على مر التاريخ، يسطر الأبطال أسماءهم بحروف من نور، ليصبحوا رموزًا خالدة للمقاومة والنضال. ومن بين هؤلاء الأبطال يبرز اسم الشيخ المجاهد عز الدين القسام، الرجل الذي ترك بصمته العميقة في مقاومة الاحتلال بكل أشكاله، بداية من نضاله ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا، ثم دعمه للثورة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي، وصولاً إلى تكوين “العصبة القسامية” في فلسطين لمواجهة الاحتلال البريطاني والغزو الصهيوني.

نشأة عز الدين القسام 

ولد محمد عز الدين القسام عام 1882 في بلدة جبلة جنوب اللاذقية بسوريا، لعائلة متدينة اشتهرت بالعلم والصلاح. حفظ القرآن الكريم في صغره، ثم شد الرحال إلى القاهرة عام 1896 لطلب العلم بالأزهر الشريف، حيث تأثر بعلماء وشيوخ مثل الشيخ محمد عبده. كانت تلك الفترة شاهدة على غليان النضال ضد الاحتلال البريطاني في مصر، مما أسهم في تشكيل وعي القسام الوطني والثوري.

عاد القسام إلى سوريا، وعمل إمامًا لمسجد المنصوري في جبلة، حيث قاد أول مظاهرة في حياته دعمًا للمقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي. لم تتوقف مسيرته عند هذا الحد، بل شارك في ثورة جبل صهيون ضد الاحتلال الفرنسي عام 1919-1920، التي انتهت بفشلها وإصدار حكم غيابي بالإعدام عليه.

هرب القسام إلى فلسطين واستقر في حيفا، حيث بدأ مرحلة جديدة من النضال، هذه المرة من خلال الدعوة الإسلامية ونشر الوعي بين الأهالي. سرعان ما اكتسب شهرة واسعة بدعوته إلى الجهاد المسلح ضد الاحتلال البريطاني. كوَّن القسام خلايا سرية، أسماها “العصبة القسامية”، وكان شعارها “هذا جهاد… نصر أو استشهاد”.


 

وزارة الثقافة تعقد ورشة "إعادة التفكير في التراث" بقلعة صلاح الدين الأيوبى وزير الثقافة يتفقد فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي ويشيد بالإقبال الجماهيري الكبير كيف اختار القسام رجاله

تميزت العصبة القسامية بسرية عملها وانتقاء أفرادها بدقة. يقول الشيخ نمر السعدي، أحد أتباع القسام، إن العضوية كانت تتطلب فترة من المراقبة والتجربة، غالبًا عبر القيام بعمل فدائي. هذه المبادئ جعلت العصبة القسامية نواة لحركة مقاومة منظمة ومؤثرة.

ثورة البراق ونقطة التحول

في عام 1929، كانت ثورة البراق نقطة فارقة في حياة القسام، حيث التف حوله العديد من المقاومين، وعمل على جمع التبرعات وشراء الأسلحة تمهيدًا لإطلاق ثورته المسلحة. انضم القسام إلى حزب الاستقلال عام 1932، واستمر في نشر دعوته في قرى فلسطين، محرضًا الأهالي على مقاومة الاحتلال البريطاني والغزو الصهيوني.

 

المعركة الأخيرة واستشهاد القسام

في نوفمبر 1935، اكتشفت القوات البريطانية أمر القسام ومجموعته، وحاصرتهم في قرية الشيخ زايد. على الرغم من قلة عددهم وعتادهم، رفض القسام ورفاقه الاستسلام ودارت معركة غير متكافئة انتهت باستشهاده يوم 20 نوفمبر 1935.

كان لاستشهاد القسام أثر كبير في نفوس الفلسطينيين، حيث أشعل وفاته شرارة ثورة فلسطين الكبرى عام 1936. أصبح اسمه رمزًا للمقاومة والنضال.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عز الدين القسام شيخ المجاهدين مقاومة الاحتلال الشيخ محمد عبده الغزو الصهيوني حركة مقاومة الاحتلال البریطانی عز الدین القسام ضد الاحتلال

إقرأ أيضاً:

في ذكرى يوم الأرض وأوهام التهجير

 

 

منير رشيد **

 

يوم الأرض ذكرى يحييها الفلسطينيون في الثلاثين من آذار كلّ عام استذكارا ً للإضراب العام والاشتباكات التي جرت في اليوم نفسه بين سكان عدة بلدات وقرى من أراضي 1948 وقوات الجيش والشرطة الصهيونية، أدت لاستشهاد عدد ٍ منهم وجرح العشرات، واعتقال المئات لإقدام سلطات الاحتلال على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وتضامن الفلسطينيون في الضفة َ وقطاع غزة ومخيمات اللجوء معهم.

منذ ذاك التاريخ أصبح هذا اليوم مناسبة  للتعبير عن الارتباط بالأرض وعدم التنازل عنها، أو التفريط بها، بل والسّعي إلى تحريرها والعودة إليها.

ومن المؤكد أن إحياء هذه الذكرى له دلالة في معركة الذاكرة والتاريخ بين مستعمر غاصب طارئ يسلب أرضا ًويطرد ويشرد شعباً، وبين هذا الشعب المتمسك بها المدافع عنها والرافض إلا العودة إليها وإدارة شؤونها وحكمها بإرادته الحرة وقراره المستقل.

تأتي هذه الذكرى ومشاريع تهجير أهالي غزة ومخيمات الضفة بعناوين ومُسميات مختلفة وبواعث واحدة، لكن ألم يدرك هؤلاء أنّ غزة، بل كل شبر من فلسطين ليست عقارا معروضا في بورصات العقار، وليدرك هؤلاء ويعلموا أن مشاريع سابقة منذ انتداب بريطانيا لفلسطين وتسليمها لليهود لم تتوقف، ومنها مشروع صفقة القرن حيث كشف الرئيس الأمريكي ترامب في فترة ولايته عام 2020 عنها بعنوان (السلام من أجل الازدهار)، لكن ما لا يحتاج لبرهان ودليل ما شاهده العالم ولا يزال يشاهده ما يصدر عن نساء غزة وأطفالها عدا عن رجالها وبعفوية عن تمسكهم بأرضهم وثباتهم عليها رغم الفتك والدمار والحصار والتجويع والتعطيش وقطع الكهرباء، بل كل مقومات العيش، فيوم الأرض كان احتجاجا ً وانتفاضة وثورة لمصادرة بعد الأراضي من أصحابها مع بقائهم وبدون تهجيرهم، وقدموا شهداء وجرحى ومعتقلين ولا زالوا صامدين فيها جيلا يتلوه جيل، فكيف باقتلاع ملايين البشر وتهجيرهم وتشريدهم من أرضهم والذين أصبحوا أكثر وعيا  وإدراكا  لعدوهم ومحيطهم وعالمهم، إنها أوهام الغزاة العبيد الذين لا يدركون بواعث أصحاب الحق والأرض الأحرار. إضافة إلى أن المشاريع المطروحة لإدارة قطاع غزة تدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني ومصادرة حق الشعب في اختيار قيادته وسلب حريته في التعبير عن إرادته الحرة.

من المؤكد أن مشاريع التهجير تتطلب وعيا ً إستراتيجيا ً عاما ً قبل أن يكون فلسطينا  فحسب، فمحاولات التهجير بدأت مع الصراع العربي الصهيوني، ولم تتوقف بأشكال وأنماط مختلفة وتحت مسميات الازدهار والإعمار والاقتصاد، إلا أنها ليست سوى خطة مرحلية لا تهدد هوية الشعب الفلسطيني ونضاله فقط، بل لرسم خريطة المنطقة بأكملها بما يخدم مصالح الاحتلال وداعميه وتصفية القضية الفلسطينية، وبناء دولة الاحتلال نقية عرقياً  بعد أن أقر الكنيست قانون يهودية الدولة.

إن الصراع مع الاحتلال صراع إرادة وإدارة، أثبت الشعب الفلسطيني منذ صراعه مع المحتل ولا زال أن لديه إرادة صلبة مستمرة منذ الانتداب البريطاني ولا زال متمسكا بهويته وأرضه وحقه في عودته، ويمتلك وعيا ً تراكميا ً بتفكير عدوه ومكره والتواء أساليبه وإستراتيجية أهدافه، إلا أن إدارة الصراع معه تواجه مشكلة في طريقة إدارة المواجهة مع محتل غاصب لم ولن يراعي اتفاقاً أبرمه أو سلاما ًموهوما مزعوما  ادعاه، والمشكلة في جوهرها تتمثل بين نهج المساومة والمقاومة، وما بين التفريط في الثوابت الوطنية والحفاظ عليها أو التخلي عن أغلب التراب الفلسطيني والمطالبة بكامله.

في هذه الظروف الشائكة والمعقدة، ينبغي بل يجب بلورة صيغة وطنية فاعلة تنهض بمسؤلياتها في إدارة الحالة الوطنية للدفاع عن ثوابت الشعب الفلسطيني، والمحافظة عليها وعدم التفريط بأي منها، وتعزيز صموده، ودعم مقاومته وحقه في التحرير والعودة، وإنهاء الاحتلال وقراره المُستقل.

عاشت فلسطين حرة أبية من نهرها إلى بحرها، والرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى، وللمقاومة العز والفخار والمجد.

** عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج

مقالات مشابهة

  • حي الشيخ محي الدين يضج بالحياة في العشر الأخير من رمضان
  • فعالية خطابية في صنعاء ذكرى استشهاد الإمام علي ويومي الصمود الوطني والقدس العالمي
  • مأرب.. إحياء ذكرى استشهاد أيقونة الحرية حمدي المكحل والشهيد خالد الدعيس وتكريم جرحى بعدان
  • مأرب: إحياء ذكرى استشهاد أيقونة الحرية حمدي المكحل والشهيد خالد الدعيس
  • انخفاض الأسعار يُعيد أجواء العيد إلى السوريين.. جولة في سوق الشيخ محي الدين بدمشق
  • في ذكرى يوم الأرض وأوهام التهجير
  • جيش الاحتلال يعترف باغتيال الصحفي شبات.. زعم أنه قناص في القسام
  • كتائب القسام تعلن استشهاد أحد كوادرها بمدينة قلقيلية
  • استشهاد مقاوم من القسام في قلقيلية.. تحرر من الأسر قبل أشهر (شاهد)
  • استشهاد مقاوم من القسام في قلقيلية.. تحرر من الأسر قبل شهور (شاهد)