سودانايل:
2024-12-21@08:06:15 GMT

انتخاب ترامب واحتمال تأثيره على الأوضاع في السودان

تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT

د. عصام محجوب الماحي

عودة ترامب للبيتِ الأبيضِ الأمريكي لا شكّ سيكون لها تأثيراً على الكثير من التطورات في العالم واهمها وقف الحروب المُشْتَعِلة في أنحائه، حيث أنّه وعدَ بذلك، وشدّد على أنّه سيعمل لتحقيق ما وعد به. هذه واحدة من الأشياء التي تجعل أطراف الصراع في السودان يحسبونها جيداً، فلا ريب إنّ الحرب في السودان واحِدة من أسوأ الحروب البغيضة، والتي يجِب وقفها حتّى لا تتمدّد في الإقليم والمنطقة ولا يصبح السودان بؤرة لتجميع الدواعش وتفريخهم ونشر إرهابهم.

ومن المؤكد انّ إدارة ترامب القادمة تدرك هذا الأمر، ولن تدّخِر جهداً لمحاربته، بل قطع دابره، ولذلك حتماً ستلتفِت للسودان وما يجري فيه. على القوى المدنية التي وقفت ضد الحرب وعملت على إيقافها أنْ تكثِّف اتصالاتها من الآن لتصل لأعلى مستوى في حملة ترامب الانتخابية والمستشارين الذين يعملون معه وصولا لفريق إدارته القادِمة. وفي الانتظار أن يكون للسودانيين الأميركيين دوراً في ذلك. عليهم أن يشرحوا حقائق التطورات، لا بعد اندلاع الحرب القذرة في 15 ابريل 2023، بل مُنذ انطلاق ثورة السودان وانتصارها في 11 ابريل 2019. عليهم ان يوضِّحوا لماذا الثورة على نظام الإنقاذ البائد وعلى جماعات الإسلام السياسي التي كانت تحكُم السودان، وللأسف عادت لتحكُمه؟ ومَن هي القوى المدنية التي صنعت الثورة؟ وكيف كان انتصارها والتضحيات التي جرى تقديمها للدفاع عن الثورة، قبل وبعد انقلاب أكتوبر 2021؟ وما هو المطلوب لإنقاذ السودان من جماعات الإسلام السياسي بمسمياتهم المختلفة؟ وكيف يمكن نزع السلاح من المليشيات التي صنعها النظام السابق والحالي من جماعاته المتطرفة وتلك القَبَلية التي استعملها لزرعِ العُنصرية والكراهية بين المُجتمعات المحلية وعلى النطاق القومي؟ على "تقدُّم" التي تمثِّل، أغلب القوى المدنية، أن تصدر ورقة عن السودان تشرح وتجيب على الأسئلة أعلاه، ليحصل عليها السودانيين في أمريكا، ولا أستبعد أن يكون بينهم مَن عملوا في حملات مع أعضاء في الكونجرس أو مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، ورُبّما ضِمن حملة ترامب نفسه على مستويات مختلفة في الولايات التي يقيمون فيها. وأعتقد أنهم يستطيعون أن يضعوا موضوع السودان ضِمن اهتمامات ممثليهم الذين انتخبوهم لتصل لإدارة ترامب بأقصر وأفضل الطُرق. إدارة ترامب القادِمة تستطيع أن تقدِّم ما يفيد لوقف الحرب في السودان وعلى القوى المدنية مساعدتها في ذلك، وأن تجهِّز نفسها لإقامة فترة انتقالية مدنية كامِلة الدسم للسير في طريق تأسيس سودان جديد، كدولة ديمقراطية مدنية مُتعدِّدة الثقافات والأعراق والديانات والأعراف. تبقّى القول، يجِب تهنئة دونالد ترامب للضربة الثانية التي وجّهها لعهد باراك أوباما، أسوأ الرؤساء الذين حكموا أمريكا واثّروا سِلباً على الأوضاع في الدول التي ينتشر فيها فكر وجماعات الإسلام السياسي، سُنية وشيعية. فبعد تسديد ترامب الضربة الأولى بهزيمة هيلاري كلنتون، ووقف تمدُّد سياسات عهد أوباما المُدمِّرة لأربعة سنوات، ها هو ترامب نفسه يسدِّد هذه المَرّة ضربة ثانية وقاضية، ليضع حدّاً ونهاية لا رجعة بعدها، لعهد أوباما القميء وآثاره المُدمِّرة للمُجتمعات في العديد من دول العالم. د. عصام محجوب الماحي صحفي سوداني مقيم في بوخارست - رومانيا 9 نوفمبر 2024

isammahgoub@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟

بعد ست سنوات من تفجر ثورة ديسمبر ثم انتكاس مشروعها، هل يمكننا أن نقول ما قاله زعيم الثورة الصينية (من يقوم بنصف ثورة كمن يحفر قبره بيده) ؟، خاصة وأن الانقلاب العسكري عليها واندلاع الحرب، يمثلان الحصاد المر والسم الزعاف الذي تجرعه الثوار الشجعان، الذين تصدوا لطغيان رصاص الدكتاتور بصدورهم العارية، دون أن يرتعد لهم بدن أو تنهار عزيمتهم، حتى أسقطوا طاغيتين (البشير وبن عوف) في غضون أربعة وعشرين ساعة، في تصميم عنيد وإرادة قوية، ألهمت الثائرين في بلدان الجوار كيفية انتصار القلوب النابضة بحب الأوطان على السلاح، ولقنتهم الحكمة البليغة من ان القاتل الحقيقي هو الصمت عن قول الحق وليس الطلق الناري، هل يعقل أن ثوار وثورة بهذه القيم النبيلة تبيعها نخبة سياسية فاشلة، وثّق لفشلها أحد رموزها في سفر شهير عنوانه (النخبة السودانية وإدمان الفشل)، لقد باع الثورة للعسكر زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، يوم ان أمسك بيد الجنرال وقدمه للثوار في ساحة الاعتصام أمام بوابة القيادة العامة للقوات المسلحة، فابتلع الثوار الطعم وعلموا لاحقاً أنهم بيعوا بثمن بخس للجنة الأمنية لنظام الطاغية، وأن رجل الأعمال زعيم الحزب المشبوه في علاقاته التجارية مع النظام البائد، قد ارتكب خطيئة الدماء السائلة من فجر يوم مجزرة فض الاعتصام حتى لحظة انسكاب هذا المداد، لقد تحققت النتيجة الحتمية للمعادلة الصريحة التي قدمها الزعيم الصيني – الثورة الناقصة هي الطريق السالك للقبر، فلم تتعظ النخبة من تجارب الفشل السابقة، ولم تتعلم من إخفاقات الأجداد، فتسببت في سفك دماء الأحفاد، فتدفق سيل الدماء المسفوحة من رقاب الشباب وما يزال، وآخر هذه الدماء المسفوكة تمثلت في المجازر المرتكبة بحق عضوية لجان المقاومة في الأحياء، وهم يقدمون الطعام للعجزة والمسنين الذين لم يقدروا على الفرار من جحيم الحرب.
السودانيون حالمون ومنهم العاطفيين، منذ أكتوبر حتى ديسمبر، يحتفون بالأهازيج ويلونون شوارع النصر برايات الفرح الأسطوري احتفاءً بثوراتهم، لكنهم ليسوا بشديدي البأس في إعمال سيف الشرعية الثورية في بتر رؤوس الطغيان، كما هو حال ثوار جميع الثورات، فثوارنا تجدهم يرأفون بمن بطش بهم وسفك دمهم وانتهك عرضهم واغتصب ارضهم، فعلى الرغم من الظلم والعدوان المؤكد للمنظومة البائدة والفاجرة، إلّا أنهم لم يتركوا ثورتهم تكتمل بالخلاص من الطغاة، كما تخلص الشعب الروماني من الدكتاتور شاوسسكو وقرينته، ولأول مرة تعتمد ثورة (وطنية) على المؤسسات القضائية والعدلية لذات الحكومة الفاسدة التي أسقطتها، في محاكمة نفس الرموز الحكوميين الفاسدين والمجرمين، الذين وضعوا القوانين والنظم لتلك المؤسسات، لقد تعاملت الحكومة الانتقالية التي جاءت بها ثورة ديسمبر بلامبالاة سافرة، لا تتناسب وحجم التضحيات التي قدمها الثائرون، فعقدت جلسات محاكمات لرموز النظام البائد في حلقات درامية مسجلة، من داخل قاعة المحكمة التي هي الأقرب في هيئتها لمحاكم مسرحيات عادل إمام الكوميدية، فكثيرون من أبناء الشعب تعرضوا للاعتقال والتعذيب داخل بيوت الأشباح، التي أسسها المتهمون الماثلون أمام المحكمة المهزلة، التي يدخل لبهوها هؤلاء المتهمون الكبار بكامل زيهم (الوطني) الناصع البياض، يتضاحكون ويصدرون النكتة من كبيرهم الذي اعتاد على فعل ذلك، حينما كان حراً طليقاً، قبل أن يلج الفندق ذا الخمس أنجم (السجن)، كانت سلسلة محاكمات رموز فساد الحكم الاخواني بمثابة المسلسل اليومي المخصص لإمتاع المشاهدين، حقيقة كانت ديسمبر نصف ثورة وربما ربعها، لأنها امسكت بالعصا من منتصفها، ولم تجرؤ على إعمال سيف الشرعية الثورية المفرق بين الحق والباطل، لذلك انتقم فلول النظام البائد من المدنيين عامة في الحرب التي اشتعلت نسبة لتراخي حكومة الثورة.
الحرب أرّخت لاندلاع ثورة مسلحة حقيقية في الخامس عشر من ابريل قبل عام ونصف، حين حاول فلول النظام البائد العودة بكامل عدتهم وعتادهم للاستيلاء على الحكم، بمحاولتهم اليائسة والفاشلة في إزاحة القوة العسكرية الوحيدة التي تضامنت مع مشروع التغيير الذي أعلنته ديسمبر، وفي ظل الانقسام الذي أحدثته الحرب بين المكونات الاجتماعية والسياسية، لن يجد ثوار ديسمبر بد من الانخراط في صفوف هذه القوات العسكرية الرافضة لعودة الحرس القديم، حتى يستأصلوا الوجود الكارثي لكادر النظام البائد، القوات العسكرية المحاربة بكل ضراوة لكتائب البراء بن مالك الداعشية المختطفة للجيش، القوات العسكرية الداعمة لاتفاق الإطار الذي أدى لتفجر الحرب بسبب تعنت قادة الجيش المخطوف، الرافضين لإبعاد المؤسسات العسكرية عن الشأن المدني، فلكي يحقق الديسمبريون أهداف ثورة ديسمبر – الحرية والسلام والعدالة – لا مفر لهم من أن يضعوا يدهم على يد القوات الوطنية التي تحارب الفلول الآن، الرافعة لشعار الديمقراطية والحكم المدني، فالنصف الآخر للقمر لا يكتمل إلّا باكتمال تضافر الجهود، والاصطفاف مع ثوار ابريل، الرافعين لشعار ثنائية النصر والشهادة، ولتمام النصف الآخر لبدر الثورة من الضروري العلم، بالجهة الضامنة لاستشراف قيم الحرية بعد انقضاء أجل الحرب، وهي القوات المؤمنة بالسلام والعدالة الاجتماعية.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • من يخسر بانتخاب جوزف عون رئيساً؟
  • موقف حركة النهضة وحلفائها من الثورة السورية
  • استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية 
  • خبير عسكري: قمة الثمانية هدفها الأساسي الحوار بدلا من الحرب
  • بوتين يرد على طرح أن موقف روسيا أضعف بعد أحداث سوريا واحتمال اجراء حديث مع دونالد ترامب
  • في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب
  • بيان بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر من تحالف القوى المدنية لشرق السودان
  • خلط الماء بالزيت في وعاء تنسيقية (تقدم)
  • هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟
  • عضو السيادي صلاح الدين آدم يؤكد دعمه لمشروعات القوى الشبابية لإعمار ما دمرته الحرب