أكدت مجموعات سودانية فاعلة البدء في تحركات مكثفة لدعوة الاتحاد الإفريقي لتفعيل المادة الرابعة من دستوره التي تتيح التدخل في أي دولة عضو حال وقوع جرائم حرب إنسانية أو إبادة جماعية دون الحاجة للرجوع إلى مجلس الأمن.

وبسبب "فيتو" روسي، فشل مجلس الأمن، الإثنين الماضي، في تمرير مشروع قرار ينص على خطوات تمهد لحماية المدنيين السودانيين المتضررين من الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.



يأتي هذا وسط مؤشرات فعلية في اتجاه هذه الخطوة، حيث أشارت تسريبات إعلامية إلى أن الهيئة الحكومية للتنمية في إفريقيا "إيغاد" إلى السودان، تعكف على وضع مقترح قدمها مبعوثها الخاص للسودان موضوع التنفيذ وينص على إرسال قوة إفريقية من 4500 فرد تتكون من 6 دول إفريقية ليست ذات صلة مباشرة بالحرب السودانية.

كما يأتي التوجه نحو الدعوة لتفعيل المادة الرابعة من دستور الاتحاد الإفريقي في ظل توقعات بدعم دولي كبير نظرا للقبول الواسع الذي وجدته البنود المتعلقة بمنح الاتحاد الإفريقي دورا بارزا في حل الأزمة السودانية وفقا لما تضمنه مشروع القرار "المجهض".

مساران متزامنان

وقالت تنسيقية القوى المدنية السودانية "تقدم" إنها لن تقف مكتوفة الأيدي وستبذل كافة الجهود الممكنة مع الأطراف الدولية والإقليمية لإيجاد مخرج للأزمة.

وكشف حقوقي بارز لموقع "سكاي نيوز عربية" عن تحركات على مسارين أحدهما قانوني يتضمن رفع مذكرة لمحكمة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الإفريقي تطالب بتفعيل المادة الرابعة من دستور الاتحاد.

أما المسار الثاني فهو سياسي ويتمثل في حشد الدعم لمقترح "إيغاد" المتعلق بإرسال وحدات إفريقية للمساعدة على حماية المدنيين في السودان ومراقبة خطة إفريقية أوسع لحماية المدنيين أعلن عنها في مايو 2023.

واقترح المبعوث الخاص للهيئة إلى السودان إنشاء آلية طوارئ السلام والأمن، وهي هيئة مراقبة وحفظ سلام غير مقاتلة في إطار آلية الاتحاد الأفريقي الموسعة.

وتهدف هذه الخطوة القارية إلى تسهيل تنفيذ إعلان جدة من خلال التعاون مع شركاء دوليين رئيسيين، تحت رعاية اللجنة الرئاسية المؤقتة للاتحاد الإفريقي، التي يرأسها الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني.

وتشتمل الخطوة أيضا على آليات مراقبة الامتثال لإعلان جدة، والإبلاغ عن الانتهاكات، التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتوصية بتدابير المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب.

وتأتي خطة "إيغاد" بعد تعهدها في وقت سابق بأنها ستستخدم كافة الوسائل لحماية المدنيين والوصول إلى حل للأزمة الناجمة عن الحرب.

وكانت "إيغاد" قد أقرت في مايو من العام الماضي آلية تشمل وقف إطلاق النار الدائم وإخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن المدن ونشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية.

ويقول الباحث السياسي الأمين بلال لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا بد من البحث عن الحلول الممكنة وعلى رأسها تلك المضمنة في دستور الاتحاد الإفريقي كمخرج من العقبات، التي يمكن أن تواجهها أي جهود دولية داخل مجلس الأمن كما حدث الإثنين الماضي عندما استخدمت روسيا حق النقض لإجهاض مشروع القرار البريطاني".

ويشير الأمين إلى أنه في حال رفض السودان الالتزام بمقررات الاتحاد الإفريقي المنصوص عليها في دستوره التأسيسي فإن المادة الرابعة تتيح القيام بتدخل إقليمي مباشر لحماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان ووقف العنف والانتهاكات.

ويضيف: "ترى المجموعات المساندة للجيش أن إجهاض مشروع القرار البريطاني داخل مجلس الأمن هو أمر يصب في صالحها، لكن على العكس سيؤدي ذلك إلى تعقيد الموقف وسيعزز من الدعوات لتفعيل المادة الرابعة المجازة من الأمم المتحدة عبر ميثاق روما بشأن تدخل الاتحاد الإفريقي لحل أزمات الدول الأعضاء فيه من خلال خطوات منها تكوين قوات حفظ سلام والقيام بمهام حماية المدنيين".

دعم دولي محتمل

في حين رأى منتقدون للفيتو الروسي أن مشروع القرار كان سيعزز جهود حماية المدنيين وسيزيد من الضغط على الأطراف المتحاربة للاتفاق على وقف إطلاق النار بدعم جهود الوساطة، أشار آخرون إلى أنه وبغض النظر عن عدم تمريره، أسس إلى انفتاح دولي أكبر نحو الحل الإفريقي.

وكان مشروع القرار، الذي وافقت عليه جميع الدول الأعضاء باستثناء روسيا، قد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة في 3 من فقراته التنسيق مع الاتحاد الإفريقي واستخدام آلياته الإقليمية الممكنة.

وفي أعقاب إجهاض القرار، أشار وزير الشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية البريطاني ديفيد لامي ضمنا إلى التوجه نحو الحل الإفريقي، وقال: "لن نتوقف عن العمل مع شركائنا في إفريقيا وحول العالم للمساعدة في حماية المدنيين في السودان".

وتجري هذه التحركات بتنسيق أميركي كامل، ووفقا لتفاهمات جرت بين المبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو، ومجموعات مدنية سودانية فاعلة خلال لقاءات عقدت في العاصمة الكينية نيروبي مؤخرا.

وتربط الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن بين الخطوات الإفريقية المحتملة وحديث بيرييلو، في أكتوبر الماضي الذي كشف فيه عن فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الإفريقي لإيجاد آلية مراقبة للاتفاقيات الحالية والمستقبلية، بهدف حماية المدنيين في السودان.

ووفقا للحسن فإن الحرب في السودان بلغت مستوى يجعل من الصعب السيطرة عليها دون وجود قوة تفصل بين الطرفين المتحاربين.

وأوضحت: "القادة العسكريين لا يملكون قرار وقف هذه الحرب مثلما لم يكونوا أصحاب قرار طلقتها الأولى، لذلك لابد من قوة أكبر لوقف الدمار والخراب الناجم عن هذه الحرب".

سكاي نيوز عربية - أبوظبي

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاتحاد الإفریقی لحمایة المدنیین حمایة المدنیین المادة الرابعة مشروع القرار فی السودان مجلس الأمن من دستور

إقرأ أيضاً:

عودة الغابون للاتحاد الأفريقي.. مرونة سياسية أم سابقة مقلقة؟

أديس أباباـ بعد نحو 20 شهرا من تعليقها عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس السابق علي بونغو في 30 أغسطس/آب 2023، أعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، استعادة الغابون عضويتها الكاملة في أنشطة الاتحاد.

ويمثل القرار سابقة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 5 سنوات، إذ لم يسبق للاتحاد أن أعاد عضوية أي دولة مُعلقة منذ عام 2019، رغم الطلبات المتكررة من دول مثل السودان، وبوركينا فاسو، والنيجر، وغينيا، ومالي. ومع هذا القرار، تصبح الغابون أول دولة تستعيد عضويتها منذ ذلك التاريخ.

ففي يوم 30 أغسطس/آب 2023، قاد الجنرال أوليغي أنغيما، قائد الحرس الجمهوري في الغابون انقلابا على نظام الرئيس بونغو إثر الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت يوم 26 أغسطس/آب 2023، التي أعلن فيها فوز بونغو، وقابلتها المعارضة بالرفض.

وفي اليوم نفسه عينت المجموعة العسكرية التي قادت الانقلاب بريس أوليغي أنغيما رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي للغابون، ثم فاز في الانتخابات الرئاسية عام 2025.

الغابون تستعيد عضويتها الكاملة في أنشطة الاتحاد الأفريقي (الجزيرة) انتقال سياسي "ناجح"

جاء القرار عقب اجتماع طارئ عقده مجلس السلم والأمن الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خُصص لتقييم المرحلة الانتقالية في الغابون، وأجمع الأعضاء الـ15 على أن السلطات الانتقالية أنجزت تقدما ملموسا في مسار استعادة النظام الدستوري.

إعلان

وفي مؤتمر صحفي عقد بمقر الاتحاد الأفريقي عقب الاجتماع، قالت ريبيكا أموغي أوتينغو، ممثلة أوغندا الدائمة ورئيسة مجلس السلم والأمن لشهر أبريل/نيسان الماضي، إن "القرار يعكس تقدير المجلس لما أظهرته الغابون من مسؤولية في إدارة المرحلة الانتقالية"، مشيرة إلى أن السلطات الانتقالية أوفت بجميع التزاماتها بموجب خريطة الطريق المتفق عليها.

عقب الانقلاب الذي قاده الجنرال أوليغي أنغيما، قائد الحرس الجمهوري، أعلنت السلطات خطة انتقالية شملت تعديلات دستورية، وتنظيم استفتاء شعبي، وصولا إلى إجراء انتخابات رئاسية في 12 أبريل/نيسان المنصرم، فاز فيها أنغيما بنسبة تقارب 90% من الأصوات.

وخلال المؤتمر ذاته، أعلن وزير الخارجية الغابوني ميشيل ريجيس أونانغا ندايي، أن بلاده تستعد لاستئناف مشاركتها في المحافل القارية والدولية، مؤكّدا التزام الحكومة الانتقالية بقيم الديمقراطية والحكم الرشيد والسلام، وكشف عن استعداد الغابون لاستضافة قمة الاتحاد الأفريقي في يوليو/تموز 2027، مؤكدا أن بلاده ستكون "شريكا أساسيا في بناء أفريقيا مزدهرة وآمنة".

وزير الخارجية الغابوني قال إن بلاده على استعداد لاستضافة قمة الاتحاد الأفريقي عام 2027 (الجزيرة) مرونة أم سابقة مقلقة؟

من جانبه، اعتبر الباحث في الشأن الأفريقي كيرام تادسي، أن القرار يعكس "مرونة جديدة" في تعامل الاتحاد مع الأزمات السياسية المعقدة التي تشهدها القارة، رغم أن الغابون لم تلتزم بالمادة 25 (4) من الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات، والتي تحظر مشاركة من تورطوا في انقلابات عسكرية في الانتخابات.

وقال تادسي، في حديث خاص للجزيرة نت، إن هذا الاستثناء لا يمثل تحولا في سياسة الاتحاد، بل يعكس خصوصية الحالة الغابونية، لا سيما أن الانقلاب جرى دون إراقة دماء، وكان مدفوعا -حسب ما يُستشف من التقارير- بمخاوف من اضطرابات محتملة لو استمرت نتائج انتخابات 2023 دون تدخل.

إعلان

وأضاف أن "السلطات الانتقالية أظهرت جدية في العودة للنظام الدستوري، وهو ما يرجح كفة استعادتها للعضوية مقارنة بدول أخرى ما تزال مراحلها الانتقالية موضع شك أو تجاذب".

تصويري | مؤتمر صحافي بمقر مجلس السلم والامن الافريقي في #اديس_ابابا، حيث أُعلن رسميًا عن استعادة #الغابون عضويتها الكاملة في #الاتحاد_الأفريقي، بعد 20 شهرًا من تعليقها إثر الانقلاب العسكري.. قرار يُعد الأول من نوعه منذ أكثر من خمس سنوات، بعد سلسلة من الرفض لطلبات العودة من دول… pic.twitter.com/KjQJ9oZcf3

— حسن رزاق : Hassen Razag (@HassenRazag) April 30, 2025

في الإقامة الجبرية

في السياق ذاته، كشف الرئيس المخلوع علي بونغو، خلال لقاء مع وفد من الاتحاد الأفريقي زاره مؤخرا في ليبرفيل، أنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية، ومعزولا عن العالم الخارجي.

وأوضح بونغو أنه رفض مغادرة البلاد لتلقي العلاج، ما لم يُفرج عن زوجته وابنه المحتجزين بتهم تتعلق بالخيانة والفساد، مطالبا بمحاكمة عادلة لهما.

وأشار إلى أنه حاول التواصل مع قائد المرحلة الانتقالية دون أن يتلقى ردا، معتبرا أن زيارة الوفد الأفريقي تمثل خطوة إيجابية، وإن أكد أن الإطاحة به كانت "نتيجة خلاف شخصي لا اتهامات بالفساد"، مستشهدا ببقاء عدد من وزرائه السابقين ضمن الحكومة الانتقالية الحالية.

مقالات مشابهة

  • عودة الغابون للاتحاد الأفريقي.. مرونة سياسية أم سابقة مقلقة؟
  • لا تقل عن ألف جنيه شهريًا | ننشر ملامح مشروع قانون الإيجار القديم
  • الجمهوريون يسقطون مشروع قانون لوقف رسوم ترمب الجمركية
  • الاتحاد الإفريقي يرفع العقوبات عن الغابون بعد انتهاء المرحلة الانتقالية
  • الاتحاد الإفريقي يعلن رفع العقوبات عن الغابون بعد انتهاء المرحلة الانتقالية
  • الاتحاد الأفريقى والإيجاد يبحثان الأوضاع فى السودان وسبل إنهاء الحرب
  • بعد إنهاء الإجازة المفتوحة.. عقبات في طريق عودة العمال إلى الخرطوم
  • عندما تغفو العدالة.. الحرب المنسية على المدنيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • الجارديان: وعد ترامب بالسلام في اليمن لكنه جلب معه زيادة سريعة في عدد الضحايا المدنيين (ترجمة خاصة)
  • الوزراء يوافق على مشروع قانون العلاوة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي