التي لطالما وحَّدت الأميركيين في لحظات الخطر.

ملامح ما سوف يحصل في أوكرانيا مؤشرات لمستقبل الخريطة السياسية والأمنية لمنطقتنا التي باتت متروكة بعد اقتراب الموقف الروسي، حليف إيران الاستراتيجي والحليف التقليدي للعرب، من الأميركي بشأن «ألا تكون إيران في وضع يسمح لها بتدمير إسرائيل». ما يجعل السؤال مشروعاً عن الموقف الروسي من فلسطين وحقوق الفلسطينيين وممارسات إسرائيل المريبة والمخربة في لبنان وسوريا.

مهما بلغ التطابق الأميركي – الإسرائيلي، والتفاهمات الأميركية - الروسية حول الشرق الأوسط، ينبغي أن تبقى الخطوط الحمر العربية صامدة: «لا تهجير من غزة»، و«حل الدولتين سبيل السلام الدائم والشامل»، ومن دونه سيبقى سلام بوتين وترمب الذي وصفاه بأنه يستجلب استثمارات كبيرة، بعيد المنال.

مقالات مشابهة

  • مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تحذر من أن نقص التمويل يهدد حياة السودانيين في مصر الفارين من العنف
  • الوالي:مشهد المرأة التي تصفع “القايد” في الشارع لم يكن مجرد حادث عابر، بل أصبح ظاهرة يتكرر
  • هذه كمبالا التي تشرق منها شمس “التحول المدني الديمقراطي” لتغمر ظلام السودان????
  • بعد طرده من أمريكا.. استقبال “كبير” لسفير جنوب أفريقيا في بلاده
  • شاهد بالفيديو.. في حفل إفتتاح مطعمها الجديد.. سيدة الأعمال السودانية هبة كايرو تمنح الفنان كمال ترباس نقطة بقيمة ألف دولار وضعتها له في شكل “تأج” على رأسه
  • المجموعة السودانية لمناصرة اللاجئين..تحية مستحقة
  • الإغواء المتبادل بين ترمب وبوتين
  • القحاتة “الخونة اللئام” تأمروا على السودان وشعبه وساندوا المليشيا سياسيا واعلاميا
  • غردون العالم
  • البرهان فى القصر الرئاسى.. وماذا بعد؟!