في عصر يتسم بسيطرة الممارسات الحقيرة ضد الحق والقيم النبيلة، يتزايد التحدي أمام الأفراد الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن الحقائق، ومواجهة التوجهات السطحية التي أصبحت سمة بارزة للخطاب السياسي والإعلامي في الميديا الحديثة. هذا الواقع يدفعني إلى الحضور بقوة على منصات التواصل الاجتماعي، ليس فقط كمراقب، بل كفاعل يسعى لهزيمة تفاهة الطروحات السياسية والإعلامية التي تهيمن على المشهد.


منصات التواصل الاجتماعي اليوم ليست مجرد أدوات للتسلية أو التعبير العابر؛ بل أصبحت ميدانًا مفتوحًا لمعركة الأفكار والقيم. في ظل هذه الممارسات المنفلتة، حيث يتماهى التزييف مع الواقع، أجد نفسي أمام واجب أخلاقي يتمثل في الوقوف بصلابة لمواجهة محاولات التجهيل الممنهج الذي ينهض بقوة على أكتاف إعلام لا يُراعي المهنية، ويفضل الدعاية السطحية على الحقائق المعمقة.
هزيمة التفاهة أنه تحدٍ جماعي وليس فرديًا , رغم أنني أؤمن بدور الفرد، إلا أنني أدرك جيدًا أن مواجهة هذا الواقع تتطلب حراكًا جماعيًا. وهنا تأتي الحاجة إلى تفعيل دور الصامتين الذين يمثلون غالبية المستخدمين على هذه المنصات. هؤلاء الصامتون، الذين يحملون وعيًا ولكنه محاصر بصخب السجالات الفارغة، يمكنهم أن يكونوا قوة هائلة لإحداث التغيير. من خلال مشاركتهم، يمكن كسر هيمنة الأطروحات الأحادية التي تنشرها جهات أصولية تسعى لاحتكار الإعلام الرقمي وتوجيهه لخدمة أهدافها السياسية الضيقة.
مقارعة التجهيل في الميديا المنفلتة
التجهيل الذي تشهده الساحة الإعلامية ليس عفويًا، بل هو نتاج منظومة تعمل بخبث لاستغلال الميديا المنفلتة في صناعة وعي زائف. مهمتي هنا ليست فقط كشف هذا التجهيل، بل تقديم خطاب بديل يرتكز على المصداقية، والتحليل العميق، وإعلاء القيم الإنسانية المشتركة.
دور الإعلام الرقمي المسؤول
الطموح الذي أسعى لتحقيقه يتجاوز مجرد الرد أو النقد إلى بناء منصات رقمية مسؤولة. منصات تُعطي الأولوية للمحتوى النزيه، وتفسح المجال للأصوات المتنوعة، بعيدًا عن الاستقطاب الحاد. كما أنني أرى في التكنولوجيا أداة يمكن تسخيرها بذكاء لخلق حوارات بنّاءة تُسهم في ترسيخ الوعي العام وإعادة بناء الثقة في الإعلام كوسيلة للتنوير لا التعتيم.
رؤية مستقبلية
في ظل التحولات التي يشهدها العالم الرقمي، يظل الحضور الإسفيري مسؤولية ملحة؛ لكن هذا الحضور يجب أن يكون واعيًا، منظمًا، ومبنيًا على رؤية تتجاوز اللحظة الراهنة لتضع أسسًا لمستقبل إعلامي أكثر إنصافًا ومهنية. معًا، يمكننا تحويل هذه المنصات إلى أدوات للتغيير الإيجابي، وإعادة الاعتبار للقيم النبيلة التي يجب أن تقود المجتمعات نحو مستقبل أفضل.
إنها معركة تستحق أن تُخاض. ليس فقط من أجل الحاضر، بل من أجل الأجيال القادمة التي ستعيش في عالم تُشكّل فيه الحقائق والقيم النبيلة أساسًا للعيش المشترك.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

COP29.. جناح الإمارات يبحث حلولاً لاستدامة الغذاء ومواجهة ندرة المياه

شهد جناح دولة الإمارات في مؤتمر الأطراف COP29، عدداً من الجلسات التي تمحورت حول الأمن الغذائي ومواجهة تحديات ندرة المياه وعلاقتهما بالدورة الزراعية بمشاركة رؤساء منظمات دولية وصناع قرار وخبراء وأكاديميين ناقشوا حلولاً مبتكرة لتعزيز استدامة الموارد المائية، منوهين بأهمية اعتماد تقنيات متقدمة في الزراعة لتحسين كفاءة استخدام المياه وضمان الأمن الغذائي.

وجرى تسليط الضوء على الدور الحيوي للشراكات الدولية في مواجهة التحديات المناخية وتعزيز المرونة المائية، داعين إلى تحديد أجندة جديدة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026.
وفي جلسة بعنوان "الطريق نحو مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026- نسرع العمل معًا في مجالي المياه والمناخ"، لتحديد الأولويات قبيل مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026، الذي ستستضيفه الإمارات والسنغال معاً، أكد عبدالله بالعلاء مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة، أهمية الماء، ودوره في الحفاظ على حياة البشر وكوكبنا، وصون كرامة الإنسان، وربط المجتمعات حول العالم.

في COP29.. آمنة الضحاك تؤكد التزام الإمارات بالعمل الجماعي - موقع 24ألقت الدكتورة آمنة الضحاك وزيرة التغير المناخي والبيئة، كلمة الإمارات في الدورة الـ29 لمؤتمر الأطراف "COP29" والمنعقدة في العاصمة الأذربيجانية باكو، مؤكدة التزام الدولة بالعمل الجماعي متعدد الأطراف وضمان الشمولية لتحقيق أهداف العالم المناخية. ندرة المياه

من جانبه، أكد البروفيسور داودا نغوم وزير البيئة والتحول الإيكولوجي في السنغال على الطموح الكبير لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026، في إشراك المجتمع الدولي في عملية العثور على حلول مناسبة لمواجهة تحدي ندرة المياه وزيادة القدرة على الاستجابة للتغيرات المائية في قطاع المياه.
وشدد على أن "السنغال مستعدة للتعاون مع دولة الإمارات لتحويل هذه الرؤية المشتركة إلى واقع".
وقال إن "المؤتمر يمثل فرصة لتسليط الضوء على التحديات التي نواجهها في ما يتعلق بملف المياه والتغير المناخي، فالمناخ والمياه مرتبطان بشكل وثيق، ويمنحنا مؤتمر الأطراف COP29 فرصاً إضافية لتأكيد هذا الترابط، إذ إن أزمة المناخ وأزمة المياه ستتركان تأثيرًا هائلًا على مجتمعاتنا".

تمكين المرأة

وفي جلسة أخرى، قالت الشيخة الدكتورة موزة بنت طحنون آل نهيان المستشارة في وزارة الخارجية لمبادرة "كيف يمكن للتعاون الجامعي أن يدعم تمكين المرأة في البحوث الزراعية"، إن "الكلمة الرئيسية في مؤتمر الأطراف COP28 العام الماضي كانت الشراكة، وهذا العام هي الاستمرارية، لتقديم وإضافة قيمة فعليه لأعمالنا، موضحة كيف وضعت حكومة الإمارات العلوم والابتكار أولويات للسياسة الخارجية".
وناقشت جلسة ثانية أهمية المياه كقضية تمتد عبر مختلف القطاعات، وإمكانية دمجها بشكل أعمق في عملية مؤتمر الأطراف "COP"، بما في ذلك إدراجها كعنصر محدد ضمن المساهمات المحددة وطنياً "NDC".

تسريع الابتكارات

وفي جلسة أدارها هينك أوفينك المدير التنفيذي للجنة العالمية لاقتصاديات المياه، أكدت أهمية المياه في القرارات الحكومية الدولية المتعلقة بالسياسات والاستثمار، طارحة على طاولة النقاش الأسباب التي تنتج عن تحدي ندرة المياه وتأثيره على التغير المناخي، وتهديده النظم البيئية والصحة والسلام والاستقرار، وإنها ضرورة عالمية مشتركة لبقائنا وبقاء مظاهر الحياة على كوكبنا، داعين مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026 بتحديد أجندة جديدة للمياه.
وضمن شبكة جامعات الإمارات للمناخ، عقدت جلسة بعنوان "تسريع الابتكارات لمعالجة تحدي ندرة المياه العالمي"، وقدم نخبة من الأكاديميين البارزين رؤى معمقة حول أهمية تطوير وحماية نظم المياه الفعالة عالمياً، مع التركيز على التكامل والتمويل فيما أضاءت جلسة بعنوان "إحداث تأثير مستدام في البيئات الجافة والمالحة في آسيا الوسطى: قوة الشراكات لتحقيق الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة" على الزراعة الحيوية في البيئات المالحة.
في حين اجتمع أكاديميون وخبراء سياسات من جامعة نيويورك أبوظبي لمناقشة الخطوة التالية "لإطار عمل الإمارات للمرونة المناخية العالمية" كجزء من التحضير لمؤتمر الأطراف COP30 في بيليم العام المقبل.
واختُتمت الفعاليات بجلسة بعنوان "المياه وتغير المناخ: دمج تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها والطاقة المتجددة والإشراف من أجل حلول مائية مستدامة"، ناقش خلالها قادة الصناعة وصناع السياسات وخبراء البيئة كيفية توظيف التحلية وإعادة استخدام المياه والطاقة المتجددة لتحقيق أهداف الإدارة المسؤولة للمياه عالميًا.

مقالات مشابهة

  • السعودية و رهانات التحولات الكبرى: عملاق السياسة في معركة الدبلوماسية ومواجهة استراتيجية التشويه الممنهجة
  • جناح الإمارات في COP29 يبحث عن حلول لاستدامة الغذاء ومواجهة ندرة المياه
  • COP29.. جناح الإمارات يبحث حلولاً لاستدامة الغذاء ومواجهة ندرة المياه
  • وزيرة التنمية المحلية تعرض أمام النواب أولويات العمل لمواجهة التحديات التي تواجه المحليات
  • ماستركارد تتعاون مع eNovate لتحديث منصات الدفع في مصر
  • مناقشة التحديات التي يواجهها الليبيون المقيمون في تركيا
  • توفي بعد صراع مع سرطان المعدة.. من هو ملك جمال الأردن؟
  • عريس يُحصّن عروسته لحمايتها من عيون الحاضرين .. فيديو
  • ضبط الإيبارشيات ومواجهة مشكلات الأقباط.. كيف أعاد البابا تواضروس ترتيب البيت الكنسي؟