هل ينجح عشرات السياسيين الأوروبيين في استنفار القارة لإنقاذ أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
باريس- أرسلت عشرات الشخصيات من كبار السياسيين والقادة العسكريين والخبراء الأوروبيين رسالة مفتوحة، أمس الثلاثاء، تدعو من خلالها أوروبا وكندا إلى توحيد الجهود للدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا وعدم الانتظار حتى تنفيذ خطة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يترقب فيه الجميع ـوخاصة في أوروباـ مستقبل المساعدات الأميركية لأوكرانيا والقرارات التي ستعلن عنها إدارة ترامب ابتداء من يناير/كانون الثاني المقبل.
ويرى عدد من الموقعين على الرسالة أن الوقت قد حان للتحرك بشكل فعال لمواجهة التهديد الروسي وتأمين أوكرانيا من أجل صياغة نظام أمني أوروبي أطلسي مستقر من خلال تشكيل تحالف دولي تقوده بولندا ودول الشمال الأوروبي والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وهولندا.
أهداف واضحةوفي تفاصيل الرسالة، اقترح الخبراء تسليح أوكرانيا ومنحها ما تحتاجه لتحقيق النصر من مخزوناتها الخاصة ونقل التكنولوجيا والاستثمار في صناعة الدفاع الأوكرانية مع التركيز على القدرات اللازمة لكسب الحرب، بما في ذلك الضربات الدقيقة بعيدة المدى والحرب الإلكترونية، والاستخبارات والذخائر المضادة للطائرات والسفن والدبابات.
كما دعا الموقعون إلى الاستيلاء على جميع الأصول الروسية المجمدة لتمويل كييف على اعتبار أنه أمر ممكن اقتصاديا وقانونيا بموجب المبدأ الدولي للتدابير المضادة.
وفي هذا الإطار، أوضح مدير مبادرة الإستراتيجية الديمقراطية في برلين، بينجامين تاليس، أن الهدف هو الالتزام بدعم كييف للفوز عن طريق الاستثمار في صناعة الدفاع وتوسيع الدفاع الجوي فوق غرب أوكرانيا واستخدامه لتغطية قوات التحالف على الأرض، وإظهار الدول قدرتها على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا في الفترة التي تسبق انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد انتهاء الحرب.
وعن رمزية التوقيت، قال تاليس، في حديث للجزيرة نت، إن "هذا هو الوقت المناسب للتحرك، لأن أوروبا يمكنها أن تتدخل بالتعاون مع كندا لتشكيل تحالف دولي من شأنه تغيير مجريات الحرب لصالحنا بالفعل والدفاع عن أنفسنا وأمننا".
بدوره، أكد المسؤول السابق في الناتو إدوارد هانتر كريستي أن الخوف الكبير في جميع أنحاء أوروبا من تراجع المساعدة الأميركية لأوكرانيا أو إجبارها على نوع من الاستسلام أصبح واضحا، "واليوم، نحن بين اللحظة التي انتخِب فيها ومرحلة دخول قراراته حيز التنفيذ، وهي فترة قصيرة أمام الأوروبيين للتنظيم واتخاذ قرارات مهمة لزيادة الدعم لكييف".
وفي حديث للجزيرة نت، يرى كريستي، وهو باحث في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية، أن الأمر لا يتعلق بثنائية القدرة على القيام بشيء ما أو عدمه، وإنما القيام بأكبر قدر ممكن والتحرك بأقصى سرعة، وهذا هو فحوى الرسالة، معتبرا أنه من الأفضل سياسيا أن يتم ذلك في غضون الشهرين المقبلين قبل تولي ترامب منصبه فعليا.
ويذكر كريستي أن الأصول الروسية المجمدة البالغة 300 مليار دولار تعادل 4 أضعاف المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا منذ عام 2022، ونحو 75% من إجمالي المساعدات الغربية حتى الآن.
وبالتالي، سلطت الرسالة الضوء على وجود معظم هذه الأصول المجمدة في أوروبا، وأن كندا يتوفر لديها تشريعات جاهزة، مما يمنح الدول المتحالفة شرعية "الاستيلاء على تلك الموجودة في ولايتها القضائية دون تأخير لإنشاء سابقة يمكن لحلفاء الناتو الآخرين اتباعها"، يضيف المتحدث.
ولا يعتقد بينجامين تاليس أن هذه المطالبات والمقترحات للتحرك جاءت متأخرة، لأنها بدأت منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا "لكن عددا من المراقبين استيقظوا فعليا على انتخاب ترامب، مما أدى إلى تضاعف قلقهم بشأن سياسته المقبلة والخطر الذي قد تواجهه أوكرانيا وأوروبا أيضا"، على حد تعبيره.
وبالنسبة للمتحدثيْن -اللذين ساهما في صياغة الرسالةـ تعد كل من بولندا ودول البلطيق والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وهولندا من الدول المحورية ضمن ما سموه بـ"تحالف الدول الراغبة بدعم أوكرانيا"، والذي يهدف إلى التخلي عن العمل على أساس مؤسسات حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي.
ولتفسير هذا المفهوم بشكل أدق، أوضح كريستي أن معناه هو "عدم ضرورة التحرك وفق اجتماع الناتو أو اتفاق جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي لأنه في العادة يتم اتخاذ تدابير أضعف وأقل شجاعة، بسبب وجود بعض حكومات الدول التي تمنع القرارات النهائية أو تعرقلها".
وأضاف المسؤول السابق في الحلف أن المخاطر التي سيواجهها الأوروبيون داخل الناتو بمجرد وصول ترامب إلى السلطة هي احتمال عدم حرصه على قيام الولايات المتحدة ببذل المزيد من الجهود، "وهو ما قد يؤدي إلى ضعف الحلف في مساعدة أوكرانيا في ظل وجود دول إشكالية مثل المجر وسلوفاكيا اللتين لا تقدمان الدعم بما فيه الكفاية على المستوى الأوروبي".
تكتيك للمستقبلويعتبر السياسيون والقادة العسكريون والخبراء المؤيدون لتفاصيل الرسالة أن أصول الدفاع الجوي المتمركزة في دول التحالف أو المرسلة إلى الدول المجاورة لأوكرانيا ستوفر درعا فوق غرب أوكرانيا، وتخفف بعض الضغط عن أصول الدفاع الجوي الأوكرانية.
وبالتالي، سيوفر هذا التكتيك العسكري لدول التحالف بعد ذلك استخدام هذا الدرع لوضع قواتها على الأرض، كما اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا العام، للمساعدة في تدريب القوات الأوكرانية وتقديم الدعم اللوجيستي وإزالة الألغام وغيرها من المهام.
وقد أعلن ماكرون على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، الاثنين الماضي، أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن اتخذ "قرارا جيدا" بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة تصنعها الولايات المتحدة لضرب داخل روسيا، مشيرا إلى أن هذا المسار الجديد يأتي ردا على التصعيد الروسي للصراع باستخدام جنود من كوريا الشمالية للخدمة إلى جانب قواتها.
واتفق تاليس وكريستي على أن تصريحات ماكرون جاءت متأخرة، وأن قرار بايدن في الاتجاه الصحيح، إلا أنه غير كاف وجاء متأخرا، في ظل استمرار القيود على استخدام الأسلحة الأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ترامب ينتقد دعم أمريكا لأوكرانيا: نضخ الأموال دون مقابل
أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امتعاضه الشديد من حجم الدعم المالي الذي قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب، مشيرًا إلى أن تلك الأموال صُرفت دون أي مردود حقيقي، ومحمّلًا المسؤولية الكاملة للإدارة السابقة بقيادة جو بايدن.
وفي اجتماع للحكومة قال ترامب: "عندما تسلّمت الرئاسة، سألت عن مقدار الأموال التي قدمناها لأوكرانيا، وكان الرقم الصادم نحو 350 مليار دولار، دون ضمانات أو مقابل فعلي".
وأضاف مستنكرًا: "كنا نرمي الأموال من النافذة، وكأنها بلا قيمة. كان بايدن هو من فعل ذلك. إنها حرب بايدن، وليست حرب ترامب".
وفي انتقاد لاذع جديد، جدّد ترامب موقفه الرافض للدعم غير المشروط لكييف، واصفًا الحرب بأنها "مهزلة سمح بها زيلينسكي وبايدن".
وأشار إلى أن "الأداء الفظيع" للرئيس الأوكراني ونظيره الأمريكي هو ما أدى إلى تفاقم الأزمة، مضيفًا: "لو لم تكن انتخابات 2020 مزوّرة، وهذا ما أؤمن به بشدة، لما اندلعت هذه الحرب أصلاً". واعتبر أن تجنب الصراع كان ممكنًا لو وُجدت قيادة مختلفة، مضيفًا أن "الأوان فات الآن، لكن علينا وقف هذا النزيف سريعًا".
تصريحات ترامب تأتي وسط تصاعد الجدل السياسي في الولايات المتحدة بشأن استمرار الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، خاصة مع تنامي أصوات في الكونجرس تطالب بإعادة تقييم هذا الإنفاق.
كما يحرص ترامب على ترسيخ فكرته بأن إدارته كانت ستتبع نهجًا مختلفًا في التعاطي مع الأزمة، في محاولة للتمايز عن بايدن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقد دأب ترامب منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا على التقليل من أهمية المواجهة، ورفض تحميل روسيا وحدها المسؤولية، منتقدًا التورط الأمريكي في نزاعات خارجية يرى أنها "لا تخدم مصالح واشنطن".
ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه المفاوضات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن اتفاق شامل يتضمن وصولًا أمريكيًا إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، لا سيما المعادن النادرة.
كما يسعى البيت الأبيض إلى طمأنة الحلفاء الأوروبيين بشأن استمرار الدعم لكييف، رغم التباين الداخلي الأمريكي. وتبقى المواقف المتشددة التي يتبناها ترامب جزءًا من صراع أوسع بين رؤيتين مختلفتين للسياسة الخارجية الأمريكية: واحدة تميل إلى الانسحاب وإعادة التموضع، وأخرى ترى في دعم أوكرانيا التزامًا استراتيجيًا ضروريًا لمواجهة روسيا.