لماذا أحالت النيابة البلوجر هدير عبد الرزاق للمحاكمة؟.. تفاصيل
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
أحالت جهات التحقيق، البلوجر هدير عبد الرزاق، إلى محكمة عاجلة لاتهامها بنشر الفسق والفجور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المقرر أن تنظر المحكمة جلسة 30 نوفمبر أولى محاكمة البلوجر هدير عبد الرازق.
وفي السطور التالية نرصد تفاصيل إحالة البلوجر هدير عبد الرازق ولماذا قررت النيابة إحالة المتهمة إلى المحاكمة العاجلة.
البداية عندما وجهت النيابة العامة، 5 اتهامات للبلوجر هدير عبدالرازق، في القضية رقم 8032 لسنة 2024 جنح الشؤون الاقتصادية، وتم تحديد جلسة 30 نوفمبر لنظر أولى جلسات المحاكمة.
وجاءت الاتهامات الموجهة للبلوجر هدير عبدالرازق كالآتي: أولًا: نشرت هدير عبدالرازق بقصد العرض صورا خادشة للحياء العام، بأن بثت عبر حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، انستجرام، يوتيوب وتيك توك صورًا ومقاطع مرئية مخلة بالآداب العامة قاصدة الإغراء بها على نحو يخدش الحياء العام على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيًا: ارتكبت هدير عبدالرازق فعلًا فاضحًا مخلًا بالحياء، بأن أغرت بمفاتنها وبعباراتها وتلميحاتها وإيحاءتها الجنسية، من خلال صور ومقاطع مرئية بثتها من خلال حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي المار ذكرها، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثًا: أعلنت هدير عبدالرازق من خلال حساباتها الشخصية المشار إليها بالاتهام الأول دعوى تتضمن إغراء بما يلفت الأنظار إلى ممارسة الفجور بأن نشرت صورا ومقاطع مرئية مخلة بالآداب على النحو المبين بالتحقيقات.
رابعًا: اعتدت على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري بأن نشرت من خلال صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، انستجرام، يوتيوب وتيك توك مقاطع مرئية وصورا شخصية تتضمن تعديا على تلك المبادئ والقيم مبينة من خلاله مفاتنها في ظل عبارات وتلميحات جنسية، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
خامسًا: أنشأت واستخدمت الحسابات الإلكترونية محل الاتهامات السابقة على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، انستجرام، يوتيوب وتيك توك في تسهيل ارتكاب الجرائم موضوع الاتهامات السابقة، على النحو المبين تفصيلًا بالتحقيقات.
وقررت محكمة جنح الاقتصادية، تحديد جلسة 30 نوفمبر الجاري، لنظر أولى جلسات محاكمة البلوجر هدير عبد الرازق، بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء.
وأشارت التحقيقات، أنه انتشر خلال الفترة الماضية عدد كبير من الفيديوهات المخلة تحث على الفسق للبلوجر هدير عبد الرازق على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة ما دقع رجال الشرطة لفحص الفيديوهات وتتبع مصدرها والقبض على البلوجر هدير عبد الرازق.
وفي السطور التالية نرصد تفاصيل اتهام هدير عبد الرازق بنشر فيديوهات خادشة للحياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث استغرقت النيابة العامة ما يقرب من 11 ساعة تحقيقات مع المتهمة للوقوف على ملابسات الاتهامات.
وفي اللحظات الأولى من التحقيقات مع البلوجر هدير عبد الرزاق، وجهت لها النيابة عدة اتهامات منها نشر اخبار كاذبة بادعاء التحرش بها، ثانيا نشر فيديوهات خادشة للحياء، ثالثاً اساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع مرور الوقت اعترفت البلوجر هدير عبد الرازق، بنشر واخبار كاذبة عبر موقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن نشر فيديوهات مثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحث على الفسق بغرض جلب مشاهدات من أجل الربح.
وأثناء التحقيق مع المتهمة انهارت البلوجر هدير عبد الرازق من البكاء، وفي النهاية قررت النيابة حبسها على ذمة التحقيقات التي تجري معها
واوضحت تحقيقات النيابة، مع البلوجر هدير عبد الرازق انها نشرت فيديوهات مثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحث على الفسق بغرض جلب مشاهدات من أجل الربح.
وأشارت التحقيقات الاولية، مع المتهمة هدير عبد الرازق، أنها استغلت الفيس بوك في نشر شائعات كاذبة لبعض المواطنين بأنهم تحرشوا بها على غير الحقيقة.
وواجهت جهات التحقيق البلوجر هدير عبد الرازق بالفيديوهات المثيرة التي بثتها على موقع التواصل الاجتماعي والتي تحرض على إثارة الفتن.
وكشفت التحقيقات، أن الأجهزة الأمنية القت القبض على البلوجر هدير عبد الرازق لنشرها فيديوهات خادشة للحياء تحث على الفسق على صفحاتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة.
القبض على البلوجر هدير عبد الرازق
ونجحت الأجهزة الأمنية فى تحديد مكان البلوجر هدير عبد الرازق وتم القبض عليها بتهمه بث فيديوهات خادشة وتحث على الفسق عبر السوشيال ميديا ، وإحالتها للنيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
فيديوهات خادشة لهدير عبد الرازق
وتواجه البلوجر هدير عبد الرازق عددا من الاتهامات التي تستوجب الحبس عقوبة لها عقب القاء القبض عليها بتهمة بث مقاطع فيديو فاضحة وخادشة للحياء عبر صفحتها الشخصية.
وكشفت الأجهرة الأمنية عن قيام هدير عبدالرازق بنشر عدد كبير من الفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعى تيك توك وفيس بوك وإنستجرام تتضمن عبارات وتلميحات مخلة وتحرض فيها على الفسق، وألقى القبض على المتهمة داخل شقتها بأحد الكمبوندات بالقاهرة، وتم التحفظ على هاتفها المحمول وتم عرضها على النيابة العامة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها.
محامية تتقدم ببلاغات ضد هدير عبد الرازق
وقالت الدكتورة نهى الجندي المحامية إنها تقدمت من فترة ببلاغات الكترونية عبر الصفحة الرسمية للنيابة العامة بسبب ما تبثه البلوجر هدير عبد الرازق عبر حساباتها الشخصية على مختلف التطبيقات، ومن بين تلك المقاطع فيديو تعرض فيه "ملابس داخلية" نسائية بحجة إرشاد الفتيات عن اماكن بيعها كما تظهر اجزاء حساسة من جسدها في مقاطع اخرى.
وأضافت الجندي ان البلوجر هدير عبد الرازق تواجه عدة اتهامات أبرزها التحريض على الفسق والفجور واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعاقب عليها بالحبس.
ونصت المادة 1 من قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961، على: "كل من حرض شخصًا ذكرًا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له، وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنية إلى ثلاثمائة جنيه".
ونصت المادة 14 من ذات القانون على أنه كل من أعلن بأي طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراء بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مائه جنيه.
ونصت المادة 15 من قانون الدعارة على: يستتبع الحكم بالإدانة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون إخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين، وتقع جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء بين السر والعلانية، ولها أركان وشروط تحدد الاتهام، وتعرض القانون لجريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وجرم كل فعل يخل بحياء الغير وتحدث عن جريمتين للفعل الفاضح.
- الجريمة الأولى:
نشر مواد إباحية
تندرج تحت جريمة التحريض على نشر الفسق والفجور حيث نصت المادة ١٧٨ من قانون العقوبات، فإنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه كل من نشر مقاطع تصويرية على مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت خادشة للحياة".
-الجريمة الثانية:
الفعل الفاضح العلني
نصت المادة 269 مكرر ا من المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات: "يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر كل من وُجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال. فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب هذه الجريمة خلال سنة من تاريخ الحكم عليه نهائيًا فى الجريمة الأولى تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه، ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التحرش النيابة العامة ممارسة الفجور نشر أخبار كاذبة الفسق والفجور البلوجر هدير عبد الرازق هدير عبد الرازق على النحو المبین بالتحقیقات عبر مواقع التواصل الاجتماعی على مواقع التواصل الاجتماعی البلوجر هدیر عبد الرازق فیدیوهات خادشة للحیاء هدیر عبدالرازق الشخصیة على لا تزید على القبض على لا تقل عن من خلال
إقرأ أيضاً:
المثقف ومواقع التواصل الإلكترونية
«هل ترامب هو المستقبل أم هو مجرد هزة انتقالية؟ لقد ثار قلق واسع حول صناعة التواصل الاجتماعي وأثرها على المسار الانتخابي: أساليب الخوارزميات الخفية التي تدفع الشعبويين أو السلطويين إلى السلطة. أول رئيس تويتري في العالم هو بالتأكيد نجم بطبيعته في صناعة التواصل الاجتماعي، وبصفته من مشاهير تويتر كان يبني ملفه السياسي منذ أول تغريدة له عام ٢٠١١م»
في كتابه آلة التغريد ٢٠١٩م Twittering Machine The، والعنوان مستلهم من لوحة للفنان بول كلي ١٩٢٢م بنفس العنوان، يتتبع ويحلل الكاتب ريتشارد سيمور بشكل دقيق تاريخ وحاضر (صناعة) التواصل الاجتماعي وآثارها الاجتماعية والسياسية بالتالي، وبين ما يحلله مثال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دورته الأولى، وطرق تعاطيه مع مواقع التواصل، خاصة تويتر (إكس حاليا)، وذلك في كتابه المثير والكاشف عن صناعة التواصل الاجتماعي، والتي تحولت من مواقع لقاء افتراضية إلى مواقع تحت سيطرة وتحكم الرأسمالية المباشر.
أصبحت صناعة التواصل الاجتماعي حسب ريتشارد سيمور مهمومة أكثر بالسيطرة والجذب عبر شد انتباه مرتاديها إليها، وإدمان الموقع، أكبر قدر ممكن من الوقت، وهو الجزء الأثمن من حياة أي كائن، وبالتالي أصبحت، هي وزميلاتها من صناعات الترفيه والأخبار، تحدد ما يعرض ويؤثر عليهم، وبذلك تتحكم بهم وبتفضيلاتهم لا شعوريًا، وتلتهم أعمارهم واهتمامهم، وهي في مجال التواصل المتاح لعموم الناس لا تنهض بالاتصال المكتمل، الذي ينساب بتلقائية، بل تسطّح وتخنق وتؤزم التواصل البشري، إلى درجة إشاعة عدوى من السادية لدى المتلقي عبر خلق جو مسموم، يبحث عن الإثارة وصدام الخطابات، والفضائحية والسقطات والعثرات اللسانية ليضخمها ويغذي الاعتداء اللفظي والنفسي عليها وعلى قائليها وبالتالي يدمرهم نفسيًا، ويخرجهم حرفيًا من اللعبة، فالتدمير من جهة وصناعة نجوم سطحيين، دعائيين، وربما فاشيين أكثر.
ما أعادني لمطالعة كتاب آلة التغريد عدة أمور، كان أولها مقال رأي جريدة عمان المنشور في ٨ مارس حول دور المثقف:
«المثقف لم يختفِ، لكنه فقد البوصلة. فبدل أن يكون قائدا للرأي، أصبح متفرجا على تحولات المجتمع، أو في أفضل الأحوال، باحثا عن دور يناسب المرحلة الجديدة؛ وهنا تكمن خطورة المأزق، إذ لم يعد التحدي مقتصرا على قدرة المثقف على فهم الواقع، بل في قدرته على التأثير فيه وسط حالة الفوضى المعلوماتية التي تصنع (المؤثرين) بدلا من (المفكرين)».
والأمر الآخر هو أنني وجدت نفسي نهاية الأسبوع الماضي أمام زميل وصديق أحاول تبرير غيابي عن مواقع التواصل الإلكترونية، وهو غياب يمتد تقريبًا لمدة عام وأكثر، بدأ بالتراجع وقلة الارتياد والاستخدام، حتى وصل الحال إلى الانقطاع الطويل، غير المحسوم كلية؛ ذلك أنه في أعراف مرتادي مواقع التواصل أن من لا يظهر في مواقع التواصل مثل الفيسبوك أو تويتر (إكس) هو مفقود غير حاضر، ما لا تراه العين لا وجود له، وهو عرف سطحي مبني على توهم أن جميع الكتاب الفاعلين موجودون في تويتر (إكس) وفيسبوك، وهذا مناف للواقع.
ظاهريًا قد يُعد الحدث الثاني دليلًا على صحة نظرية الأول، لكن موقفي الشخصي من مواقع التواصل، موقف الفتور وربما البرود تجاهها وتجاه ارتيادها، وهو موقف وجدت نفسي أميل إليه منذ كتابتي لمقال: تويتر ضد تويتر، الذي نشر في إبريل ٢٠٢٣م بمجلة الفلق الإلكترونية، ولم أكن اطلعت حينها على كتاب آلة التغريد الذي ذكرته، لكنني في ذلك المقال استعدت بعض أراء النقاد المعروفين حول وسيلة الاتصال الجديدة تلك، من نعوم تشومسكي إلى جون سيرل إلى رولان بارت ومحمد العباس وآدم هودكجين صاحب كتاب متابعة سيرل على تويتر، وكانت انطلاقة المقال من استحواذ إيلون ماسك على منصة تويتر التي تحولت إلى «إكس X»، ومما عرف بداية ذلك العام بملفات تويتر، وهي الملفات التي تحاول فضح التلاعب المخابراتي بالمنصة حينها، ذلك التلاعب الذي أصبح جليًا للعيان مع العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي شمل غالبية مواقع التواصل الأمريكية من الفيسبوك إلى الإنستجرام، حيث تم في أفضل الأحوال تخصيص المحتوى، وعرضه على المهتمين به فحسب في الإنستجرام مثلًا، في حين كان يحجب في مواقع مثل الفيسبوك ولا يصل للشريحة العريضة، أو يعرض المواد العنيفة والخطرة والمدمرة للأعصاب والحساسية بداية والمبلدة للحس في نهايتها. وبالمحصلة فإن تلك المواقع الإلكترونية هي في الواقع كما يشير ريتشارد سيمور في كتابه ليست بريئة، وهي ليست أكثر من تحويل التواصل الاجتماعي إلى صناعة جديدة لها خصائصها، تهدف إضافة للأرباح إلى السيطرة والتحكم، والأخطر إلى التدخل وتشكيل الفضاء الاجتماعي للعلاقة بين الناس، وصياغته بما يخدم أهداف مالكيها.
كلنا يريد فضاء حرًا مفتوح الأفق لتبادل الأفكار والرؤى وإقامة الحوار وفتح النقاش، والمثقف بالتأكيد يرغب بذلك، لكن المحصلة التي أفرزها التحكم الرأسمالي اليوم هي إما مجرد مجموعات صغيرة داخل فقاعات إلكترونية تتوهم الحضور العام والتأثير، أو خطابات أحادية الاتجاه، والتفكير كما يلمح سيمور، تخترق ذلك الفضاء وتتسيّده، وهي ليست قابلة للحوار أو حتى للنقاش، بقدر ما هي قابلة لسحق الخصوم وترسيخ التطرف كمنهج، فهي مجرد عنف يبحث عن تجسيد وهو يجده في مواقع التواصل هذه، ويقتات عليها، وعلى الخطاب المبني على أقل قدر من التفكير، أو على انعدامه، وعلى البحث عن الصدام وتغذيته.
كل ما سبق من جهة، ومن جهة أخرى مقدار الوقت البشري والزمن الضائع للدخول والتوغل في خضم مواقع التواصل، للتعاطي مع فضاء مفتوح لقواعد البيانات وتلاعباتها، ولكل من هب ودب ما دام يمتلك هاتفًا ووسيلة اتصال وقدرة على الكتابة، ما مدى الجهد والتركيز والعمر والفراغ المخصص للدخول في تلك المتلاحقات من الرسائل الرقمية التي لا تنتهي، ولا تتوقف، ليلًا ونهارًا؟ كم من الجهد الذي يلزم المفكر والمثقف لاستيعاب ورصد خطاب رقمي لا يمكن استيعابه من كثرة تجزئته وتفتته، وتلونه، والتلاعب به؟ وذلك خيار مستغلق والإفلاح فيه جزئي ويحتاج التفرغ، والتطوع بطبيعة الحال، أو أن يقوم المثقف بتجاهله وبناء خطابه الخاص، وهو بذلك سيقع في دائرة الاتهام بالتعالي، فمواقع التواصل تريد من يلعب لعبتها ويغذي اشتعالها وإثارتها المستمرة.
شيئًا فشيئًا صار من النادر أن تكون تلك المواقع فضاء بناء وعي وثقافة وعلم ومعرفة، فكل ذلك مفتت إلى رماد تقريبًا، ورواده متفرقون، والساحة تتسيدها «الشكلانيات» والإعلانات الشخصية أو العامة، وكل تلك اللغة الإعلانية موضوعة تحت السيطرة، فحتى التعارف البسيط بحسابات جيدة وجديدة أصبح يستدعي توصية من دائرة المعارف والأصدقاء، وهي نفس الوسيلة التقليدية القديمة الفعالة.
إن مرتاد مواقع التواصل يجد نفسه مجبرًا إما أن ينضوي في المجموعات المغلقة المتقوقعة على ذاتها والتي لا يصل تأثير خطابها خارج إطارها والمكونة على الأغلب من ذوي ميولات مشتركة وأهواء متوافقة، أو أمام فضاءات وحشية غير متحضرة، وغابة وحوش. كما يصفها الكاتب محمد العبّاس في كتابه تويتر مسرح القسوة، مستعيرًا عنوانه من المسرحي الفرنسي أنطونين ارتو؛ وتلك الفضاءات لا تعلي ولا يسطع من نجومها غير التفاهة والسطحية، وهو أمر يعيدنا إلى نقد بيير بورديو للتلفزيون والتلاعب بالعقول؛ فهل هذا هو قدر الشاشة الموحش رغم جمالها الواعد، في أن تبقى رهينة القوة والنفوذ ولا تعرف طريقها للحرية، أم كل ذلك توجس وتخوف مبالغ فيه خاصة أن الكثيرين يقاتلون على الجبهة الرقمية بأفكارهم البناءة ولعلهم يبصرون أفقًا أكثر اتساعًا من نظرة اللحظة الضيقة؟
إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني