الضفة الغربية - خاص صفا

عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.

وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.

وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.

وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.

وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.

وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.

أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.

وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.

وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.

وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.

وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.

وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".

وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.

ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الهجرة العکسیة أبو غوش

إقرأ أيضاً:

تحريض المستوطنين في نابلس سياسة ممنهجة لطرد الفلسطينيين

نابلس- تعرض منزل عائلة الحاج عبد الغني زيادة لاقتحامات جنود الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين، 3 مرات خلال هذا الشهر فقط، بالإضافة إلى الاعتداء على أفراد العائلة والتنكيل المستمر بهم. ويزداد الخوف يوما عن آخر من "كارثة" كبرى يلحقها المستوطنون بالعائلة نفسها وبغيرها.

في قرية مادما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، حيث تعيش عائلة المواطن الفلسطيني زيادة، أضحت الاقتحامات يومية، وهو حال تعيشه القرى والمدن الفلسطينية يوميا، ويرافقها كل أشكال الاعتداءات والتنكيل من جنود الاحتلال والمستوطنين على السواء.

بادعاءات كاذبة وتحريض المستوطنين المستمر ضد الأهالي تتواصل الاعتداءات التي فاق عددها أيام الحرب الإسرائيلية على غزة مرة ونصف مقارنة بما قبل الحرب.

ومع كل اقتحام تعيش عائلة زيادة كوابيس مرعبة، فالكبار يتم التنكيل بهم وضربهم واحتجازهم والتحقيق معهم ميدانيا، والصغار أصيبوا بحالة خوف وهلع مستمرة وتفاقمت أوضاعهم الصحية والنفسية، وأصيب بعض أفراد العائلة برصاص الجنود فيما اعتقل آخرون لأشهر وسنوات.

جانب من قرية مادما جنوب نابلس وطريق مستوطنة يتسهار الالتفافي (الجزيرة) مكر المستوطنين

وتخشى العائلة خطرا أكبر و"كارثة"، كما يقول نجلها بهجت زيادة، بسبب مكر المستوطنين وترصدهم بالمنزل الذي يقطنه 25 شخصا لارتكاب جريمتهم التي اعتادوا فعلها بأكثر من موقع، وتحريضهم المستمر عليه وعلى المنازل القريبة منه بفعل محاذاتها للشارع الاستيطاني المعروف بـ"التفافي يتسهار" والذي يقطع أراضي القرية ويصادر جزءا كبيرا منها.

ويضيف زيادة للجزيرة نت أنهم لجؤوا، وفي محاولة لحماية أنفسهم، لاتخاذ تحصينات، كتشييد السياج الشائك بمحيط المنزل، ونصب الإنارة، وتركيب بوابة حديدية ضخمة، والحرص على وجودهم باستمرار داخل المنزل والتناوب على حراسته، ومع ذلك تتصاعد هجمات المستوطنين وجيش الاحتلال الذي حوَّل المنزل لهدف له بكل اقتحام.

يقوم المستوطنون خاصة في الآونة الأخيرة بدور أكبر من مهاجمة المواطنين، ويمارسون التحريض على الفلسطينيين كسياسة ممنهجة، بما يشمل منع وصولهم لأراضيهم ومراقبة بنائهم وهدمه بأيديهم إن تطلب الأمر، وتجييش الجنود الإسرائيليين واستخدامهم كأداة تنفيذ بيد المستوطنين.

ويُقلق الأهالي الذين تتاخم منازلهم شارع "يتسهار"، والتي تزيد على 30 منزلا، النوايا المبطنة والخطط التي لا يخفيها الاحتلال والهادفة للتضييق عليهم وتهجيرهم من منازلهم، لا سيما في تهديداته للأهالي بأنه سيقتلع أشجار زيتونهم من طرف الشارع ويجرف الأرض ويشيد جدارا بمحاذاة الطريق ليحاصر المنازل أكثر ويعرقل خروج المواطنين.

عبد الله زيادة، رئيس المجلس القروي في مادما، أكد أن ما يجري ضد قريته "انتقام" يقوم به جيش الاحتلال والمستوطنون "المجندون أصلا" حسب وصفه.

اقتحامات متكررة

ويقول رئيس مجلس مادما للجزيرة نت إن هذا الانتقام يظهر في توقيف أهالي القرية لدى مرورهم عبر الحواجز والتنكيل بهم، إضافة لحجم وطريقة الاقتحام، سواء من حيث أعداد الجنود الضخمة التي تصل أحيانا لنحو 300 جندي في الهجوم الواحد، أو الآليات المستخدمة وما يرافق ذلك من عمليات تجريف وإغلاق لطرق القرية، فضلا عن حماية المستوطنين وتأمين هجومهم على القرية.

يضاف إلى ذلك، بحسب زيادة، تحويل منازل المواطنين التي اقتحم الاحتلال أكثر من 80% منها لثكنات عسكرية ومراكز تحقيق ميداني، ومحاصرة القرية لساعات طويلة وفرض طوق عسكري عليها.

ويضيف المسؤول القروي "يمارس الاحتلال كل هذا الإرهاب للتضييق على الناس وطردهم من أرضهم".

ويعمل الاحتلال على تهويد قرية مادما (2600 نسمة) بالكامل، ومن حوالي 3500 دونم (الدونم يساوي ألف مترمربع) يحرم المواطنين الوصول إلى 1500 دونم منها بالرغم من كونها أراضي مصنفة "بي" أي تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ويصنف الجيش الإسرائيلي 1000 دونم بأنها "سي" ويخضعها لسيطرته الكاملة.

وتجثم على جزء كبير من أراضي القرية مستوطنة "يتسهار"، ويقيم الاحتلال نقطتين عسكريتين تزيدان في حصار القرية وشارعا استيطانيا يهددها على الدوام.

ويلفت رئيس المجلس القروي زيادة إلى أن "الاقتحامات الإسرائيلية للقرية تجاوزت 600 منذ الحرب على غزة وبأشكال متعددة، ويصاحب ذلك إطلاق النار بكل أشكاله والغاز المدمع وإغلاق القرية وشل حركتها وترهيب السكان، وكأنهم يخططون لشيء أكثر خطورة".

وتشير معطيات هيئة الجدار والاستيطان (جهة رسمية) وفق آخر إحصاء نشر مطلع الشهر الجاري، إلى أن الاحتلال نفذ ومنذ الحرب على غزة 689 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس لمنازل مأهولة ومنشآت زراعية واقتصادية وغيرها، ووزعت أكثر من 630 إخطارا، فيما شن جيش الاحتلال والمستوطنون أكثر من 16 ألفا و663 اعتداء ضد الفلسطينيين.

هدم الحلم

وفي منطقة نابلس الجديدة جنوب المدينة، وحيث لا تقل المسألة خطرا عما تواجهه القرى والسكان من اقتحامات واعتداءات، ارتفعت وبشكل غير مسبوق وتيرة الهدم وإخطار عشرات المنازل بوقف البناء في المكان ذاته في تهديد واضح للمنطقة.

وفي وقت قصير، ومنذ أقل من شهرين، صعّد الاحتلال تهديده للمنطقة وهدم عددا من المنازل والمنشآت السكنية وأخطر نحو 45 منزلا بوقف البناء والهدم، آخرها كان قبل أيام، بادعاء أنها مناطق "سي" ولا تملك التراخيص اللازمة، وهي ذريعته التي بات يسوقها لكل هدم يقوم به.

وكان منزل الحاج عبد الرؤوف الخليلي (أبو معروف) أحدها، ومن قريب عمَّر جزءا منه وسكن فيه أحد أبنائه محاولا تحقيق حلم طالما راوده بأن يكون له ولعائلته منزل خاص بهم.

ويقول أبو معروف، مطلعا الجزيرة نت على معاناته بفعل إخطارات الاحتلال، "قضيت في سجون الاحتلال 20 عاما، وادخرت ما أملك في شراء الأرض والبناء فوقها، وأسكنت ابني لحين إنهاء تجهيز المنزل بالكامل ولتثبيته بالأرض أكثر، ولعدم توفر مسكن آخر في الوقت نفسه".

وأمام هول الإجراء الإسرائيلي وعنصريته، يؤكد أبو معروف أن الاحتلال يهدف إلى "تفريغ المنطقة من السكان وتهجيرهم منها، لكن هذا لن يكون، ولن نسمح لأحد بخطف حلمنا منا"، وهذا لسان حال الفلسطينيين عموما.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ411 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 28 عملا مقاوما بالضفة خلال 24 ساعة
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 28 عملا مقوما بالضفة خلال 24 ساعة
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • تحريض المستوطنين في نابلس سياسة ممنهجة لطرد الفلسطينيين
  • تطورات اليوم الـ410 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 13 عملا مقاوما بالضفة خلال 24 ساعة
  • تطورات اليوم الـ409 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • حماس تشيد بقرار أهالي سلوان وتدعو لصد جرائم المستوطنين بالضفة والقدس