من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. سوق الوجوه!
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
#سوق_الوجوه!
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 19 / 5 / 2019
كلما أردت أن أرى الأمور أكثر وضوحاً ذهبت إليه، وكلما اختلطت الأحداث الكبرى حولي تجوّلت فيه ، انه عرّافتي البشرية ،وفنجان قهوتي المقلوب..
يدهشني #سوق_الجمعة لأنه عالم واضح تماماً ، مفتوح لمن يقرأه دون مكياج أو تلميع ، إنه خزعة من ظهر وطن، بالمناسبة كل الذين تراهم على شاشات التلفاز لهم نظراء في سوق الجمعة.
في سوق الجمعة ترى من يتقبّل الشتيمة القاسية بحق عرضه ومحارمه ويبتسم لها كي يبقى في مكانه الاستراتيجي ، وترى من يتبّرع من ذات نفسه للوشاية بزميله البريء عند دورية الشرطة حتى يصادروا بضاعته أو يفتحوا تحقيقاً بمصدرها ، وترى ماسح الأحذية الذي مهمّته الأساسية الا يتّسخ حذاء سيده او من يدفع له الأجرة الزهيدة لا يرفع رأسه الا ليرى الرضي بعد إتمام المهمّة ، بينما جلّ نظره في تفاصيل الحذاء ، في سوق الجمعة ترى المكافح الذي جاء إلى هذا المكان ليعيش،وترى الديك منتوف الريش..في هذا العالم المستقيم ، ترى من يسعى الى الكسب الحلال في ظل فوضى الحرام، هو لا يختلط بهم وان وضع بضاعته قرب بضاعتهم ، وترى النصّاب الذي يوهمك بأنه الأصدق والأنقى والذي يختلف عن غيره، وترى الصامت الذي لا يتكلّم حتى لو سُئل عن بسطة جاره..حتى الحيوانات والكائنات في سوق الجمعة لها حكاية …هناك ديوك عتيقة وكبيرة في السن ،تساقط ريشها وتكسّرت أظافرها وهرمت تماماً..فعرضها صاحبها بسعر زهيد ، أغضبني أنه يعاملها بقسوة وهي في أرذل العمر،يدلق باقي فنجان القهوة عليها..ويجبرها على التدخين من سيجارته ويركلها برجله ليضحك بعض زملائه، سألتهم..بم تستخدم هذه الديوك الهرمة؟..قالوا: تذبح ويفرم لحمها “همبرغر” مثلاً..بالقرب من ساحة الديوك ،ساحة للدجاج الملوّن.. هندي.. بلدي..مصري..سألته ما ميزّة الدجاج البلدي: قال يبيض كثيراً ويأكل قليلاً..”مثلنا يعني”..والهندي؟.. قال: عنقه أطول !…
كما لفت انتباهي في سوق الحرامية ، زاوية من الخشب و”التربلاي” مليئة بالأرانب المرتجفة ،صاحبها يتكىء على “بكم” أزرق وكل دقيقتين يقول الرجل لابنه أو للصبي الذي يعمل عنده..نفّس ع الأرانب يا ولد..فيركل الولد الكرتونة القريبة منه تجاه الأرانب وهو ملهياً بالتلفون فلا تحدث أمراً..الأرانب كانت تطأ بعضها بعضاً للوصول الى ثقب الهواء الأوحد في الجو الساخن ..فيصيح المالك من جديد..ولك نفّس شوي ع الأرانب يا ولد..فيركل الولد نفس الكرتونة لتعود الى مكانها السابق..وهكذا دون تغيير..لا المالك جاد، ولا الولد مهتم،ولا الأرانب تشكو..
في سوق الجمعة يمكنك أن تجد نفسك هناك..ومن بين كل الوجوه المعروضة ، قد تجد وجهك..تأمله جيداً..شاهد نفسك عن قرب..ثم احكم على ذاتك إن شئت!
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#142يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سوق الجمعة الحرية لأحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی فی سوق الجمعة
إقرأ أيضاً:
الصادق الرزيقي: الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء في نيروبي، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس
■كل تلك الوجوه التي تسلقت سيقان البلاهة العجفاء اليوم في نيروبي ، جاءت لتكتب شهادة وفاة لمشروع بائس ، قميء الملامح ، باهت الوجه ، صفيق الجبين ، أبرز ما فيه إصفرار الموت ، لقد جمعوا له أصحاب العاهات السياسية ـالصدئة ونفايات الاحزاب المنبوذة ، وقطاع الطرق و السابلة الهائمين علي درب السياسة اللزج بوحله وطينه وروثه وقاذوراته والدماء ..
جاءت وجوه أياديها ملطخة بالعار ، تمتد الأظافر كالخناجر ، وتلتقي الحوافر بالسوافر بالنصال ، جاءوا ولم تزل محاجرهم وأصابعهم و أكفهم السفلي ، تقطر من دم النساء والأطفال والرجال والشيوخ من أهل بلادنا ، من ضحايا حربهم الملعونة ، ألم ترهم يتلفتون وهم بالقاعة البكماء في وجل وخوف وإرتعاش ، أرواح البسطاء الضحايا والشهداء في الفاشر والقطينة وود النورة ومعسكر زمزم وكل مكان نازف ، تلاحقهم تركض خلفهم ، و تمد حبالها المنسوجة من الدم المسفوح حول رقابهم المغموسة في الذل والمال الحرام ، وتغوص أرجلهم في قعر الخيانة المعتم … لتدوس وجوههم الخائبة المرتعدة سنابك النصر المتوالي لجيشنا الباسل في مسارح العمليات كل صبح ومساء .
■ تجمعوا في نيروبي كبغاث الطير ،تكاد تقفز قلوبهم من بين أضلعهم وهم يتصنعون الإبتسامات الخادعة اللئيمة ، في القاعة المزخرفة يشعرون في دواخلهم الخواء أنهم داخل قفص حديدي مزركش ، أحاطتهم المليشيا بجراب مالها وقبله بحرابها المسننة المدببة ، جلسوا كالببغاوات الثرثارات يحملقون في السقف المزين بالهزيمة ، ويرددون نشيد الإنشاد تملقاً و تقرباً زلفي لقادة المليشيا ، وصديد الخيانة يلامس الأنوف والشفاه الذاهلة الذابلة ..
■ شاهدنا الحلو … يحمل عاره الأبدي .. يدخل القاعة كالملدوغ ، قبض الثمن ولم يقبض الوطن ، ضاعت نظراته التائهة بين ضحاياه وهزائمه وأحلامه المهيضة الجناح منذ تمرده الأول وسيره في ركاب قرنق ، فهو لم يحقق شيئاً وقد أفني عمره متمرداً مدحوراً يسكن كالخفافيش بين صلد الصخور ، فبالأمس إتكأ علي عكازة المليشيا اليابسة ، أقعي أمام مصاصي الدماء ، ينشد مجداً لا يأتي ابداً ،و لم يصنعه يوماً ، فتوهمه بالأمس وظن غافلاً أنه سيجده في مكب النفايات ذاك ، وسيصعد به من سفح الخيبة ، فإذا به يدخل أحشاء الأفعي الشرهة ..
■ وجاءت حفنة من تراب السياسة النجس ، يتامي مطرودين من أحزابهم وحركاتهم ، فضل الله برمة ناصر ، جاء فقط ليدنس ثياباً ما كانت يليق به أبداً ، ثوب الجندية السابق ، و جلباب حزب الأمة الذي صنع الاستقلال لدولة 56 ، فألقي بالثوبين وبنفسه في نار المليشيا غير المقدسة ، كما الفراشة العمياء فأحرق تاريخ الثوبين و أحترق ..
■و أختار قادة الحركات السابقة ( الهادي ادريس – الطاهر حجر – سليمان صندل ) المشي خلف جنازة الوطن القتيل ، حملوا هزائمهم وهواجسهم وأحلامهم الحرام ، وتقيأوا مراراتهم وسخام نفوسهم ، وربطوا أياديهم و أعناقهم بخيط مغموس في صبغة الذل ، فنبحوا كثيراً وهم يسيرون خلف قافلة المليشيا ، وعلت وجوههم أكداس من الغبار والسعال والحسرة وقلة الحيلة والطمع ، وأهاليهم يُقتلون ويُذبحون ويُقصفون ، فبئس الخيانة وبئس المسعي المقيت.
■وأختار سليل المراغنة ، أن توضع علي ظهره بردعة المليشيا المتمردة ، جعلوا علي فمه خطاماً كخطام البعير ، وزينوه بزينة برّاقة من الزيف والكذب والخداع ، وما دروا أن كان بالفعل بعيراً أجرب عندما لفظه حزبه وعافه رهطه ، فنال بجدارة لقب الأخرق المستغفل اليتيم ، فقد رضي لنفسه أن يكون ذيلاً.. فكان … وكم في السياسة من ديوث …
■ بعض رموز القبائل علي قلتهم ، لا يمثلون شيئاً غير أنهم زينة وضعوها لتجميل القاعة ، جلابيبهم الباهتة كمواقفهم مثل قشور الخديعة ، تبرق عيونهم من فرط الحيرة ، تناسلت في جنباتهم إنكسارات المواقف الهشة المهلكة ، وهم يخونون وطناً أعطاهم كل شيء ، فخانوه عندما لهثوا وراء الدرهم والدينار ، وحال بينهم وبين الوطن الموج الكاسر ، فلا شيء يعصمهم من الغرق في مستنقع المليشيا الحمضي المتلاطم، رأهم الناس بالأمس و لم تبق في الوجوه مزعة لحم ….
أما الشرفاء من قيادات الإدارة الاهلية وقيادات قبائل السودان العفيفة الشريفة ، فقد ركلت دعوات المليشيا وجفان دولة الامارات وهباتها ومالها ، فحافظوا علي الإرث والتاريخ والإسم ولم يرضوا أن يتلوث، رفضوا الدعوة وقاطعوا ، أما من ذهبوا إلي نيروبي فقد ذهبوا مع الريح …
■بقية الزعانف السياسية والناشطين ، لم نعرف أكثرهم ، لأنهم مجرد أصفار لا قيمة لها في حساب العمل العام ، وجوه لم يشاهدها من قبل أحد ، غوغاء ملأوا بهم المكان ، تراصوا كأحجار الأرصفة ، فرحين ما وجدوا في الطقس الكرنفالي البئيس ، يتصايحون كأنهم في مركب ضائع ، الملح في حلوقهم التي شرخت من الهتاف اللعين ، و السأم في عيونهم التي لم تر أفقاً في السماء ولا درباً يفضي للوطن ، فحاروا في صحراء التيه ، وهم يعبدون عجل السامري الإماراتي الحنيذ .
■ أما النور حمد ونصر الدين عبد الباري ومحمد حسن التعايشي وبقية الناشطين ، فلا شأن لنا بهم فهم يخرجون بلا أجنحة من جيفة التمرد المدحورة .. جاءوا من الفراغ وإليه سيعودوا ، فالضرب علي الميت حرام ..
■ و أخيراً …
كل الذين حضروا …كانوا يحلمون بحدث إحتفالي يرتدي عباءة مخططة بخيوط من ذهب ، فإذا بهم و إحتفالهم عرايا من كل قيمة ، فسيعودوا خلال أيام ، كلٌ إلي مكانه و مهجعه ، فمن كان في المرابض عاد لها وواصل النباح ، ومن مرقده المزابل هجع إليها يهش عن وجهه الذباب، ومن حرفته الإرتزاق تعلم فناً من فنون التسول ، ومن صنعته الإنتظار فلينتظر مع السراب ….فوفاض المليشيا خاو …
الصادق الرزيقي
إنضم لقناة النيلين على واتساب