” الخبرة العملية” عثرة أمام مكتسب أبناء العسكريين استكمال دراساتهم العليا في ” اليرموك “
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
كتب نادر خطاطبة
لم تكشف جامعة اليرموك دوافع اشتراط خبرة عملية مدتها ثلاث سنوات للراغبين باستكمال دراستهم العليا لديها، بجميع تخصصات الدكتوراة والماجستير، مع استثناءات لبعض الاقسام لدرجة الماجستير، ما أثار لغطا داخل الجسم الأكاديمي من جهة ، يتوقع أن يمتد خارجها، خصوصا لدى أبناء العاملين بالقوات المسلحة (المكرمة للعاملين والجسيم )، باعتبار القرار حجر عثرة أمام حق مكتسب وثابت لهم منذ سنوات .
سياق اشتراط الخبرة العملية، لاشك موجود في جامعات عالمية ذات سمعة أكاديمية وبحثية، ويخلق تنافسية بينها تجعلها قبلة وطموحا للراغبين باستكمال درجاتهم العلمية العليا لديها ، ففي كندا وفق معلومات متوافرة ومتاحة، أن عدد الجامعات المصنفة لديها ضمن أفضل ٣٠٠ جامعة عالمية يتجاوز ٢٥ جامعة، ما قد يجعل اشتراط الخبرة العملية حقا لها، كونها نقاط قوة جاذبة للطلبة، وإن كان هذا الحق أيضا خاضعا للنقاش والرفض بسياق تباين الآراء ووجهات النظر .
لكن .. في حالة اليرموك وتخصصاتها، هل تملك الجامعة مزايا ولو نسبية للتفوق على غيرها من الجامعات الأردنية ؟؟؟ شخصيا لا املك حق الإجابة المستندة لمعلومة، لكن بسياق قراءات المطلع على المشهد الإكاديمي الاردني، لا اعتقد بوجود نقاط قوة جاذبة، تجعل اليرموك أو غيرها من الجامعات الأردنية، مطمحا للدارسين والتجاوب مع اشتراطات معقدة، سياقها الطبيعي يعني الانقطاع المؤقت والطويل نسبيا لمدة ثلاث سنوات عن الدراسة، لتحقيق شرط العودة لمقاعدها بعد اكتساب الخبرة والمهارة العملية، التي هي التوظيف الرسمي المثبت وفق سجلات الضمان الاجتماعي والمصادق عليه من وزارة العمل، وبعيدا عن صعوبة الشرط لطول المدة، فهو ضرب من المستحيل بظل شح فرص العمل التي تكاد معدومة لدى الآلاف من الطلبة، جراء الواقع الاقتصادي المتخن بالتخصصات.
مقالات ذات صلة طريقة احتساب معدل التوجيهي 2023/08/16قد يقول قائل : أن الشرط وان بدا تعجيزيا للبعض، إلا أن مرده التركيز على النوعية للدارسين، بسياق إعادة تقييم لمخرجات البرامج المطروحة، وهذا طرح منطقي ومقبول ، لكنه منسوف اذا ما علمنا استثناء الطلبة غير الأردنيين منه، وهذه مفارقة تستحق التوقف وواجبة التفسير، اذا ما اعتبرنا النوعية هدفا للقرار الذي صدر ، لاسيما وأن الطالب الخريج سواء كان أردنيا أو أجنبيا ، بالمحصلة هو نتاج تدريس اليرموك ويحمل شهادتها ..
توقعات الأكاديميين بالجامعة أن القرار الجديد سيشكل ضربة لبرامج الدراسات العليا في الجامعة، كون اليرموك لا تملك فرادة تميزها فيه عن نظيراتها الجامعات الرسمية والخاصة، التي بالضرورة ستكون وجهة الطلبة، هربا من الشرط التعجيزي ، ولتوافر ذات التخصصات في الجامعات ألاخرى التي ستستحوذ على حصة اليرموك، التي هي اصلا ضمن دائرة التنافس مع غيرها أيضا.
للاسف، أيا كانت مبررات الجامعة ومجلس عمدائها أو امنائها، الذي دفع باتجاه القرار، إلا أن نصه يشي أنه اتخذ على عجل، وهو أقرب للارتجال منه للقرار المدروس، بافتراض حسن النية باتخاذه ، بدلالة أن رئيس الجامعة ذيل القرار بطلب التغذية الراجعة حول اثاره بعد تطبيقه، وهذا الطلب أوجد مناخا خصبا للظن – وبعض الظن اثم – أنه يستهدف أبناء العسكريين على اختلاف مواقعهم، لاعتبارات متصلة بكلفتهم غير المسددة لصندوق الجامعة، والتي أثرت سلبا على ادائها الأكاديمي والإداري والمالي.
إن الفرض أو الظن بأن هدف القرار تضييق الفرصة أمام فئة بعينها بغية التخلص من عبء مادي تشكله، مؤكد تدحضه أوضاع جامعات رسمية اخرى ولو نسبيا، من حيث إعاقته لمسيرتها، وان افترضنا جدلا أن اليرموك أكثر المتضررين منه، فابجديات الإدارة الجلوس إلى مائدة الحوار مع الجهات صاحبة القرار، بهذا الشأن، لا الهروب من المكاشفة بقرارات مؤكد أن صداها سيكون سلبيا لدى… وعلى أطراف عديدة .
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في جامعاتنا؟!
ماذا يحدث في جامعاتنا؟!
د. #أمل_نصير
ينظر إلى #الجامعات في جميع أنحاء العالم على أنها مراكز تنوير، ومنابر للحريات وبناء شخصية الطلبة والعاملين فيها التي تؤهلهم ليصبحوا قيادات للمجتمع في مستقبل أيامهم، لاسيما أن غالبية الذين يرتادونها هم من خيرة الخيرة؛ وبالتالي من حقهم أن يشاركوا في أي حوار هدفه الإصلاح، ووضع اليد على أي خلل قد يحدث في مسيرة جامعاتهم، والمساهمة في إبقاء البوصلة موجهة نحو نجاح الجامعة، انسجامًا مع سياسات التحديث، وإشراك طلبة الجامعات في الأحزاب…، ويتوقع من إدارات الجامعات الاستماع إلى مجتمع الجامعة، ومحاورتهم طالما أنهم لا يخالفون الدستور، للوصول معهم إلى حلول منطقية فيها مصلحة الجامعة، والعاملين فيها، ومصلحة الطلبة الذين يدرسون على مقاعدها.
كانت غالبية جامعاتنا لسنوات طويلة تحلق عاليًا محققة نجاحات متتالية، إلى أن قيض الله لها إدارات عاثت فيها فسادًا؛ ولا أعمم هنا البتة، ومن لم يشارك في نهبها أُقصي عن الإدارة، فحمد الله أنه دخل نظيفًا، وخرج أكثر نظافة. هذا النهب المالي أدى إلى تراجعها، إضافة إلى ظروف أخرى بعضها كان خارجًا عن إرادة هذه الإدارات، وبعضها بسبب سياسات خاطئة يدفع العاملون فيها اليوم ثمنها وهو غير مسؤول عنها.
نتج عن الأزمات المالية والإدارية والأكاديمية حراك رافض لما تعاني منه بعض الجامعات، فالأزمة المالية الخانقة فيها تضخمت –حسب تقرير ديوان المحاسبة- لعدم قيام الجامعة بتطوير وتحسين أدوات تحصيل الذمم المالية المدينة والمستحقة لها مما أدى الى تراكم هذه الذمم، واللجوء الى الاقتراض، فأين إدارة الجامعة ومجلس الأمناء من أداء دورهم في هذا ، وبدلا من ذلك –مثلا- ضاعفوا عدد نواب الرئيس، واستعانوا بقيادات عليا من خارج الجامعة، وكأن الجامعة تعيش في ترف مالي أو كأنها جامعة ناشئة لا يوجد فيها خبرات تضاهي أكبر الجامعات متجاهلين الكلفة المالية العالية لذلك في ظل مديونية ضخمة، وترى إدارة الجامعة منشغلة بأمور ثانوية، فهل يعقل – مثلاً – أن تنشغل الجامعة بالتصنيفات والجودة وتتجاهل تراجع البنية التحتية المتهالكة للجامعة وهي إحدى الشروط المهمة للجودة، إذ أصبح عدد من المباني القديمة غير مناسبة للتعليم، وما تم فيها من تصليح ما هو سوى ترقيع لا يليق بالجامعات، أما برد جلمود وغير جلمود، فالحديث عنه يطول لا سيما في المحاضرات المسائية…، أما عن التكريمات فلا شك أن بعضها مستحق، ولكن بعضها الآخر ترك مجتمع الجامعة يضرب كفًا بكف. ألم تسمعوا أن أهل الجامعة أدرى بشعابها؟ ولا أحد يعرف سببًا لهذه التكريمات سوى ما يُسمع عن صداقات، وعلاقات اجتماعية، ومصالح شخصية، فالجامعات تعرف وقع خطوات رجالها ونسائها الذين مشوا على أرضها المباركة، وخدموها لعشرات السنين.
زاد من تعقيد الأمور، وأدى إلى الدعوة إلى مزيد من التصعيد ما تتعرض له الجامعات اليوم من سياسات تكميم الأفواه، والتهديد بالعقوبات التأديبية، ناسين أن الجامعات تدار بالفكر لا بالتهديد؛ رحم الله عمر بن الخطاب إذ قال: “أيها الناس من رأى منكم في اعوجاجًا فليقومه”، فقام له رجل وقال: “والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا”، فقال عمر: “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه”.
وسواء صحت نسبة القول لعمر رضي الله عنه أم لا، فإنه يعكس حاجة الأمم إلى التنبيه إلى الاعوجاج (مواضع الخلل)، وضرورة تقويمها (بدون سيوف) للصالح العام، فهل يعقل أن يصل الأمر بإصدار تعميم يهدد أساتذة الجامعات، وإدارييها بالعقوبات التأديبية بدلاً من الحوار معهم، والاستماع لآرائهم، والاستفادة من خبراتهم، فهم أولًا وأخيرًا ممن يهمهم رفعة الجامعة، وسمعتها، وديمومة مسيرتها.
إن مجالس الجامعات التي أشار لها كتاب التهديد ليست معصومة، وإلا فلماذا لا تُحترم كثير من قرارات مجالس الأقسام وهي الأساس؟ وقد تتدخل بعض المجالس بما ليس هو من صلاحياتها. رحم الله الدكتور محمد حمدان، عملت معه 4 سنوات في مجلس أمناء جامعة حكومية مع 3 رؤساء لها، وكان يردد دائمًا أن مجلس الأمناء له صلاحيات معروفة لا يجوز تجاوزها، ولا يجوز له التدخل في غيرها، علمًا بأن غالبية أعضاء المجلس كانوا من أصحاب المعالي المخضرمين.
والأمر الآخر هو سياسة فرق تسد بين العاملين في الجامعة، وانضمام بعض المواقع الإخبارية إلى مع أو ضد الحراك، ونشر بيانات بدون أسماء كاتبيها، والأخطر من ذلك كله انقسام الجسم الطلابي حول الحراك عن طريق بيانات نراها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يهدد، وبعضها يردد عبارات مبهمة… مما لا يبشر بالخير أبدًا.
بات على الجهات المعنية أن تتنبه إلى أن ما يحدث في الجامعات ليس من مصلحة أحد، وأن عليها أن تقوم بدورها في إيجاد الحلول بدلاً من ترك الجامعات نهبًا للفوضى. ومن يروج للحراك بانه حراك مالي فحسب، فإنه مخطئ، فحراك الجامعات حراك كرام لا حراك جياع.